الأربعاء، 12 مايو 2021

ان كان الله يعلم مصير الانسان الشرير فلماذا يخلقه ؟

 

ان كان الله يعلم مصير الانسان الشرير فلماذا يخلقه ؟

- ان كان الله قد رأي حدث فهو قد رأي حدث حادث بالفعل لان الله ليس عنده زمن و الكل حاضر امامه فكيف لا يخلق الله انسان هو موجود بالفعل و رأه يفعل الشر ..بمقتضى علم الله السابق" (1بطرس 2:1)

- والإنسان يُخطئ بإرادته الحرة. فعلم الله شئ، وأن يرسم الله الطريق لشخص ان يسير فيه (القدر) شئ اخر .. فالله قد رآي ما حياتي امامه و ما سأفعله بإرادتي الحرة نتيجة قدرته اللامحدودة في المعرفة وأنه فوق الزمان وكل شئ ظاهر امامه .. لكنه لم يرسم لي ان افعل هذا الامر.

- الله يستخدم حتي شرور الانسان لمجد اسمه وتعضيد المؤمنين وتعيذتهم وايضاً تزكية الايمان بالاختبار وتأديب الانسان كما يقول الرب (أنا أكون له أبا وهو يكون لي ابنا. إن تعوج أؤدبه بقضيب الناس وبضربات بني آدم) ( 2صم 7 : 14 )

- الله لا ييأس من البشر ومن الاشرار ولا ينزع عنهم رحمته ويظل الله معهم بالتأديب وبالمراحم وبكل طرق الله التي تفوق ادراك البشر بحسب حالة و قدرات كل شخص حتي يعود اليه (إذا قلت للشرير موتًا تموت. فإن رجع عن خطيته وعمل بالعدل والحق فإنه حياة يحيا، لا يموت) (خر 33: 14 16) (تارة أتكلم عن أمة بالقلع والهدم والإهلاك، فترجع تلك الأمة التي تكلمت عليها عن شرها، فأندم على الشر الذي قصدت أن أصنعه بها) (إر 18: 7، 8)

- ان الجحيم ليست مكاناً يوضع فيه البشر ويحترقون بنار ماديه .. بل الجحيم هي مكان بعيد عن الله مصدر الحياة والحب والفرح .. فمن عاش بعيداً عن الله في هذه الحياه كيف يعيش معه في الحياة الاخري .. سيكون الشرير في المكان الذي اختاره بعيداً عن الله.

يقول القديس اغسطينوس : لم لا يخلق الله الانسان وان سبق ان علم بخطيئته مادام سوف يكافئه ان استقام خلقه ، ويعيده الي الصواب ان عثر ، ويساعده ان نهض ،وهو الممجد في كل مكان وزمان بصلاحه وعدله ورافته ؟
لقد خلقه لانه كان يعلم مسبقا بأن قديسين سيأتون ويولدون من سلالته الصائرة الي الموت مصممين علي تمجيد خالقهم من دون انفسهم . واذ يعبدونه ويتحررون من كل فساد يستحقون ان يحيوا مع الملائكة في سعادة خالدة .
خلق الله الناس احرار ، يعبدونه احرارا، بعيدين عن كل حتمية واستعباد
. (1)

يقول القديس يوستينوس : وعندما خلق الله الانسان في البدء وهبه قوة الفهم واختيار الحق وعمل الصواب ولذلك فإن كل الناس بلا عذر امام الله لانهم ولدوا قادرين علي التفكير والتأمل. وان كان احد لا يؤمن بهذه الامور فكأنه يقول إما ان الله غير موجود، او انه موجود و لكنه يسعد بالشر او انه مثل الحجر لا يتأثر. (2)


و يقول القديس يوحنا الدمشقي : اعلم ان الله يسبق ويعلم كل شئ وانه لا يسبق ويحدد كل شئ. فهو يسبق و يعرف ما هو في استطاعتنا ولكنه لا يسبق فيحدده، فهو لا يشاء حدوث الشر ولا يقتصر الفضيلة، حتي ان سابق التحديد يكون تلبية امر سبق الله و عرفه. وانه تعالي يسبق ويحدد الامور التي ليست في استطاعتنا. فإن الله، نظراً لمعرفته السابقة، يحدد للحال كل شئ بحسب صلاحه وعدله.
واعلم ان الفضيلة قد زُرعت في طبيعتنا من قبل الله الذي هو نفسه بدء كل صلاح وعلته وبدون مساعدته ونجدته لا يمكننا ان نريد الصلاح او ان نعمله. وان في استطاعتنا إما ان نستمر في الفضيلة وان نتبع الله الذي يدعونا اليها، واما ان ننحرف عن الفضيلة - وهذا يعني ان نصير في الرزيلة - ونتبع الشيطان الذي يدعونا اليها بدون اغتصاب.
 (3)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - تعليم المبتدئين اصول الدين . ترجمة الخور اسقف يوحنا الحلو . ص 57
2 - القديس يوستينوس الفيلسوف و الشهيد . اصدار دار بناريون الدفاع الاول فصل 28 ص 57
3 - المائة مقالة في الايمان الارثوذكسي . ص 143

ليست هناك تعليقات: