من غير الممكن وصف ما تفعله بنا الموسيقى.. إنها تحرك بداخلنا ذلك الشعور بأننا مازلنا على قيد الحياة.. إنها إشراقة من نور الأبدية فوق ظلمة الوجود.. إن أنغامها كالنفس تحيا إلى الأبد..
لاهوتيون وفلاسفة كُثر تحدثوا عن الموسيقى.. فها هو أثيناغوراث من قبل أفلاطون، يكتب:
"إن تطهير النفس إنما يتم بالموسيقي والعكوف علي الدراسات العلمية، فالموسيقي تصفي النفس كما يستخدم الدواء لتصفية الجسم من الأمراض".
Ancilla to The
Presocratic philosophers. p. 14
فيضعها مع الفلسفة التي عاش حياته لأجلها على
قدم المساواة.. ويشاركه نفس الشعور الفيلسوف والتر ستيس حين يقول:
"قد يحدث أحيانًا، عند سماع الإنسان للموسيقى، أن يشعر المرء أنه قد وصل إلى حد الفرار من قضبان الوجود، وكأنما هو قد تحرر من الكون بأسره. وهُنا ينشأ لدى المرء الإحساس بأنه قاب قوسين أو أدنى من الهدف، وأن الحد النهائي للكون قد أخذ يتصدع، وأنه سوف يتحطم في اللحظة التالية، وعندئذ سرعان ما تنتقل النفس حرة في أجواء اللانهائية".
وكأنها حالة دهش، خروج من الذات والواقع،
كانبلاج الشمس من ظلمة الليل نحو فجر يوم جديد.. لذا تأثر بها وتحدث عنها
القديسيون واللاهوتيون، لا الفلاسفة فقط، فها هو أغسطين أب اللاهوت اللاتيني يكتب:
"لأجل أن يُنّبه الله المائتين القادرين على الفهم إلى تلك الأمور العظيمة، وهبهم الموسيقى، أي تذوق الأنغام الجميلة وفهمها".
الرسالة ١٢٣.
وكأنها جرس إلهي، يدعونا للخروج من المادة
والدخول إلى أعماق قلوبنا، حيث الظلمة والسكينة.. ويشبهه اللاهوتي الأرثوذكسي بول
إفدوكيموف، فيقول:
"والعنصر الأكثر نقاء والأعمق سرية -الموسيقي- ألا يمتد بنا من الآن إلي تجلي واقعي، فالموسيقي أيقونة مرسومة بالنغم".
المرأة وخلاص العالم، ص 67
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق