”أمريض أحد بينكم فليدع قسوس الكنيسة فيصلوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب. وصّلاة الإيمان تشفى المريض والرّبّ يقيمه. وان كان قد فعل خطية تغفر له“ (يع 5: 14و15)
قد مارس الرسل هذا السرّ عندما أرسلهم المسيح
للكرازة كما قال مرقس الانجيلى ”ودهنوا بزيت مرضى كثيرين فشفوهم“ (مر6: 13)
والأرثوذكسيّة
لا تؤمن بأن سرّ الزيت (أو مسحة المرضى) يجلب الصحة للمريض بصورة آلية. أنّه يجلب
أحيانًا الشفاء، وإلا فإنه يؤثّر على المريض في العمق ويمنحه القوى الروحية التي
يحتاجها لاستقبال الموت:
لهذا السرّ وجهان، واحد يتجه للشفاء، والثاني للخلاص من المرض من طريق الموت.[1]
يعرف هذا السرّ في
الكنيسة الكاثوليكية (بالمسحة الأخيرة) التي تعطى للمحتضرين فقط، وقد أُهمل مفهوم
الشفاء كليًا. أما في الكنيسة الأرثوذكسيّة، فيعطى هذا السرّ لكل مريض كائنة ما
كانت خطورة مرضه.
فالقديس أوريجانوس عند تعداده الوسائط للحصول على
غفران الخطايا، كالمعموديّة والاستشهاد قال:
”وهنا يتم ما قيل من يعقوب الرسول: أمريض أحد بينكم فليدع قسوس الكنيسة فيضعوا عليه الأيدي ويمسحوه بزيت باسم الرّبّ وصّلاة الإيمان تخلص المريض وإن كان مرتكبًا لخطايا تغفر له“.
ولنلاحظ هنا في قول أوريجانوس أنّه أبدل عبارة
الرسول ”يصلوا عليه“ بقوله ”يضعوا علية الأيادي“ وبذلك يشير إلى العادة الجارية
منذ الأزمنة الأولى حتّى الآن في تتميم سرّ الزيت، وهيَ وضع الكاهن يده على
رأس المريض حين يصلي عليه. ومن كلام أوريجانوس نستنتج أيضًا أنّه لا يضع فاصلًا
بين سرّيّ التوبة والمسحة بالزيت لأنّه يتكلم عن الواحد بعد الآخر، وهذا يدل على
أن سرّ المسحة كان يتمّم قديمًا بعد سرّ التوبة.
والقديس يوحنا ذهبيّ الفم يقول عند مقابلته بين
الكهنة والآباء الجسديين:
”أمّا أولئك (أي الوالدين) فيلدوننا لهذه الحياة وأمّا هؤلاء فلتلك. أولئك لا يستطيعون أن ينقذنونا من الموت الجسديّ ولا أن يزيلوا مرضًا يتسلّط علينا. وأمّا هؤلاء فكثيرًا ما خلَّصوا نفسًا مريضة وقريبة من الهلاك، وجعلوا عذاب البعض خفيفًا جدًّا، ولم يدعوا كثيرين أن يسقطوا في عذاب أو أن يدنوا منه، ليس بالتعليم والإرشاد فقط بل بمساعدتهم بالصّلوات أيضًا. لإنَّ سلطانهم في غفران الخطايا لا ينحصر في البرهة التي يلدوننا فيها بالمعموديّة بل يمتد إلى ما بعدها أيضًا. لإنّه يقول: ”أمريض أحد بينكم فليدع قسوس الكنيسة فيصلوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرّبّ وصّلاة الإيمان تشفى المريض والرّبّ يقيمه وإن كان قد فعل خطية تغفر له“. ثمّ إنّ الوالدين الطبيعيّين لا يستطيعان أن ينفعا أولادهما بشيء إذا سقطوا تحت غضب أحد من ذوي التقدُّم والاقتدار في هذه الدار، لكن الكهنة يسترضون لهم لا رئيسًا ولا ملكًا أرضيًّا، بل الله ذاته الذي يغضبونه مرارًا كثيرة“.[2]
والقديس كيرلس السكندري يقول وهو يحارب السحر:
”أمّا أنت فإذا كنت موجعًا في أجزاء جسدك وآمنت بالحقيقة إنّ دعاءك باسم رّبّ الصباؤوت وسائر أنواع الدُعاء التي ينسبها الكتاب الإلهيّ لله بحسب طبيعته تحلّ مصيبتك، فصل هذه الكلمات وادع بها عن نفسك لأنك تعمل عملًا أفضل من أولئك المؤمنين بالسحر، إذا كنت تقدِّم المجد لله لا للأرواح النجسة. وإنّنى لمتذكر الكتاب الإلهيّ حيث يقول ”أمريض أحد بينكم فليدع قسوس الكنيسة فيصلوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرّبّ وصّلاة الإيمان تشفى المريض والرّبّ يقيمه وان كان قد فعل خطية تغفر له“.[3]
ويبيّن القديس غريغوريوس في كتابه في الأسرّار
كيفية تتميم سرّ الزيت مع صلواته، وفيه يذكر أن الكاهن يمسح المريض بزيت على اسم
الآب والابن والروح القدس ويقول له:
”لا يبق فيك الروح النجس مختفيًا بل فلتسكن فيك قوة المسيح الإله والروح القدس لكي تشفى بتتميم هذا السرّ وبمسحة الزيت المُقدّس، وبصلواتنا بقوة الثالوث القدوس وتعود إلى الصحة التامة“.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق