هذا
الشاهد وأربعة شواهد أخرى (مزمور 118: 26، دانيال 9: 26، حجي 2: 7- 9، زكريا 11:
13) تفيد أن المسيا سيأتي وهيكل أورشليم قائم. وهذه النبوة ذات دلالة عظيمة،
خصوصاً إذا علمنا أن الهيكل أخرب سنة 70م ولم يقم منذ ذلك الوقت!
«وبعد اثنين وستين أسبوعاً يقطع المسيح وليس له، وشعب رئيس آت يخرب المدينة والقدس» (دانيال 9: 26).
وهذه
النبوة مذهلة، فهي تقدم الأحداث التالية بحسب ترتيبها الزمني:
1-
المسيا يأتي.
2-
المسيا يقطع (يموت).
3-
تخرب المدينة (أورشليم) والقدس (الهيكل).
وقد
أخرب تيطس الروماني وجيشه أورشليم والهيكل عام 70م. فإما أن يكون المسيا قد جاء،
أو أن تكون النبوة كاذبة!
تحقيق النبوة
في
(دانيال 9: 24- 27) تذكر النبوة ثلاثة أمور محددة عن المسيح، وهي تشمل سبعين
أسبوعاً (من السنين)، أو 490 سنة. أولاً: تذكر النبوة أنه في نهاية تسعة وستين
أسبوعاً، سوف يأتي المسيح إلى أورشليم (نفهم من قوله «سبعين سنة» في (دانيال 9: 2)
أن المقصود بقوله «سبعة أسابيع واثنان وستون أسبوعاً» هو تسعة وستون أسبوع سنين).
وتبدأ الأسابيع التسعة والستون (483 سنة من حاصل ضرب 69* 7) من صدور القرار بإعادة
بناء أورشليم بحسب الآية 25.
ثانياً:
تذكر النبوة أنه بعد أن يأتي المسيح، سيُقطع (أي يموت). ثم يأتي رئيس ليخرب
أورشليم والهيكل ويتمم الأسبوع الأخير من السبعين أسبوعاً أو 490 سنة.
وطبقاً
لما ورد في (دانيال 19: 24- 26)، سوف يحدث كل هذا عند تمام تسعة وستين أسبوع سنين.
ولكن (دانيال 19: 24) يذكر سبعين أسبوعاً (7 + 62 + 1)، وليس تسعة وستون. وهو يصف
الأسبوع الأخير في الآية 27. ويعتقد الكثير من الدارسين أن هذه الآية تصف شخصاً
وزمناً آخر غير ما ورد في الآية 26. فمع أن الكاتب يشير إلى «رئيس»، فربما كانت
هذه الإشارة إلى رئيس آخر سيأتي في نهاية الأزمنة. (ومن الأمور الشائعة في النبوات
ازدواج الإشارة، فمثلاً يمكن أن تشير النبوة إلى الملك داود وإلى المسيا الآتي في
ذات الوقت). ويؤيد هذا الرأي أن الرئيس في الآية 27 سوف يبطل ممارسات العبادة في
الهيكل اليهودي، ولكنه يقول في الآية 26 إن الرئيس قد أخرب الهيكل! ومن ثم فإن هذا
الرئيس قد يأتي في النهاية بعد بناء الهيكل، وهو ما لم يحدث بعد. وبغض النظر عن
طريقة تفسير الأسبوع السبعين (وهو يمثل السنوات السبع الأخيرة في النبوة)، فإن
الجزء الأول من النبوة يمكن دراسته تاريخياً[1]
ولمزيد من الدراسة حول هذه النبوة انظر المرجع التالي: (Chronological Aspects of the life of Christ)
نص
النبوة
«سبعون أسبوعاً قضيت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة لتكميل المعصية وتتميم الخطايا ولكفارة الإثم وليؤتى بالبر الأبدي ولختم الرؤيا والنبوة ولمسح قدوس القدوسين. فاعلم وافهم أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع واثنان وستون أسبوعاً يعود ويُبني سوق وخليج في ضيق الأزمنة. وبعد اثنين وستين أسبوعاً يقطع المسيح وليس له وشعب رئيس آت يخرب المدينة والقدس وانتهاؤه بغمارة وإلى النهاية حرب وخرب قضي بها. ويثبت عهداً مع كثيرين في أسبوع واحد وفي وسط الأسبوع يبطل الذبيحة والتقدمة وعلى جناح الأرجاس مخرب حتى يتم ويصب المقضي على المخرب» (دانيال 9: 24- 27).
تفسير
النبوة
العناصر
الرئيسية في النبوة
عن
مذكرات الدكتور چيمس روسكب، الأستاذ بمعهد لاهوت تالبوت، كاليفورنيا فيما يختص
بشعب دانيال، إسرائيل، ومدينته أورشليم (الآية 24) تذكر النبوة رئيسين:
1-
المسيح (آية 25).
2-
رئيس آت (آية 26).
وفترة
زمنية مداها سبعون أسبوعاً (آية 24):
1-
كفترة زمنية واحدة (آية 24).
2-
مقسمة إلى ثلاث فترات: سبعة أسابيع، اثنان وستون أسبوعاً، أسبوع واحد. (الآيات 25،
27).
وتحدد
النبوة بداية السبعين أسبوعاً (آية 25).
يأتي
المسيح في نهاية تسعة وستون أسبوعاً (آية 25).
يخرب
المدينة والقدس شعب رئيس آت (آية 26).
يقيم
الرئيس الآتي عهداً مع إسرائيل في بداية الأسبوع الأخير (آية 27)، وينقض العهد في
وسط الأسبوع (آية 27).
في
نهاية الأسابيع السبعين، سوف يكون لإسرائيل بر أبدي (آية 24).
المدى
الزمني لعبارة «سبعون أسبوعاً»
1-
كلمة «أسبوع» في العبرية هي Shabua
وتعني «سبعة»، وعلى هذا فإن سبعين أسبوعاً هي سبعون سبعة.
2-
كان اليهود يتحدثون عن أسبوع أيام أو أسبوع سنين. «وكان ذلك في بعض الأحيان، أكثر
أهمية بالنسبة لهم».[2]
3-
يتضح ذلك من النص الوارد في لاويين: "«وَتَعُدُّ لَكَ سَبْعَةَ
سُبُوتِ سِنِينَ. سَبْعَ سِنِينَ سَبْعَ مَرَّاتٍ. فَتَكُونُ لَكَ أَيَّامُ
السَّبْعَةِ السُّبُوتِ السَّنَوِيَّةِ تِسْعًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً." (لا
25: 8). حيث يذكر أسابيع السنين. وهناك ما يجعلنا نقرر أن السبعين أسبوعاً التي
وردت في دانيال هي أسابيع سنين:
1-
تحدث دانيال عن أسابيع السنين ومضاعفات العدد سبعة في بداية هذا الأصحاح (دانيال
9: 1 و2).
2-
كان دانيال يعلم أن السبي البابلي يرجع إلى عدم حفظ سنة اليوبيل. ولما كان اليهود
في السبي 70 سنة فيكون عدم حفظهم لليوبيل قد استمر 490 سنة (لاويين 26: 32- 35، 2
أخبار أيام 36: 21، دانيال 9: 24).
3-
تشير القرينة إلى أن المقصود هنا سنوات.
4-
في دانيال 10: 2، 3 يتحدث دانيال عن «ثلاثة أسابيع أيام». ولو أنه قصد هنا أسابيع
أيام لقال ذلك.
طول
السنة النبوية
يجب
أن نحدد طول سنة التقويم المستخدمة في الكتاب المقدس تبعاً للكتاب المقدس ذاته:
1-
من الناحية التاريخية: قارن تكوين 7: 11 مع تكوين 8: 4، وقارن كلا النصين مع تكوين
7: 24 وتكوين 8: 3.
2-
من الناحية النبوية: يشير الكتاب المقدس في كثير من المواضع إلى «الضيقة العظيمة»
تحت مسميات شتى، ولكن جميعها تشترك في احتساب السنة 360 يوماً:
-
دانيال 19: 27: «في وسط الأسبوع» وواضح هنا أن المقصود ثلاث سنوات ونصف.
-
دانيال 7: 24 و25 «زمان وأزمنة ونصف زمان». وتترجم هذه العبارة حرفياً ثلاثة أزمنة
ونصف.
-
رؤيا 13: 4- 7: «اثنين وأربعين شهراً» -أي ثلاث سنوات ونصف.
-
رؤيا 12: 13 و14 «زماناً وزمانين ونصف زمان».
-
رؤيا 12: 6 «ألفاً ومئتين وستين يوماً» -أي ثلاث سنوات ونصف.
بداية
السبعين أسبوعاً
اقترح
الدارسون أربع قرارات في تاريخ إسرائيل يمكن اعتبار كل منها بداية للسبعين أسبوعاً
وهي:
1-
قرار الملك كورش عام 539 ق.م. (عزرا 1: 1- 4).
2-
قرار الملك داريوس عام 519 ق.م. (عزرا 5: 3- 7).
3-
قرار الملك أرتحشستا لعزرا عام 457 ق.م. (عزرا 7: 11- 16).
4-
قرار الملك أرتحشستا لنحميا عام 444 ق.م. (نحميا 2: 1- 8). (Hohner, CALC, 131)
إلا
أن أنسبها هو قرار الملك أرتحشستا إلى نحميا.
ويعلق
ج. د. ويلسون على بداية الفترة التي تشير إليها النبوة قائلاً: يشار إلى هذا الأمر
الملكي في (نحميا 2). وكان ذلك في السنة العشرين للملك أرتحشستا. ولا يذكر نص هذا
الأمر، ولكننا يمكن أن نعرف مضمونه بسهولة. يسمع نحميا عن حالة الخراب التي تقبع
فيها مدينة أورشليم، فيتملكه الحزن. وعندما يسأله الملك عن سبب ذلك يجيبه نحميا:
«المدينة بيت مقابر آبائي خراب وأبوابها قد أكلتها النار». وعندما يسأله الملك عن
طلبه فإنه يطلب أن يصدر الملك أمراً «بإرساله إلى مدينة أورشليم ليبنيها. وبالفعل
يرسله الملك إلى هناك، حيث يعيد بناء أورشليم.
إذن
فهذا هو «الأمر لتجديد أورشليم». وليس هناك أمر ملكي آخر يعطي الحق في إعادة بناء
المدينة مثل هذا الأمر الذي يذكره لنا سفر نحميا ويذكر لنا كيف كان يتم العمل في
إعادة بناء المدينة. ولقد وضع البعض نظريات مختلفة حددت قرارات ملكية مختلفة
لبداية هذه الفترة، ولكن لا يخلو أي منها من الشك.
أما
الأمر الوارد في (نحميا 2) فهو الأمر بتجديد أورشليم، وليس أي من الأوامر الأخرى
يصرّح لبناء مدينة أورشليم. فجميع الأوامر الأخرى تشير إلى بناء الهيكل فقط.
لقد
صدر هذا الأمر عام 444 ق.م. بناءً على ما يلي:
1-
«في شهر نيسان، في السنة العشرين لأرتحشستا الملك» (نحميا 2:1).
2-
ارتقى أرتحشستا العرش عام 465 ق.م.
3-
عندما لا يحدد الكاتب العبري يوم الشهر يكون المقصود عادة اليوم الأول من الشهر.
ومن ثم يكون تاريخ صدور الأمر 1نيسان 444 ق.م.
4-
وبحسب تقويمنا يكون اليوم هو 5 مارس 444 ق.م.
نهاية
الأسابيع السبعة الأولى:
1-
استغرق إعادة بناء المدينة 49 سنة (آية 25).
2-
تجدر الإشارة هنا إلى أن نهاية النبوة اليهودية وأسفار العهد القديم جاءت بعد 49
سنة من عام 444 ق.م، وهو تاريخ كتابة سفر ملاخي آخر أسفار العهد القديم.
لو
صحت نبوة دانيال، فإنه من الأمر بتجديد أورشليم (1نيسان 444 ق.م.) إلى مجيء المسيح
إلى أورشليم 483 عاماً (تسعة وستون أسبوع سنين)، وكل عام يساوي 360 يوماً بحسب
السنة النبوية اليهودية، أي 173.880 يوماً.
والحدث
الختامي في التسعة والستين أسبوعاً هو ظهور المسيح نفسه لإسرائيل باعتباره المسيا
المنتظر، كما تنبأ عنه زكريا 9: 9. وبعد دراسة مستفيضة لنبوة دانيال وتواريخ
الأحداث المتصلة بها، قال هارولد هوهنر:
إن
حاصل ضرب 69 أسبوعاً * 7 سنوات * 360 يوماً= 173.880 يوماً. والفرق بين عام 444
ق.م. و 33 م. هو 476 سنة شمسية. وإذا ضربنا هذا الرقم * 365.24219879 أي * 365
يوماً و 5 ساعات و 48 دقيقة و 45.975 ثانية (إذ أن السنة الشمسية بها 1/4 365
يوماً تقريباً)، فإننا نحصل على 173.855 يوماً و 6 ساعات و 52 دقيقة و 44 ثانية أو
173.855 يوماً. وبطرح هذا الرقم من الفرق بين عامي 444 ق.م. و 33 م. يتبقى 25
يوماً. وإذا أضفنا 25 يوماً على التاريخ السابق الذي يبدأ من يوم 5 مارس (عام 444 ق.م.)،
فإننا نصل إلى يوم 30 مارس (عام 33م) 10 نيسان 33م. وهذا يوافق دخول المسيح
الانتصاري إلى أورشليم.[3]
الفترة
بين التسعـة والستين أسبوعاً والأسبوع السبعين
بعد
تمام تسعة وستين أسبوعاً وقبل بداية الأسبوع السبعين، هناك حادثتان هامتان لابد أن
تحدثا:
1-
«يقطع المسيح» (دانيال 9: 26). وقد صلب المسيح في 3 نيسان 33 م الموافق يوم الجمعة
التالي لدخوله الانتصاري إلى أورشليم.
2-
خراب أورشليم والهيكل (دانيال 9: 26).
ويناقش
ويلسون هذه النبوة قائلاً:
وبعد
ذلك أرسل القائد الروماني (تيطس) جيشاً ليخرب مدينة أورشليم والهيكل. وكان هذا
الخراب تاماً. فإنه لم يدنس الهيكل فقط كما فعل أنطيوخس أبيفانس، ولكنه هدمه. ومنذ
ذلك الوقت لم يقم الهيكل في أورشليم. وانتهت بذلك العبادة الطقسية اليهودية. ولم
ولن تعد مرة أخرى. فمنذ سقوط أورشليم لم يعد هناك كهنوت يقيمها، إذ قتل كل نسل
هارون. وليس هناك ذبائح كهنوتية أو كفارة يقوم بها رئيس الكهنة بعد، لأنه بحلول
هذه الكارثة، انقضى العهد القديم. فعندما قدَّم حمل الله في الجلجثة أبطله، إلا أن
مظهره الخارجي بقى لأربعين سنة. وانتهى ذلك بخراب أورشليم في عام 70م.[4]
الخلاصة
كانت
نبوات دانيال عن المسيح دقيقة للغاية عندما تحدث عن السبعين أسبوعاً. وحتى مع
افتراض أن تاريخ كتابة سفر دانيال كان عام 165 ق.م.، تكون هذه الأحداث قد حدثت بعد
التنبؤ بها بما لا يقل عن مائتي عام. وهي تشمل:
1-
مجيء المسيح.
2-
موت المسيح.
3-
خراب أورشليم واليهكل.
أما
الجزء الثالث من النبوة والذي يتعلق بالأسبوع السبعين فهو لم يتم بعد.
[1]
Hoehner, Harold. Chronological
Aspects of the Life of Christ. Grand Rapids: Zondervan Publishing House, 1977., 17
[2]
McClain, Alva J. Daniel’s Prophecy of the Seventh. Grand
Rapids: Zondervan Publishing House, 1972., 13
[3]
Hoehner, Harold. Chronological Aspects of the Life of
Christ. Grand Rapids: Zondervan Publishing House, 1977., 138
[4]
Wilson, Joseph D. Did Daniel Write Daniel? New York:
Charles C. Cook, n.d., 148, 149
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق