يجدر بنا هنا أن نشير إلى أن الكنيسة منذ لحظة انطلاقها بأمر الرب العلني وبقوة دفع الروح القدس، وبسلطان إلهي ظهر على لسان بطرس الرسول أنه قادر أن يميت ويحيي بكلمة - كما حدث في حالة حنانيا وسفيرة - هكذا وضحت الكنيسة للعالم أنها إلهية منذ أول لحظة، وهكذا استمرت بالتلاميذ ثم الأنبياء ثم الأساقفة والقديسين تنطق باستعلان إلهي في ما يخص رسالة الخلاص في الإنجيل، وكل نطق إلهي في ما يخص عمل المسيح بالإنجيل حُفظ فيها كقضية مسلَّم بها أنها نطق إلهي. وكان هو التقليد: «وإذ كانوا يجتازون في المدن كانوا يسلِّمونهم القضايا التي حكم بها الرسل والكهنة والشيوخ الذين في أُورشليم ليحفظوها» (أع 4:16). هذه التي على أساسها كان يُبنى الشرح والتعليم، لا كأنه تعليم اجتهادي، بل كان يُنظر إليه بكل هيبة ووقار أنه تعليم الرب، أو بصورة مختصرة: “كلمة” الله ذاتها.
لهذا فإن التعليم بحسب التقليد الرسولي في الكنيسة في ما يخص الإنجيل والخلاص والكلمة، كان هو المرجع النهائي الثابت غير القابل للنقاش، والمُلزم للمؤمنين، ليس من جهة التصديق العقلي، بل من جهة الحياة المنبثقة منه. وكان هذا هو مفهوم الإيمان De fide قبل أن يصبح له قانون ومجامع.
وهذا يوضِّح لنا أن المسيحية إيمان بالتسليم الحي المنحدر من “الكلمة = اللوغوس” الحي، عَبْر الرسل، أو أن الإيمان هو هو الكلمة المحيي المذخر بالتقليد وبالإنجيل في الكنيسة، وليست المسيحية موضوع نقاش لاهوتي أو صراع فكري استقر على صورة ما.
فالإيمان كما تقدِّمه الكنيسة منذ البدء هو تعليم محيي، هو “الكلمة” نفسه “هو الحق الكلي”، ولا يمكن أن يؤخذ منه جزءٌ ويُترك الآخر، أو أن يكون قابلاً للتغيير والتعديل، وقد وضعته الكنيسة من خلال مجمع نيقية في حدود قاطعة مانعة كما يسميها أثناسيوس. فيوضِّح أيضاً هذه الحقيقة الهامة جدًّا بقوله:
[إن كلمة الرب التي تُسلِّمت إلينا من خلال المجمع المسكوني في نيقية هي باقية إلى الأبد.]([2])
وهكذا فإن أثناسيوس حينما يركِّز بشدة على الإيمان بتألُّه الإنسان، فهو كان يتمسَّك بقوة بتقليد الكنيسة القديم من جهة النتيجة المباشرة التي آلت إلى الإنسان بسبب تجسُّد ابن الله وتأنُّسه ثم موته على الصليب الذي به تبرّر الإنسان، والقيامة التي نال بها الإنسان الحياة الأبدية، وهكذا نال الإنسان نصيباً في الطبيعة الإلهية كنتيجة حتمية.
وهنا يُبرز أثناسيوس الاصطلاح التقليدي الذي أصبح ميراث اللاهوت الشرقي كله([3]):
“تألُّه الإنسان”، وهو التعبير المقابل للتجسُّد؛ “فالتأنُّس” يقابله “التألُّه” الذي يعني في اللاهوت الاتحاد بالله، الذي ابتدأ الإعلان الإلهي عنه بإلهام وبتحديد قاطع من بطرس الرسول في رسالته الثانية 4:1 بتعبير الاشتراك في الطبيعة الإلهية، ثم التزم به الآباء إيرينيئوس ومن بعده، وامتد عبر هيبوليتس وأُوريجانوس وآباء آسيا الصغرى إلى أثناسيوس الذي بلغ به إلى القمة من جهة البرهان والشرح والتوضيح.
وهنا ينقسم مفهوم “الاتحاد بالله” أي “التألُّه” في اللاهوت الشرقي إلى اتجاهين:
الأول:
أوريجاني، حيث يعتبر أوريجانوس أن أعلى ما يهدف إليه الإنسان هو أن يعود إلى مصدره الأول بحالته الأُولى التي خُلق عليها.
الثاني:
عند إيرينيئوس وآباء آسيا الصغرى، وهو يختلف تماماً عن أوريجانوس. فإن الإنسان عندهم خُلق لغاية لم يستطع أن يحقِّقها إطلاقاً، وأن فترة الاضطراب العظمى التي وقع فيها الإنسان بسبب دخول عنصر الخطية عليه قد أصلحه وشفاه التجسُّد. والتجسُّد هو الذي حمل الإنسان إلى رأس آخر (المسيح) جديد، غير رأسه الأول آدم الذي انحدر منه، وبذلك فإن التجسُّد حمل الإنسان إلى غاية جديدة أخرى كان يستحيل عليه أن يبلغها لو بقي تحت رئاسته الأُولى القديمة.
وباختصار نستطيع أن نضع هاتين النظريتين هكذا:
1 - عند أوريجانوس كان التجسُّد لعودة الإنسان “إلى” حالته الأُولى.2 - عند إيرينيئوس وأثناسيوس كان التجسُّد لتقدُّم الإنسان وامتداده فوق حالته الأُولى.
وهذا التركيز على هذه الرؤية اللاهوتية بالنسبة لأثناسيوس كان مدخلاً ضمن أسلحته الماهرة لتحطيم الفلسفة العقلانية التي للأريوسيين، التي تؤكِّد على أن اللاهوت عند أثناسيوس بالذات لا ينحصر في دائرة المعرفة Gnosticism، لكنه يخترقها سريعاً ليبلغ الغاية الحقيقية من الخلقة ومن التجسُّد التي تفوق قامة المعرفة البشرية، بل وكل ما للإنسان، وهي الاتحاد بالله، التي يسمِّيها اللاهوتيون الأوائل ذوو الجراءة في الإيمان والتعبير “بالتألُّه”، التي يُقصد منها بحسب التفسير عامة “الاتحاد بالله” أو أحياناً وبصورة خافتة “التبني” لله، أو بحسب تعبير بولس الرسول “ورثة مع المسيح في الله”؛ والتألُّه هو المقابل المتحصِّل من التأنُّس. فكما أن المسيح أخذ بالاتحاد بالجسد البشري كل ما للإنسان (ما عدا الخطية طبعاً ولو أنه حمل عقوبتها)، كذلك فالاتحاد بالمسيح يعطينا كل ما لله أو بحسب تعبير بولس الرسول نأخذ “كل ملء الله”، كما تقول التسبحة السنوية المقدَّسة:
[هو أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له. فلنسبِّحه ونمجِّده ونُزِدْه علواً].
والمسألة في أمر “التألُّه”، أي الاتحاد بالله، ليست هينة، فهي تختص بالإيمان كله وبمنهج العبادة والصلاة والاتصال بالله في الصميم. فلكي نعرف الله لا بد أن نقترب منه، ويستحيل الاقتراب من الله إلاَّ عن طريق “الكلمة” والروح، وهذا هو - الاتصال - الذي يؤدِّي إلى كشف طرق الحكمة الإلهية والذي عليه يبني الإنسان فكره وسلوكه، وهو “الاتحاد بالله” المعتبر هبة الكمال التي أُهِّلت لها طبيعة الإنسان بواسطة “الكلمة”، لما قَبِل أن يتحد بجسد إنسان أي يتأنَّس، فتأنُّس الله أعطى فرصة لتألُّه الإنسان، مع تحفظات في المفهوم اللاهوتي، حيث أن التألُّه لا يُخرج الإنسان عن إنسانيته ولا يستنفذ كل ما لله، حيث ما يتحصَّل عليه الإنسان من الاتحاد بالله لا يوصِّله إلاَّ إلى كمال صورة الله الذي خلقه عليها ليبلغها في النهاية، والتي لا يمكن أن تتم إلاَّ بالاشتراك في الحياة الأبدية.
وبحسب أثناسيوس فإن آدم لم يحقِّق غاية رسالته وأخفق في الاحتفاظ بمعرفة الله بسبب استخدامه لحريته، ووقع فريسة لقوة أخرى خارجية، وفقد قوة “الكلمة” لمَّا انحاز لمعرفة غير معرفة الله، وبالتالي فقد كل أمل في تحقيق الاتحاد بالله وهي غاية خلقته. من أجل هذا تجسَّد “الكلمة” لكي يرفع الإنسان مرَّة أخرى إلى معرفة الله الحقة، وبالتالي استرد له ما كان له من قدرة على الاتحاد بالله “التألُّه” ولكن بنعمة عظمى، لأن تجسُّد الكلمة وبقاءه في جسد إنسان الذي يجلس به المسيح الآن عن يمين العظمة في الأعالي أعطى ضماناً للإنسان لتكميل الاتحاد بالله والثبوت فيه بالفداء، وإنما على طول المدى، لأنه يستحيل بلوغ كمال نعمة الاتحاد بالله قبل أن يخلع الإنسان جسد الموت الفاسد ويلبس عدم الموت وعدم الفساد. «أيها الأحباء، الآن نحن أولاد الله ولم يُظهر بعد ماذا سنكون ولكن نعلم أنه إذا أُظهِر (المسيح) نكون مثله لأننا سنراه كما “هو”.» (1يو 2:3)
على أن كل ما أخذه كلمة الله من الإنسان بالتجسُّد قدَّمة للإنسان وجعله قابلاً للاتحاد بالله (التألُّه) جسداً ونفساً وعقلاً وروحاً، أي كل طبيعته!! كذلك فإن كل ما استرده المسيح لنا - بصفة عامة وليست فردية - أصبح غير قابل للضياع أو الفقدان الناتج من ضعف طبيعتنا، فالمسيح لا يمكن أن يفقد ما اكتسبه لنا بسبب أخطائنا نحن، وهذه هي صفات الخليقة الجديدة التي هو رأسها والضامن لتحقيقها!!
[لأنه بالموت الذي (جازه) وصل عدم الموت إلى الجميع، ولأنه بتأنس الكلمة عرَّفت العناية الإلهية العامة الإنسان بكل شيء، كما عرف الإنسان واهبها وبارئها أي كلمة الله نفسه، لأنه صار إنساناً لكي نصير نحن فيه إلهاً، وأظهر نفسه في جسد لكي يستعلن لنا الآب غير المنظور.]([4])
[فالبشرية تكمَّلت فيه - أي بلغت كمالها - فهي استردت ما كانت عليه في خلقتها منذ البدء، ولكن بنعمة أكبر! لأنه عندما نقوم من الأموات فلن نخاف الموت في ما بعد، بل سنملك مع المسيح إلى الأبد في السموات.]([5])
وواضح جدًّا من تعبيرات أثناسيوس من جهة “التألُّه” للطبيعة البشرية أنه يعني الاتحاد بالله، الأمر الذي أوضحه القديس بطرس الرسول بمعنى: “لتصيروا شركاء الطبيعة الإلهية”، وهذا يُرجعه أثناسيوس إلى ما أكمله الكلمة في نفسه بالتجسُّد ليضمن خلاصنا.
[الكلمة صار جسداً لكي يقدِّم جسده من أجل الجميع، ولكي إذا ما نحن اشتركنا في روحه القدوس نصير آلهة (شركاء في الطبيعة الإلهية).]([6])
[إنه لم يكن إنساناً وصار إلهاً بعد ذلك، بل هو إله صار إنساناً لكي يصيِّرنا نحن آلهة (فيه) (شركاء في الطبيعة الإلهية).]([7])[هذه هي النعمة التي صارت إلينا والارتفاع الذي حدث لنا، لأنه لمَّا صار إنساناً صار ابن الله يُعبد، فصرنا نحن معه جسداً واحداً، ولكن لم تفزع منَّا القوات السمائية حينما أُدخلنا إلى مجالاتهم.]([8])[ومن أجل صِلاتنا بجسده صرنا نحن أيضاً هيكلاً لله، وبالتالي صرنا أبناء الله، حتى أن الرب المعبود محسوب أنه داخلنا أيضاً، والذين ينظروننا يقولون: «إن الله فيهم بالحقيقة».]([9])
[وبالرغم من أنه لا يوجد إلاَّ ابن واحد لله بالطبيعة، حقيقي ووحيد، إلاَّ أننا نحن أيضاً صرنا أبناءً ... فبالرغم من أننا بشر من الأرض، إلاَّ أننا نُدعى الآن آلهة ... لأن في هذا كانت مسرَّة الله الذي أعطانا هذه النعمة.]([10])[ونحن نُحسب أولاد الله وآلهة، بسبب أن “الكلمة” فينا. فإننا نُحسب أيضاً أننا في الابن وفي الآب، لأن الروح القدس فينا.]([11])[نحن البشر جُعلنا آلهة بالكلمة، بسبب أننا اتحدنا به من خلال جسده.]([12])[وما هذا السمو والتقدُّم الذي صار لنا إلاَّ التأليه والنعمة التي وُهبت لنا من الحكمة.]([13])
[من أجل ذلك اتخذ جسداً إنسانياً حتى إذا ما جدَّده لنفسه (كخالق) له حينئذ يؤلِّهه في ذاته وبهذا يُحضرنا جميعاً إلى ملكوت السموات على مثاله. (أي ما صار له بالجسد جعله لنا أيضاً) لأن الإنسان كان لا يمكن أن يتألَّه (يتحد بالله) إن كان اتحاده يتم بمخلوق، أو أن يكون ابن الله ليس إلهاً، وكذلك لا يمكن أن يأتي “إنسان” إلى حضرة الله إذا لم يكن هو كلمته الحقيقية ومن جوهره وقد لبس جسداً.وكما أنه كان يستحيل علينا أن نتخلَّص من اللعنة والخطية إن لم يكن الجسد الذي اتخذه الكلمة هو جسد بشري، إذ يستحيل أن تكون لنا شركة بيننا وبين آخر غريب عنا (عن طبيعتنا)، كذلك أيضاً فالإنسان يستحيل أن يتألَّه (يتحد بالله) إن لم يكن الكلمة الذي صار جسداً هو من جوهر الآب. لأن اتحاد الإنسان بالله هو من هذا النوع، حتى يمكنه أن يوحِّد (يُتحِد) ما هو لطبيعة الإنسان بنفسه الذي هو بطبيعة الله (أو هو إله بطبيعته)، وهكذا يصير خلاص الإنسان وتألُّهه (أي اتحاده بالله) مؤكَّداً ومضموناً.]([14])
كذلك من الواضح أن أثناسيوس يؤكِّد أن تأليه الإنسان لا يتم خارجاً عن المسيح، كما يستحيل أن يكون عملاً قائماً بحد ذاته، بل إن تأليه الإنسان يتم “في المسيح” - بالإيمان والأسرار - وخارجاً عن المسيح يستحيل أن يتم أي اتحاد أو حتى اقتراب من الله!! لأن الاتحاد بالله يستلزم أولاً تخلُّص الإنسان من كل أخطائه، وهذا أكمله المسيح بموته على الصليب غاسلاً بدمه كل خطايا الإنسان التي كانت تعوق الاتحاد بالله.
[فإذا كان الله قد أرسل ابنه مولوداً من امرأة، فهذه الحقيقة لا تخجلنا، بل على النقيض تعطينا مجداً ونعمة عظمى لأنه صار إنساناً حتى يستطيع أن يؤلهنا (يوحِّدنا بالله) في ذاته، ووُلد من عذراء حتى يأخذ على نفسه خطأ جنسنا، حتى نصير نحن من الآن فصاعداً جنساً مختاراً و“شركاء في الطبيعة الإلهية” كما يقول المغبوط بطرس (2بط 4:1).]([15])
ومرة أخرى يوضِّح أثناسيوس أن هذا الاتحاد بالله يتم عن طريق الروح القدس أيضاً:
[وفضلاً عن هذا فإننا بالروح القدس نشترك كلنا في الله لأنه يقول: “أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم. إن كان أحد يفسد هيكل الله فسيفسده الله لأن هيكل الله مقدَّس الذي أنتم هو” (1كو 3: 16و17)، ونظراً لأننا دُعينا شركاء المسيح - «أمين هو الله الذي به دعيتم إلى شركة ابنه» (1كو 9:1) - وإن كنَّا بالاشتراك في الروح القدس نصبح “شركاء الطبيعة الإلهية” فمن الجنون أن نقول إن الروح القدس له طبيعة مخلوقة أو أنه ليس له طبيعة الله، لأن الذين فيهم الروح القدس، هؤلاء يصيرون آلهة، (أي مشتركون في الطبيعة الإلهية) فإن كان الروح القدس يجعل الناس آلهة، فلا شك أن طبيعته هي طبيعة إلهية.]
ومن أقوال أثناسيوس هذه يتضح لنا أن موضوع اتحاد الإنسان بالله “التأليه” هو حقيقة غير منازَع فيها، بل وبالأكثر فإنه يتخذها أساساً وبرهاناً على أن الروح القدس نفسه له طبيعة الله، مما يوضِّح أن موضوع اتحاد الإنسان في الله بواسطة الشركة في المسيح والروح القدس هو حقيقة أساسية في اللاهوت، وتقليد كنسي راسخ منذ الآباء الأوائل يوستينوس وبوليكاربوس وإغناطيوس وإيرينيئوس وهيبوليتس وترتليان، الذين اعتبروا الخلاص مستحيلاً وغير مضمون إذا لم يبلغ الإنسان هذا الاتحاد بالله بالروح القدس و“الكلمة” والأسرار.
ولئلاَّ يتوه أحد في معنى “تأليه الإنسان” - الذي لا يُفهم منه إلاَّ انتساب الإنسان لله - ولئلاَّ يظن أحد أن “تأليه الإنسان” عمل يُخرج الإنسان عن إنسانيته أو يغيِّر شيئاً من طبيعته الإنسانية، يعود أثناسيوس ويوضِّح جدًّا هذا الأمر هكذا:
[إن الآب بواسطة الابن يؤلِّه ويضيء الجميع ...، فالذي به ينال الجميع الألوهة والحياة كيف يمكن أن يكون هو (الابن) من جوهر مخالف لجوهر الآب؟]([16])
[ولكن ليس بحسب الطبيعة نكون أبناء الله، بل بسبب الابن الوحيد الذي يكون فينا. وكذلك أيضاً الآب لا يكون أباً لنا بحسب الطبيعة، بل لأنه أبٌ للكلمة الذي يكون فينا، الذي به وفيه نصرخ يا أبا الآب. وهكذا الآب لا يدعو أبناءً له إلاَّ الذي يرى فيهم ابنه الوحيد.]([17])
[إذن، فالروح هو الذي في الله، ولسنا نحن من أنفسنا نكون في الله، ولكن كما أننا نصير أبناءً وآلهة بسبب الكلمة الذي يكون فينا، هكذا أيضاً نصير في الابن وفي الآب، ونصير واحداً معهما بسبب الروح الذي فينا، لأن الروح هو في الكلمة والكلمة نفسه هو بالحقيقة في الآب.]([18])
[من أجل هذا صار الكلمة جسداً لكي يقدِّم جسده عن الجميع، ولكي إذا اشتركنا في روحه “نتألَّه”، وهي العطية التي كان يستحيل علينا الحصول عليها إذا لم يكن قد لبس هو بنفسه جسدنا المخلوق، لأنه من ذلك أخذنا اسمنا “كرجال الله” و“إنسان المسيح”.
ولكن كما أنه بأخذنا الروح القدس لا نفقد طبيعتنا الخاصة (الإنسانية)، هكذا الرب لمَّا صار إنساناً من أجلنا ولبس جسداً لم يتغيَّر عن لاهوته، لأنه لم ينقص شيئاً عندما تسربل بالجسد، بل بالحري ألَّهه وجعله غير مائت.]([19])
وهنا يقول القديس مقاريوس الكبير في عظته 49 في هذا الموضوع مفرِّقاً بين النفس البشرية والله هكذا:
[هو الله وهي ليست إلهاً، هو الرب وهي صنعة يديه، هو الخالق وهي المخلوقة، هو الصانع وهي المادة، ولا يوجد شيء مشترك قط بينه وبين طبيعتها.]([20])
ويعود أثناسيوس يناقش كيف يتم “تأليه الإنسان” أي اتحاده بالله، موضِّحاً أن بواسطة “جسد المسيح” والاتحاد به يتم تأليه الإنسان، لأن جسد المسيح صار متألِّهاً بمجرَّد اتحاده بالكلمة:
[وكما أن المسيح مات ثم ارتفع ممجَّداً - كإنسان - كذلك فإنه - كإنسان - قيل عنه إنه أخذ ما لله (المجد)، حتى تصير عطية أو هبة هذه النعمة لنا أو تصلنا، لأن “الكلمة” لم يكن ضعيفاً أو قليل الشأن عندما قَبِلَ المجد لنفسه كأنه يطلب أو يبحث لنفسه عن نعمة، بل إنه بالحري ألَّه الجسد الذي لبسه. والأكثر من هذا أنه “أعطى” وسلَّم - جسده المؤلَّه هذا - بنعمة خاصة ومجَّاناً إلى الجنس البشري (الأسرار) ...وهذه هي نعمتنا وارتفاع مجدنا، لأنه بالرغم من أنه صار إنساناً، فابن الله لا يزال معبوداً؛ وقوات السموات لا تستغرب عندما تراناً جميعاً نحن المعتبرين جسداً واحداً معه، داخلين في دائرة مملكتهم.]([21])
[ونحن إنما نتألَّه (نتحد بالله) ليس باشتراكنا (السرائري) من جسد إنسان ما ولكن بتناولنا من “جسد” “الكلمة” ذاته!!]([22])
ثم يعود أثناسيوس ويؤكِّد أنه عندما نأخذ جسد المسيح هذا المعتبر أنه مؤلَّه، نتخلَّص من ضعفاتنا ونتحرَّر من قيود خطايانا، وبالتالي فنحن نشترك في صفات وأمجاد اللوغس الكلمة!! ونأخذه:
[لأنه ليس بحسب آدميتنا بعد نموت، ولكن من الآن فصاعداً كل ضعفاتنا الجسدية التي هي بحسب أصل جنسنا قد تحوَّلت إلى “اللوغس” الكلمة، فنحن نقوم من التراب واللعنة التي بسبب الخطية قد رُفعت، بسبب ذلك الذي هو فينا (أي الكلمة المتجسِّد)، والذي صار لعنة من أجلنا.وهذا تمَّ بحكمة، لأنه كما أننا جميعاً من تراب الأرض ونموت في آدم، هكذا إذ تجدَّدنا ووُلدنا ثانية من فوق من الماء والروح في المسيح، نحيا ونقوم، لأن الجسد (الإنسان عامة) لم يعد أرضياً بعد بل صار “كلمة= لوغوس” بسبب كلمة الله الذي من أجلنا صار جسداً (إنساناً كاملاً).]([23])
وأثناسيوس هنا يقصد جسد البشرية عامة. وحينما يقول إن الجسد صار كلمة، فهذا لا يفيد أن الجسد البشري تحوَّل عن بشريته أو فقد شيئاً من إنسانيته، ولكنه فقد الموت والفساد وتحوَّل عن الشر الذي استُعبد له وصار من خاصة الكلمة ومناسباً له ومطابقاً لصفاته، “لأجلهم أُقدِّس أنا ذاتي” (يو 19:17)، أو كما تقول التسبحة السنوية [أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له].
ويستمر أثناسيوس في شرحه وتعليله لقيمة اتخاذ الكلمة جسداً بشرياً كاملاً ليعمل فيه عمله الخلاصي العجيب، موضِّحاً أن كل ما “للكلمة” صار للجسد البشري الذي اتخذه لنفسه، وهذا بالتالي كله انتقل إلينا لمَّا أعطانا جسده. وبذلك ضمن الله لنا بواسطة التجسُّد وموت المسيح على الصليب الخلاص الشامل، ليس من الموت فقط، بل أيضاً من الخطية العاملة بالشهوة!
[لأنه إن لم تكن أعمال لاهوت “اللوغس” أي أعمال الكلمة بصفته إلهاً - لم تتم من خلال الجسد، فإنه كان يتعذَّر تأليه الإنسان (اتحاده بالله).كذلك فإنه لو لم تكن خواص وصفات “الجسد” (البشري) نُسبت “للكلمة”، فإنه كان يستحيل على الإنسان أن يتخلَّص منها (أي من الصفات المتعارضة مع الحياة الأبدية كالجوع والعطش والتعب والبكاء التي سنتخلَّص منها جميعاً بالقيامة).... ولكن الآن لأن الكلمة صار إنساناً وامتلك “كل ما” يخص الجسد (من موت ولعنة وفساد)، فإن كل هذه لا تستطيع بعد أن تمس الجسد بسبب الكلمة الذي حل فيه، ولكنها أُبيدت تماماً بواسطته، وهكذا لم يعُد الناس بعد خطاة وأمواتاً بحسب شهواتهم، ولكن لأنهم قاموا بقوة الكلمة فإنهم سيبقون إلى الأبد غير مائتين وبلا فساد.]([24])
وفي اختصار وروعة يبرز أثناسيوس حتمية بلوغنا الحرية والخلاص من كل فساد الطبيعة البشرية بالاتحاد بالله، كقضية مرتبطة ارتباطاً جذرياً وبالأساس بالتجسُّد نفسه أي باتحاد الكلمة بجسد الإنسان هكذا:
[فإذا اعترضتَ على كوني أنا قد تحرَّرت وتخلَّصت من الفساد الذي هو في طبيعتي، فانظر لأنك لا تستطيع أن تعترض على كلمة الله لأنه أخذ هيأتي كعبد! لأنه كما أن الرب لمَّا لبس الجسد صار إنساناً، هكذا نحن البشر قد تألَّهنا (اتحدنا بالله) بالكلمة لأنه أخذنا وضمنا إليه في جسده، وبذلك ورثنا من الآن فصاعداً الحياة الأبدية.]([25])
والقديس أثناسيوس ينبِّه ذهننا أن “التقديس” شيء و“التأليه” شيء آخر والأول يمهِّد للثاني.
ثم إن كل ما قيل عن المسيح في ما يخص جسده منذ ميلاده حتى صعوده وجلوسه عن يمين الآب هو في الحقيقة عملية استرداد رسمية خطَّط لها الآب ليكمِّلها الابن بالجسد لحساب الإنسان، سواء في نموه في القامة والنعمة، أو طاعته لأبيه وأمه، أو عماده وحلول الروح القدس عليه، أو غلبته للشيطان على جبل التجربة بالصوم والصلاة، أو إتيان المعجزات العديدة، أو طلبه المجد من الآب، أو قيامته من الأموات، أو صعوده إلى السموات، أو جلوسه عن يمين الآب؛ فهذه كلها غنائم الإنسان من تجسُّد الكلمة!!
[ولكي يفدي البشرية جاء الكلمة وحلَّ بيننا، ولكي يقدِّس ويؤلِّه (يوحِّد بالله) الإنسان صار الكلمة جسداً.ومَن ذا الذي بعد ذلك لا يرى أن كل ما قاله الرب بخصوص ما تقبَّله من الله - (النعمة، المجد، الروح القدس، الذهاب إلى الآب) - لمَّا صار جسداً إنما ذكره ليس من أجل نفسه.]([26])
ويعتبر القديس أثناسيوس أن “تأليه الإنسان”، أي اتحاده بالله، عملية تتم على مستوى الفرد، وليست عملية صورية تمت لحساب المجموع البشري، فكما يتقدَّس كل إنسان بالروح القدس ليصير عضواً حيًّا قائماً بذاته في الجسد الكلي، كذلك عملية التأليه أي الاتحاد هي عملية فردية تتم بالاتحاد بالابن والآب. لذلك يضعها أثناسيوس بصورتها الواضحة في صيغة الجمع بقوله: نحن أبناءً وآلهة، ولم يقل صرنا ابناً وإلهاً. ولكن من هذا التقديس الفردي والتأليه أي الاتحاد الفردي بالله تتم الوحدة الكلية الشاملة = “ليصير الكل إلى واحد”. ويؤكِّد أن “تأليهنا” أي اتحادنا ووحدتنا مع الآب والابن بواسطة الروح القدس شيء آخر تماماً ويختلف كلية عن اتحاد الآب والابن.
[وليس كما أن الابن في الآب هكذا نصير نحن في الآب، لأن الابن لا يأخذ مجرَّد شركة في الروح القدس (كما نأخذ نحن) حتى يصير في الآب، بل ولا يُقال أصلاً إن الابن يأخذ الروح القدس، بل إنه هو الذي يعطيه، ولا يُقال إن الروح القدس يوحِّد الكلمة في الآب أصلاً بل إن الروح القدس يأخذ من الكلمة «يأخذ مما لي ويخبركم». فالابن في الآب مثل كلمته الخاصة ومثل شعاعه، أمَّا نحن فبدون الروح القدس نصير مفترقين وغرباء عن الله!! ولكن بشركتنا في الروح القدس نلتحم باللاهوت، لذلك فوجودنا في الآب ليس هو منَّا - بتاتاً - ولكنه من الروح القدس الذي فينا والذي يسكن داخلنا، الذي باعترافنا الحسن والحق نحتفظ به فينا، كما يقول يوحنا: «مَن اعترف أن يسوع هو ابن الله، فالله يثبت فيه وهو في الله» (1يو 15:4).... إذن، فالروح القدس الذي هو في الله - الذي لا نستطيع أن نراه نحن في أنفسنا - وكما أننا نحن “أبناء وآلهة” بسبب الكلمة([27]) الذي فينا، لذلك نحن سنصير في الابن وفي الآب، وسنُحسب أننا صرنا واحداً في الابن وفي الآب، لأن الروح القدس فينا، الذي هو في الكلمة وفي الآب.]([28])
ثم يرتفع أثناسيوس بمعنى “التأليه” كحقيقة تكميل عمل الابن في الخليقة ليس بالمفهوم اللاهوتي الجامد بل على مستوى تكميل كل شيء في الأخلاق والسلوك والحب، فهو غاية الله من خلقة الإنسان، وغاية الإنسان من عبادته لله؛ وغاية المسيح من كل أعماله أن يبلغ بالإنسان إلى “الكمال المسيحي” أو التكميل في المسيح لحساب الآب، وهكذا يرتفع بمعنى تأليه الإنسان (أي اتحاده بالله) إلى مستوى - التقدُّم في - السلوك والأخلاق ويصبُّه أخيراً في مفهوم المحبة! وهذا هو شأن أثناسيوس في كل لاهوته!! وهنا أثناسيوس يشرح بتفصيل صلاة المسيح في يوحنا 17:
[أيها الاب امنحهم روحك حتى يكونوا هم أيضاً واحداً في الروح ويكونوا كاملين (يتكمَّلون فيَّ). لأن كمالهم يعلن أن كلمتك قد نزل إليهم وحلَّ بينهم، وحينما يراهم العالم كاملين ومملوئين من الله يؤمنون أنك أرسلتني وأنني حالٌّ هنا، لأنه من أين يأتيهم الكمال إلاَّ كوني أنا هو “كلمتك” الذي لبست جسدهم وصرت إنساناً فأكملت العمل الذي أعطيتني؟والعمل قد أُكمل لأن بني الإنسان قد أُكمل فداؤهم، ولن يبقوا في الموت بعد، بل إذ تألَّهوا صار يشدهم رباط الحب كلما تطلَّعوا إليَّ.]([29])
[فإذا كان الكلمة قد نزل من أجل تقدمنا، فهو لم يأخذ اسم ابن الله كامتياز أو مكافأة بل إنه هو نفسه قد جعلنا أبناء للآب، وألَّه (وحَّد بالله) الإنسان بأن صار هو نفسه إنساناً، لذلك فالكلمة لم يكن إنساناً ثم صار إلهاً بل على النقيض فهو كإله صار أخيراً إنساناً لكي بالحري يؤلِّهنا.]([30])
[لقد لبس جسداً مخلوقاً مكمَّلاً ... حتى فيه نصير قادرين أن نتجدَّد ونتألَّه.]([31])
وبهذا العرض السريع لمفهوم “التألُّه” عند أثناسيوس نرى أنه يقع موقع القلب من اللاهوت بل ومن مفهوم المسيحية كلها عند قديسنا الكبير، وقد صار أسلوبه المفضَّل والمؤكَّد دائماً للتعبير عن اتحاد الإنسان عامة بالمسيح.
وهو لا يقصد قط أن يعتبرنا الآن في وضعنا الحالي في مفهوم حالة “التألُّه”، ولكن واضح أنه يقصد دائماً أنها “غاية” عمل التجسُّد كلياً.
والعجيب أن أثناسيوس حينما يتكلَّم عن الفداء فإنه بغاية السرعة يرتفع إلى حقيقة “التألُّه”، أي الاتحاد بالله، كغاية هامة جدًّا ينتهي إليها الفداء، حيث يؤكِّد عليها بكل اعتناء وأهمية بكثرة وتكرار.
واتجاه “التألُّه” (الاتحاد بالله) عند أثناسيوس لا ينشأ أصلاً كأنه حاجة الإنسان الخاطئ بنوع خاص، بل كحاجة الإنسان كمخلوق بنوع عام! لأن آدم باعتباره مجرَّد مخلوق لم يكن فيه أساس أمين للنعمة لتقيم فيه بدون خطر الزوال، لأنه حاز نعمة الله كهبة من خارجه وليست من صميم طبيعته الترابية، أي أن آدم لم يكن متحداً بالنعمة لذلك فقدها، ولذلك أصبح في التجديد من أهم الأمور الأساسية أن يتحد الإنسان بالنعمة أي بالروح القدس ليصير للنعمة والقداسة أساسٌ راسخٌ فيه لا يزول.
[وبالأكثر جدًّا ينبغي أن ندرك أن السبب المتقن والصالح الذي من أجله صنع هذا (الفداء بالتجسُّد وليس بمجرد نطق إلهي) أنه إذا كان الله قد أمر أو تكلَّم فقط - وهذا كان في سلطانه - لكانت اللعنة قد رُفعت في الحال، ولكانت قدرة الله قد استُعلنت بسبب هذا الأمر (النافذ المفعول)، ولكن الإنسان كان سيظل مثل آدم قبل التعدي يحوز النعمة من الخارج ولا يحوزها متحدة بجسده.]([32])
وهكذا ينفرد أثناسيوس دون جميع الآباء في التأكيد على أن التجسُّد هو بالدرجة الأُولى حاجة ملحة كانت تحتاجها الخليقة لضمان الاتحاد بالله (التألُّه) أسبق وأعمق من مفهوم رفع الخطية، لأن رفع الخطية هو عند أثناسيوس درجة في طريق الاتحاد بالله وليست غاية بحد ذاتها.
[لأن الاتحاد المطلوب هو أن “الكلمة” (المتجسِّد) يصنع اتحاداً بين ما هو إنسان بطبيعته وبين ما هو إله بطبيعته، وهكذا يصبح خلاص الإنسان وتألُّهه (اتحاده بالله)، ثابتاً ومؤكَّداً.]([33])
[لأن طبيعة الأشياء المخلوقة لا يمكن أن تعطي ضماناً - أي لا يمكن ضمانها - لأنه حتى الملائكة تعدت وكل البشر خالف، لذلك أصبحت الحاجة إلى الله نفسه - أي كلمة الله - لكي يحرِّر الذين وقعوا تحت اللعنة.]([34])
بهذا يمكن للقارئ أن يفهم فكر أثناسيوس وكيف يركِّز بشدة على التجسُّد وما أكمله المسيح بالجسد كمدخل للاتحاد بالله كملجأ أخير لا مفر منه للحصول على الخلاص الأبدي، ليبقى الإنسان ويدوم مع الله في حياة أبدية آمنة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
- عن كتاب حقبة مضيئة في تاريخ الكنيسة، القديس اثناسيوس الرسولي.
([1]) Athanas., De Decr. II.
([2]) Ibid., Ad Afros., 1,2.
([3]) St. Irenaeus, Adv. Haer. IV. 38:4, V ix,2.
Origen, cels. iii.28.
St. Greg. Naz., Poem dogma X:5-9.
St. Greg. Nyss., Oratio Catech. XXV.
St. Cyr. Alex., in Joan.
Harnack, op. cit., Dog. II p. 46.
([4]) De lncar., 54. 2,3. N.P.N.F., ser. II, vol. IV, p. 65.
([5]) Discourse Against Ar., II. 67.
([6]) Athanas., De Decr., 14.
([7]) Idem., C. Ar., 1. 39.
([8]) Ibid., C. Ar., 1. 42.
([9])Ibid., C. Ar., 1. 43.
([10])Ibid., C. Ar., III. 19.
([11]) Ibid., C. Ar., III. 25.
([12]) Ibid., C. Ar., III. 34.
([13])Ibid., C. Ar., III. 53.
([14]) Discourse, II:70.
([15]) Letter to Adelph., 4.
([16]) Athan., De Synod. 51.
([17]) Athanas., Contr. Ar 59:2.
([18]) Athanas., Contra Ar., 15:3.
([19]) De Decr. 14.
([20]) St. Macarius of Egypt. Hom. 49 c.4 P.G. xxxiv, c. 816.
([21]) Discours., 1:42.
([22]) Letter to Maximus, (LXI): 2.
([23]) Discours., III:33.
([24]) Discours., III:33.
([25]) Ibid. III:34.
([26]) Ibid. III:39.
([27]) يوضِّحها القديس كيرلس أكثر بقوله: إننا أبناء وآلهة بالنعمة - في شرحه لإنجيل يوحنا في هذا الموضع.
([28]) Discourse, III 24,25.
([29]) Discourse, II 23.
([30]) Contr. Ar., I, 38-39.
([31]) Ibid., II. 47.
([32]) Discourse, II. 68.
([33]) Ibid. II. 70.
([34]) Ibid. I. 49.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق