إنّ وحي الثالوث القدّوس قد أتى إلينا عبر تاريخ الخلاص الذي بلغ كماله في شخص يسوع المسيح، فعقيدة الثالوث ليست حصيلة تفكير بشريّ نظريّ عن الله، ولا نتيجة تطوُّر دينيّ بدأ في ديانات الشرق القديم، بل، هيَ تعبير لاهوتيّ لسرّ الله الذي ظهر لنا ظهورًا خلّاصيًّا في شخص يسوع المسيح. فالمسيح قد آتى إلينا باسم الله حاملًا إلينا الخلاص الإلهيّ، هذا الخلاص الناتج عن معرفة الله المُعلَن في وجه ابنه. ومن بعد قيامة المُخلِّص أُرسِلَ إلينا روح الله. هكذا أوحى لنا الله بذاته آبًا يُرسِل إلى العالم ابنه المخلِّص وروحه القدوس. لذلك سيكون محور بحثنا وحي الله بذاته في العهد الجديد، وكيف أختبرته وعلَّمت به الكنيسة الأولى.
لكن، قبل ذلك سنتساءل: بِمَا أنّ تاريخ الخلاص قد بدأ في
العهد القديم، ألا يُمكنّنا أن نجد وحي الثالوث القدّوس حتّى في العهد القديم؟
بكل
تأكيد نحن لا نتطلّع للوصول إلى وحي الثالوث بشكل كامل من خلال نصوص العهد القديم،
وذلك لسبب بسيط: وهو أنّ ابن الله لم يظهر ظهورًا كاملًا إلَّا في العهد الجديد في
شخص يسوع المسيح. وكذلك الروح القدس لم يحلّ على التلاميذ وعلى كلّ إنسان مؤمن إلَّا
من بعد قيامة المسيح.
لكن،
ألا نجد في العهد القديم عناصر مختلفة هيّأت لهذا الوحي؟
لابد
قبل المباشرة بالإجابة على هذا السؤال، من الإشارة إلى أنّ البحث في هذا الموضوع
ما كان ممكنًا لو لم يبلغ الوحي بالثالوث كماله في العهد الجديد. فانطلاقًا مما
أُوحيَّ به إلينا في العهد الجديد، نستطيع أن نعود إلى العهد القديم لنرى فيه
تهيئة هذا الوحي. وبمَا أنّ عقيدة الثالوث القدّوس في العهد الجديد مرتبطة ارتباطًا
وثيقًا بعلاقة الله بالإنسان بواسطة الابن والروح القدس.[1] لذلك فإنّ اليهود لم يعرفوا الله كما هو في ذاته من
خلال علاقاته الداخليّة، بل فقط يعرفون الله من خلال علاقاته الخارجيّة كخالق وكديّان...
إلخ. لذا لم يستطيعوا أن يكوِّنوا فكرة أعمق نحو الله، وهذا ما أدركه الآباء حيث أسّسوا
مفاهيمهم وشروحاتهم اللاهوتيّة عن الله بناء على حدث التجسُّد، والذي من خلاله استطاعت
البشريّة أن تنظر نظرة أعمق نحو الله، حتّى تستطيع أن تعرفه -كما هو في ذاته- وليس
فقط من خلال أعماله الخارجيّة.[2]
فجوهريًّا ليس من فارق بين تّعليم العهد القديم وتّعليم
العهد الجديد عن سرّ الله. لأنّ الله المُثلث الأقانيم الواحد في الجوهر وغير المُنقسم،
والذي أعلن عن ذاته في العهد الجديد هو ذاته الله المثلث الأقانيم الواحد في
الجوهر وغير المنقسم الذي أعلن عن ذاته في العهد القديم.
صحيح أنّ
العهد القديم يشدّد بالأكثر على وحدانيّة الله، ولا يتكلم بوضوح كافٍ عن سرّ الثالوث،
ولعلّ السبب كما يرى بعض الآباء، أنّ العبرانيّين بسبب كونهم مُحاطين بشعوبٍ وثنيّةٍ
قد يسقطون نتيجة التّعليم المُباشر عن هذا السرّ في شرك تعدّد الآلهة. إلَّا إنّ هذا
لا يعني أنّ البطاركة وأنبياء العهد القديم لم يعرفوا سرّ الثالوث القدوس. وبالطبع
فهذه المعرفة كمعرفة رسل وقديسي العهد الجديد لهذا السرّ؛ ليست عقلانيّة حسّيّة،
بل تفوق العقل والحسّ، إذ تمّت عبر سرّ التأله، أي سرّ ظهور مجد الثالوث الإلهيّ، واستعلانه
في من كانوا مؤهلين لذلك بواسطة النعمة الإلهيّة.[3]
العهد القديم يحفل بإشارات عديدة عن الثالوث القدوس،
والتي كان دورها التهيئة لقبول هذا السرّ عند مجيء الإعلان الكامل بيسوع المسيح،
إلَّا إنّها على ضوء تفسير العهد الجديد والآباء، تتجلى، كدلائل واضحة عن سرّ الثالوث.
يشرح ذلك بروعة القديس غريغوريوس النزينزيّ حيث يرى إنّ
العهد القديم
أعلن عن الآب علانيّة، وعن الابن بطريقة أكثر غموضًا. وأعلن العهد الجديد عن الابن،
وأوحى بلاهوت الروح القدس، وهكذا جاء الإعلان عن الثالوث تدريجيًّا، لئلا يصير
الشعب أشبه بأناس تثقلوا بطعام أكثر من طاقتهم، وقدّموا نور الشمس لأعينهم الضعيفة
جدًّا عن رؤيته، لئلا يحدث خطر فقدّان حتّى ما هو في حدود طاقتهم، وإنما كما يقول
داود بالتدريج يصعدون ويتقدّمون وينمون من مجدٍ إلى مجد، فيشرق نور الثالوث على
الذين يستنيرون. ويوضِّح ذلك أيضًا[4] بقوله:
”يمكنني هُنا أن أعقد مقارنة مع تقدُّم لاهوت الله، فيما عدا أنّ الترتيب كان العكس تمامًا، ففي الحالة الأولى (تطوُّر الجنس البشريّ) نشأ التغيير من الحذف والاستبعاد، أمّا في حالة لاهوت الله فإنّ النمو نحو الكمال يأتي من إضافات، ففي العهد القديم بدأ التطوّر باستعلان الآب- أمّا الابن فبصورة أقل تحديدًا ووضوحًا، وجعل العهد الجديد الابن واضحًا (2 كو 3: 18) وأعطانا لمحة عن إلوهيّة الروح القدس. وفي الوقت الحاليّ يسكن الروح القدس بيننا مستعلنًا نفسه بصورة أوضح مما قبل. وقد كان من الخطورة بمكان الوعظ بالابن بينما لم تكن إلوهيّة الآب قد اعترف بها. وكان من الخطورة أيضًا تحميل الناس بعبء إضافي هو الروح القدس عندما لم يكن الناس قد قبلوا الابن بعد. كان ذلك يعرض ما هو في مُقدّور الناس للخطر، كما يحدث لمن يتناولون أطعمة أقوى مما يحتملون، أو من يحملقون في ضوء الشمس بعيون أضعف من أن تتحمله. لم يفعل الله هذا، بل قصد أن يعمل بإضافات تدريجيّة، قليلًا قليلًا، أو بالصعود تدريجيًّا كما يقول داود، بالتقدّم من مجد إلى مجد (2كو 3: 18)، بحيث يسطع نور الثالوث القدّوس على نفوس أكثر بهاءً“.[5]
قبل البدء في الحديث عن ظهورات الله في العهد القديم،
يواجهنا سؤال هام، تعضده العديد من النصوص الكتابيّة، ألا وهو: هل يُمكن للإنسان
أن يرى الله؟
كثير من النصوص الكتابيّة تُخبرنا أنّه لا يستطيع
إنسان أن يرى الله ويعيش (خر33: 20- 23؛ قض6: 22؛ 13: 22؛ إش6: 5؛1مل9: 13)، وقيل
عنه أنّه يسكن في الظلمة (مز18: 11)، ويسكن في السحاب (مز97: 2)، وأنّه إله مُحتجب
(اش45: 15).
هذا أيضًا ما أكَّدت عليه تعاليم العهد الجديد (مت11:
27؛ لو10: 22؛ يو1: 18؛ 6: 46؛ 1تي6: 16).
بداية، فإنّه بحسب الإيمان المسيحيّ لا يُمكن رؤية
الله في جوهره أو بحسب ما هو في مجده بالأعين الجسديّة، إذ إنّ طبيعة الله هيَ طبيعة
روحيّة (يو4: 24)، وبحسب إعلانات الكتاب المُقدّس المُتكرّرة، كالتي سبقَ ذِكرها،
فإنّ الإنسان في هذه الحياة البشريّة وبسبب طبيعته الضعيفة الماديّة، فإنّه لا
يحتمل رؤية مجد الله كما هو في كماله،[6] ما لم يسمح الله بحنوّه أن
يُستعلَن للإنسان في غير صورة مجده الأزليّ.
يجب أن نعرف أنّ بعض هذه
المُشاهدات، التالي ذكرها، هيَ مُجرّد رؤى، مثل حالة إشعياء (إش6) ودانيال (دا7)،
فقد اختبروا رؤى إلهيّة وليس واقعًا ماديًّا، ويعقوب ومنوح وزوجته أختبروا ظهورًا مسيّانيًّا
أو ظهورًا إلهيًّا (ثيؤفانيا- Theophany) مما يعني أنّ الله يمكن أن يظهر من خلال
هيئة مرئيّة[7]
لأجل إيصال رسالة مُعينة، أو لتحقيق غرض مهم كما فعل مع شيوخ إسرائيل إذ تحتم أن
يُريَّهم ذاته، لكنّ ليس في جوهره الإلهيّ، بل في شيء مرئيّ يتخذه من خليقته، حتّى
تستطيع الطبيعة البشريّة أن تقبله وتتفهمه (عد12: 8؛ تث 4: 12، 15)، فالجوهر الإلهيّ غير مُدرك
ولا يُمكن لأعين الجسد أن تراه. فمن الواضح
أنّ ما رآه هؤلاء لم يكن جوهر الله، لكنّ صورة مرئية تُمثل مجد الله.[8]
لذا أيضًا يكتب القديس ثيوفيلس
الأنطاكيّ قائلًا:
”إن كان لا أحد يستطيع أن ينظر إلى الشمس، والتي هيَ جزء صغير من الخليقة، بسبب قوة حرارتها وضوءها، فكيف يمكن لإنسان مائت أن يُحدق في المجد غير الموصوف لله!“.[9]
ويقول أغسطينوس:
”الله لم يره أحد ولا يُمكن لأحد أن يراه، لأنّه يسكن في نور لا يُدنى منهُ، وطبيعته غير منظورة“.[10]
ق. يوحنا فم الذهب، يؤكد نفس
الأمر حيث يقول:
”إنّ كلّ الطبيعة المخلوقة لا تستطيع أن ترى غير المخلوق... إنّنا لا نقدر على رؤية الجوهر الذي بلا جسد وغير المخلوق... فالكثيرين قد أبصروه، بمقادير مُتفاوتة، إلَّا إنّ جوهره ما أبصره أحد قط، ولا عرفه أحد، سوى الابن المولود منه وحده“.[11]
ويكتب ق. كيرلس السكندريّ:
”يُمكننا أن نقول إنّ الطبيعة الإلهيّة ترى ذاتها إلهيًّا، وتُرى من ذاتها إلهيًّا فقط، ولا يراها سواها أو غيرها من الكائنات... فالمجد الإلهيّ يظهر في رؤيا تتفق مع قدرتنا على الإدراك، لذلك (فالظهورات الإلهيّة في العهد القديم) ليست سوى صورًا وإعلاناتً تُعطى من الله، لكنّ حقيقة اللاهوت الفائقة تظل فوق العقل والنُطق“.[12]
ويكتب يوسابيوس القيصريّ:
“لو فهموا (النقاد) هذه النصوص بناءً على أن الله الكلمة قد ترآى للآباء بأنواع وطرق كثيرة (عب1: 1)، لما وجدوا أي تناقض“.[13]
ذلك، لأنّ هذا يعني أنّ الله استخدم
أساليبًا كثيرةً وطرقًا متنوعةً لكي يُظهر ذاته للآباء، لكن، ليس كما هو في مجده، بل
في صورة إحدى مخلوقاته.
ويكتب ثيؤدوريت أسقف قورش:
”نقول إنّهم رأوا، ليس الطبيعة الإلهيّة، بل رؤى مُحدّدة تتناسب على قدر طاقتهم البشريّة“.[14]
ويرى القديس أغسطينوس إنّ
هذه كانت مُجرّد ظهورات رؤيويّة للإشارة لطبيعة الله غير المنظور.[15]
هكذا، فالهدف من هذه النصوص
التعريف بأنّ الله غير مُدرك ولا يُمكن لأحد أن يراه كما هو في ذاته أو يتحدث عنه
وكأنّه يملك كلّ المعرفة عن الله، كما لا يُمكن أن ينظر أحد إلى نور الشمس، وكأنّ
نورها يحجب رؤيتها! وهذا المفهوم عن الضوء الذي يحجب الرؤية نراه في اليهوديّة
أيضًا مُنعكسًا على تفسير نص (خر24: 17) عند كلّ من الفيلسوف اليهوديّ فيلو[16]
والمؤرخ اليهوديّ يوسيفوس[17]
والرابيون.[18]
لنبدأ الآن في الحديث عن ظهورات الله في العهد القديم
وعلاقتها باستعلان طبيعة الثالوث القدوس. تلك الظهورات التي هيَ استعلان لله في
الكون وفي أحداث التاريخ، هذه الظهورات تنشئ باستمرار علاقة بين الله الخالق مانح
الحياة، وبين الإنسان المخلوق على صورته ومثاله، فهذه الظهورات تُمثل جسورًا تربط
بين الله والكون. العهد القديم بحسب التفسير الآبائيّ يؤكد على أن الظهور الإلهيّ
قد تَمَّ بطريقة فريدة في الكون وفي أحداث التاريخ، وأنّ كلّ ظهور إلهيّ في تاريخ
إسرائيل، ليس إلَّا طريقًا مُتفَّردًا لتواصل الله مع الإنسان. ولهذا فقد رأت الجماعات
المسيحيّة الأولى في ظهورات العهد القديم، ظهورًا للكلمة نفسه، إذ إنّه الكلمة
الذي عرفوه واختبروه مُتجسدًا في حياتهم وخبراتهم الخاصة، من خلال الشركة في
العبادة، والإيمان المُستلم من الرسل. إنّ حالة تنامي الكون وتطوّر التاريخ من
خلال الأعمال الإلهيّة الظاهرة فيهما، يُظهر لنا بشكل واضح أنّ هُناك خطة للتدبير
الإلهيّ. فلا توجد مرحلة سابقة كان فيها الله لا يُعلن عن نفسه بشكل واضح، وأُخرى
لاحقة استُعلِن فيها بشكل كامل، بل أنّ الله نفسه حاضرٌ منذ البدء في الكون وفي
مُجريات الزمن. وهكذا فكل مرحلة سابقة تتوافق مع المرحلة اللاحقة عليها بشكل تام
وكامل. فالعهد القديم كتاريخ لشعب الله يُعطيّ مثالًا للعهد الجديد كتاريخ لشعب
الله الجديد الذي يتمتّع بكل هبات الثالوث القدّوس في حياته.[19]
بداية ظهر الله لإبراهيم عند بلوطات ممّرا (تك18).[20] حيث نجد إبراهيم يرى،
ويستقبل، ثلاث رجال، لكنّه يسجد لهم ويخاطبهم كما لو كانوا فردًا واحدًا. ”وقال يا سيد إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز
عبدك“ (تك18: 3).
من هُنا استوحى الرسام الروسي ”أندريه روبليف“، الأيقونة البيظنطية، التي تعبّر عن سرّ الثالوث، فهي
أيقونة للملائكة الثلاثة الذين استقبلهم إبراهيم. وفي رأي المغبوط اوغسطينوس أنّ إبراهيم
لما رأى الثلاثة فهم سرّ الثالوث. ولما سجد لواحد فقط أقرّ بالإله الواحد المثلث
الأقانيم. فيكتب:
”لا ريب في أن الله القدير، الكائن غير المنظور، الذي لا جسم له ولا يتغير، قادر على أن يكشف ذاته لأعين الناس دون أن يُغير شيئًا في ثباته وديمومته... ومن المُرجّح أنّ إبراهيم عندما قابل الثلاثة، ولوط عندما قابل الاثنين، كلاهما قد عرفا الرّب، وما كانا يتحدثان إلَّا معه“،[21] ويُكمل في موضعٍ آخر: ”فإن النص المُقدّس لا يقول إنّ هُناك ثلاثة أشخاص ظهروا له، بل يقول إنّ الرّبّ ظهر له، ثُمَّ بعد ذلك يُضيف أنّهم ثلاثة أشخاص، بينما ظلّ إبراهيم يتحدث معهم بصيغة المُفرد“.[22]
ويوافقه في هذا الرأي أيضًا مُعلِّمه ق. أمبرسيوس
أسقف ميلان إذ يقول: ”لم يكن إبراهيم يجهل الروح القدس،
لقد رأى ثلاثة وسجد للواحد، لأنّه يوجد إلهٌ واحدٌ ورّبٌّ واحدٌ وروحٌ واحدٌ“.[23]
وهذا ما قال به أيضًا الأب قيصريّوس اسقف أريلز Caesarius of Arles: ”قد رأى إبراهيم ثلاثة أشخاص، كما هو مكتوب، لكن،
عندما سجد لهم واحترمهم كشخص واحد، فقد اكتشف أن هُناك إلهًا واحدًا في ثلاثة
أشخاص“.[24]
أمّا غالبية الآباء فيرون أنّ الملائكة الثلاثة كانوا
ظهورًا رؤيويًّا للأقنوم الثاني من الثالوث القدّوس بصحبة ملاكين، والذي عرفه
إبراهيم فسجد له كإله، وحاوره بعد انصراف الملاكين (تك18: 22؛ 19: 1). كما يقول العلَّامة
أوريجانوس: ”إنّ إبراهيم كان في قدرته أن
يرى النور في كماله، بينما لم يملك لوط القدرة على ذلك، فلم يرى سوى الملاكين“.[25] إنّ هذا الأقنوم الثاني، أي
الابن، هو صاحب كلّ الظهورات الإلهيّة في العهد القديم لأنّه هو الكلمة والمخبّر
عن الآب الذي لم يره أحد قط (يو1: 1-18).[26]
مهما يكن من أمر تبقى صيغة الظهور الثلاثيّ لإبراهيم
إشارة واضحة إلى ثلاثيّة الأقانيم ووحدة جوهرهم، ومُصادقة الآب والروح القدس على
ظهور الابن.
إنّ
العهد القديم حافل بظهورات لملاك خاص مُتميّز عن الملائكة العاديين المخلوقين،
لأنّه تكلّم ليس كمُجرّد ناقل لكلام الله، بل بصفته الله نفسه، ولأنّه كان هناك
دائمًا خوفًا عند من ظهر لهم، وشعورًا بأنّهم قد رأوا الله نفسه:
”أنا إله أبيك إله إبراهيم. إله اسحق وإله يعقوب. فغطى موسى وجهه لأنّه خاف أن ينظر إلى الله“ (خر3: 1-15).[27]
يُدعى هذا الملاك بـ ”ملاك الرّبّ“، أو بحسب الترجمة الدقيقة
للنص العبريّ يكون اسمه: ”ملاك يهوه- מַלְאַךְ יְחוָה“. وهُنا لا يجب أن يغيب عن أذهاننا أنّ كلمة ملاك في
اللغتين العبرانيّة واليونانيّة تعني رسولًا أو مُرسلًا، فأي رسول يمكنه أن يُعبر
عن فكر الله، أفضل من اللوغوس، ”كلمة الله“ (يو1: 1)، ”وبهاء رسم جوهره وحامل كلّ الأشياء
بكلمة قدرته“ (عب1: 3)، ومن غيره يستطيع أن يصنع مشيئة الله
ويعلنها بسلطان إلهيّ وأن يظهر بهيئات متنوعة تتناسب مع ظروف الرؤى المختلفة؟
هذا الملاك المُرسل الإلهيّ
غير المخلوق، هو الذي قال عنه الله نفسه: ”إنّ اسمي فيه“:
”ها أنا مرسل ملاكًا أمام
وجهك ليحفظك في الطريق، وليجيء بك إلى المكان الذي أعدّدته، احترز منه واسمع لصوته
ولا تتمرّد عليه، لأنّه لا يصفح عن ذنوبكم لأنّ اسمي فيه“ (خر23: 20-22؛ عد20: 16).
اسماه في مكان آخر ”وجهه“، فمكتوب: ”وقال موسى للرب.. انظر أنّ هذه الأمة شعبك، فقال وجهي
يسير فأريحك. فقال إنّ لم يسرّ وجهك فلا تصعدنا من ههنا“ (خر33: 12-17). وهو نفسه
قال لنوح: ”لماذا تسأل عن اسمي وهو عجيب“ (قض13: 16-22). أي الصفة
ذاتها التي وصف بها النبي إشعياء الابن المتجسد. ”ويدعى اسمه عجيبًا“ (إش9: 6).
نجد
أوّل ظهور لملاك الرّبّ في الكتاب المُقدّس في الاصحاح السادس عشر من سفر التكوين،
عندما هربت هاجر من وجه سارة فظهر لها في الطريق؛
وَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرّب:
”تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ نَسْلَكِ فَلاَ يُعَدُّ مِنَ الْكَثْرَةِ... فَدَعَتِ اسم الرّبّ الَّذِي تَكَلَّمَ مَعَهَا: «أَنْتَ إِيلُ رُئِي». لأنّهَا قَالَتْ: «أَهَهُنَا أيضًا رَأَيْتُ بَعْدَ رُؤْيَةٍ؟“ (تك16: 10، 13).
هُنا سارة رأت ملاكًا، وهذا
الملاك يأمرها باسمه وليس لحساب شخص آخر، وفي العدّد (13) نجد أن هذا الملاك هو الرّبّ
نفسه (يهوه). ويكتب عن هذا الملاك ق. هيلاري أسقف بواتيه ما يلي: ”هناك
ملاك تحدث إلى هاجر، وبالتأكيد كان هو الله. وبالطبع لم يكن في نفس هيئته الحقّيقيّة
كإله، لكنّه استخدم صورة الملاك هذه كهيئة لظهوره الرؤيويّ“.[28] (اقرأ أيضًا: تك28: 12؛ 31: 11؛ خر3: 2- 6؛
قض2: 1؛ قض6: 11؛ قض13: 3- 24).[29]
لا يخفى علينا أنّ مفهوم الآباء للظهورات الإلهيّة
ليس كمفهوم الآريوسيّين الذين يدّعون بأنّ الابن مرسلٌ من الآب كإله من درجة ثانية،
هذا بعكس ما يُعلنه صريح النص عن أن الملاك الذي وُجِدَ في هذه الظهورات هو الله
نفسه،[30] والآباء يشدّدون على أن كلّ
ظهور إلهيّ هو ظهور غير منفصل للأقانيم الثلاثة معًا عبر مجدها الواحد. أي أنّ كلّ
ظهور للابن هو أيضًا ظهور للآب فيه بالروح القدس، لأنّ الابن هو صورة الآب (يو14:
6)، ولأن الروح اشترك ويشترك في كلّ عمل إلهيّ إن كان في العهد القديم (حج2: 5)،[31] أو في العهد الجديد (1كو12:
4-6). من هذه الدلالات، وفي تعبيرات كـ(ملاك الرّب) و(روح الرّب) -الذي سنأتي على
ذكره بشيء من التفصيل في الصفحات القادمة- نستدل على أنّ وحدة الله ليست وحدة فرديّة
أو صنميّة.
كما أنّه ليس غريبًا أن لا يستنتج اليهود من هذه
التعبيرات شيئًا يُذكر عن طبيعة الله الثالوث، إذ إنّ العهد القديم ظلّ منتظرًا
إتمامه ليصير ذا معنى، في ضوء ذاك الذي أرسله الآب إلى العالم، وأسّس عهده الجديد
مع البشريّة في يوم الخمسين، حيث أشرق نوره فأضاء ظلال العهد القديم وصار مفهومًا
واضحًا داخل كنيسته.[32]
تجلى الرّبّ بمجده أيضًا لإشعياء. والسيرافيم واقفون
حول عرشه وصارخون فيما بينهم قدوس، قدوس، قدّوس رّبّ الجنود مجده ملء الأرض (إش6:
3). ويرى الآباء أنّ التقديس الثلاثيّ الذي قدّمه الملائكة هو إعلان لسرّ الثالوث
القدوس، بينما تمجيدهم للرّبّ في ذات النص بصيغة المُفرد فهو يُشير إلى وحدانيّة
الجوهر الإلهيّ. الرسولان يوحنا الإنجيليّ وبولس يستشهدان أيضًا بهذه الرؤيا، الأوّل
ليظهر أنّ إشعياء قد رأى مجد المسيح أي الابن (يو12: 14). أمّا الثاني فليبيّن أنّ
من كلّم إشعياء النبي كان الروح القدس (أع28: 25-26). يتضح هذا إذا ما وضعنا بعين
الاعتبار ما قاله السيد في الرؤيا ذاتها أمام إشعياء مستعملًا صيغة المفرد والجمع
معًا: ”من أُرسل ومن يذهب من أجلنا“ (إش6: 8).
ويُلاحَظ في هذه التسبحة ”تسبحة الثلاث تقديسات“ أنّ كلمة ”السيد“ جاءت بالجمع Adonai وليس
بالمفرد Adon ”رَأَيْتُ السيد جَالِسًا عَلَى
كُرْسِيٍّ عَالٍ وَمُرْتَفِعٍ وَأَذْيَالُهُ تَمْلأ الهيكل“ (إش6:
1)، رُبّما لهذا السبب مع تكرار كلمة ”قدوس“ ثلاث
مرات رأى القديس غريغوريوس أسقف نيصص[33] في هذه
التسبحة إعلانًا عن مجد الثالوث، بواسطة (السيرافيم) أُعلن سرّ الثالوث بوضوح، عندما
نطقوا بتلك الصيحة العجيبة ”قدوس“ بكونها تحمل جمالًا مع مهابة لكل أقنوم من الثالوث
القدوس.[34]
ويقول القديس أمبروسيوس[35] عن الثلاث تقديسات:
”نؤمن بأنّ الله قدّوس وله قدّاسة واحدة. فالشاروبيم والسارافيم يسبحونه بأصوات لا تتعب قائلين: ‘قدوس. قدوس. قدّوس رّبّ الجنود’ (إش6: 3). وهم لا يقولون قدّوس مرة واحدة حتّى لا نؤمن بأن الله واحد قدّوس فقط، ولا مرتين حتّى لا يرفض أحد الروح القدس، ولا يقولوا ‘قدوسين’ لئلا تظن أن الله جماعة. وإنما ثلاث مرات فقط يقولون نفس الكلمة حتّى يمكن من هذه الترنيمة أن نفهم تمايز أقانيم الثالوث وأن نعترف في نفس الوقت بإله واحد“.
”وهكذا الآب قدّوس والابن قدّوس والروح القدس قدوس، لكنّهم ليسوا ثلاثة قدوسين، وإنما إله واحد قدّوس ورّب واحد. والقدّاسة الحقّيقيّة هى واحدة، وجوهر اللاهوت واحد، لذلك فالقدّاسة الحقّيقيّة الخاصة بالطبيعة الإلهيّة هى واحدة“.[36]
”فهل نجد شيئًا ثمينًا أكثر من أن ندعو الله ‘قدوس’ لأنّ كلّ الأشياء الأخرى أقل من الرّبّ الإله. لذلك السبب علينا أن نعتبر كيف أن مقام الروح القدس الإلهيّ لا ينقص عن مقام الله لأنّ اسمه ‘الروح القدس’ وإنما يقود إلى تقديس الله. وهكذا يتقدّس الآب والابن كلما ذكرنا اسم الروح القدوس. فالساروفيم وكلّ خورس القوات المُقدّسة يسبحونه لأنّهم يقولون التقديسات الثلاثة: قدوس، قدوس، قدوس، أي الآب والابن والروح القدس“.[37]
ويكتب ذهبي الفم: ”إنّ الملائكة قد تحدثوا هكذا ليس لأنّهم يمزجون
الأقانيم، بل ليُظهِروا أن لهم نفس الكرامة والمجد“.[38]
(ب) نصوص من العهد القديم
تُشير إلى إلوهيّة الكلمة
(1) هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ ”عِمَّانُوئِيلَ“ (إش7: 14؛ مت1: 23).
(2) هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأُقِيمُ لِدَاوُدَ
غُصْنَ بِرّ، فَيَمْلِكُ مَلِكٌ وَيَنْجَحُ، وَيُجْرِي حقًّا وَعَدْلًا فِي
الأَرْضِ. في
أيامه يخلّص يهوذا ويسكن إسرائيل آمنًا وهذا هو اسمه الذي يدعونه به: الرّبّ بِرَّنا
(إر23: 5-6؛ 1كو1: 30).
(3) أمّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمَِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي
بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطًا
عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقديم، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ (ميخا5: 2؛ مت2: 5-6).
(4) اِرْفَعْنَ أَيَّتُهَا الأَرْتَاجُ رُؤُوسَكُنَّ،
وَارْتَفِعْنَ أَيَّتُهَا الأَبْوَابُ الدَّهْرِيَّاتُ، فَيَدْخُلَ مَلِكُ
الْمَجْدِ. من هذا
ملك المجد؟ رّبّ الجنود هو ملك المجد (مز23 أو 24: 7-10؛ مر16: 19؛ 1كو2: 8).
(5) كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى
اللَّيْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ السَّمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ آتى وَجَاءَ إلى
الْقديم الأَيَّامِ، فَقَرَّبُوهُ قدّامَهُ.١٤فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا
وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كلّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ.
سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أبديّ مَا لَنْ يَزُولَ، وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ. (دا7: 13-14).
هذه الآيات، والتي تُمَثِل نموذجًا عن نبوءات العهد
القديم المسيّانيّة، تُشدّد من خلال إشارتها إلى تجسّد المُخلِّص وميلاده وقيامته
وصعوده وانتشار سلطانه ومجده، على رّبّوبيته، فتدعوه: ”الله معنا“، و”الرّبّ برّنا“، و”الأزليّ“، و”الرّب“، و”ملك المجد“، الذي هو ”رّب الجنود“ (يهوه)، و”صاحب سلطان أبديّ ما لن يزول وملكوته لا ينقرض“.
(ج)
نصوص تُشير إلى أكثر من أقنوم واحد معًا
(1) مَنْ صَعِدَ إلى السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ؟ مَنْ جَمَعَ الرِّيحَ
في حَفْنَتَيْهِ؟ مَنْ صَرَّ الْمِيَاهَ في ثَوْبٍ؟ مَنْ ثَبَّتَ جَمِيعَ
أَطْرَافِ الأَرْضِ؟ مَا اسْمُهُ؟ وَمَا اسْمُ ابْنِهِ إِنْ عَرَفْتَ؟ (أم30: 4؛ يو3: 13)
(2) من البطن قبل كوكب الصبح ولدتك (مز109: 3)
سبعينية يقابلها ”مِنْ رَحِمِ الْفَجْرِ، لَكَ طَلُّ حَدَاثَتِكَ“ (مز110: 3) عبريّة.
(3) قَامَ مُلُوكُ الأَرْضِ، وَتَآمَرَ الرُّؤَسَاءُ مَعًا عَلَى الرّبّ وَعَلَى
مَسِيحِهِ.. أمّا أنا
فقد مسحت ملكي على صهيون جبل قدّسي (مز2: 2). إنّي أُخْبِرُ مِنْ جِهَةِ قَضَاءِ الرَّبِّ: قَالَ لِي: ”أَنْتَ
ابْنِي، أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ (مز2: 7).
(4) لأنّه
يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى
كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قديرا، أَبًا أبديّا،
رَئِيسَ السَّلاَمِ (إش9: 6).
(5) كُرْسِيُّكَ يَا اَللهُ إلى دَهْرِ
الدُّهُورِ. قَضِيبُ استقَامَةٍ قَضِيبُ مُلْكِكَ. أَحْبَبْتَ الْبِرَّ
وَأَبْغَضْتَ الإِثْمَ، مِنْ أَجْلِ ذلِكَ مَسَحَكَ اللهُ إِلهُكَ بِدُهْنِ
الابْتِهَاجِ أَكْثَرَ مِنْ رُفَقَائِكَ (مز45: 6؛ عب1: 5-14).
(6) قَالَ الرّبّ لِرَبِّي: ”اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حتّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ
مَوْطِئًا لِقدّمَيْكَ“ (مز110: 1؛ مت22: 44؛ مر12: 36؛ لو20: 42؛
أع2: 34).
في الآيتين الأولى والثانية يُشير العهد القديم
بالنبؤة إلى الآب والابن المولود من قبل كلّ الدهور. في الأوّل يسأل عن اسميهما، لكنّ
يعطينا علامات لا تخطيء عنهما. كالصعود إلى السموات والنزول، والخلق. وكما نعلم من
العهد الجديد لم يصعد أحد إلى السماء إلَّا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي
هو في السماء (يو3: 13) أي الابن الذي تمجّد بالجسد بصعوده إلى السموات، واشترك مع
الآب والروح في الخلق (يو1: 1-2؛ 2كو1: 16-17). أمّا في الآية الثانية فيشدّد على أزليّة
ولادة الابن من الآب مستعملًا عبارتي: ”من البطن“، و”قبل كوكب الصبح“، الواردتان في الترجمة السبعينية، ومن ”من رحم الفجر“ بحسب ما ورد في النص العبريّ.
الآيتان الثالثة والرابعة تتحدثان عن ولادة الابن
الثانية في الزمن بالجسد ومسحته وملكوته. لكنّهما لا تهملان الإشارة إلى ولادته
الأولى من الآب والتي تفوق الزمن. لأنّ الآب لا يكتفي بأن يقول في الآية الثالثة
للابن المتجسد: ”أنت ابني“، مشيرًا إلى ولادته له قبل كلّ زمان، بل يُشدّد على حقيقة
ولادته الفعليّة الدائمة له، وفي الزمان ”أنا ولدتك“، هذه الحقيقة تؤكدها الآية الرابعة إذ تسمي المولود
إلهًا قديرًا أبًا أبديّا ولا يمكن أن يكون إلهًا قديرًا وأبديّا إلَّا إذا كانت
ولادته أزليّة وأبديّة.
الآيتان الخامسة والسادسة تطلقان كلمتي الله والرّبّ على
الآب والابن مظهرتين بجلاء لا لبس فيه إلوهيّة وربوبيّة الاثنين معًا. فالخامسة
تطلق كلمة الله نفسها على الابن وعلى الآب مشيرة إلى المُلك الدهري للابن ومسح
الله الآب له بسبب قداسته واستقامته (أع10: 38). وبالطبع فهذا المسح حصل أثناء
تجسده، ولهذا فهو المسيح والآب هو إلهه، لأنّه اتخذ، كطبيعة ثانية له، جسدًا مخلوقًا.
نصوص
تشير إلى الآب والروح القدس
(1) وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ
ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ (تك1: 2).
(2) رُوحُ الرّبّ تَكَلَّمَ بِي وَكَلِمَتُهُ عَلَى لِسَانِي (2صم23: 2)
(3) لاَ تَطْرَحْنِي مِنْ قدّامِ وَجْهِكَ، وَرُوحَكَ القدّوس لاَ
تَنْزِعْهُ مِنِّي (مز51:
11 عبريّ، 50: 11 سبعينية).
(4) فَنَزَلَ الرّبّ فِي سَحَابَةٍ وَتَكَلَّمَ مَعَهُ، وَأَخَذَ مِنَ الرُّوحِ
الَّذِي عَلَيْهِ وَجَعَلَ عَلَى السَّبْعِينَ رَجُلًا الشُّيُوخَ (عد11: 25).
(5) بَلْ جَعَلُوا قَلْبَهُمْ مَاسًا لِئَلَّا يَسْمَعُوا الشَّرِيعَةَ وَالْكَلاَمَ الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّ
الْجُنُودِ بِرُوحِهِ عَنْ يَدِ الأَنْبِيَاءِ الأَوَّلِينَ (زك7: 12).
(6) رُوحُكَ الصَّالِحُ يَهْدِينِي فِي أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ (مز143: 10).
(7) فيحل عليك روح الرّبّ فتتنبأ معهم وتتحول إلى رجل آخر
(1صم10: 6).
(8) يا ليت كلّ شعوب الرّبّ كانوا أنبياء. إذ جعل الرّبّ روحه
عليهم (عد11: 21).
(9) ويخرج قضيب من جذع يسى وينبت غصن من أصوله ويحل عليه
روح الرّبّ روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرّبّ (إش11:
1-2).
(10) أين أذهب من روحك ومن وجهك أين أهرب. إن صعدت إلى السموات
فأنت هناك.. (مز139: 7-8).
(11) حسب الكلام الذي عاهدتكم به عند خروجكم من مصر وروحيّ
قائم في وسطكم (حج2: 5).
(12) ويكون بعد ذك أني أسكب روحيّ على بشر فيتنبأ
بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم أحلامًا ويرى شبابكم رؤى (يؤ2: 28-29).
(13) وأجعل روحيّ في داخلكم وأجعلكم تسلكون في فرائضي
وتحفظون أحكامي وتعملون بها.. وتكونون لي شعبًا وأما أكون لكم إلهًا (خر36: 27).
(14) روح الله صنعني ونسمة القدير أحيتني (أي33: 4).
(15) تُرْسِلُ رُوحَكَ فَتُخْلَقُ، وَتُجَدّد وَجْهَ الأَرْضِ (مز104: 30).
(16) لأنّ روح الرّبّ ملأ المسكونة، وواسع الكلّ، عنده
كلّ كلمة (حك1: 7).
من بين آيات كثيرة، قدّمنا هذه كنماذج عن إيمان
أنبياء العهد القديم بمن أسمّوه ”روح الله“ أو ”روح الرّب“ أو ”روحه القدوس“.. (آيات 1، 2، 3) هذه التسميّات بالذات تُظهِر الإتحاد
الكياني بين الله وروحه لأنّ الروح كما يقول القديس بولس الرسول يفحص كلّ شيء حتّى
أعماق الله (1كو2: 9). لكنّ، بالرغم من هذا الإتحاد الصميمي فالله متميّز عن روحه
كما يظهر من هذه التسميات ذاتها. وهذا الروح المتميّز عن الله والمتحد به في آن هو
شخص قائم بحد ذاته في الله وليس مُجرّد قوة إلهيّة كما يدّعي البعض، لأنّ الشخص
العاقل والواعي وحده، وليس القوة، يستطيع أن يهدي البشر ”آية 6“، وأن يجعلهم يتكلمون ”آية 2“، ويتنبأون ويتحولون إلى رجال آخرين ”آية 7، 8“، وأن يتصفوا بالحكمة والفهم والمشورة والقوة
والمعرفة ومخافة الرّبّ ”آية 9“. واضح كذلك أن هذا الروح هو شخص إلهيّ وليس شخصًا
مخلوقًا. لأنّه روح الله غير المخلوق الحاضر في كلّ مكان وزمان ”آيتين 10، 11“ والخالق ”آيتين 14، 15“ والمسؤول عن إعطاء كنيسة الله كلّ المواهب الإلهيّة
التي سوف تتمتع بها وخصوصًا في قرنها الأوّل ”آيتين 12، 13“.
نصوص تُشير إلى الآب والابن والروح معًا
(1) روح السيد الرّبّ عليّ، لأنّ الرّبّ مسحني
لأبشر المساكين أرسلني لأعصب منكسري القلب (إش61: 1).
(2) كرسيك يا الله إلى دهر الدهور. قضيب استقامة قضيب
ملكك. أحببت البر وأبغضت الإثم من أجل ذك مسحك الله إلهك بزيت الابتهاج أكثر من
رفقائك (مز45: 6؛ عب1: 8).
(3) بكلمة الرّبّ صنعت السموات وبروح فمه كلّ جنودها
(مز33: 6).
(4) أين أذهب من روحك، ومن وجهك أين أختبئ (مز139:
7-8).
في الآية الأولى هناك ذكر للروح القدس الذي هو روح السيد
الرّب. وبالطبع فالسيد الرّبّ هو الآب الذي مسح الابن المتجسد وأرسله بالروح القدس
الذي استقر عليه بحسب طبيعته البشريّة. الابن المتجسد في يسوع يوضح بحسب رواية
البشير لوقا (لو4: 18) إنه هو بالذات المعني بكلمة ”عليّ“، والذي تمّت فيه هذه
الكلمات.
في الآية الثانية هناك إعلان جلي عن الابن وعن الآب،
كما شرحنا سابقًا، وإعلان ضمني عن الروح القدس. لأنّ الله الآب قد مسح الله الابن
عند تجسده بالروح القدس (انظر: أع10: 38)، كما رأينا في الآية الأولى، وبالتالي
فكلمة زيت الابتهاج تعني ضمنًا الروح القدس، لأنّ المسح لم يتمّ بزيت ماديّ بل
بالروح القدس منذ لحظة تجسُّده، (لو1: 53؛ يو3: 43) أكثر بما لا يقاس من جميع
رفقائه بالطبيعة البشريّة التي قَبِلَ أن يتخذها. ولهذا السبب فهو المسيح أي ممسوح
الروح القدس بالمعنى المطلق للكلمة.
الآية الثالثة تذكر الأقانيم الثلاثة معًا من خلال
اشتراكهم في الخلق. لأنّ الرّبّ أي الآب قد خلق السموات وكلّ جنودها بواسطة كلمته
أي الابن (انظر: أم30: 4؛ يو1: 1-2؛ كو1: 16-17) وبمشاركة روح فمه أي الروح القدس (انظر:
أي33: 4؛ مز104: 30).
لا تختلف الآية الرابعة كثيرًا عن الآية الثالثة،
لأنّ كلمة روحك تشير إلى روح الآب أي إلى الروح القدس. أمّا وجهك فقد وجدنا سابقًا
أنها تشير بشكل خاص إلى الملاك غير المخلوق الذي كان يظهر في العهد القديم والذي
هو الكلمة أو الابن (انظر: خر23: 20-23؛ 33: 12-17).
كما يرى الكثير من اللاهوتيّين أن هُناك إشارة
للثالوث القدّوس في النص الثلاثيّ للبركة الوارد في سفر العدّد (6: 24- 26) والذي
علَّمه الله لموسى:[39]
”يباركك الرّبّ ويحرسك، يضئ الرّبّ بوجهه عليك ويرحمك، يرفع الرّبّ وجهه عليك ويمنحك سلامًا“.
فمن
المُلاحظ أن هذه البركة ذات ثلاث مقاطع مُتصلة، يذكر فيها اسم الرّبّ ثلاث مرّات،
في تلميح نحو الإله الواحد المُثلث الأقانيم، ويُمكن تقسيمها كالأتي:
البركة
والحراسة والحماية هيَ من الله الآب، ضابط الكل (يو17: 11).
أمّا
الركن الثاني من البركة، فهو عن أقنوم الابن، الذي أضاء بوجهه على الجالسين في
الظلمة وظلال الموت.
أمّا
السلام فهو من عمل الروح القدس المُعزي، الذي يرفع وجهنا في حضرة الآب، ويصرخ يا
آبا الآب. وهو من يُعزّي قلوبنا في غربة هذا العالم.[40]
(1) وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا
(تك1: 26).
(2) وقال الرّبّ الإله هوذا الإنسان قد صار
كواحد منا عارفًا الخير والشر (تك3: 22).
(3) وقال الرّبّ هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم
(تك: 11: 6-7).
(4) ثُمَّ سمعت صوت السيد قائلًا من أُرسل ومن يذهب
من أجلنا (أش 6: 8).
في هذه الآيات الأربع ظاهرة غريبة إذ نجد الرّبّ الإله
متحدثًا بصيغة المفرد ”وقال الله“ ومع ذلك يستعمل في حديثه صيغة الجمع.
تعليقًا على النص الأول، فقد رأى أوريجانوس، كما فعل
بعض علماء اليهود، بأن الله يتكلم هُنا مع الملائكة.[41] لكنّ هذا الرأي لا يثبت
أمام النقد الصحيح. لأنّ الملائكة لا يمكن أن يوضعوا في مستوى واحد مع الله، فمثلًا
في الآية الأولى يصبح الملائكة شركاء لله ليس فقط في الصورة والشبه بل وفي المشيئة
والخلق، وهذا ما يجعلهم متمتعين بالصفات الإلهيّة وبالتالي بالجوهر الإلهيّ ذاته
مما يتناقض جذريًا مع الإعلان الإلهيّ (انظر: عب1: 5-14). هذا بخلاف أن نصوص العهد
القديم تعلن صراحة أن الله لا شبيه له (أش40: 25)، وأنه لا يستشير أحدًا من خلائقة
إذ أنه كُلّيّ العلم والمستقبل حاضرٌ أمامه، فمن هو الذي يستحق أن يكون مُشيرًا
لله! (إش40: 12- 14).[42]
كذلك لا تثبت الفكرة القائلة بأن الله يتكلم في هذه
الآيات بصيغة جمع التعظيم، لأنّ هذه الصيغة، بشهادة كتب العهد القديم، لم تكن
معروفة عند الأقدمين. فلا الله استعملها عند مخاطبته للبشر (انظر مثلًا: تك15:
1-18؛ خر3: 4-21؛ أر10: 4-19)، ولا الملوك والعظماء (انظر مثلًا: تك41: 39-41؛
دا2: 5-1). ويقول جرين Green في كتابه مُختارات عبريّة Hebrew Chrestomathy: ”إنّ صيغة الجمع بالتعظيم أو التفخيم
لا يُمكن تطبيقها على الفعال العبريّة، لكنّ يُمكن تطبيقها فقط على الَّذين تُشير
إليهم صيغة الجمع“.[43]
الحقيقة إننا
إذا تمعنَّا في هذه الآيات الأربع نجد القاسم المشترك بينها هو مشورة بين عدة
أشخاص (أقانيم)، قبل الإقدّام على عمل ما. وهؤلاء الأشخاص قائمون في الله ذاته.
لأنّ أفعال الله توضع في صيغة المفرد ليس فقط قبل المباشرة بالعمل، بل وأثناءه
وبعده (انظر: تك1: 27-31؛ 3: 23؛ 11: 8-9)، مما دلَّ على وحدة جوهر الله رغم تعدّد
أقانيمه، وبالطبع فهذا التفسير المسيحيّ يعوزه البرهان الأكيد، إذا أُخِذت هذه
الآيات الأربع وحدها. لكنّنا إذا نظرنا إليها على ضوء ما تقدّم من آيات وشروحات
فسنجد أنها تتناغم وتتآزر جميعًا ضمن مفهوم ثالوثيّ واضح. مكوِّنة أشعة نور السحر
الذي يسبق إنبلاج ضياء شمس الثالوث القدّوس في العهد الجديد.
ويقول العلَّامة ترتليان:[44] ”تكلم
الله بصيغة الجمع ’نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا‘ (تك1: 26)، لأنّ ابنه، الأقنوم الثاني، كلمته الخاص
ملازمًا له. والروح القدس، الأقنوم الثالث هو في الكلمة... طبيعة واحدة في ثلاثة
أقانيم مُتحدين. إنه -الله- الآب والابن والروح القدس“. والقديس ثيؤفيلس الأنطاكيّ يرى أن الله يتكلم إلى ابنه
وإلى حكمته عندما يقول: ”نعمل“.[45] والقديس كيرلس
الأورشليمي يؤكد وهو يشير إلى عبارة ”نعمل الإنسان“ أنّ المسيح كان مع الآب قبل التأنس، أي أنّ الإنسان
ليس صنعة الله فقط، بل عمل رّبّنا يسوع المسيح أيضًا.[46]
ويرى القديس أثناسيوس الرسوليّ، أنّ كلمة ”نعمل“ تُشير إلى الحديث بين الله وكلمته. وهذا أيضًا ما
يلاحظه القديس غريغوريوس أسقف نيصص: ”إنّ كلمة ‘نصنع’ تشير إلى أن الآب عمل بواسطة ابنه“.
ويُعَلِّق القديس كيرلس الكبير[47]على استخدام صيغة الجمع قائلًا:
”انتبه إذن، إن أردت -أيها الصديق-
إلى ما يقوله موسى النبي: ‘نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا
كَشَبَهِنَا’ (تك 1: 26)، الذي يتحدث إلى
طبيعة الله البسيطة غير المُرَكَّبة بصيغة الجمع. لأنّه يمكننا إن انتبهنا قليلًا
أن نرى ثلاثة أقانيم في طبيعة إلوهيّة واحدة“.[48]
وليس من اللائق القول – كما زعم اليهود – أنّ الله
كان يتكلم مع ملائكته، عندما قال ”نعمل الإنسان“ لأنّ الملائكة يخدمون الله في خوف ورعدة.[49] فالله وحده هو الذي خَلَقَ
ولا ذِكر للملائكة في هذا النص على الإطلاق. كما أنه من غير المعقول أن يستشير
الله الملائكة في عملية الخلق –كما قال البعض- لأنّ النص لا يقول بذلك. كما أنّ
التعبير: ”على صورتنا كشبهنا“ (تك1: 26)، لا يُمكن أن يُشير إلى الملائكة حيث إنّ الإنسان
خُلِقَ على صورة الله وليس على صورة الملائكة، والدليل على ذلك، أنّ النص يعود
فيقول: ”فخلق الله الإنسان على
صورته. على صورة الله خلقه“. (تك1: 27). فيُكَرّر الأمر مرتين. وعلى هذا النحو
يجب أن تُفهَم العبارات الأخرى التي تتحدث بضمير الجمع، مثل قول الله ”قال الرّبّ الإله، هوذا الإنسان قد صار كواحد منّا“ (تك3: 22)، ”هلم ننزل نبلبل هناك لسانهم“ (تك11: 7). فهذه العبارات لا تُفهَم إن اعتبرنا الله
أقنومًا واحدًا فقط، وكذلك لا يمكن تصوُّر أن الملائكة قد بلغوا هذا الحد الذي
يقفون فيه مع الله على نفس المستوى من الكرامة والقدرة، كأنهم متساوون معه.[50]
ويؤكد هذا القديس كيرلس الكبير عندما تحدَّث عن
حادثة برج بابل:
”وعندما أراد البعض عن جهل أن يبنوا برجًا يصل إلى السماء قال رّبّ الكل ‘هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ’ (تك11: 7). مَنْ إذًا الذي يتكلم؟ ولمن يقول: ‘هلم ننزل ونبلبل ألسنتهم’؟ لا اعتقد أن يقول هؤلاء إنّ الله كان مُحتاجًا لمساعدة الملائكة أو إلى مؤازرة الخلائق الأخرى، كي يُتَمِّم ما أراده... بالتالي، فإنّنا نستطيع أن نؤكِّد أنّه لايليق بالله أن يقول للملائكة أو لأي من الكائنات العاقلة: ‘هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ’. وهكذا تَدَّخَل الثالوث بنفسه في هذا الأمر، لأنّ شأن تغيير طبيعة اللغة من لغة سهلة موحدة إلى لغات عديدة متنوعة وغير معروفة فيما بينها هو من خصائص طبيعة عمل الثالوث وحده. ولكي نفهم أنّ هذا الأمر ليس من اختصاص الملائكة، لكنّ من خصائص الإله وحده فلابد أن نُلاحظ أنّه قال: ‘هلم’، موجهًا الحديث نحو الثالوث القدّوس أي نحو الثالوث ذي الجوهر الواحد“.[51]
[1] كيرلس سليم بسترس (المطران)، اللاهوت المسيحيّ والإنسان المُعاصر، الجزء الثاني (بيروت: المكتبة البولسية، 2002) 27،
28.
[2] انظر: توماس تورانس، الإيمان بالثالوث، الفكر اللاهوتيّ الكتابيّ
للكنيسة الجامعة في القرون الأولى (القاهرة: بناريون، 2010)، 93- 95.
[3] يكتب ق. غريغوريوس النيزينزيّ في موضع آخر: ”لم ولن يكتشف أحد قط طبيعة وجوهر الله. ومن يرغب في
ذلك في المستقبل فليبحث ويدرس، وسيتم الاكتشاف– كما يدلني عقلي- عندما يتحد العقل–
المعطى من الله- بالله الذي جاء منه، عندما تعود الصورة إلى الأصل الذي تشتاق إلى العودة
إليه“
(عظة 28: 17).
[4] بول إفدوكيموف، الروح
القدس في التراث الأرثوذكسيّ، ترجمة المطران إلياس نجمة (بيروت: المكتبة البولسية، 1989)، 40.
[5]
St. Gregory Nazianzen, Oratio
31, Theologica 26. P.G. 36: 161.
[6] راجع: مز 104: 2؛ 1يو 1: 5؛ خر 33: 20؛ يو 1: 18؛ كل1: 15؛ عب 11:
27؛ 1يو 4: 12؛ 1كو 13: 12.
[7]
Walter C. Kaiser, Jr., Peter H. Davids, F. F. Bruce et al., Hard Sayings of the Bible (Downers
Grove, Il: InterVarsity, 1997), 154.
[8]
Norman L. Geisler and Thomas A. Howe, When
Critics Ask: A Popular Handbook on Bible Difficulties (Wheaton, Ill.:
Victor Books, 1992), 83.
[9]
Robert Jamieson, A. R. Fausset, A. R. Fausset et al., A Commentary, Critical and Explanatory, on the Old and New Testaments,
On Spine: Critical and Explanatory Commentary. (Oak Harbor, WA: Logos Research
Systems, Inc., 1997), 1 Ti 6:16.
[10]
Letters, 147.15.37.
[11] Philip
Schaff, The Nicene and Post-Nicene
Fathers Vol. XIV, Chrysostom: Homilies on the Gospel of Saint John and
Epistle to the Hebrews (Oak Harbor: Logos Research Systems, 1997), 51.
[12] القديس كيرلس السكندريّ، شرح إنجيل
يوحنا، المُجلد الأول، ترجمة د/
نصحي عبد الشهيد وأخرون (القاهرة: المركز الأرثوذكسيّ للدراسات الآبائيّة، 2009)،
142، 143.
[13]
Proof of the Gospel 5.18.3.
[14]
Dialogue, 1.
[15]
The Trinity, 2.15.25.
[16]
Philo Mos. 2.70.
[17]
Josephus Ant. 3.5.1.
[18]
Str-B 3:656.
[19] انظر: سعيد حكيم (دكتور)، الآباء والعقيدة (القاهرة: مؤسّسة القديس انطونيوس، 2012)، 75: 80.
[20] هُناك ثلاث ظهورات سابقة على هذا الظهور (تك13: 14؛ 15: 1؛ 17:
1). لكنّ، هذا هو أول مُقابلة، يظهر فيها الله مُتجسدًا، وفيها إشارة عن الثالوث
القدوس.
[21] مدينة
الله 16: 29؛
انظر أيضًا: كيرلس السكندريّ، الرد على يوليانوس، 1: 26.
[22] On
the Trinity, 2: 10: 19
[23] عن
الروح القدس 2: 4.
[24] Sermon, 83.4. in: Fathers of the Church: A New Translation.
(Washington, D.C.: Catholic University of America Press, 1947) 47:13.
وقد رفض القديس يوحنا ذهبي الفم هذا التفسير، استنادًا
لما جاء في (عب13: 2)، التي ذكرت الملائكة فقط في تفسير هذا النص.
[25] Homilies
on Genesis 4: 1.
[26] للمزيد انظر: يوستينوس، الحوار مع
تريفون، 60؛ إيرينئوس، ضد الهرطقات 4:
20: 7، 11؛ ترتليان، ضد ماركيون، 2: 27، ضد براكسياس 15، 16؛ ثيوفيلس الأنطاكيّ، إلى اوتوليكتوس
2: 22؛ هيلاري، عن الثالوث 4: 25- 31، 12: 46؛ إفرام السريانيّ، تفسير التكوين 15: 1.
[27] انظر
أيضًا: تك 16: 7-14؛ 21: 17-19؛ 22: 11-18؛ 48: 15-16؛ قض6: 11-25.
[28] On
the Trinity, 12: 46
[29]
John Henry Newman, “Causes of the Rise and Successes of Arianism,” in Tracts Theol. and Ecclesiastical (London: sq., new ed.,
1895), 212.
[30] John
Henry Newman, The Arians of the Fourth
Century (London: J. G. & F. Rivington, 1833), 168.
[31] القديس كيرلس السكندريّ، مُعلقًا على هذا النص، يقول: ”لا يوجد
عاقل، ذو ذهن ثابت، يُمكنه أن يتشكك في ان الله سوف يمنح قوة لكل من يتعبون بسخاء
في بناء الهيكل، أي الكنيسة، بواسطة روحه القدوس“، ثُمَّ يربط بين هذا النص، وقول
المسيح ”لا أترككم يتامى“ (يو14: 18؛ 16: 7) (كيرلس السكندريّ (القديس)، تفسير سفر حجي النبي (القاهرة: المركز الأرثوذكسيّ للدراسات الآبائيّة، 2012)، ص 31).
[32] Derek
Kidner, vol. 1, Genesis: An
Introduction and Commentary, Originally Published: London: Tyndale P.,
1967., Tyndale Old Testament Commentaries (Nottingham, England: Inter-Varsity
Press, 1967), 36.
[33] Greg. Nyssa, Adv. Eunomius, 2:14.
[34]
On the Holy Spirit Book III, chap. XVI, 1: 23.
[35]
Ibid. XVI, 110.
[36]
Ibid 109.
[37]
Ibid 111.
[38] القديس يوحنا ذهبي الفم، شرح وعظات إنجيل يوحنا، الجزء الثاني، ترجمة راهب من برية شيهيت (القاهرة: مكتبة المحبة، 2008)،
244. انظر أيضًا: أوريجانوس، في المبادئ 1: 3: 4.
[39] Joseph
Pohle and Arthur Preuss, The Divine
Trinity: A Dogmatic Treatise, Dogmatic Theology (St. Louis, MO: B.
Herder, 1915), 12.
[40] يوحنا المقاري (الراهب)، سفر العدّد، سفر التيه والتجربة في البرية (وادي النطرون: دير القديس أنبا مقار، 2009)، ص 68.
[41] Sanhedrin, fol. 38, col. 2. Cited in:
Paul Isaac Hershon, Genesis: With a Talmudical
Commentary (London: Samuel Bagster and Sons, 1883), 61. See also: Rashi,
Genesis Rabba, 8:3.
[42] Derek
Kidner, vol. 1, Genesis: An Introduction and Commentary, 55.
[43] الراهب رافائيل البراموسي، الرّبّ إلهنا رّبّ واحد (القاهرة: الكرمة، 2015)، 160.
[44]
Against Praxeas, ch., 12.
[45]
Theoph., Autol., 18.
[46]
Cyril of jer. Catech.X, 7.
[47]القديس كيرلس السكندريّ، حوار حول الثالوث، الجزء
الثاني، الحوار الثالث (القاهرة: مؤسّسة القديس انطونيوس، 2006)، 26.
[48] كثيرًا ما أجمع آباء الكنيسة وكتّابها على نفس هذا التفسير. انظر
على سبيل المثال: رسالة برنابا (كتبت ما بين 90م وسنة 120م)؛ ق. يوستين المدافع
والشهيد (150م)، الحوار مع تريفو فصل 62؛ العلاّمة ترتليان، ضد ماركيون 5: 12؛ ق.
إيريناؤس: ضد الهرطقات4: 1، 20؛ ق. يوحنا ذهبى الفم، عظات على سفر التكوين، 2؛
ويقول ق. أمبروسيوس: ”إن الآب يعلن أن الابن مساوٍ له وهو يعمل معه في الخلق في
قوله: ”لنخلق الإنسان على صورتنا كشبهنا“، وهذا يعنى أن الآب والابن والروح القدس لهم
جوهر واحد لأنّ ”صورتنا وشبهنا“ تعنى وحدة القوة الإلهيّة للثالوث“، (الروح القدس،
2). انظر أيضًا:
R. Mel. Wilson, st. Andrews: The Early History of the Exegesis of Gen.
1.26. in studia Patristica. Vol 1. 1957. P. 420-437.
[49]
M. Basil, hex., Hom., 9: 6.
Also: Chtys., Hom., Genes., 8: 2.
[50]
Basil., Contra
Eunom., V: 4.
[51] كيرلس السكندريّ (القديس)، حوار حول الثالوث، مرجع سابق، 27، 28.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق