كانوا متشككين ويائسين وخائفين وفاقدي الأمل وضعفاء وقد تركوا السيد عند القبض عليه " كلهم هربوا " (مت56:26)، ولم يدخل معه المحكمة إلا يوحنا لأنه " كان معروفاً عند رئيس الكهنة " (مت58:26)، أما بطرس فقد تبعه عن بُعد وأنكره عندما أنكشف أمره. وعند صلبه وموته ودفنه لم يظهر أحد منهم علانية سوى يوحنا والنساء (يو25:18)، وكانوا في حزن شديد وغم واكتئاب وقد فقدوا الرجاء في قيامته برغم أنه كرر أمامهم، ولهم خاصة، مرات عديدة أنه سيقوم من الموت في اليوم الثالث وأغلقوا على أنفسهم الأبواب خوفاً من اليهود لئلا يفعلوا بهم نفس ما فعلوه بسيدهم وتشتت البعض وعاد البعض إلى قراهم.
لكن بعد القيامة، بعد أن تأكدوا من أنه بعدما مات قام
مرة اخرى تغيرت حياتهم تمامًا، وقف القديس بطرس الرسول مع التلاميذ والرسل جميعاً،
بعد أن حل عليهم الروح القدس في يوم الخمسين ونادوا في قلب أورشليم، التي صلب فيها
المسيح منذ سبعة أسابيع فقط، أمام الآلاف الغفيرة من اليهود وقال: " أيها
الرجال اليهود والساكنون في أورشليم أجمعون أسمعوا هذه الأقوال: يسوع الناصري رجل
قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم
أيضا تعلمون. هذا أخذتموه مسلماً بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق وبأيدي آثمة
صلبتمُوه وقتلتمُوه. الذي أقامه الله ناقضاً أوجاع الموت إذ لم يكن ممكناً أن
يُمسك منهُ. لأن داود يقول فيه لأنك لن تترك نفسي في الهاوية ولا تدع قدوسك يرى
فساداً فإذا كان نبياً وعلم أن الله حلف له بقسم أنه من ثمرة صلبه يقيم المسيح حسب
الجسد ليجلس على كرسيه سبق فرأى وتكلم عن قيامة المسيح أنهُ لم تترك نفسه في
الهاوية ولا رأى جسده فساداً. فيسوع هذا أقامه الله ونحن جميعاً شهوداً لذلك
" (أع 14:2، 22-25).
وفي نفس الأسبوع
صعد القديسان بطرس ويوحنا إلى الهيكل عند صلاة الساعة التاسعة (الثالثة ظهراً)
وشفيا الأعرج من بطن أمه فأندهش الناس لذلك فقال لهم القديس بطرس " إله
آبائنا مجد فتاه يسوع الذي أسلمتوه أنتم وأنكرتموه أمام وجه بيلاطس وهو حاكم
بإطلاقه، ولكن أنتم أنكرتم القدوس البار وطلبتم أن يُوهب لكم رجل قاتل. ورئيس
الحياة قتلتموه الذي أقامه الله من الأموات ونحن شهوداً لذلك " (أع 13:3-15).
ولما قُبض
عليهما وحوكما أمام رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ " امتلأ بطرس من الروح
القدس وقال لهم يا رؤساء الشعب وشيوخ إسرائيل فليكن معلوماً عند جميعكم وجميع شعب
إسرائيل أنه باسم يسوع المسيح الناصري الذي صلبتموه أنتم الذي أقامه من الأموات.
بذلك وقف هذا صحيحاً أمامكم " (أع 10:4).
وبعد سجن بطرس
الرسول وإخراج الملاك له من السحن وقف الرسل ثانيه أمام رؤساء الكهنة وقالوا لهم
" قد ملأتم أورشليم بتعليمكم وتريدون أن تجلبوا علينا دم هذا الإنسان "
فقال لهم الرسل " إله آبائنا أقام يسوع الذي أنتم قتلتموه معلقين إياه على
خشبه. هذا رفعه الله بيمينه ونحن شهود له بهذه الأمور والروح القدس أيضاً "
(أع 30:5-32).
وكذلك وقف
القديس أستفانوس وهو يحاكم أمام السنهدرين وقال لهم " أي الأنبياء لم يضطهده
آباؤكم وقد قتلوا الذين سبقوا فانبأوا بمجيء البار الذي أنتم الآن صرتم مسلميه
وقاتليه " (أع 52:7).
وكانت نتيجة هذه
العظات وغيرها هي انضمام آلاف اليهود بما فيهم كهنه ورؤساء كهنة وغيرهم من رجال
الدين إلى المسيحية، ثم حدوث اضطهاد عظيم على الكنيسة في أورشليم وتشتت المؤمنون،
عدا الرسل، إلى خارجها. وفي كل الحالات لم يجرؤ اليهود على مواجهه الرسل بأي شئ
يمكن أن يناقض إيمانهم سوى القتل والاضطهاد، الذي صار بركة للكنيسة. كما أن إيمان
الآلاف منهم بالمسيح بحقيقة قيامته نتيجة لكرازة الرسل والآيات التي أجراها الله
على أيديهم (أع 12:5)، لهو أكبر دليل على صحة كل حرف تكلموا به، وتحقق ما قاله لهم
المسيح: " وتكونون لي شهوداً في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى
الأرض " (أع8:1).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق