فرضت
الظروف على المسيحيّين فِي القرنين الثاني والثالث أن يواجهوا حربًا على جبهتين،
وهو الأمر الذي يتفاداه أي قائد. فبينما كانت الكنيسة تجاهد للحفاظ على وجودها فِي
مواجهة محاولات الدولة الرومانيّة للقضاء عليها كانت تجاهد أيضًا لتحافظ على نقاء
وطهارة عقيدتها.
فالداخلون
إلى الإيمان المسيحيّ كانوا أما مِن خلفية يهودية تؤمن بنوال الخلاص بواسطة
الأعمال الصالحة، أو ينحدرون مِن البيئة الفكريّة للفلسفة اليونانيّة. وما كثير
مِن هؤلاء المتجددين – قبل أن تقوم الكنيسة بتعليمهم – لأن يحملوا معهم أفكارهم
القديمة إلى بيئتهم المسيحيّة الجديدة. وحاول أخرون أن يجعلوا المسيحيّة ديانة
عقلية يحترمها علية القوم. وأصبح الخطر الذي تمثله الاتجاهات الناموسية أو
الاتجاهات الفلسفية التي انحرفت بالمسيحيّة عن مسارها الأصلي، يشكل تهديدًا
حقيقيًا فِي داخل الكنيسة فِي تلك الحقبة. وفي بعض الأحيان، نجد أن بعض القادة
الغيورين قد بالغوا فِي غيرتهم وصاغوا بعض التفسيرات الخاصة لتصحيح شرور حقيقة
تصوروا وجودها داخل الكنيسة، بل وتمكنوا مِن جذب العديدين لإتباع أفكارهم
الهرطوقية حتّى انتهى الأمر بهذه الهرطقات المتنوعة إلى إحداث انشقاقات داخل
الكنيسة ما لبثت أن أفرزت عددًا مِن الشيع الجديدة داخل كلّ منها.
أولًا:
الهرطقات الناموسيّة
كان
للمرء أن يظن أنّ القرارات التي اتخذها مجمع أورشليم Jerusalmen Council بإعفاء الأمم مِن مطاليب الناموس اليهودي
الطقسية والتي كانت تعتبر شرطًا لنوال الخلاص، يمكن أن تحسم الأمر بشكل نهائي.
إلَّا إنَّ المتجددين مِن اليهود تطلعوا للوراء نحو إيمانهم بإله واحد، وعندما
تفكروا فِي المسيح والخلاص، مالوا نحو تخفيف الإيمان المسيحيّ وذلك بخلطه ببعض
معتقدات تراثهم اليهودي. وقد استمرت جماعات مِن الإبيونيين Ebionites فِي فلسطين، وبعض البلدان الأخرى المجاورة،
لبعض الوقت بعد إخضاع السلطات الرومانيّة لتمرد اليهود بقيادة باركوكبا Bar Kochba ما بين عام 132 – 135.
وقد
نبَّر هؤلاء الناس على الوحدة بين الله وخليقته وأن الناموس اليهودي هو أعلى تعبير
عن إرادة الله وأن هذا الناموس مازال ملزمًا للبشر. وكانوا يعتقدون أن يسوع هو ابن
يوسف وأنه قد حظى بقدر مِن الطبيعة الإلهية عندما حل الروح القدس عليه عند
معموديته. فتمسكوا بتعاليم إنجيل متى، ولكن لم تعجبهم كتابات بولس Paul. وكانوا يصرون على أن الأمم – مثلهم مثل
المسيحيّين مِن اليهود – مازالوا ملزمين بناموس موسى وأنه لا يوجد خلاص بعيدًا عن
الختان وعن حفظ ناموس موسى. إلَّا إنَّ نفوذهم وتأثيرهم تضاءل جدًّا بعد تدمير
الرومان لأورشليم عام 135م، ولكن مُجرّد وجودهم واستمرار معتقداتهم إنما يظهر كيف
أن الكنيسة كان عليها دائمًا أن تجاهد مِن أجل تثبيت مبدأ أن مُجرّد الإيمان
بالمسيح هو الذي يبرر الإيمان أمام الله.
ثانيًا:
الهرطقات الفلسفيّة
كانت
الفلسفة اليونانيّة مصدر تهديد أعظم لنقاء عقيدة الإيمان المسيحيّ. فقد دخل
المسيحيّة أعداد كبيرة مِن الأمم فاقت بكثير أعداد المسيحيّين مِن اليهود وبين
هؤلاء الأمم كان الكثيرون مِن الفلاسفة الذين أرادوا تخفيف المسيحيّة بخلطها
بالفلسفة، أو إلباس الوثنية ثياب المسيحيّة.
أ –
الغنوسيّة Gnosticism
بلغت
الغنوسيّة، وهيَ أعظم التهديدات الفلسفيّة، قمة قوتها ونفوذها فِي حوالي عام 150م.
وترجع جذورها إلى زمن العهد الجديد، بل يبدو أن بولس كان يقاوم شكلًا بدائيًا مِن
الغنوسيّة فِي رسالته إلى أهل كولوسي. ويرجع التقليد المسيحيّ أصل الغنوسيّة لشخص
اسمه سيمون ماجوس Simon
Magus،
(1) أو سيمون الساحر الذي وبخه بطرس بكلّ شدة.
نبعت
الغنوسيّة مِن الرغبة الإنسانيّة الطبيعية فِي خلق تفسير، يفسر أصل الشر فِي
العالم. وقد سعى الغنوسيون انطلاقًا مِن ربطهم المادة بالشر، إلى إيجاد أسلوب لخلق
نظام فلسفي يحرر الله –الذي هو روح – مِن كلّ ارتباط بالعالم المادي الشرير، ويمكن
للإنسان أن يرتبط بالألوهية مِن خلال الجانب الروحي مِن طبيعته. والغنوسيّة أيضًا
عبارة عن نظام فكري أو منطقي يوضح ميل البشر للسعي لإيجاد إجابات للأسئلة العظمى
حول أصل الإنسان. وقد سعت إلى تحقيق ذلك بمحاولة التوفيق أو المزج ما بين
المسيحيّة والفلسفة اليونانيّة. وقد سعى الغنوسيون مثلهم مثل اليونانيين، الذين
تذكرهم الأصحاحات الأولى مِن الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس، الذين حاولوا أن
يفهموا بالحكمة الإنسانيّة طرق الله مع البشر محاولين تجنب الصليب الذي بدا لهم
وكأنه جهالة لا لزوم لها. فلو كانت الغنوسيّة نجحت فِي مسعاها لأصبحت المسيحيّة لا
تزيد عن كونها مذهبًا فلسفيًا مِن ضمن ما شهده العالم القديم مِن ديانات.
أما
عن الهوة التي تفصل ما بين الله والعالم المادي فقد عبرتها الغنوسيّة بفكرة وجود
قوّة خالقة وسيطة تعرف باسم Demiurge
هيَ عبارة عن حلقة مِن سلسلة مِن الانبثاقات مِن إله الغنوسيّة الأعلى. وكانت هذه
الانبثاقات عبارة عن كيانات أو كائنات تتدرج طبيعتها يتناقص فيها الجانب الروحي
ويتزايد الجانب المادي. وكان الواحد مِن تلك الكائنات الروحيّة، باعتباره انبثاقًا
إلهيًا، له قدر كاف مِن الطبيعة الروحيّة تتيح له أن يمتلك قدرة على الخلق، وفي
الوقت نفسه لديه القدر الكافي مِن الطبيعة المادية التي تسمح له بخلق العالم
المادي الشرير. وقد رأى الغنوسيون أن هذا الكيان الإلهي الوسيط يتطابق مع يهوه
الذي يقدمه العهد القديم، والذي لم يكن الغنوسيون يحبونه على الإطلاق.
ولكي
يستطيع الغنوسيون شرح وضع المسيح، فإنهم اعتنقوا مذهبًا عرف باسم الدوسيتية. ولأن
المادة كلها شر، فإنّ المسيح لا يمكن أن يكون قد ارتبط بجسد بشري مادي، وذلك
بالرغم مِن تأكيد الكتاب المُقدّس على عكس ذلك. فالمسيح الذي يمثل الصلاح الروحي
المطلق لا يمكن أن يكون قد اتحد مع المادة الشريرة. فإما أن يكون المسيح الذي ظهر
فِي الجسد ما هو إلا خيال أو كيان أثيري اتخذ لنفسه شكل أو مظهر الجسم الإنسانيّ
المادي (الدوسيتية)، أو أن المسيح دخل فِي جسم يسوع البشريّ أو حل فيه لمدة قصيرة
فقط. أي ما بين معمودية الإنسان يسوع وبداية ألامه على الصليب. ثمّ ما لبث المسيح
أن ترك الإنسان يسوع يواجه الموت ويموت على الصليب. فقد كان مهمة المسيح الأساسيّة
أن يقدم للعالم تعاليمه التي تحمل نوعًا معينًا مِن المعرفة الخاصة تستطيع أن
تساعد الإنسان على أن يخلص نفسه مِن خلال عملية فكرية بحتة.
والخلاص،
الذي هو مِن نصيب الروح أو الجزء الروحي مِن الإنسان دون غيره، يمكن أن يبدأ
بالإيمان، ولكن المعرفة الخاصة التي يعطيها المسيح لبعض المختارين أو الصفوة هيَ
التي لها الدور الأكبر بحسب رأي ومعتقدات الغنوسيّة Gnosticism فِي تحقيق عملية الخلاص فِي روح الإنسان.
وحيث إنَّ الجسد ما هو إلا مادة لم يقصد لها إلا الفناء، فإنّ الإنسان إما أن يذله
ويخضعه بممارسات نسكية صارمة، أو أن يترك له الحرّيّة الكاملة فِي أسلوب حياة
إباحي. ولن يصل أو يدخل السماء غير الغنوسيين الروحيين، الذين يمتلكون المعرفة
الخاصة التي لا يمتلكها غيرهم، ومعهم أيضًا المجموعة التي لها الحساسية الروحيّة
التي وإن كان لديها الإيمان إلَّا إنَّ ليس لها حق الحصول على المعرفة الخاصة. لأن
كلّ ما هو مادي لا يمكن أن يستمتع بالحالة السماوية، وذلك لأن المادة قد كتب عليها
الضياع الأبدي. وليس لقيامة الأجساد أي مكان فِي الغنوسيّة.
إلَّا
إنَّ مثل هذا الوصف للمفاهيم الأساسيّة التي يشترك فيها كافة الغنوسيين لا ينبغي
أن يقودنا بعيدًا عن معرفة أنه كانت هُناك مذاهب عديدة للغنوسية انفرد كلّ منها
ببعض المعتقدات الخاصة به. بل إن مُجرّد القراءة العابرة لأول عدة كتب مِن التي
كتبها إريناوس Irenaeus
فِي مجلده "ضد الهرطقات" لابد وأن تبين للقارئ مُقدّار تعدد هذه
الجماعات ومُقدّار اختلاف أرائها وأفكارها.
كان
ساتورنينوس Saturninus
على رأس مدرسة الغنوسيّة فِي سورية. أما فِي مصر فقد قاد باسيلدس Basilides مدرسة أخرى. إلا أنه يبدو أن مارسيون Marcion وأتباعه كانوا أكثر تلك الجماعات نفوذًا
وتأثيرًا، ويربطها البعض مع الغنوسيّة.
ترك
مارسيون موطنه الأصلي فِي نبط فِي نحو عام 140م وذهب إلى روما، حيث أصبحت له مكانة
مرموقة فِي الكنيسة فِي روما. كان يرى أن اليهودية شرًا، لذلك فقد أبغض الكتب
اليهودية المُقدّية، ورفض يهوه الذي تتحدث عنه تلك الكتب. فحدد لنفسه قائمة مِن
الأسفار القانونية بحسب رأيه الشخصيّ، بحيث شملت إنجيل لوقا ومعه عشرة مِن رسائل
العهد الجديد التي ارتبطت باسم بولس Paul
الرسول. وبالرغم مِن أن مارسيون أصاب نجاحًا كبيرًا فِي تجارته وأعماله جعله مِن
بين الأثرياء الذين ساعدوا الكنيسة فِي روما مساعدات كبيرة، لكن الكنيسة طردته مِن
بين صفوفها بسبب تمسكه بتلك الأفكار فأسس كنيسة خاصّة به.
وبمجرد
أن يخضع المرء الغنوسيّة Gnosticism
للتقييم فِي ضوء كلمة الله، فسيتبين حكمة الكنيسة فِي مقاومتها لهذه العقيدة. فقد
افترضت الغنوسيّة وجود إلهين، إله شرير يتحدث عنه العهد القديم وكان دوره هو خلق
العالم المادي، ثمّ إله أخر خير ودوره هو فداء تلك الخليقة. ومن ثمّ روجت مثل هذه
الأفكار لبعض الأتجاهات المعادية للسامية فِي الكنيسة. ورفضت الغنوسيّة كلّ ما
يتعلق بطبيعة المسيح البشريّة وموته الكفاري وقيامته مِن الأموات، فِي الوقت الذي
قال يوحنّا John
الرسول عنه أنه حل بيننا ورأينا مجده مجدًا. فلا عجب إذا عندما نرى تأكيد بولس
الرسول فِي رسالته إلى الكنيسة فِي كولوسي على أنه فِي المسيح يحل كلّ ملء اللاهوت
(كو 19:1، 9:2).
وقد
روجت الغنوسيّة أيضًا للكبرياء الروحي وذلك بما ادعته بوجود صفوة مختارة تتميز عن
باقي المؤمنين، وتنفرد وحدها بالتمتع الأبدي بمباهج السكنى مع الله فِي السماء.
ولم يكن لديها أي مكان للجسد البشريّ فِي الحياة المستقبلية. فتشابهت فِي ذلك مع
الفكر الذي عبرت عنه الأساطير والفلسفة اليونانيّة والتي لم يكن لديها أي مستقبل
للجسد البشريّ فيما بعد هذه الحياة الحاضرة.
أما
الجانب النسكي فِي الغنوسيّة فيمكن اعتباره عاملًا مساهمًا فِي صياغة الحركة
النسكية فِي العصور الوسطى والتي نعرفها باسم الرهبنة. ولكن الغنوسيّة دون أن
تقصد، ساهمت على أي حال فِي تطوُّر فكر الكنيسة. فعندما اختار مارسيون Marcion لنفسه ما اعتبره الأسفار القانونية، أجبر
الكنيسة فِي دفاعها عن نفسها إلى أن تولي اهتمامها بقضية قانونية الأسفار وأي هذه
الأسفار يجب اعتبارها قانونية ومن ثمّ نافعة لصياغة العقيدة وإرشاد الحياة. وأسرعت
الكنيسة بصياغة قانون قصير للإيمان يمكن بواسطته الحكم على سلامة عقيدة الشخص أو
الجماعة لمواجهة ذلك الاحتياج العملي الملح.
وتعاظمت
مكانة الأسقف بالتركيز على وظيفته باعتبارها محورًا يلتف حوله أبناء الكنيسة فِي
وحدتهم ضد الهراطقة. وقد أدى ذلك فِي وقت لاحق إلى إعطاء مكانة مرموقة لأسقف روما
بين الأساقفة. وقد دخل علماء الكنيسة مِن أمثال ترتليان Tertullian وإريناوس Irenaeus وهيبوليتوس Hippolytus فِي مجادلات واسعة على صفحات الكتب لدحر
تعاليم الغنوسيّة Gnosticism
وتفنيدها. إلَّا إنَّ التعاليم الغنوسيّة عادت للظهور مرة أخرى بدرجة ما فِي عقائد
جماعة البولسيين Paulicians
التي ظهرت فِي القرن السابع، وجماعات البوجوميلز Bogomils فِي القرنين الحادي عشر والثاني عشر ومن
بعدهم الألبينيون Albigenses
جنوب فرنسا.
ب –
المانية Manicheanism
تأسست
المانية، والتي كانت تشبه الغنوسيّة إلى حد ما، عن طريق شخص اسمه ماني أو مانيكيوس
(Mani
or Manichaeus)
(216-76) عاش فِي منطقة ما بين النهرين. وقد طور ماني أفكاره فِي منتصف القرن
الثالث، حيث وضع نظامًا فلسفيًا خاصًا به. وكانت أفكاره مزيجًا غريبًا مِن الفكر
المسيحيّ والزورادشتيه Zoroastrianism،
وبعض الأفكار الدينيّة مِن بعض أديان شرقية أخرى، صاغها جميعها فِي شكل فلسفة
ازدواجية. فكان ماني يعتقد فِي وجود مبدأين أبديين متعارضين. فالإنسان البدائي جاء
إلى الوجود بانبثاقه مِن كائن كان بدوره انبثاقا أعلى مِن رئيس مملكة النور. وفي
مقابل رئيس مملكة النور يقف رئيس مملكة الظلمة، الذي نجح فِي خداع الإنسان الأوَّل
حتّى جعل مِن الإنسان كائنًا يمتزج فيه النور بالظلمة. روح الإنسان تربطه بمملكة
النور، لكن جسده يجعله فِي عبودية لمملكة الظلمة. وكان الخلاص بالنسبة لماني يتركز
فِي قضية إطلاق وتحرير النور فِي روح الإنسان مِن أسرها داخل المادة التي يتكون
منها جسده. وهذا التحرير يمكن أن يحدث نتيجة للتعرض للنور الذي هو المسيح.
وكانت
الصفوة مِن الأشخاص الكاملين يمثلون الفئة أو الطبقة الكهنوتية فِي هذه الجماعة.
وكانوا يعيشون حياة نسكية ويقومون ببعض الطقوس التي كانوا يرونها لازمة لإطلاق
النور فِي أرواحهم. وكان السامعون أو المراجعون يشتركون فِي قداسة أولئك المختارين
بتوفير احتياجاتهم المادية. وكانت هذه هيَ الوسيلة التي يتاح بها للسامعين أو
التابعين أن يكون لهم نصيب فِي الخلاص.
وقد
ركزت المانية كثيرًا جدًّا على الحياة النسكية حتّى أنها نظرت إلى الغريزة الجنسية
على أنها شر عظيم، ونبرت على تميز وسيادة حالة العزوبية، وربما كان للمانية دورها
فِي تطوير فكرة وجود فئة كهنوتية فِي الكنيسة منفصلة عن باقي المؤمنين الذين كانوا
يعتبرونهم علمانيين لا دور لهم. كان للمانية تأثير ونفوذ كبير لوقت طويل بعد موت
ماني فِي فارس (إيران). بل إن أغسطينوس Augustine
المفكر العظيم كان تلميذًا للمانية لمدة اثنتي عشرة سنة وذلك خلال رحلته فِي البحث
عن الحق. ولكن أغسطينوي بعد تجديده كرس مجهودًا كبيرًا لتنفيذ ومقاومة المانية.
ج –
الأفلاطونيّة الجديد Neoplationism
في
معظم الأحيان يربط الدارس العادي الحركة النسكية بالنساك الذين عاشوا فِي العصور
الوسطى. إلَّا إنَّ واقع الأمر أنه وجد فِي الكنيسة عبر العصور ميول نحو النسكية.
ويمكن أن نفكر فِي وجود النسكية فِي ثلاثة نماذج. فهناك النموذج المعرفي للنسكية
يكون التركيز فيه على كيفيّة نمو الإنسان فِي معرفته لله. ويرى أصحاب هذا النوع
مِن النسكية أن كلّ معرفتنا عن الله تأتي إلينا مباشرة عن طريق الإلهام الإلهي أو
الاستنارة الروحيّة. ويرون أن المنطق البشريّ، بل وأحيانًا الكتاب المُقدّس نفسه
يأتيان فِي مرتبة ثانية بعد النور الداخلي. وقد تمسك معظم النساك الذين عاشوا فِي
القرون الوسطى، وأيضًا جماعة الوحدة والسكينة الكاثوليك مِن القرن السابع عشر
وجماعة الكويكرز تمسك هؤلاء جميعا بمثل هذه الأراء.
بينما
ركز أخرون على نمط أخر للنسك ألا وهو الميتافيزيقي، وفيه يقولون إن الجوهر الروحي
للإنسان يستوعب فِي الكائن الإلهي بطريقة سرية فِي اختبارات متفرقة مِن وقت لآخر،
ويحدث ذلك مِن خلال بعض الاختبارات الروحيّة التي تحدث للإنسان مِن وقت لآخر. وما
أن تنطفئ شعلة شخصيته المتميزة بالموت، حتّى يصبح روح الإنسان جزءًا مِن الكيان
الإلهي. وقد تمسك أصحاب الأفلاطونية الجديدة، وبعض غلاة النساك فِي العصور الوسطى،
والبوذيون بهذا النمط النسكي. ولكن الكتاب المُقدّس على عكس ذلك تمامًا ينبر على
نمط أخلاقيّ روحي، إذ يرتبط الإنسان بالله بواسطة اتحاده مع المسيح وسكنى الروح
القدس فِي حياته. (2)
وتعتبر
الأفلاطونية الجديدة Neoplatonism
نموذجًا جيدًا للمعرفة الفلسفية النسكية. ونشأت الأفلاطونية الجديدة فِي
الاسكندرية نتيجة لفكر شخص يدعى أمونيوس ساكاس Ammonius Saccas (174-242 تقريبا) الذي ولد لأبوين مسيحيّين.
وقد كان أوريجانوس Origen
أحد آباء الكنيسة وشخص أخر اسمه بلوتينوس Plotinus
مِن تلامذة ساكوس Saccas.
وأصبح بلوتينوس (205-70) فيما بعد القائد الفعلي لهذه الحركة الفلسفية حيث كان
يدرس هذه العقيدة فِي مدرسة فِي روما فِي الربع الثالث مِن القرن الثالث. أما
إصدار الوثيقة الحرفية لأفكار الأفلاطونية الجديدة فقد قام به شخص اسمه بورفوري Porphory (232-305) الذي جمع الأفكار مِن كتابات
بلوتينوس. وقد عرف هذا الكتاب الذي جمعه بورفوري باسم Enneads وهو الذي وصل إلينا. وهو يقدم ديانة
ميتافيزيقية أحادية بدلًا مِن ثنائية.
كان
الأفلاطونيّون الجدد يعتقدون بوجود كائن مطلق ويعتبرونه المصدر الذي انبثق منه كلّ
ما هو كائن والذي منه خلق كلّ شيء عن طريق عملية الفيض، أي أن كلّ وجود ما هو إلا
فيض مِن وجود الإله الأسمى المطلق. وكانوا يرون أن هذا الفيض أو الانبثاق أدى فِي
نهاية الأمر إلى خلق الإنسان ككيان عاقل له روح وجسد. وكانوا يرون أن الغرض مِن
وجود الكون هو استعادة اندماجه مرة أخرى مع الجوهر الإلهي الذي منه أوجدت كلّ
الأشياء. وتساهم الفلسفة مساهمة كبيرة فِي هذه العملية وذلك عندما يمارس المرء
التأمل العقلانيّ ويسعى بواسطة اإلهام السري أن يعرف الله وأن يندمج وجوده مع
الواحد الذي منه كلّ الأشياء. وكان اختبار النشوة هو أعلى وأسمى حالة يمكن للإنسان
أن يختبرها فِي هذه الحياة. وقد تأثر أغسطينوس Augustine بهذه الأفكار.
تبنى
الامبراطور جوليان Julian
والذي عرف بلقب "المرتد" هذه الفلسفة باعتبارها غريمًا منافسًا
للمسيحيّة، وحاول خلال الفترة القصيرة التي تولى فيها الحكم مِن 361 - 363 أن يجعل
الأفلاطونية الجديدة دينًا للإمبراطوريّة. وتبنى أغسطينوس نفس الفلسفة لزمن خلال
رحلته فِي البحث عن الحق. وقد ساهمت هذه الحركة بدون شك فِي قيام الحركة النسكية
فِي المسيحيّة بل وأيضا قدمت بديلًا جذابًا للمسيحيّة ذاتها إلى الوثنيين الذين لم
يتمكنوا أو لم يريدوا أن يواجهوا المطاليب السامية للمسيحيّة روحيًا وأخلاقيًا لكن
الأفلاطونية الجديدة ماتت فِي بداية القرن السادس.
ثالثًا:
المغالطات اللاهوتيّة
يمكن
اعتبار بعض الأراء تفسيرات خاطئة لمعنى المسيحيّة أو مغالاة فِي التنبير على فكرة
معينة، أو حركات احتجاج إلَّا إنَّ هذه الأراء المختلفة كان لها ضرر كبير على
المسيحيّة، بل إن بعض الطاقة التي كان يمكن أن توجه إلى جهود الكرازة، اضطرت أن
توجهها لإنجاز مهمة تنفيذ مثل هذه المغالطات اللاهوتيّة. وتعتبر كلّ مِن
المونتانية والملكانية نموذجًا لمثل هذه المغالطات.
أ –
المونتانيّة Montanism
ظهرت
المونتانية فِي إقليم فريجية بعد عام 155م كمحاولة مِن شخص اسمه مونتانوس Montanus لمواجهة مشكلة انتشار الطقسية فِي الكنيسة
واعتماد الكنيسة الزائد على قياداتها البشريّة بدلًا مِن الاعتماد على إرشاد الروح
القدس. كان يعارض انتشار فكرة إعطاء مكانة مُتميّزة للأسقف فِي الكنيسة المحلية.
وقادته محاولاته لمقاومة الطقسية والتنظيم البشريّ إلى التأكيد على العقائد
المتعلقة بمجئ المسيح الثاني والروح القدس. ولكنه للأسف، وكما يحدث غالبًا فِي مثل
هذه الحركات، تطرف مونتانوس فِي أفكاره إلى نقيض ما كان ينادي بمقاومته وأصبح لديه
مجموعة مِن التفسيرات الخاطئة والمتطرفة لنصوص الكتاب المُقدّس.
وقد
قدم مونتانوس تعليمًا غريبًا بشأن الوحي، فقد نادى بأن الوحي لم ينقطع بل أنه وحي
مباشر ومستمر وأنه هو نفسه أي مونتانوس كان هو البراقليط أو المعزي الذي يتكلم
الروح القدس مِن خلاله للكنيسة بنفس الطريقة التي تكلم بها الروح القدس مِن خلال
بولس Paul
وغيره مِن الرسل. وكان لمونتانوس موقفًا فعاليًا فيما يتعلق بعقيدة الأخرويات أي
الأمور الأتية. فقد كان يؤمن أن ملكوت المسيح السماوي سرعان ما سوف يؤسس ويستعلن
فِي بلدة بيبوزا فِي فريجية وأنه هو شخصيًا ستكون له مكانة موموقة فِي ذلك
الملكوت. ولكي يستعد هو وأتباعه لاستقبال المسيح فِي مجيئه، مارس هو وأتباعه نوعًا
مِن النسك البالغ الصرامة. فلم يكن مسموحًا لمن يموت شريك حياته أن يتزوج مرة
ثانية، وكان يجب عليهم ممارسة أصوام كثيرة، وألا يأكلوا إلا الأطعمة الجافة. (3)
أخذت
الكنيسة موقعها ضد هذه التجاوزات بأن أدانت هذه الحركة. وأعلن مجمع القسطنطينية
فِي عام 381 بأن أتباع المونتانية يجب اعتبارهم مثل الوثنيين. لكن ترتليان Tertullian، وهو واحد مِن أعظم آباء الكنيسة، وجد فِي
تعاليم المونتانية ما يبحث عنه فأصبح هو نفسه مِن أتباعها. وقد بلغت هذه الحركة
أقصى قوتها فِي قرطاجة والأراضي الشرقية. وهيَ تمثل الاحتجاج الحتمي الذي يحدث فِي
الكنيسة عندما تتعقد وتتشابك أليات الخدمة فيها وتفتقر الكنيسة إلى الاعتماد على
روح الله. وقد كانت الحركة المونتانية وستظل دائمًا تحذيرًا للكنيسة حتّى لا تنسى
أن تنظيمها وصياغة عقيدتها ينبغي ألا ينفصل أبدًا عن إشباع الجانب الوجداني فِي
الطبيعة البشريّة والشوق الكامن فِي القلب البشريّ للتمتع بالاتصال الروحي المباشر
مع الله.
ب –
الملكانيّة Monarchianism
إن
كان مونتانوس قد بالغ فِي غيرته فِي تقديم عقيدة الروح القدس وعقيدة الوحي، فإنّ
الخطأ الذي وقع فيه الملكانيون هو حماسهم الزائد فِي تأكيد وحدانية الله فِي
مواجهة أي محاولة لتصوير الله على أنه ثلاثة أقانيم أو شخصيّات مستقلة. كان
اهتمامهم منصبًا على تأكيد حقيقة أن الله واحد ليس غيره إله لكن انتهى بهم الأمر
إلى التمسك بصيغة قديمة للتوحيد تنكر لاهوت المسيح. كانت مشكلتهم الكبرى هيَ كيف
يصفون علاقة المسيح بالله.
ففي
القرن الثالث كان أسقف أنطاكية (4) شخص اسمه بولس مِن ساموسكا Paul of Samosata
وكان إلى جانب شغله منصبه الرفيع كأسقف، يشغل منصبًا سياسيّا هامًا فِي حكومة
زنوبيا Zenobia
ملكة بالميرا. وفي أحيان كثيرة كان يستغل المنبر الكنسيّ فِي كنيسة أنطاكية لإثارة
الجماهير واكتساب شعبية سياسيّة لديها، وذلك بأسلوب التمثيل فِي الوعظ وإلقائه
المبالغ فيه، بل إنه كان يتوقف أثناء الوعظ منتظرًا تصفيق الناس له وتحيتهم له
بتلويح مناديلهم. بل إنه فِي بعض المناسبات كان يكون فريقًا نسائيًا للترنيم
ليترنم بأشعار مدح فيه هو شخصيًا. ولأنه لم يكن وارثًا لثروة كبيرة ولم يشتغل
بالتجارة فقد ثارت بعض شكوك حول مصادر ثروته الكبيرة. كان بولس الساموسطي رجلًا
قديرًا وإن لم يكن مدققًا فِي حياته، وكان يعلم أن المسيح لم يكن إلهًا أبدًا بل
كان مُجرّد رجل صالح حاز بواسطة بره وعن طريق اختراق اللوجوس الإلهي لكيانه أثناء
معموديته، حاز وحقق طبيعة إلهية ودورًا فدائيًا. كانت هذة محاولة مِن ذلك الأسقف
للتمسك بالوحدانية ولكنها سلبت مِن المسيحيّ ذلك المخلص الإلهي. وقد اشتهر التعليم
الذي صاغه بولس الساموسطي باسم عقيدة التبني الملكانية Dynamic or Adoptionsit Monarchianism.
أما
الشخص الذي نشر الشكل الأخر مِن الملكانية والذي عرف باسم الملكانية الانتحالية Modal Monarchianism
فهو سابيلوس Sabellius
وكان سابيلوس هذا قد قرر أن يتجنب أي خطر فِي الإيمان بثلاثة ألهة. فصاغ بعد عام
200م التعليم الذي عرف باسمه. وكان يعلم بثالوث مبني على فكرة ثلاثة إظهارات أو
أشكال لله بدلًا مِن ثلاثة أشخاص يتميز كلّ منهم فِي جوهره. فكان يقول إن الله
أظهر ذاته فِي العهد القديم فِي صورة الله الأب، ثمّ أظهر ذاته فيما بعد فِي صورة
الابن لكي يفدي البشر، ثمّ فِي صورة الروح القدس بعد قيامة المسيح مِن الأموات.
وبذلك لا يكون هُناك ثلاثة أقانيم مُتميّزة فِي الثالوث المُقدّس بل ثلاثة إظهارات
إلهية. ويمكن توضيح رأي سابيلوس بواسطة العلاقات المتنوعة التي يمكن أن يرتبط بها
أي إنسان. ففي إحدى هذه العلاقات يمكن للإنسان أن يكون ابنًا، وفي علاقة أخرى يصير
أخًا وفي ثالثة يكون ابًا. وفي كلّ هذه العلاقات لا يوجد سوى شخص واحد له جوهر
واحد. وينكرهذا الرأي وجود شخصية مستقلة للمسيح. ونرى اليوم إحياء لمثل هذه
الأفكار فِي بعض الأوساط الخمسينية.
رابعًا:
الانقسامات الكنسية
أ –
الجدل حول الاحتفال القيامة Easter Controversy
ظهرت
بعض الشقاقات فِي صفوف الكنيسة فِي مهدها حول أمور تتعلق بالتأديب وبالطقوس. وقد
ظهر الجدل حول احتفال القيامة نحو منتصف القرن الثاني، حيث دار الحوار حول السؤال
عن التاريخ الصحيح للاحتفال بعيد القيامة. فقد تمسكت الكنيسة فِي الشرق بأن احتفال
القيامة ينبغي أن يكون فِي الرابع عشر مِن شهر نيسان، وهو نفس تاريخ احتفال اليهود
بالفصح فِي تقويمهم اليهودي، بغض النظر عن اليوم الذي يوافق هذا التاريخ مِن أيام
الأسبوع المختلفة. إلَّا إنَّ بوليكاربوس Polycarp
مِن آسيا الصغرى وجد معارضة لهذا الرأي فِي عام 162م مِن قبل أنيسيتوس Anicetus أسقف روما، الذي كان يرى أن عيد القيامة
ينبغي أن يتمّ الاحتفال به فِي يوم الأحد الذي يأتي بعد الرابع عشر مِن نيسان.
وعندما حرم فكتور Victor
أسقف روما كنائس آسيا الصغرى فِي عام 190م وذلك فِي صراعه مع بوليكرتيس أسقف أفسس،
وبخه إريناوس Irenaeus
على مبالغته فِي تقدير قوته وسلطانه. ولم تستطع الكنيسة فِي الشرق والغرب أن تصل
إلى أي اتفاق حول هذا الموضوع حتّى انعقد مجمع نيقية فِي عام 325م، عندما تبنى
المجمع رأي الكنيسة الغربية فِي الموضوع.
ب –
الدوناتية Donatism
تبلور
الجدل حول الدوناتية بعد عام 300م منتيجة لاضطهاد دقلديانوس Diocletian للكنيسة. وقد تركزت معظم المجادلات فِي شمال
أفريقيا. فقد أراد دوناتوس Donatus
الذي كان أحد رجال الكنيسة إقصاء سيسيليان Caecilian
أسقف قرطاجة مِن منصبه وذلك على أساس أن الذي رسم سيسيليان فِي منصبه هو فيليكس Felix، الذي أتهم أنه كان خائنًا للكنيسة أثناء
اضطهاد دقلديانوس. وكان دوناتوس يجادل بالقول إن فشل فيليكس فِي أن يظل أمينًا
أثناء الاضطهاد قد أبطل سلطته لرسامة الغير لأنه قد اقترف خطية لا يمكن أن تغتفر.
وانتخب دوناتوس وجماعته شخص اسمه ماجورينوس Majorinus لتنصيبه أسقفًا، ثمّ بعد أن مات ماجورينوس
فِي عام 313م، أصبح دوناتوس نفسه هو الأسقف. وعندما وهب قسطنطين Constantine أموالًا للكنيسة فِي افريقيا، تذمر
الدوناتيون لأنهملم يحصلوا على شيء منه. وقرر سنودس عقد فِي روما أن سريان أي طقس
وقيمته لا تعتمد فِي شيء على شخصية أو حياة الشخص الذي يجريه. على ذلك لم يعد
للدوناتين Donatists أي
حق فِي تلقي أي دعم مادي. ثمّ انعقد مجمع أخر فِي مدينة أرلز فِي عام 314م. حيث
اتخذ قراراته ضد موقف الدوناتية. وقد اهتم أغسطينوس Augustine بهذا الأمر، مما دفعه ليكتب الكثير حول قضية
السلطة فِي الكنيسة.
ويمكننا
أن نقول فِي الختام أن نتائج المجادلات والمغالطات والهرطقات لم تكن دائمًا هدامة.
لكن الكنيسة أجبرت على إيجاد أساس رسمي للحكم على قانونية الأسفار، وعلى صياغة
قوانين الإيمان، مثل قواعد الإيمان التي صاغها ترتليانوس Tertullian وإيريناوس، والتي كانت تلخص التعاليم
الأساسيّة للكتاب المُقدّس. وبتأثير وإلحاح الحاجة للرد على التعاليم اللاهوتيّة
الخاطئة قام علم اللاهوت المسيحيّ. وتعاظم دور ومكانة الأساقفة وذلك بالتركيز على
هذا المنصب باعتباره محورًا تتجمع حوله جهود مقاومة الهرطقات والمغالطات. وكانت
التعاليم الخاطئة تنشأ مِن خلال طموح بعض الأشخاص ومحاولاتهم الاستحواذ على السلطة
على المؤمنين، سواء كان ذلك بالمغالاة فِي التركيز على تعليم معين، أو بالانسياق
وراء بعض التفسيرات الخاطئة لبعض مقاطع الكلمة المُقدّسة، أو كانت تلك الاتجاهات تنمو
نتيجة لموقف يتسم بعدم المحبة تتخذه الكنيسة تجاه قلة انحرفت بصورة أو بأخرى لكن
هذه جميعها لم تضعف الكنيسة فِي نهاية الأمر بقدر ما دفعتها إلى التفكير العميق
فِي عناصر إيمانها والاجتهاد فِي تطوُّر تنظيماتها نحو الأفضل.
اقتراحات
للقراءة
يمكن
الاعتماد على أي مرجع جيد فِي تاريخ العقيدة للحصول على معلومات إضافية حول
العقائد التي سبقت مناقشتها.
Frend,
W. H. C. The Donatist Church. Oxford: Clarendon University Press, 1952. This is
a full, scholarly discussion of Donatism.
Neve,
Juergen L., and Heick, Otto W. A History of Christian Thought. 2 vols.
Philadelphia: Fortress; 1965-66. Although its emphasis is Lutheran, the work is
still widely useful.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق