في أماكن عدّة من كتاب “سوء اقتباس الحقيقة” قمت باقتباس مقتطفات
من كتابات أحد قادة الكنيسة في أوائل القرن الثاني وهو بابياس أسقف هيرابوليس.
وكان إيرمان قد ذكر الإدعاء التالي في كتابه: “بطرس وبولس ومريم
المجدليّة” حول كتابات بابياس:
“توجد مشكلة كبيرة في الاستشهاد بكلمات بابياس عندما
يذكر أن إنجيل مرقس مبني على شاهد عيان وهو بطرس. في الحقيقة أنّ كلّ ما عدا ذلك
في كتابات بابياس يعتبر على نطاق واسع بواسطة العلماء أنّه من خيال رجل تقي أكثر
منه حقائق تاريخيّة”.[1]
للانصاف بخصوص ما قاله إيرمان، فإنّ بعض اللاهوتيّين
المسيحيّين الأوائل قد قدموا بعض الخيال التقوّي – وأيضا وصف بعض البدع
كما في كتابات إكليمندس السكندريّ وأبيفانيوس أسقف سلاميس – يعتبر خيالًا غير
تقويّ.[2]
ويعتبر تصريح إيرمان هذا مبالغًا فيه قليلًا. فإنّ
مقتطفات من كاتبات بابياس تشتمل على قصص حول رجل يدعى يسطس بارساباس الذي كان قد
شرب سُمًّا ولكنه لم يمت وعن شخص ميت تمّت إقامته من الموت.[3]
وقد وصف أيضًا بابياس تقاليدًا يُدَّعى أنّها منقولة من القديس يوحنّا اللاهوتيّ
حول مستقبل عصر النعيم الأرضيّ وبركات أرضيّة تتبع عودة يسوع إلى الأرض (الملك
الألفي). إنّ مثل هذه الأفكار ربّما تصدم بعض الأشخاص كأفكار غربية، ولكنها لا
تختلف كثيرًا عن بعض الأفكار الموجودة في العهد الجديد.
يسجل بابياس على الأقل تقليدًا واحدًا يمكن وصفه بأنّه
خيال تقويّ. ففي وصفه لموت يهوذا الاسخريوطيّ يذكر بابياس قصة يقول فيها إنّ ذلك
الخائن قد نجا من محاولة الانتحار التي ذكرت في متّى 27:5 ، وبدأ يتورم حتّى أنّ
عينيه أصبحتا ضامرتان لا يمكن رؤيتهما، ونزل من أعضائه التناسليّة صديد ذو رائحة
كريهة. وفي النهاية يموت يهوذا على أرضه بحيث أنّ جميع ممتلكاته تصدر منها رائحة
كريهة. يبدو أنّ هذه الرواية تشرح ما هو مذكور في أعمال الرسل 1: 18. بالرغم من أنّ
العلماء في العصور السابقة ترددوا في نسبة هذه القصة إلى بابياس،[4]
إلَّا إنّه يبدو – بناء على تقرير مسجل في كتابات أبوليناريوس أسقف
لاودكية – بأنّ بابياس بالفعل قد ذكر
هذه القصة عن يهوذا. وقد علّق إيرمان على قصة موت يهوذا قائلًا: “واضح أنّ بابياس قد
حلّق بخياله”.[5]
وهنا يكون السؤال؛ ما هو تاثير هذه القصص على تقاليد
بابياس التي حفظها عن الأناجيل حسب متّى ومرقس؟
قليل جدًّا في الحقيقة..
إنَّ أهمّيّة شهادة بابياس في أنّه يؤكّد أنّ نوعيّة
التقاليد المنقولة بواسطة إيرينيؤس أسقف ليون، وهي التقاليد المرتبطة بأناجيل
العهد الجديد متّى مرقس لوقا ويوحنّا- هي تقاليد موجودة منذ فترة طويلة قبل منتصف
وآواخر القرن الثاني.
فقد سجّل بابياس بأمانة قصص قد سمعها، وربّما يكون
هناك مبالغات في بعض هذه القصص، ولكن هذا لا ينفي الحقيقة الأكيدة أنّه سجّل
تقاليد شفويّة عن الأناجيل التي كانت متداولة قبل أقل من 20 سنة بعدما كان قد
كُتِب آخر أناجبل العهد الجديد الأربعة. ويؤكّد هذه الحقيقة الاتفاق العام الموجود
في جميع المخطوطات والذي ينسب الأناجبل الأربعة إلى كُتَّابهم، فإنّ شهادة بابياس
ببساطة تؤكد هذه الحقيقة.
[1] PPM, p. 9.
[2] See LC, pp. 198-200.
[3] Eusebius Ecc!esiastical History 3.39.
[4] See, e.g., footnote 11 on page 153 in Alexander
Roberts et al., eds.، The Ante-Nicene
Fathers، vol. 1: retrieved November 1، 2006، from http://books.google.com
[5] PPM، p. 10.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق