"قَالَ لَهَا يَسُوعُ:
«لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلكِنِ اذْهَبِي
إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ
وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ»." (يو 20: 17).[1]
"كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (أف 1:
17)."مِنْ أَجْلِ ذلِكَ مَسَحَكَ اللهُ إِلهُكَ بِزَيْتِ الابْتِهَاجِ
أَكْثَرَ مِنْ شُرَكَائِكَ" (عب 1: 9؛ مز45: 7).
في المعمودية وفي
القيامة صار المسيح رأسًا جديدًا للطبيعة البشرية، فهو الباكورة والبكر الذي له
إخوة كثيرين، "لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ
كَثِيرِينَ." (رو 8: 29)، "فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «لاَ تَخَافَا.
اِذْهَبَا قُولاَ لإِخْوَتِي" (مت 28: 10)، "وَلكِنِ اذْهَبِي إِلَى
إِخْوَتِي" (يو 20: 17). فهو الوسيط بين الله والبشر (غلا4: 8)، وهو اللابس
طبيعتنا البشرية ووحدها مع الله، حين سكن فيها، لذا عندما يتحدث معنا ويرسل لنا
رسائل لا يتحدث بكونه الله المتعالي، بل بكونه واحدًا مِنَّا وبيننا، بصفته أخونا،
أخونا في الطبيعة البشرية وفي البنوة لله، حيث جعلنا فيه أبناء الله، اعطانا
البنوة فيه.[2]
لكن هذه البنوة التي
أخذناها من الابن في تجسده لا تعني أننا صرنا على نفس مساواته، لإنه ابن بالطبيعة،
لاتحاده ووحدته مع الآب منذ الازل، لإنه هو والآب واحد في الطبيعة، أما نحن فإننا
ابناؤه بالتبني، لان الابن تنازل وتجسد من فيض محبته واعطانا هذه الهبة، فبالنسبة
لنا البنوة للآب خارجية أما له فهو واحد مع الآب، وهو في الآب والآب فيه![3]
المهم أن هذا الابن
الوحيد أو بتعبير يوحنا "الإله الوحيد"،[4]
حين تجسد، اتخذ جسدًا، صار يتحدث باسمنا، صار يتحدث كواحد منا وكنائب عنَّا! تحدث
باسمنا قائلًا أن الله إلهه، إلهه في الجسد، وإلهه كمتحدث باسم الطبيعة البشرية،
وإلهه كنائب للبشرية أمام الله، وإلهه كرافع خطايا العالم.
فلإن المسيح ابن الإنسان حقًا وحقيقة، حق له أن يدعو
الله إلهه من جهة بشريته (طبيعتنا)، فإله تعود على المسيح يسوع، الاسم واللقب
اللذان اتخذهما الابن حين تجسد، ولا تعود على الابن في لاهوته، بل في تجسده، في
طبيعته البشرية، حين "أَخْلَى
نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ" (في 2: 7).[5]
وإلهه هُنا وبهذا
المعنى، تُشير إلى الثالوث القدوس غير المنفصل، فإله الطبيعة البشرية التي في
المسيح هو الله بكامله وكماله، وليس جزء من الله لإن الله غير قابل للقسمة أو
التجزئة! لذا، فإن كل ما قاله المسيح -أو رسله من بعده- في الجسد عن إلهه، إنما
يعود على الله الثالوث، الآب والابن والروح القدس، معًا وعلى قدم المساواة دون
تفرقة!
فليس الهدف من ذكر أن
الله إله المسيح التقليل من شأن المسيح أو من لاهوته، بل للتأكيد على بعض الأمور
الجوهرية:
1-
التأكيد على بشريته الحقيقية.
2-
التأكيد على أنه أخذ هذه البشرية من وبمشيئة الله
(الثالوث).
3-
أننا عرفنا الله الحق من خلال يسوع المسيح.[6]
[1] ربما من الأفضل
ترجمة النص بدلًا من لا تلمسيني، توقفي عن الإمساك بي كما جائت في New American Standard Bible، و New International Version، فليس الهدف هو اللمس فقط، بل ألا تقف عنده ولا
تتركه.
Craig S. Keener and InterVarsity
Press, The IVP Bible Background Commentary: New Testament (Downers Grove, Ill.:
InterVarsity Press, 1993). Jn 20:17.
Also; D. Fowler, “The Meaning of
‘Touch Me Not’ in John 20:17,” Evangelical Quarterly 47 (1975): 16–25.
[2] غريغوريوس النيصي، ضد إفنوميوس، 2: 8.
[3] كيرلس الأورشليمي، العظات التعليمية، 7: 7؛ 11: 18.
[4] يوحنا 1: 18 حسب UBS 5.
[5] متى
المسكين (الأب)، شرح الرسالة إلى أفسس، (دير أنبا مقار: 2002) ص 128.
[6] Crossway Bibles,
The ESV Study Bible (Wheaton, IL: Crossway Bibles, 2008). 2263.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق