الجمعة، 29 سبتمبر 2023

شرح: وَرَأْسُ الْمَسِيحِ هُوَ اللهُ κεφαλη δε του χριστου ο θεος (1 كو 11: 3).

 


يعلن الكتاب المقدس ان المسيح هو المتقدم على الخليقة وسيدها ورأسها:

"لِتَدْبِيرِ مِلْءِ الأَزْمِنَةِ، لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ، مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، فِي ذَاكَ" (أف 1: 10).

"وَهُوَ رَأْسُ الْجَسَدِ: الْكَنِيسَةِ. الَّذِي هُوَ الْبَدَاءَةُ، بِكْرٌ مِنَ الأَمْوَاتِ، لِكَيْ يَكُونَ هُوَ مُتَقَدِّمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ." (كو 1: 18).

"بَلْ صَادِقِينَ فِي الْمَحَبَّةِ، نَنْمُو فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَى ذَاكَ الَّذِي هُوَ الرَّأْسُ: الْمَسِيحُ،" (أف 4: 15).

"وَأَنْتُمْ مَمْلُوؤُونَ فِيهِ، الَّذِي هُوَ رَأْسُ كُلِّ رِيَاسَةٍ وَسُلْطَانٍ." (كو 2: 10).

"وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلِلْمَسِيحِ، وَالْمَسِيحُ للهِ." (1 كو 3: 23). 

أما عن أن الله هو رأس المسيح، فليس الآب رأسًا للمسيح من حيث طبيعته الإلهية، لأنهما واحد: فالمسيح كإله مساوٍ لأبيه، وله نفس الكمالات الإلهية معه؛ فالآب والمسيح متساويان، لكن الابن مسؤول أمام الآب (راجع يوحنا 6: 38- 40؛ 10: 29-30؛ 14: 9؛ 1 كور 15: 28؛ فيلبي 2: 6).[1] ولكن بالنسبة لطبيعته البشرية التي صورها وأعدها ومسحها ودعمها ومجدها؛ وفي الطبيعة التي مارس فيها المسيح النعمة عليه، وثق به وآمن به وأحبه وأطاعه؛ كان يفعل دائمًا الأشياء التي تسعده في الحياة؛ فدعا له، وكان مطيعًا له حتى الموت، وأسلم نفسه أو روحه بين يديه، فعل كل هذا كما لو كان الآب رئيسه، بحسب طبيعته البشرية، لأنه رغبة في خلاص الإنسان «أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ ٱلنَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي ٱلْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ» (فيلبي ٢: ٧ و٨).  وأيضًا في دوره كوسيط، الذي كان على هذا النحو هو رئيسه. فرأس المسيح هو الله يشير إلى أن الآب في الثالوث له دور السلطة أو القيادة فيما يتعلق بالابن، على الرغم من أنهما متساويان في الألوهية والصفات.[2] فالله رأس المسيح فقط كإنسان وكوسيط بين الإلهي والإنساني.[3] وباعتبار المسيح مرسل من الله، فالله هو الأسمى فيما يتعلق بالمسيح باعتباره الذي أرسله.[4]

فقد قبل اللَّه الكلمة أن يصير وسيطًا لدى الآب عن البشرية؛ بإرادته صار إنسانًا وخضع لإرادة أبيه وهو واحد معه في الجوهر، ليتمم كل تدبير الخلاص في طاعة كاملة. وكما يقول الرسول: "مع كونه ابنًا تعلم الطاعة مما تألم به" (عب 5: 8). ففي دوره في الخلاص قام بدور الخاضع لطاعة أبيه حتى ينزع عنا طبيعة العصيان ونشاركه سمة الطاعة.

ومن جهة أُخرى، فإن آباء الكنيسة ككيرلس السكندري[5]، وذهبي الفم، وثيودوريت يؤكدون أنه يجب أن يكون يسوع من جوهر الله نفسه! لأنه بما أن الرجل هو رأس المرأة، وبما أن الرأس من نفس جوهر الجسد، والله هو رأس الابن، فيترتب على ذلك "الابن من نفس جوهر الآب" [بحسب تعبير ذهبي الفم]. “المرأة من جوهر الرجل، وليست من صنع الرجل؛ هكذا أيضًا الابن ليس من الآب، بل من جوهر الآب”.[6]

ومن جهة ثالثة، فإن الآب رأس المسيح لإنه مصدره، فالآب هو الأصل والمصدر والينبوع في الثالوث القدوس، هو والد الابن وباثق الروح، لذا يُدعى بأنه رأس المسيح.. وليس معنى هذا أن هُناك أفضلية للآب على الابن، لكن فقط هو المصدر، كما أن النور يصدر عن اللهب في حالة النار، ومع ذلك لا وجود للهب بدون النور ولا النور بدون اللهب.



[1] KJV Bible Commentary (Nashville: Thomas Nelson, 1997, c1994). 2312.

[2] Crossway Bibles, The ESV Study Bible (Wheaton, IL: Crossway Bibles, 2008). 2206.

[3] Gill's Exposition on 1 Corinthians 11.

[4] Archibald Robertson and Alfred Plummer, A Critical and Exegetical Commentary on the First Epistle of St. Paul to the Corinthians (New York: C. Scribner's Sons, 1911). 229.

[5] Ad Arcadiam 1.1.5.5(2).63; Ad Pulcheriam 2.3.268; Alan F. Johnson, 1 Corinthians, The IVP New Testament commentary series (Downers Grove, Ill.: InterVarsity Press, 2004). 191.

[6] Theodoret, t. 3, p. 171; Robert Jamieson, A. R. Fausset, A. R. Fausset, David Brown and David Brown, A Commentary, Critical and Explanatory, on the Old and New Testaments (Oak Harbor, WA: Logos Research Systems, Inc., 1997). 1 Co 11:3. 

ليست هناك تعليقات: