ينتشر اليوم بكثره الحديث عما يسمي خبرات ما بعد الموت حيث يدعي بعض الاشخاص ان ارواحهم تركت اجسادهم , او انها قاربت علي الخروج . ثم عادت ثانية الي الجسد . و يعددون كل الاشياء الرهيبه التي رأوها و واجهوها .
اننا في الكنيسه الارثوذكسيه نقول انه هناك حالات عادت فيها الروح الي الجسد ثانية بمعني انهم اقيموا من الموت بقوة المسيح . و لكنها بأي حال من الاحوال حالات استثنائيه لا تحدث لكل احد .
علي اية حال اننا نري ان معظم خبرات ما بعد الموت تكون اما شيطانيه او ثمره لخبرات مكبوته او خيالات او انها نتيجة لعقاقير منومه او مهدئه تُعطي لمنع الالم في محنة المرض المرعبه . من المؤكد ان الامر يتطلب تمييزاً كبيراً لملاحظه الفرق بين هذه الحالات ان كانت من عند الله , او الشيطان , او اضطرابات نفسيه و عضويه .
اننا في الكنيسه لا ننتظر قيامة قديسيين او خبرات مثل هذه لكي نؤمن فلدينا الكتاب المقدس و سيرة الانبياء و الرسل و القديسيين و لدينا اقوالهم و تعاليمهم و بالاضافه الي رفاتهم و نحن نؤمن بوجود حياة ابديه . و في الوقت الحالي وهب الله لكل واحد منا ان يختبر في قلبه ما هو الجحيم و ما هو الفردوس و بخلاف هذه الامور فنحن نحفظ وصايا المسيح لكي نحصل علي الشفاء و حتي نحل العديد من المشاكل الوجوديه و الشخصيه و الاجتماعيه و البيئيه . لذا يجعلنا التمسك بوصايا الله اشخاصاً متزنين . (1)
يجب علينا ان نؤكد علي وجود بعض القيامات من الاموات مثل اقامة ابنة ارملة صرفة صيدا بواسطة ايليا النبي و إقامة الثلاثة موتي الذين اقامهم السيد المسيح ( ابن ارملة نايين , ابنة يايرس , لعازر ) بالاضافه الي إقامة طابيثا بواسطة بطرس الرسول بقوة المسيح , و علي اية حال لم يعطنا اي من هؤلاء الذين عرفنا عنهم انهم اقيموا من الاموات اي وصف عما يحدث بالضبط عندما تغادر النفس الجسد او ما يحدث بالضبط في الحياه الاتيه ....احد تفسيرات هذه الظاهره هي ان المسيحيين لا يغلبهم مثل هذا الفضول و حيث ان لديهم كلمة الوحي و يعرفون ان عليهم ان يشفوا بواسطة وصايا الله و حيث ان نعمة الله كما تظهر في مثل الغني و لعازر واضحه ( عندهم موسي و الانبياء ليسمعوا منهم ) بالتالي لن يكون مهماً لهم ان يجمعوا معلومات عن خبرات ما بعد الموت هذه . و هذه الكلمات تظهر ايضاً ان الانسان الجسداني لن يؤمن حتي لو سمع الاشياء الاكثر غرابه كما انه يكون مستعداً ان ينسبها لسبب اخر . (2)
لم يجب ابراهيم علي تضرع الرجلا لغني بان يرسل لعازر الي الارض ليعظ اخوته لكي يتوبوا و برر ابراهيم هذا بقوله : ( ان الذين لا يسمعون لموسي و الانبياء و لا ان قام واحد من الاموات يصدقون ) .
لا يستطيع الشخص الجسداني ان يتوب مهما كان عدد المعجزات التي قد يراها في حياته انها حقيقه , إذ انه يعيش في غفله مميته . فعندما لا تكون حرية الشخص فعاله لا توجد توبه , فكل شئ لا يحدث إلا بنعمة الله و تعاون الانسان .
ان اعظم حقيقه في التاريخ هي تجسد المسيح و قيامته و تأسيس الكنيسه التي هي جسد المسيح القائم المتجسد , الإله الانسان . و لو لم يتأثر الشخص بهذه الحقيقه المذهله , و لو لم يقتنع بحياة العديد من القديسيين الذين هم اعضاء في جسد المسيح القائم من الاموات فإنه لن يقتنع و لا حتي بأعظم معجزه . (3)
و لا يمكن ان تطلب الخبره الروحيه و حياة ملكوت الله خارج جسد الانسان لان جسد الانسان هو هيكل الروح القدس و اي من يتكلم عن خبرات خارج الجسد هو جاهل بتعليم اباء الكنيسه القديسيين و واقع تحت التأثير الغربي الفلسفي الهيليني . و ان خبرات خارج الجسد لا تكون اصليه ابداً و لكنها تكون نتيجه ام لضلالات شيطانيه او اوهام او خداعات او هلاوس او امراض عقليه فمن يتعرض لمغادرة النفس للجسد يسقط حقاً تخيلاته و انفعالاته علي عالم الارواح الشريره التي تقدم اعلاناتها الخاصه . اي انها خبرات شيطانيه . (4)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الحياه بعد الموت . ايريثيئوس فلاخوس مطران نفباكتوس . ترجمة د / نيفين سعد . ص 25 , 26
2 - مرجع سابق ص 81 , 82
3 - مرجع سابق ص 25
4 - مرجع سابق ص 85 . و مأخوذ من كتاب رئيس الاساقفه لعازر بوهالو ( archbichop lazar puhalo : the soul , the body and death )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق