المسيحية والاهتمام بالعبيد
عالج القديس بولس الرسول مشكلة العبيد بمنظار
إيماني، ففي الوقت الذي فيه طالب العبيد أن يُطيعوا سادتهم في الرب، وليس على حساب
إيمانهم وخلاصهم، طالب السادة أن يحملوا نظرة جديدة نحو عبيدهم، بكونهم اخوة
مساوين لهم، شركاء معهم في العبودية لله سيد الجميع. مع خضوع الرسول بولس للنظام
البشري لكنه في حدود إيمانية، فيحمل العبد الشجاعة للاستشهاد إن طالبه سيد بما
يُضاد خلاصه، ويُطالب السيد بتقدير العبد كأخ له. وقد قدم لنا مثلاً عمليًّا في
رسالته إلى تلميذه فليمون، حيث اعتبر العبد الهارب اللص أُنسيمس بعد توبته أخاه،
وابنه الذي ولده في القيود، وأحشاءه، ونظيره، والمعين له في الخدمة.
طالب مجمع غنغرا أن يخضع العبيد لسادتهم في الرب،
ويشهدوا للإنجيل الحيّ فيهم، ولا يحاولوا الهروب من السادة، ولا استخدام العنف
معهم[1].
وحث القديس يوحنا الذهبي الفم، وهو معاصر القديس
غريغوريوس، المسيحيين ألا يقتني أحد أكثر من عبدين لخدمة بيته وليس لإذلالهما[2].
لقد تحدث القديس يوحنا الذهبي الفم عن عشرات السادة الذين اقتنوا ألفًا من العبيد[3]،
وبعض السادة في أنطاكية لديهم مئات.
يوضح القديس يوحنا الذهبي الفم أن العبودية ليست
في خطة الله الأصلية[4].
يُعلن اللاهوتي الكبادوكي القديس غريغوريوس
النزينزي أن العبودية هي تمييز أثيم، ومع ذلك فهي جزء من الواقع الحاضر[5].
وبنفس الروح يقول القديس باسيليوس الكبير أنه ليس
أحد بالطبيعة عبدًا. لكنه في نفس الوقت لم يطلب مقاومة نظام المجتمع، إذ يقول:
"وإن كان إنسان ما يُجعل سيدًا والآخر عبدًا، مع هذا فخلال نظرتنا الخاصة
بالمساواة في الرتبة، نحن جميعًا قطيعًا لخالقنا، إخوة عبيد[6].]
نظرة القديس غريغوريوس للعبودية
يرى بعض الدارسين أن القديس غريغوريوس النيسي هو
أول لاهوتي يقدم ثورة فكرية ضد العبودية. قدم في منتصف عظته الرابعة على سفر
الجامعة أساسًا لاهوتيًا لمقاومته للعبودية يتلخص في النقاط التالية.
* الطبيعة البشرية التي خلقها الله حرة، لكل منهم حق أخذ قراراته المصيرية بنفسه.
* يجب التمييز بين الممتلكات والخليقة غير العاقلة، بين صورة الله ومثاله الكائن العاقل الحر.
* استحالة السيادة على صورة الله الحرة، فإنه لا يقدر إنسان أن يدفع ثمن آخر!
* اللقب (سيد) لا يُعطي من السيادة على الخاضعين له.
* من أنت يا من تظن أنك سيد لكائن بشري؟
فيما يلي فقرات مما وردد في كتاباته:
1. كلنا متساوون بالطبيعة
جميعنا متساوون بالطبيعة[7].
ليست الطبيعة بل (حب) السلطة هو الذي قسم البشرية إلى عبيد وسادة[8].
الله وهب البشرية من تقرير مصيرها (ليس للسيد أن يتحكم في حياة العبد) [9].
هذا الذي يخضع لك بالعادة والقانون هو مساوي لك في كرامة الطبيعة[10].
(خلقت البشرية في الأصل متكاملة) لكل واحد سلطان أن يدير نفسه بلا سيد وقود حياة بلا حزن ولا تعب؛ فماذا يعني أن تُقاد إلا أن تُستعبد[11]؟!
أن تُقسم الخليقة التي retained بحق الطبيعة في المساواة إلى عبيد وقوة حاكمة، قسم يأمر والآخر يخضع هو tyranny و usurpation للنظام الذي وضعه الله[12].
(العبودية هي) اخصاء لتكامل الكائن الحي[13].
حالة الاستقلال والحرية هي ميل الحكمة motion لإرادة الإنسان[14].
أعلى مشكلة للحرية هو أن يكون الإنسان سيد نفسه[15].
2. الله سيد الكل
يقول (السيد) لقد اقتنيت لي عبيدًا وجواري، وقد ولد عبيد في بيتي لأجلي. هل تلاحظ الـ enormity الذي للعجرفة؟ مثل هذا النوع من الحديث هو تحدي لله. إذ نسمع من النبوة أن كل الأشياء عبيد للقوة التي transcends الكل. لذلك عندما يحول أحد ممتلكات الله ليجعلها ممتلكاته، ويُقيم سلطانًا arrogates على جنسه ظانًا أنه يملك رجالاً ونساء، فإن ما يفعله أليس إلا أنه overstepping طبيعته بالكبرياء، ظانًا في نفسه أنه شيء مختلف عن الخاضعين له؟ [16].
3. الطبيعة البشرية حرة
"اقتنيت عبيدًا وجواري".
ماذا تُعني؟ تلزم إنسانًا بالعبودية بينما طبيعته حرة وله إرادة حرة (تقرر مصير نفسه)،وأنت legislate في منافسة مع الله، محولاً شريعته إلى شريعة بشرية. لقد وضع سمات معينة ليكون هو ملك الأرض، وعين أن تُدار حياة الإنسان بواسطة الخالق، هذا الذي أنت تأتي به إلى نير العبودية، وكأنك defying وتحارب القانون الإلهي[17].
4. لماذا تتعدى حدود سلطانك؟
لقد نسيت حدود سلطانك، قانونك هو أن تسيطر على الأشياء غير العاقلة، فقد كتب: "ليسيطروا" على الطيور والأسماء وذوي الأربعة أرجل والزجافات. لماذا تتعدي الحدود في ما يخضع لك وتقيم نفسك فوق من هم أحرار، حاسبًا من هم من جنسك كمن في مستوى ذوي الأربعة الأرجل بل وفي مستوى من لا أرجل لهم؟
"أخضعت كل الأشياء للإنسان، هكذا تعلن كلمة النبوة، وجاء في النص الأشياء الخاضعة: "الغنم والثيران والقطيع. حقًا لم يولد الإنسان من قطيعك! لم تحبل البقر بقطيع بشري! الكائنات غير العاقلة هي وحدها العبيد الوحيدين للإنسان...
بتقسيمك البشر إلى "عبيد" و "ملاك" تجعل من البشرية تَستعبد نفسها، وتملك نفسها![18]
5. أي ثمن دفعته لشراء عبيدك؟
"اقتنيت لي عبيدًا وجواري"
أخبرني بأي ثمن؟ ماذا وجدت في المسكونة ما يُضاهي الطبيعة البشرية؟
أيّ ثمن تقدمه مقابل التعقل (لأن العبد إنسان عاقل)؟
كم obole يمكن دفعه مقابل التشبه بالله (لأن العبد على شبه الله)؟
كم staters أخذت عندما بعت كائنًا شكَّله الله؟
يقول الله: "لنصنع الله على صورتنا ومثالنا". فإن كان على شكل الله ويسيطر على الأرض، ووُهب سلطانًا على كل ما على الأرض من قبل الله، فمن يكون الشاري؟ أخبرني! من بائعه؟ هذا السلطان هو لله وحده، بل وحتى ليس لله نفسه. لأن عطاياه السخية لا تُرد. الله لا يريد أن ينزل بالجنس البشري إلى العبودية، إذ هو نفسه - عندما صرنا عبيدًا للخطية - تلقائياً دعانا إلى الحرية. إن كان الله لا يستعبد ما هو حر، من هو ذاك الذي يجعل سلطانه فوق الله؟[19]
6. هل يُباع العبد مع ما يمتلكه؟ الأرض كلها!
يرى البعض أنه بحسب القانون الروماني عندما يُباع عبد لا تشمل عملية البيع ممتلكات العبد (مثل ثيابه)، لكن القديس غريغوريوس وهو يوبخ من يشترك في عمليات بيع أو شراء العبيد يتحدث بلغة الإنسان الروحي والواعظ لا المحامي ورجل القانون، إذ يرى من العار أن يُباع الإنسان وهو كائن حرّ مع ما يملكه فقد أقام الله الإنسان ليُسيطر على الأرض كلها.
كيف أيضًا صاحب السلطان على كل الأرض وكل الأمور الأرضية يُعرض للبيع؟ فإن ما يملكه الشخص المبُاع تربط به وتُباع معه أيضًا. ماذا تكون قيمة الأرض كلها؟ كم هي هذه التي على الأرض؟ إن كانت لا تقّدر بثمن، فأي ثمن يُقدم عن ذاك الذي فوق الكل؛ اخبرني...
ذاك الذي يعرف طبيعة البشرية بحق يقول أن كل العالم لا يستحق أن يقدم مقابل نفس بشرية. لذلك عندما يُقدم كائن بشري للبيع أليس أقل من مالك الأرض يُعاد إلى مزاد للبيع.
لنفرض إذن أن الأشياء التي يمتلكها تُقدم أيضًا للمزاد. هذا يعني أن الأرض كلها، والجزائر، والبحار وكل ما فيها مقدمة للبيع. ماذا سيدفع المشتري؟ ماذا يقبل الـ vendor، واضعًا في حساباته بالتفصيل كم هي الممتلكات موضوع الصفقة[20].
7. كيف يُكتب عقد بيع العبد؟
يرى القديس غريغوريوس أن الله الذي وهب الإنسان
أن يسيطر على العالم كله كيف لورقة وقلم أن يُسجلا بيعه وشراءه!
هل قطعة من الورق، والعقد المكتوب، وعدّ العملة يخدعك ظانًا في نفسك أنك صرت سيدًا عل صورة الله؟ أية غباوة هذه؟! فإن فُقد العقد، إن كل العث الكتابة، أورشليم سقط عليها نقطة ماء فأفسدتها، أيّ ضمان لك من جهة عبوديتهم؟ ما الذي يُعضد لقبك كمالك[21].
لم يتحدث القديس غريغوريوس صراحة عن الثمن الذي
دفع عن كل نفسٍ بشرية، وهو دم السيد المسيح الذي اشترانا، ولن تستطيع قوة أن تنتزع
هذا الصك أورشليم تفسده أورشليم تمحيه. لقد اشترينا جميعًا بثمنٍ، ولا يستطيع أحد
منا أن يشتري أخاه!
8. اختلاف في اللقب لا غير
يرى القديس غريغوريوس أن الاختلاف بين السيد
والعبد هو في اللقب لا غير، لكنهما شريكان في كل شيء.
لا أرى أن لك سمو على الخاضعين لك من اللقب سوى
اللقب وحده.
ماذا يقدم لك هذا السلطان كشخص؟ لا يهبك longirty ولا جمالاً ولا صحة، ولا سموًّا في الفضيلة.
أصلك من نفس الأسلاف التي ينسب إليها، وحياتك من
نفس نوع حياته، آلام النفس والجسد تحوط بك يا من تملكه وبالذي يخضعلمكيتك: من آلام
ومسرات، merriments
ومصائب، أحزان ومباهج، ثورات ومخاوف، أمراض وموت. هل يوجد خلاف في هذه الأمور بين
العبد ومالكه؟ ألم ينسحب إلى ذات الهواء الذي يتنفسه؟ ألا يصير الاثنان ترابًا
واحدًا بعد الموت؟ أليست دينونة واحدة للإثنين؟ ملكوت واحد وجهنم واحد!
إن كنتما متساويين في كل مثل هذه الأشياء ففي شيء أنت أعظم؟ أخبرني وأنت بشري تظن أنك سيد لكائن بشري؟ ويقول: "اقتبس عبيدًا وجواري"، وكأنهم قطيع من الماعز أورشليم الخنازير[22].
دعوة لعتق العبيد
في عظة له على عيد القيامة المجيد حث القديس
غريغوريوس أسقف نيصص السادة على تحرير عبيدهم كما حررنا السيد المسيح بقيامته من
عبودية الخطية.
[الآن هل تحرر المسجونون، وعُفي عن المدينين، وعتق العبيد بإعلان صالح ولطيف من قبل الكنيسة؟!...
لقد سمعتم أيها السادة، أعطوا اهتمامًا لقولي كقول صادق.
لا يهينوني لدى عبيدكم متطلعين إلى اليوم كعظة لبلاغية باطلة.
انزعوا الألم عن النفوس المتضايقة كما ينتزع الرب الموت عن الأجساد،
وحولوا عارهم إلى كرامة،
وضيقهم إلى فرح،
وخوفهم من أن يتحدثوا إلى انفتاح.
احضروا المطروحين في الزوايا كما من قبورهم،
اجعلوا جمال العيد يزهر كزهرة فوق كل أحدٍ[23].
في موضع آخر يقول:
[اللطف يزهر في... تقديم يد سخية لعبيدٍ نالوا سعادة قليلة في بدء عبوديتهم، وعانوا مرارة في حياتهم بعد[24].]
وفي حديث أخر يعتقد القديس غريغوريوس أن المجتمع
المسيحي يلزمه أن يلتزم بالمساواة، لذا يجب انتزاع العبودية وكل ظلم من الجماعة
الكنسية.
[لتمحى الاختلافات الاجتماعية، فلا يوجد خضوع وسلطة، فقر و opulence scum، وإشراف، plebeian منحط وأسرة مكرمة، ولا مجال لعدم المساواة... لنحكم المساواة السياسية والتشريعية، وتوزع على كل واحدٍ في كمال الحرية وبطريقة مملوءة سلامًا ليختار ما يريده[25].]
[1] Council of
Gangra Canon 3.
[2] In 1 Cor. hom
40:5.
[3] In Matt. hom
63:4.
[4] In 1 Cor. hom.
40:5, in Eph. hom 22:2.
[5] De rebus suis 80-82.
[6] De Spiritu Sancto 20:51.
[7] De
Beatitudinibus,1.
[8] De
Oratione Dominica, 5.
[9] Ibid.
[10] Ibid.
[11] De
Beatitudinibus, 3.
[12] Contra
Eunomium, 1:35.
[13] Antirrheticus
adversus Apollinaruim, 23.
[14] De
Hominis Oplficio 16:14 PG. 44:185 A.
[15] De
Beatitudinibus, 8.
[16] In
Eccles. Hom., 4.
[17] Ibid.
[18] Ibid.
[19] Ibid.
[20] Ibid.
[21] Ibid.
[22] Ibid.
[23] In
Sanctum Pascha.
[24] Contra
Usurarios.
[25] De
Morstuis.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق