يدعو بولس الرسول الكنيسة "جسد المسيح" فقط، أي أنّ الكنيسة هي ذاته جسد المسيح الواحد.
أمّا عبارة "جسد المسيح السرّي"، فقد وردت
أوّلاً في كتابات هيسيخيوس الأورشليمي (+ 438) الذي يقول:
"نحن أيضاً نصير جسد المسيح بتناولنا جسده السرّي" (P. G., 93, 1285. C-D).
ويعني بعبارة "الجسد السرّي" القربان المقدّس.
فالسرّي هنا نسبة إلى سر الإفخارستيا كمَا في عبارة "العشاء السرّي".
وفي القرن التاسع أخذ اللاهوتيون في الغرب يميّزون بين
ثلاثة تعابير لحضور المسيح:
جسد المسيح المولود من مريم العذراء،
وجسد المسيح الحاضر في سرّ الإفخارستيا الذي دعوه على
غرار القرون الأولى "الجسد السرّي"،
وجسد المسيح، الكنيسة، التي دعوها "الجسد
الحقيقي".
وفي القرن الرابع عشر أصدر البابا بونيفاسيوس الثامن
براءة في "الكنيسة الواحدة المقدّسة" (بالاتينية Unam Sanctam وصدر سنة 1302 أي في أوئل القرن الرابع عشر) ودعا فيها الكنيسة:
"جسد
المسيح السرّي"، بينما دعا جسد المسيح الحاضر في سر الإفخارستيا "الجسد
الحقيقي".
ومن هذا الاستعمال قد بدأ في الغرب كردة فعل على أفكار
اللاهوتي "بيرنجيه- Beranger"
الذي كان تعليمه عن حضور المسيح الحقيقي في سر الإفخارستيا ملتبساً ومثيراً
للشك. فلتأكيد أنّ المسيح حاضر حضورا حقيقياً في سر الإفخارستيا دعا اللاهوتيون
هذا الحضور "الجسد الحقيقي"، بينما أطلقوا على الكنيسة عبارة "جسد
المسيح السرّي".
وفي القرن العشرين كانت تسمية الكنيسة "جسد المسيح
السَرّي" منتشرة في الكنيسة الكاثوليكية، عندما نشر البابا بيوس الثاني عشر
رسالته العامة في "الكنيسة جسد المسيح السرّي- Mystici Corporis سنة 1943"، وفيها يؤكد ثلاثة أمور رئيسة:
أوّلاً، إنّ الكنيسة هي جسد المسيح السرّي. إنّ الكنيسة جسد له رأس هو المسيح، والروح القدس هو الروح الذي يحي هذا الجسد.
ثانياً، إنّ الكنيسة هي، كالمسيح، سر تجسّد. فهي في الوقت نفسه منظورة وغير منظورة. وتشدّد الرسالة على الناحية المنظورة: فالكنيسة هي "جسم واحد وغير منقسم"، "محسوس" و"واقعي".
ثالثاً، إنّ هذا الجسم المنظور هو الكنيسة الكاثوليكية الرومانية. فرأي البابا بيوس الثاني عشر أنّ أعضاء الكنيسة، جسد المسيح السرّي، هم فقط الذين ولدوا من جديد بالمعمودية ولم ينفصلوا أو لم تفصلهم السلطة الشرعية عن مجمل الجسد. فجسد المسيح هو إذاً الكنيسة الكاثوليكية الرومانية وليس سواها. (مع العلم إن الفكر دا تغير بعد المجمع الفاتيكاني الثاني)..
(عن كتاب: اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر، ج2، ص 223
وما بعدها، للمطران كيرلس بسترس).
طيب إيه هو المفهوم الأرثوذكسي؟
بالرغم من إن الشرح السابق أقرب للمنطق العقلي، زي ما كل
شروحات اللاتين أقرب للمنطق العقلي، لكنه بالنسبة للاهوت مشكلة كبيرة، زي كل شروحات
الغربيين ما هي مشكلة كبيرة للاهوت بردو..
فجسد المسيح واحد، لا يمكن ينقسم لتلاته، ولا يمكن الرسل
يعلمونا إننا ككنيسة جسد المسيح، وبعد كدا نمنطق احنا التعليم ونخلي للمسيح تلات
أجساد.. طبعًا شروحات الآباء وخاصة ذهبي الفم اتكلمت كتير جدًا وبتفاصيل عن جسد المسيح
الواحد في الإفخارستيا وفينا احنا كنيسته دون افتراق او تراتيبية.
لكن باختصار، نقدر نشرح الموضوع دا من جهة التجسد، وأي
تعليم مسيحي أرثوذكسي لا يمكن نشرحه إلا من خلال التجسد وإلا شرحنا هيكون مختل.
المسيح بتجسده أصبح بكر جديد لطبيعتنا، مش بس بكر، لأ دا
رأس كمان لطبيعتنا، وكأن طبيعتنا دي دايرة كبيرة كدا بتجمعنا كلنا (فكلنا بشر)،
والمسيح هو رأس الدايرة دي، وأي جسد داخل الدايرة دي أصبح عضو في جسد المسيح، لإن
المسيح هو رأس الدايرة أو الطبيعة دي اللي بتشملنا واحنا كبشر داخلها.
وكون الكنيسة مكونة من أشخاص داخل الطبيعة دي، أو من
داخل الدايرة اللي رأسها المسيح فبالتالي الكنيسة هي جسده وهو رأسها..
وهكذا الإفخارستيا اللي بتوحدنا بجسد المسيح دا، اللي
بناخد فيها المسيح ذاته، فبتوطد اتحادنا بيه وارتباطنا بيه كرأس للدايرة اللي
بتجمعنا (دايرة الطبيعة البشرية).
مع العلم إن الاتحاد بالمسيح على المستوى دا لا يتم خارج
الكنيسة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق