اتباع يسوع الأولين أيضًا أدركوا
أهمّيّة الاعتماد على شهود عيان، خصوصًا بعد أن ادّعوا بأنّ يسوع قام من بين الأموات.
هذا الادعاء مدهش لدرجة عدم التصديق. ونتيجة لهذا فإنّ المسيحيّين الأوائل عززوا
بأقوال شهود العيان عن القيامة.
اثنان من بشارات العهد
الجديد على وجه التحديد أعلنت بأنّ تقارير شهود عيان شكّلت الأُسّس عمّا قالوه
بخصوص يسوع. “هذه الأشياء
سُلِّمت إلينا”، كما
يتضح لنا ذلك من مُقدّمة إنجيل القديس لوقا: “لما كان كثيرون قد
أقدموا على تدوين قصة في الأحداث التي تمت بيننا”، هذه كانت مقدمة إنجيل
لوقا ويعلن أيضًا بعدها: “كما سلمها إلينا أولئك اللذين كانوا
من البداية شهود عيان، ثمّ صاروا خدامًا للكلمة” (لوقا 1 :2، راجع
أيضًا أعمال الرسل 1: 22)، وأيضًا كاتب إنجيل يوحنّا أعلنها صراحة: “والذي رأى هذا هو يشهد،
وشهادته حق وهو يعلم تمامًا أنّه يقول الحق، لكي تؤمنوا أنتم أيضًا” (يوحنّا 19: 35، وأيضًا
21: 24)، حواليّ سنة 160 ميلادية هناك كاتب غير معروف في روما سجّل شهادة شفهية
والتي تدعم ما اعتقدناه، وبحسب الكاتب، لوقا كتب إنجيله بناء على مقابلات شخصيّة،
وما عاينوه شهود العيان، والإنجيل الرابع قدَّم
شهادة العيان من الرسول يوحنّا.[1]
الإنجيلان الآخران لا يمكننا
أن نقول أنّهما أتيا من شهود عيان،[2]
لكن المسيحيّين الأوائل آمنوا أنّ هذه الكتابات تمّ تقديمها بشهادة شهود العيان.
شهادة مكتوبة من آسيا الصُغرى في القرن الثاني لبابياس من هيرابوليس أكّد أنّ إنجيل
مرقس حفظ شهادة بطرس وأيضًا الرسول متّى كان مسؤولًا عن إنجيله الذي يحمل اسمه.
وبعد ذلك بسنوات قليلة –
إيرينيئوس أسقف ليون – الكاهن
القائد لمنطقة تُعرف في يومنا باسم شمال فرنسا، ربط كلّ أناجيل العهد الجديد
بشهادات العيان عن الإله القائم من بين الأموات.[3]
يوستينوس – مدافع عن
الإيمان المسيحيّ، كتب من روما في منتصف القرن الثاني –
مشيرًا إلى آية من إنجيل مرقس 3 : 16-17 كما أتت من مذكرات بطرس.[4]
وفي حواليّ سنة 200 م، ترتليان من قرطاجة وضعها أيضًا بنفس الشكل.
نعرض لكم قبل أي شيء، إنّ
كتبة الإنجيل هم الرسل اللذين أوكلهم الرّب نفسه مهمة كتابة الإنجيل. كما أيضًا كان
هُناك اللذين يُعتَقد أنّهم لم يكونوا رسلًا، هم رسوليّين، لم يقفوا وحدهم، لقد
ظهروا مع وبعد الرسل.. لذلك الرسولان يوحنّا ومتّى، أولًا أرسيا الإيمان داخلنا،
بينما الكُتَّاب الإنجليّين لوقا ومرقس جدّدوه فيما بعد. لا يهمنا إن حدث بعض
التنوُّع بسبب تنوُّع الرواه، لكن، في الأخير هم متفقون على الجوهر الأساسيّ للإيمان.[5]
منذ القرن الأوّل وما بعده
هناك دائمًا رابط قويّ من التقليد المسيحيّ يربط أناجيل العهد الجديد بشهادة شهود
العيان.[6]
برغم الاتصال الوثيق بين شهادة
الكُتَّاب المسيحيّين في القرنين الأوّل والثاني، إلَّا إنّ إيرمان ينكر بشدة أنّ
العهد الجديد كُتِب بواسطة شهود العيان.
(الأناجيل) كُتِبَت ما بين 35- 65 سنة بعد موت
المسيح، وليس بواسطة الناس اللذين عاينوا المسيح، لكن بواسطة اللذين أتوا بعدهم، فبعد
موت المسيح ابتدأ الناس في نشر القصص عنه لكي يحولوا الآخرين إلى الإيمان.[7] [8]
بافتراض أنّهم كانوا حقيقة،
ما الذي يثبت أنّ وراء تلك الأناجيل التي للعهد الجديد شهود عيان؟ هل من المحتمل
أن تكون الأسباب التقليديّة حقيقيّة؟ أم أنّ إيرمان كان صحيحًا حين صرّح بأنّ
الأناجيل يجب أن تكون نتيجة روايات حُكيَّت مؤخرًا بواسطة أناس لم يروا يسوع
الناصري على الاطلاق؟
من المهم أن نذكر في هذه
النقطة أنّ حقيقة الأناجيل الأربعه لا تعتمد على مدى صحة النصوص التقليديّة لإنجيل
متّى، مرقس، لوقا، يوحنّا. بعبارات أُخرى، إنّ هذه الأناجيل ربما تُقدِّم بعض
الحقائق التاريخيّة، حتّى لو لم يكتبها من تحمل أسمائهم. في نفس الوقت، لو أنّ هذه
الأسباب التقليديّة صحيحة، فإنّ الاحتمالية بأنّه تمّت كتابتهم بناء على شهادات
شهود العيان أصبحت أكثر ترجيحًا.
إذًا، ما هيَ فرص أدلة شهود
العيان التي كوَّنت أساس أناجيل العهد الجديد الأربعة؟ معظم الدارسين يعترفون بأنّ
الأربع أناجيل التي للعهد الجديد كلّها قد كُتِبَت ما بين 50 و100 ميلاديه. بناء
على المحتوى واللغة في كلّ إنجيل، فإنّ الغالبية العظمى من دارسي العهد الجديد
يوافقوا مع المدى الذي أقرّه إيرمان لظهور الأناجيل: إنجيل مرقس ظهر للوجود ما بين
65 و70 ميلادية، وإنجيل متّى ولوقا ظهرا بعدها بعقد، وإنجيل يوحنّا اكتمل في وقت
ما قبل 95 ميلادية.[9]
عندما أنظر إلى هذه التواريخ
هُنا أجد شيئًا شيقًا: بعض من الأشخاص اللذين تكلموا ومشوا مع يسوع كانوا على قيد
الحياة حينما كُتِبَت الأناجيل الأولى. فكتابة خطاب إلى الكورنثثيّن بعد عقدين من
صلب المسيح على الجلجثة يقول الرسول بولس: “وَبَعْدَ
ذلِكَ ظَهَرَ لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ مِئَةِ أَخٍ مَعًا مَازَالَ مُعْظَمُهُمْ حَيًّا،
فِي حِينِ رَقَدَ الآخَرُونَ”،
لو أنّ إنجيل مرقس بدأ تداوله حواليّ سنة 70 ميلادية فإنّه من الغالب والمؤكد أنّ
بعض من هؤلاء الأشخاص اللذين شهدوا قيامة المسيح من بين الأموات كانوا على قيد
الحياة. بعد ذلك ببضعة سنوات حينما كانت مجموعات المسيحيّين الأوائل منتشرين في
أرجاء الإمبراطورية الرومانيّة، بدأوا في قراءة الأناجيل الثلاثة الأخيرة التي للعهد
الجديد، لا يُمكن إنكار أنّه كان هُناك بعض ممن عاصروا المسيح لازالوا على قيد
الحياة.
إذًا، فلندع مجالًا أوسع
للحالة بدون تحفظات، إنّ الأناجيل الأربعة تمّت كتابتها “ليس
بواسطة شهود العيان، لكن عن طريق أشخاص عاشوا فيما بعد”،[10]
كما يقول إيرمان. لو أنّ الأناجيل بدأ تداولها بعد مجيء المسيح على الأرض بثلاثة
أو أربعة عقود، فإنّ مصادر هذه الكتب –على
الأقل- كانت شهادة عينيّة للمسيح. إنّ أوّل إنجيل، وهو الذي لمرقس، كُتِب فقط بعد
واحد وثلاثون عامًا من موت المسيح، وهذا يجعل من الصعب علينا إنكار شهادة شهود
العيان، وعلى أقل احتمال فإنّها كانت متاحة لكاتبي الأناجيل.[11]
إلى
أي مدى كان التلاميذ صامتين؟
إذًا، ما الدليل الذي يقدّمه
إيرمان على استنتاجه غير القابل للشك في إنّ العهد الجديد لم يتمّ كتابته بناء على
شهادات شهود العيان؟[12]
ببساطة هذا هو:
اتباع المسيح وخاصته كانوا
من الطبقة الدنيا العاملة الفقيرة: مثل الصياد، والحرفي، ويتكلمون الآراميّة أكثر
من اليونانيّة. حتّى لو كان لهم أي معرفة باليونانيّة، فسوف تكون بسيطة للتعامل
البسيط على أفضل الأحوال (مثلًا: عندما أسافر مضطرًا إلى ألمانيا، فإنّي سوف اتحدث
مثل السكان المحليّين). والجدير بالذكر أنّ القائدين اللذين بين اتباع يسوع، يوحنّا
وبطرس، قيل عنهم صراحة أنّهما “جهلة
(عديما العلم)”
(أعمال 4: 13)، وفي النهاية نجد أنّهم غير متعلمين ومن طبقة دنيا، فإنّ اتباع
المسيح غير المتعلمين لعبوا دورًا حاسمًا للمؤلفين المتعلمين التي تحوَّلت
كتاباتهم عبر التاريخ إلى أسماء التلاميذ.[13]
للوهلة الأولى، فإنّ محاولة
إيرمان مقنعة، رغم ذلك، فهو محق أنّ بعض أعضاء المجلس اليهودي الحاكم أشاروا أنّ يوحنّا
وبطرس كانا: “إجرماتوي”،
أي غير متعلمين (أعمال 4: 13). إذًا فقد انتشرت قصص العهد الجديد الأرمينيّة وتداولت
بصعوبة للمرة الأولى بالأرمينيّة، فكيف تمّ تحويلها إلى وثائق باليونانيّة والتي توجد
للعهد الجديد حاليًّا؟
أوّل صعوبة تواجه تفسير
إيرمان أنّ كلمة “
agrammatos- إجرماتوس”
لا تعني بالضرورة وصف بطرس ويوحنّا بأنّهما غير متعلمين. في سياق الكلام للمجلس
اليهودي فإنّ كلمة “إجرماتوس”
تعني: “غير
مدربين في القانون اليهودي”.[14]
لو كانت هذه هيَ القضية فأعضاء المجلس اليهودي كانوا يوضوحون أنه برغم جرأتهم على تفسير
الآيات العبريّة فإنّ يوحنّا وبطرس لم يكونوا متعلمين مثل الرابيين معلمي الشريعة.[15]
فهل الكُتَّاب التقليديّين
للأناجيل الأربعة كانوا “جُهلاء”
كما يزعم إيرمان؟ هل كانوا فعلًا غير قادرين على عمل أعمال أدبيّة؟ أم أنّ هُناك
شيء ما أبعد بكثير حدث في القرن الأوّل مما صرّح به إيرمان لقُرَّائه؟ فلنلقي نظرة
على كلّ كاتب من الكُتَّاب التقليديّين ولنرى إن كان إيرمان مُحقًا، وبعض الحقائق
الأضافيّة التي ربما تساعدنا للنظر إلى شرح ايرمان في ضوء جديد.
ماذا
يمكن أن يفعل جامعي الضرائب
في الكتاب الذي يحمل اسمه، قدّم
متّى نفسه كـ”عشار”
أو “جامع
للضرائب”.[16]
إنّه لمن المشكوك به أن يكون أي من المسيحيّين الأوائل قد زيّف هذه المعلومات غير الهامة
عن أسرار مهنته، والأكثر من ذلك، الفكرة تكمن في أنّه عندما طلب المسيح جامع
الضرائب ليتبعه كان محرجًا إلى حد ما. عندما كُتِبَت الأناجيل، توقع الحُكام
الرومان أنّ جامعي الضرائب يجنون حصيلتهم وثروتهم من غش الآخرين ومعظم جامعي
الضرائب تنطبق عليهم هذه الأشياء. ليس من المدهش أن يندر ما يكون جامعي الضرائب في
قائمة أكثر المواطنين المحبوبين.
فى الخطابات الرومانيّة، أن
تُشير للشخص كجامع ضرائب فهذا أمر يمسّ الشرف مباشرة.[17]
في كتابات يوسيفوس، التاريخ اليهوديّ أخبرنا كيف أنّ جامع ضرائب رشا الحاكم الفاسد
فلورس ليس بفترة طويلة قبل أن يقوم فلورس يتحفيز الثورة اليهوديّة ضد روما.[18]
وبحسب الأناجيل التي أجمعت أنّ في اليهوديّة والجليل صنفوا جامعي الضرائب مع
العرابيد والجشعون والوثنيّين والزناة ( متّى 11 :19، 18: 17 ؛ لوقا 18 :11 ).
ببساطة، ضع صنف الإجابة وهذا الإعلان الذي يقول : “أن
تكون جامع ضرائب رومانيّ، تصنع الملايين بواسطة غش أصدقائك”.
بالطبع لم يكن هذا الطريق الواعد للشهرة الشخصيّة في العالم القديم.
لكن هناك مهارة واحده
يمتلكها جباة الضرائب هؤلاء.
هي القراءة والكتابة.
في الواقع، كان جامعي
الضرائب معروفين بحملهم “
pinakes- بيناكس”
لوحات خشبيّة مزودة بقطع معدنية على الأطراف، ومغطاة بطبقة سميكة من الشمع على كلّ
لوح،[19]
استخدم جامعي الضرائب عصاة صغيرة لها سن من المعدن أو العظام ليسجلوا الملحوظات
على الشمع، وفي بعض الحالات كانت تترجم فيما بعد أو يتمّ إعادة كتابتها على ورق
البردي.[20]
ورق البردي من مصر يثبت أنّ جامعي الضرائب كتبوا أيضًا الفواتير والسجلات
للمواطنين في قراهم.[21]
بالرغم من وصف إيرمان غير المقنع
بأنّ التلاميذ الأوائل كانوا: “غير
متعلمين – طبقة
دنيا – جُهلاء”،[22]
إلَّا إنّ عشار مثل متّى لم يكن ليلائم هذا الوصف. فالمهمات اليوميّة لجامعي
الضرائب أن يجمع وينسخ ويُسجّل المعلومات ربما بلغات عدّة.[23]
ماذا عن شخص آخر يحمل إنجيلًا
باسمه، رفيق بولس المسمى لوقا؟ مقارنة بالأشخاص الآخرين اللذين في العهد الجديد،
فإنّ لوقا شخصيّة غير معروفة تمامًا. لقد تمّ ذكره فقط ثلاث مرات من خلال رسائل
بولس ( كولوسي 4: 14، فيليمون 1: 24، تيموثاوس الثانية 4: 11). باعتبار العدد
الكبير لشركاء بولس المعروفين جيّدًا في العهد الجديد، تيموثاوس على سبيل المثال
أو برنابا أو سيلا، فإنّه من الصعب شرح لماذا لأحدهم أن يُنسِبَ الإنجيل الثالث
إلى لوقا، إن لم يكن فعلًا هو المسئول عن كتابة الكتاب الذي يحمل اسمه، على الأقل
فإنّه يبدو أنّ كتابة لوقا للإنجيل الثالث إحتمالية تستحق الفحص.
بحسب خطاب قديم للكنيسة في كولوسي،
لقد كان لوقا هو “الطبيب
المحبوب” لبولس (كولوسي
4: 14). الأطباء في العالم القديم لم يكونوا بنفس المكانة الاجتماعيّة أو الماديّة
كحال اليوم. معظم الأطباء تلقوا تدريبهم بأن يكونوا تابعين لأكثر الأطباء خبرة –
غالبًا يكون الطبيب الأب –
حتّى يتعلّموا فن العلاج.[24]
خارج التدريب الطبيّ في الجيش الرومانيّ فليس هناك مكان محدّد موجود للتدريب
الطبيّ لممارسيّ الطب القديم،[25]
وبالتالي فإنّه من الصعب تحديد مدى صحة وجود تعليم بين الأطباء.
يظلّ من الصعب أن يكون طبيب
لا يمتلك على الأقل القدرة على أن يقرأ الكتيبات الطبيّة التي ازدهرت في القرن الأوّل.
وماذا أكثر، إنّ ورق البردي من مصر يثبت أنّ الأطباء القدامى وتابعيهم اللذين يسجلون
ورائهم غالبًا كانوا يكتبون تقاريرًا رسميّة شرعيّة حول الإصابات المشكوك بها والأسباب
المحتملة للوفاة، وكان أيضًا الأسياد دائمًا يتحققون من صحة عبيدهم.[26]
إذًا، بالفعل لوقا كان طبيبًا كما تقول الرسالة الى كولوسي - إنّه لمن سوء الحظ
أنّ “غير متعلم”
أو “جاهل”
والعديد من الأطباء كانوا قادرين على أن يجذبوا الناس معًا وشهود عيان متنوعين في تقارير
واضحة مثل مقدّمة إنجيل لوقا والتي تدلنا على ما فعله الكاتب.
هل نترك مرقس ويوحنّا! عندما
نأتي لهذان الشاهدان، ربما يكون إيرمان مُحقًّا: معتقدًا ذلك ليس بدليل مؤكد على أنّ
كلاهما جاهلان، وهذا لا يستبعد احتماليّة أن شهود العيان هم المصدر الذي يقف خلف أناجيل
العهد الجديد.
في القرن الأوّل للميلاد كان
الكتبة المحترفين متاحين دون أدنى مشكلة كي يُترجموا الرسائل من لغة إلى أُخرى،
متضمنًا الآراميّة إلى اليونانيّة. العناوين القانونيّة المُعقدة، كتابة رسائل
واضحة لأعضاء العائلة، الفواتير التجاريّة البسيطة، وكلّ مهارات السكرتارية
المتطلبة – هذه كانت
طرق كسب عيش للكثير من الناس ليسوا في المدن الرئيسيّة فقط مثل أفسس وروما، لكن
أيضًا في الجليل واليهوديّة. والداعمين الأغنياء لم يكونوا فقط الناس الوحيدين
اللذين استخدموا كتبة محترفين؛ أشخاص من طبقات أفقر وظفوا كتبة أيضًا.[27]
حتّى بولس كان قادرًا تمامًا على الكتابة باليونانيّة (غلاطيه 6 :11؛ فليمون 1 :
19 -21). كما كَتَب الكَتَبة خطابات بولس لأجله (روميه 16 :22، راجع أيضًا بطرس
الأولى 5: 12).[28]
إنّه من الممكن تمامًا أنّ يوحنّا
ومرقس قد وظفوا كتبة محترفين لكي يكتبوا لهم شهاداتهم الشفهيّة لحياة يسوع إلى
وثائق يونانيّة، تلك التي نقلها لنا النُسَّاخ عبر القرون. لو كان الأمر كذلك، فهم
مازالوا مصدر لهذان الإنجيلان حتّى لو لم يكتبوها بكلمات فعليّة.[29]
إنّه لشيء شيّق جدًّا أنّ أبسط
يونانيّة في العهد الجديد موجودة في إنجيل يوحنّا وإنجيل مرقس، هذان الإنجيلان
الذان قد يكون كاتبهما أقل من متعلِّم. في الحقيقة إنّه بعد ترجمة المئات من المُقدِّمات
اليونانيّة، البردي، كتابات من مسيحيّين معروفين في القرن الثاني والثالث –
مازلت لم أجد أي وثيقة مكتوبة أبسط من إنجيل يوحنّا. عندما أدُرّس اليونانيّة في الجامعة
ولدارسي اللاهوت، اتوقّع أن يكون الدارسين قادرين على ترجمة كلّ إنجيل يوحنّا ومعظم
إنجيل مرقس، دون أدنى مساعدة بعد تسعة أشهر فقط من التعامل مع النصوص –
وبالقليل من التوقُّع، يستطيعوا (وبخصوص ذلك لو أنّك واحد من الكثير اللذين لا
يستطيعون، فأنا آمل لمستواك أن يصل للمتوسط). ربّما بساطة هذين الإنجيلين تنبع من
أصولهما – الكلمات
المنطوقة التي ينطقها لساني رجلين عاديان قصصهم وُضِعَت في شكل مكتوب، وتمّ
ترتيبها وحفظها في البردي والحبر.
إذًا، ماذا عن استنتاج إيرمان
إنّ أناجيل العهد الجديد لا تُقدِّم شهادات عينيّة عن يسوع الذي من الناصرة؟
بحسب التواريخ التي كُتِبَت
فيها الأناجيل، فإنّه لمن المستحيل أن ننكر أنّ شهادات شهود العيان كانت ممكنة
لكاتبي الأناجيل. وماذا أيضًا، استنتاج إيرمان أنّ الكُتَّاب التقليديّين لا
يعتبروا مصدرًا للأناجيل لأنّهم كانوا أربع رجال “غير
متعلمين” من
الطبقة الدنيا وجهلاء، هو ادعاء ببساطة غير حقيقيّ. متّى كان جامع ضرائب ولوقا كان
طبيبًا، ومن المؤكد أنّهم امتلكوا القدرة على الكتابة ليكتبوا وثائق كهذه، وحتّى يوحنّا
ومرقس كانوا غير متعلمين، فالكتبة المحترفين كانوا مُتاحين لهم.
وفي النهاية، أجد أنّه ليس هُناك
سبب فعليّ لرفض الاعتقاد الشفهيّ القديم بأنّ أناجيل العهد الجديد متصلة بمتّى، ومرقس،
ولوقا، ويوحنّا. معطيًا أدلة متاحة لنا، ولا يمكن لأحد أن يعرف تمامًا من كَتَب
هذه الكتب – في هذا،
إيرمان محق. وتظل أفضل الأدلة هيَ أنّنا نملك آراء تقول بإنّ مصادر الأناجيل
الأربعة كانوا: جامع ضرائب يسمى متّى، سمعان بطرس مُتَرجَم بواسطة مرقس، لوقا
الطبيب، وصياد يسمى يوحنّا.
هل أنا متأكد من ذلك؟
حسنًا، لا
ولكن، مرة أُخرى. أنا لا
أعلم أنّي ولدت. ولكن تظلّ أفضل الأدلة التي أمتلكها تقودني لأن أومن أنّي ولدت. ولذلك،
كلّ سنة في السادس عشر من يناير أحتفل بعيد ميلادي بصدق وبضمير صافٍ تمامًا.
الأدلة التاريخيّة تقودني
إلى أنّ متّى، ومرقس، ولوقا ويوحنّا هم مصادر هذه الكتب التي تحمل أسمائهم. لذلك،
عندما افتح أناجيل العهد الجديد، أقرأ هذه الوثائق بضمير صافٍ ككلمات أربعة شهود.
إذا كان بالفعل متّى، مرقس، يوحنّا ولوقا كانوا مصادر هذه الكتب التي تحمل أسمائهم
- وأنا اعتقد أنّهم كذلك –
كلّ إنجيل في العهد الجديد يُقدِّم شهادة عينيّة عن يسوع. ما هو مُسجل في الإنجيل
بحسب مرقس أنّه شهادة سمعان بطرس تمّت إعادة صياغتها وحفظها بوساطة مرقس. إنجيل
لوقا كُتب وتمّ تجميع مصادره الشفهيّة بواسطة الطبيب الشخصيّ لبولس. الخامات
الفريدة للإنجيل بحسب متّى أتت من متّى جامع الضرائب الذي فضَّل أن يتبع يسوع على
أن يبقى في وظيفته المربحة. والقصص في الإنجيل بحسب يوحنّا؟ يبدو أنّها ترجع
أصولها إلى يوحنّا بن زبدي –
واحد من تلاميذ يسوع الأوائل –
وربّما واحد من تلاميذ يوحنّا حسب شهادة معلمه.
[1] تُعرف هذه الوثيقة بـ “وثيقة مورتياري”. وهي تُشير إلى متّى
ومُرقس, لكنّها فقط تُشير في جملة أخيرة إلى بقايا إنجيل مرقس. والإشارة الخاصة في
هذه الوثيقة هي التي تتحدث عن موت بيوس، بابا كنيسة روما، من المُحتمل أنّ مصدرها
إيطاليّ رومانيّ. وقد أُخِذت الكلمة اللاتينيّة ex opinione كمُكافيء للكلمة اليونانيّة ex akoes والتي تعني: “كما سمعنا”، والتي تُشير إلى التقليد الشفهيّ. للاطلاع
على وثيقة موريتاري، انظر:
Bruce M. Metzger, The Canon of the New Testament (Oxford: Clarendon
Press, 1987), pp. 5-307, For analysis of the Muratorian Fragment, see Geoffrey
Mark Hahneman, The Muratonan Fragment and
the Development of the Canon (New York: Oxford University Press, 1992).
[2] في الإنجيل بحسب مرقس –كما
أشار ريتشارد باخوم- ينتمي إلى شهادة شاهد عيان وهو سمعان بطرس الذي كان مصدرًا
لهذا الإنجيل، لكن هذا الادعاء لم يذكر بوضوح. لكنّه مضمون بالدقة العظيمة للأحداث
والإبداع الأدبيّ.
Jesus and the Eyewitnesses: The
Gospels as Eyewitness Testimon y [Grand Rapids، Mich.: Eerdmans, 2006], pp. 124-27.
[3] Irenaeus of Lyons Adversus Haereses 3.11.
[4] Justin Martyr, Dialogus cum Tryphone, ed. J.-P.
Migne, Patrologiae Cursus Completus, Series Graecae 6 (Paris: Lutetiae Parisiorum, 1857 -1866),
103.8; 106.3.
[5] Tenullian
of Carthage Adversus Marcionem 4.2: retrieved October 28, 2006, from <http:// www.tertullian.org>
[6] للمزيد من القراءة عن
الأهمّيّة الكبرى لشهود العيان في الكنيسة الأولى، انظر:
Martin Hengel, The Four Gospels
and the One Gospel of Jesus Christ, trans. john Bowden (Harrisburg, Penn.:
Trinity Press, 2000), pp. 141-68.
[7] Bart Ehrman and William Lane Craig, “Is There Historical
Evidence for the Resurrection of jesus? A Debate Between William Lane
Craig and Ban Ehrman” (March 28, 2006): retrieved August 1, 2006, from
<http:// www.holycross.edu/depanment
s/credwebsitelresurrectiondebate-transcript.pdf>
[8] أوّل سجل عُرِف وانتشرعن كتابات المسيحيّين الأوائل، والذي يعتبر موثّق
هو “وثيقة موريتاري”، وسميَّ بذلك بسبب أنّه تمّ تسجيله على أجزاء تمّ اكتشافها بواسطة
رجل يدعى “لوديفيكو موروتوري” حواليّ سنة 174. لا أحد يعرف من دوّنه، لكن يُعتَقَد
أنّه تمّت كتابته حواليّ سنة 160 بعد الميلاد. وثيقة موريتاري تحتوي على كلّ كتب العهد
الجديد ما عدا العبرانيين، يعقوب، بطرس 1 و2، يوحنّا 2 و3. وحسبما جاء في جزء من الموريتاري
أنّ لوقا كتب إنجيله بناء على مقابلات شخصيّة مع شهود العيان، والإنجيل الرابع قدَّم
شهادات عينيّة من الرسول يوحنّا.
[9] LC, pp. 19-20. Cf. Craig S. Keener, 1-2 Corinthians
[Cambridge: Cambridge University Press, 2005], pp. 4 2-4 3; Martin Hengel,
Studies in the Gospel of Mark (Eugene, Ore.: Wipf and Stock, 2003), pp. 1-30; I.
Howard Marshall, The Gospel of Luke (Grand Rapids, Mich.: Eerdmans, 1978), pp. 34-35;
Leon Morris, The Gospel According to john (Grand Rapids, Mich.: Eerdmans, 1995),
pp. 25-30.
[10] Ehrman and Craig, “Is There Historical Evidence
for the Resurrection of jesus”?
[11] للمزيد عن هذه النقطة، انظر:
Bauckham, Jesus and the Eyewitnesses, pp.
8-9.
إن شهود العيان كان يتمّ ذكرهم على أنّهم “السلطة الحية والمصدر للتقاليد التي ورثناها
من الموتى” (ص 20)، وبخصوص حياة يسوع فإنّها لم تكن محكومة بالتقاليد الشفهية،
وباستخدام مصطلحات كينيث بيالي، فإنّها كانت محكومة بالتاريخ الشفهيّ.
Bauckham, Jesus and the Eyewitnesses,
pp. 252-89; cf. Kenneth E. Bailey, “Informal Controlled Oral Tradition and the Synoptic Gospels,”
Asia journal of Theology 5 [ 1991], 15- 34.
[12] تعليق آخر من إيرمان ربما يوضّح أهمّيّة شهادة شهود العيان؛ وضع
إيرمان نصًا لفيلسوف من القرن الثالث يُدعى بورفيري، الذي كتب: “الإنجيليّين كانوا
قصّصيون ولم يكونوا شهود عيان أو مُراقبين لحياة يسوع”(Mj،
p. 199). لم يختبر إيرمان هُنا النص الأصليّ اليونانيّ
لهذا الاقتباس، بل اعتمد على ترجمة مضللة بشكل كبير اقتبسها عن هوفمان R. J. Hoffmann. في المخطوطة الأصليّة التي
وردت فيها هذه الجملة، الكلمات المُترجمة “مراقبين أو شهود عيان”، في اليونانيّة
تعني “مؤرخون- historas”، والكلمة المُترجمة “قصصيون”
تعني بأكثر دقة “مبتكرين- epheuretas”. ما كان يقصده بورفيري هو: “الإنجيليون
كانوا مبتكرين، ولم يكونوا مؤرخين لحياة يسوع”. ولازالت جملة تحمل معنى سلبيّ،
لكن، لا علاقة لها بحضور أو غياب شهود العيان.
[13] jApP، p. 45.
من المثير للانتباه أنّ إيرمان في كتاب أقدم اقترح أنّ: “بعض
كتابات العهد القديم تعود في شكلها الأصليّ إلى رسل يسوع” (LS،
p. 2)، ولم يوضِّح إيرمان أي كتابات يعتقد أنّها كتبت بيد اتباع يسوع
الأوائل.
[14] See discussion and references in Ben
Witherington III, The Acts of the Apostles: A Socio-Rhetorical Commentary
(Grand Rapids, Mich.: Eerdmans, 1998), pp. 195-97.
[15] ربما تعني كلمة “إجراماتوس” أيضًا أنّ شخصًا ما يتقن اللغة الإقليميّة،
وقد كانت الآراميّة لا اليونانيّة، وهذا لا يعني جهله التام بها. انظر:
H. C. You tie, “Agr ammateus: An Aspect
of Greek Society in Egypt” and “Bradeos graphon: Between Literacy and llliteracy,” in Scriptiunculae,
series 2 (Amsterdam: Hakkert, 1973), pp. 61 1-5 1.
[16] في إنجيلي مرقس ولوقا، يُدعى جامع الضرائب هذا بـ “لاويّ”. وكثير من
المفسرين يعتقدون أنّ لاوي ومتّى اسمين مختلفين لنفس الشخص، وهذا أمر مستبعد
للغاية، انظر: (Bauckham، Jesus and the Eyewitnesses، pp. 109-1 1). اعطتنا النهاية المفتوحة
وطبيعة النص نفسه أنّ هذا الشخص ربما هو الذي أعاد النسخة اليونانيّة للإنجيل بحسب
متّى، وكان يعلم أنّ متّى، الرسول وشاهد العيان، هو الذي دوَّن تعاليم يسوع
المكتوبة في الإنجيل، الذي كان جامع ضرائب، ويتكيّف هذا مع وصف مرقس لدعوة لاوي
جامع الضرائب، على وصف متّى الرسول. وكان كما يظهر أخ الرسول المعروف بـ “يعقوب بن
حلفا” (مرقس2: 14؛ 3: 18). فلا يوجد سبب يجمع بين متّى ولاوي، اللذان كلاهما جامع
ضرائب، وكلاهما تمّت دعوته بذات الطريقة عينها؛ بعد سمعان وأندراوس ويعقوب ويوحنّا
اللذين يظهرون في دعوات مختلفة، برغم قرب الطريقة التي تمّت بها (مرقس1: 16- 20).
[17] See, e.g., Epictetus, Encheiridion, in Discourses,
Books 3-4. Encheiridion, ed. W A. Oldfather, Loeb Classical Library (Cambridge, Mass.:
Harvard University Press, 1928), 29.7; Polybius, The Histories, Volume IV, Books 9-15, ed. W R. Paton,
Loeb Classical Library (Cambridge, Mass.: Harvard University Press, 1992), 12.
13.9.
[18] Josephus, The jewish War, Books 1-2, ed. H. St.-].
Thackeray. Loeb Classical Library (Cambridge, Mass. : Harvard University Press,
1927), 2. 14.287.
[19] A. R. Millard, Reading and Writing in the Time
of Jesus (New York: New York University Press, 2000), pp. 28-29.
جادل بعض الدارسين بأنّ الرسل كانوا جُهلاء، وكانوا
يحفظون بعض الأقوال الهامّة ليسوع. وهذا يبدو لي، غير منطقيّ، لأنّ أعمال التجارة
والتي منها الصيد كانت تُحتم أن يكون أصحابها متعلمين على الأقل قواعد الكتابة،
خاصة في الجليل واليهوديّة، للمزيد، انظر:
B. Gerhardsson, The Origins of the
Gospel Traditions (London: SCM Press, 1979), pp. 161-68, and S. Lieberman, Hellenism in jewish
Palestine (New York: JTS, 1962), p. 203.
[20] توجد وفرة
من الوثائق الرومانيّة عن جمع الضرائب، مكتوبة باليونانيّة، توضح بجلاء هذه
الحقيقة. فالوثائق المتبقية لدينا لا تضم فقط بعض الصيغ النمطية القصيرة، كمثال
انظر:
the numerous pieces of Elephantine
and Egyptian ostraca in Ulrich Wilken, Griechische Ostraka aus Aegypten und Nubien
(Manchester, N.H.: Ayer, 1979), and in Friedrich Preisigke et aj., Sammelbuch griechischer
Urkunden aus Aegypten (Berlin: Walter de Gruyter, 1974), but also more lengthy and complex receipts on
papyrus. such as P.Oxy. 51 :3609.
[21] Millard, Reading and Writing, pp. 31,
170. See the taxation documentation from the pre-Christian era and from the
first and second centuries A.D. found in the Oxyrhynchus papyri P.Oxy. 149: 346,
P.Oxy. 62:4334, P.Oxy. 24:2413, P.Oxy. 45:324 1 and P.Oxy. 66:4527, as well as more
extensive contractual agreements such as the third-century P.Oxy. 43:3092.
[22] ApP, p. 45.
[23] “الرومان... اختاروا بحرص القساة والمتوحشين كجامعي ضرائب؛ ثمّ، أمدوهم
بالطرق التي ترضي جشعهم. لم يدعوا طريقة قاسية لم يجربوها، رافضين أن يتبعوا أي شكل
من أشكال العدل أو العطف... لقد نشروا الحيرة والقلق في كلّ مكان. لقد جمعوا الأموال
لا من أملاك الأشخاص فقط، بل أيضًا من أجسادهم بواسطة الإصابات والهجوم العنيف وطرق
التعذيب الصادمة”. فيلو السكندريّ
Philo of Alexandria, De Specialibus Legibus, in Volume VIII, ed. E H.
Colson, Loeb Classical library (Cambridge, Mass.: Harvard University Press,
1939), 2.19.
[24] Vivian Nutton, Ancient Medicine (New York: Routledge,
2004), p. 69.
[25] بالرغم من أنّه لا المهام العسكريّة ولا مُساعدي الأطباء العسكريّين
طُلِب منهم أن يكونوا على دراية بالقراءة والكتابة، إلَّا إنّنا نجد أحدهم ويُدعى ديوسكوريدس
Dioscurides قد ألَّف كتابًا يشرح من خلاله كيف يتمّ إعداد الدواء (Millard, Reading and Writing, p. 183).
[26] Janet Huskinson, Experiencing Rome:
Cultur e, Identit y, and Power in the Roman Empire (London: Routledge, 2000, pp. 179-80; Nutton,
Ancient Medicine, pp. 263-64.
من أجل المزيد من الوثائق عن معرفة القراءة
والكتابة بين الأطباء، انظر:
P.Mich. 758، P.Oxy. 44:3 195، P.Oxy. 45: 3245، P.Oxy. 54:3729، P.Oxy. 63:4366، P.Oxy. 63:4370, P.Oxy. 64:4441 and P.Oxy. 66:
4529.
وبعد زمن العهد الجديد بقليل, فإنّ هذه الوثائق
تُمثِّل بنات المراسلات الطبيّة التي كانت لأطباء القرن الأوّل.
[27] Millard, Reading and Writing, pp. 176-85 ; cf. R.
Cribbiore, Writing, Teachers, and Students in Graeco-Roman Egypt (Atlanta: Scholars Press, 1996),
pp. 1-5.
[28] يرى
إيرمان أن حقيقة عدم كتابة بولس لبعض الرسائل أصبحت مشكلة لهؤلاء الذين يعتبرون
أنّ الكتاب المقدّس كتاب إلهيّ (MJ، p. 59)، بالرغم من أنّ هذا لا يمنع
أن يكون بولس هو مصدرها، إذ أنّه بكلّ تأكيد يصدّق على هذه الرسائل قبل إرسالها.
[29] إنّه أمر محسوم أنّ القُدماء
كانوا معتبرين ككُتَّاب لوثائقهم حتّى وإن استخدموا آخرين لكتابة كلماتها. وقد
أوضح بولس ذلك حين كتب “كتبت إليك” (في رو15: 15)، بالرغم من أنّ ترتيوس هو
كاتب الرسالة الحقيقيّ (انظر رو16: 22). ففي الثقافة التقليديّة للإمبراطوريّة
الرومانيّة، كان الكاتب-الراوي للوثيقة هو كاتبها، حتّى وإن كانت قد صيغت من قِبَل
آخر. انظر:
Jocelyn Penny Small, Wax Tablets
of the Mind: Cognitive Studies of Memory and Literacy in dassical Antiquit y (New
York: Routledge, 1997), pp. 160-20 1; H. Gregory Snyder, Teachers and Texts in the
Ancient World: Philosophers, jews and Christians (London: Routledge,
2000), pp. 191, 226-27; Rosalind Thomas, Literacy and Oralit y in Ancient Greece
(Cambridge: Cambridge University Press, 1992), pp. 36-40, 124-25.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق