الأحد، 23 مايو 2021

شرح صلاة المسيح: إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس

 

من نص إنجيل ق. متي (26: 39)، «يَا أَبَتَاهُ إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ». يتضح وجود إعتراضين متداخلين وليس إعتراض واحد، وهما إعتراض خوف المسيح ورفضه للصلب والفداء من جانب، ومن الجانب الآخر إختلاف إرادته مع إرادة الآب مما يضع عقيدة المسيحين بشأن وحدانية طبيعة الآب والإبن محل تساؤل وشك.

يجب أن نعرف بداية أن السيد المسيح لم يُصلي أن يعبر عنه الكأس الذي هو الموت، وذلك لانه من غير المعقول ان الذي قال ان له سلطان علي نفسه: لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لآخُذَهَا أَيْضاً. 18لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضاً. (يو10: 17، 18)، وقال ايضاً انه يُعطي لمن يتبعه حياة ابدية: خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. 28وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي. (يو10: 27، 28)، وأخبرنا انه هو الطريق والحق والحياة (يو14: 6)، وانه هو القيامة ذاتها والحياة عينها ومن يتبعه لا يبقي في الموت بل ان مات يعود للحياة (يو11: 25)، وآمر تلاميذه ان لا يخافوا من الذين يقتلون الجسد (مت10: 28). فكيف لمن يقول كل هذا ويطالب به ويحياه يعود فيخاف من الموت؟!

بل كيف يخاف من الموت ذاك الذي قال: وَمَاذَا أَقُولُ؟ أَيُّهَا الآبُ نَجِّنِي مِنْ هذِهِ السَّاعَةِ؟. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا أَتَيْتُ إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ (يو12).

وكما يقول العلامة اوريجينوس: من المستحيل أن ابن الإنسان كان يقول: يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عنِّي هذه الكأس، تحت إحساس بالخوف!... فالرب يسوع لا يستعفي من ذبيحة الموت حتى تصل نعمة الخلاص للجنس البشري كله[1].

ويقول ق. يوحنا ذهبي الفم: لقد دعا (بطرس) ذاك الذي وُهب إعلانًا من الآب وقد طوّبه ووهبه مفاتيح ملكوت السماوات، دعاه "شيطانًا"، ودعاه "معثرة"، واتهمه أنه لا يهتم بما لله... هذا كله لأنه قال له: "حاشاك يا رب لا يكون هذا لك" أي لا يكون لك أن تصلب. فكيف إذن لا يرغب في الصليب، هذا الذي وبخ التلميذ وصبّ عليه هذا القدح إذ دعاه شيطانًا بعدما كان قد مدحه، وذلك لأنه طلب منه أن يتجنب الصليب؟ كيف لا يرغب في الصليب ذاك الذي رسم صورة للراعي الصالح معلنًا إياها كبرهان خاص بصلاحه، وهي بذله لنفسه من أجل خرافه، إذ يقول "أنا هو الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يو 10: 11)... انظر كيف يُعجب منه بسبب إعلانه هذا "أنه يبذل نفسه"، قائلاً: "الذي كان في صورة الله لم يُحسب خلسة أن يكون معادلاً لله، لكنه أخلى نفسه، آخذًا صورة عبد، صائرًا في شبه الناس، فإذ وُجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه، وأطاع حتى الموت موت الصليب" (في 2: 6-8)؟ وقد تكلم عن نفسه مرة أخرى فقال... "لهذا يحبني الآب لأني أضع نفسي لآخذها أيضًا" (يو 10: 17)... وكيف يقول الرسول بولس مرة أخرى: "واسلكوا في المحبة كما أحبنا المسيح أيضًا، وأسلم نفسه لأجلنا" (أف 5: 2)؟. وعندما اقترب السيد المسيح من الصلب قال بنفسه: "أيها الآب قد أتت الساعة، مجد ابنك" (يو 17: 10). لقد تكلم هنا عن الصليب كمجد، فكيف يستعفي عنه، وها هو يستعجله[2]؟

ويتسائل ايضاً ق. كيرلس السكندري: كيف خاف الموت ذاك الذي قال للذين فتشوا عنه وذهبوا ليقبضوا عليه: انا هو (يو18: 6)، كيف خاف الموت ذاك الذي قال: لي سلطان ان اضعها ولي سلطان ان اخذها ايضاً (يو10: 18)، وايضاً: ليس احد يأخذها مني، بل انا اضعها من ذاتي وانا أخذها ايضاً (يو10: 18)[3].

ثم كيف نقول انه خاف، هذا الذي عندما جاءوا ليقبضوا عليه قال لهم انا هو بكل جرأة، حتي انهم من قوة لاهوته وقوته سقطوا علي وجوههم (يو18: 6)، كما يقول ق. اثناسيوس: ولكن إن كان حسب رأيكم أن الكلمة كان خائفًا، فلماذا إذًا وهو قد تكلّم عن مكيدة اليهود قبلها بوقت طويل، لم يهرب، بل حينما جاءوا للقبض عليه قال " أنا هو " (يو5:18)[4].

ويكتب عن هذا الحدث ق. اغسطينوس: صوته وحده الناطق "أنا هو" بدون أسلحة ضرب الجمع الغفير وأثبطهم وأسقطهم أرضًا مع كل وحشية كراهيتهم ورعب أسلحتهم. فإن الله مخفي في الجسد البشري، واليوم كان (النور) الأبدي غامضًا في تلك الأذرع البشرية حتى بحثوا عنه بمشاعل ومصابيح ليقتلوه بالظلمة[5].

ويقول ق. غريغوريوس النيسي: رب المجد الذي استهان بالخزي واحتضن الآلام في الجسد لم يهجر حرية إرادته، إذ يقول: "انقضوا هذا الهيكل، وفي ثلاثة أيام أقيمه" (يو 2: 19). مرة أخرى: "ليس أحد يأخذ حياتي مني، بل أنا أضعها بنفسي". "لي سلطان أن أضعها، ولي سلطان أن آخذها" (راجع يو 10:18). ولما اقترب منه المسلحون بالسيوف والعصي في ليلة آلامه، جعلهم يتراجعون إلى الوراء بقوله: "أنا هو" (يو 18: 6؛ خر 3: 14). مرة أخرى عندما طلب منه اللص وهو يموت أن يذكره، أظهر سلطانه الجامعي بقوله: "اليوم تكون معي في الفردوس" (لو 23: 24). حتى في لحظات آلامه لم يتخلَ عن سلطانه[6].

كما ان المسيح ربنا لم يكن يطلب مساعدة من آخر بصلاته هذه، كما يقول ق. كيرلس السكندري: أي إنسان ذو فهم لن يقول إن الرب قدَّم هذه التوسلات كأنه في احتياج إلى قوة أو عون من آخرـ لأنه هو نفسه قوة واقتدار الآب الكُلِّى القدرة[7].

وبالطبع لم يحزن الرب ويكتئب من اجل انه مُقبل علي الموت الذي يتبعه القيامة في مجد وبهذا الحدث يتم خلاص البشرية كلها، بل ان حزن الرب كان لثلاثة أسباب، وهم:
1- من خلال هذه المشاعر البشرية قد اثبت الاباء الذين واجهوا البدعة الغنوسية ان المسيح الرب كان يحمل جسداً بشرياً حقيقياً يتعب ويجوع ويعطش ويتألم ويحزن ويموت، فجسده لم يكن جسداً نازلاً من السماء لا ممتزجاً ومُختفياً في الطبيعة الإلهية، بل انه جسد بشري حقيقي مُجرب في كل شئ مثلنا (عب4: 15)، او كما يقول ق. اثناسيوس: الإنفعالات لم تكن من خصائص طبيعة الكلمة بكونه الكلمة، بل كانت من خصائص الجسد الذي اتخذه الكلمة[8].
وهذا ما يُخبرنا به ق. امبرسيوس: انه بكونه الله الذي لبس جسدًا قام بدور الضعف الجسدي حتى لا يوجد عذر لدى الأشرار مُنكري التجسّد. فمع قوله هذا إذا بأتباع ماني لا يصدّقون، وفالنتيوس ينكر التجسّد، ومرقيون يَدَّعي أنه كان خيالاً... لقد أظهر نفسه أنه يحمل جسدًا حقيقيً[9]. وفي الواقع، فإن المسيح هنا يضع نفسه فى مستوى الإنسان، حتى يُظهر نفسه ليكون في حقيقة شكله البشرى، فيقول: " ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت" (مت39:26)، مع أنه حقًا أن قوة المسيح الخاصة هي أن يريد ما يريد الآب، كما أنه يفعل ما يفعله الآب[10].
ويقول ق. يوحنا فم الذهب: لهذا السبب أيضًا كانت قطرات العرق تتدفق منه، وظهر ملاك ليقويه، وكان يسوع حزينًا ومغتمًا، إذ قبل أن ينطق بتلك الكلمات (ليس كما أريد أنا، بل كما تريد أنت) قال: "نفسي حزينة جدًا حتى الموت". فإنه بعد هذا كله قام الشيطان بتكلم على فم كل من مرقيون الذي من بنطس وفالنتينوس وماني الذي من فارس وهراطقة كثيرين، محاولين إنكار تعاليم التجسد، ناطقين بكلمات شيطانية، مدعين انه لم يأخذ جسدًا حقيقيًا، ولا التحف به إنما كان له جسد خيالي وهمي... لقد أعلن المشاعر البشرية الحقيقية بوضوح، تأكيدًا لحقيقة تجسده وتأنسه[11].

2- لكي نتعلم منه ونسير علي خطواته، فهو قد جاء ليضع لنا مثالاً بذاته علي الحياة بحسب تعاليمه، فهو لم يُعلمنا فقط، بل ايضاً أعطانا المثال العملي علي كيفية الحياة بحسب تلك التعاليم. ولذلك يقول ق. يوحنا الذهبي الفم: هناك اعتبار آخر لا يقل عنه أهمية... وهو أن السيد المسيح جاء على الأرض، راغبًا في تعليم البشرية الفضائل، لا بالكلام فقط وإنما بالأعمال أيضًا. وهذه هي أفضل وسيلة للتدريس... إنه يقول: "من عمل وعلّم فهذا يُدعى عظيمًا في ملكوت السموات" (مت 5: 19)... لقد أوصى (تلاميذه) أن يصلوا: "لا تدخلنا في تجربة"، معلمًا إياهم هذه الوصية عينها بوضعها في صورة عملية، قائلاً: "يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس". هكذا يعلم كل القديسين ألا يثبتوا بأنفسهم في المخاطر، غير ملقين أنفسهم بأنفسهم فيها... فماذا؟ حتى يعلمنا تواضع الفكر، وينزع عنا حب المجد الباطل... صلى كمن يعلم الصلاة، ولكي نطلب ألا ندخل في تجربة" ولكن إن لم يسمح الله بهذا، نطلب منه أن يصنع ما يحسن في عينيه، لذلك قال: "ولكن ليس كما أنا أريد بل كما تريد أنت"، ليس لأن إرادة الابن غير إرادة الآب، إنما لكي يعلم البشر أن يقمعوا إرادتهم في إرادة الله ولو كانوا في ضيق أو اضطراب، حتى وإن أحدق بهم الخطر، ولو لم يكونوا راغبين في الانتقال من الحياة الحاضرة[12].
وبحسب القديس كيرلس السكندري فالمسيح الرب كان يحث تلاميذه أن يتصرَّفوا بما يناسب هذا الظرف (العصيب) بقوله لهم: " اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة". وحتى لا يكون تعليمه بالكلام فقط، صار هو نفسه مثالاً لِمَا ينبغي أن يفعلوه هُم، فقد انفصل عنهم قليلاً، نحو رمية حجر، وجثا على ركبتيه وصلَّى[13]. فأي إنسان ذو فهم لن يقول إن الرب قدَّم هذه التوسلات كأنه في احتياج إلى قوة أو عون من آخرـ لأنه هو نفسه قوة واقتدار الآب الكُلِّى القدرة، ولكنه تصرَّف هكذا لكي نتعلم نحن منه أن نتخلَّى عن كل إهمال عندما تداهمنا التجربة وتضغط علينا الاضطهادات، ويحتال علينا الغادرون، ويحيكون لنا فخاخهم، ويعدُّون لنا شبكة الموت. هذه هي نفس وسيلة خلاصنا أن نسهر ونجثو على ركبنا، ونقدم تضرعات متواصلة، ونسأل المعونة التي تأتي من فوق، لئلا نضعف، فنعاني من تحطُّم مرعب جدًّا لسفينة حياتنا[14].

3- وأخيراً فقد كان من اهداف تجسد الإبن ان يقهر كل فساد وضعف في الطبيعة البشرية وكان الحزن والإكتئاب من هذه الضعفات التي يجب ان يختبرها المسيح ليهزمها وينتصر ليس لذاته بل لطبيعة البشر التي يحملها فيه، فحزن المسيح هُنا وطلبه عبور الكأس عنه، هذا الكأس الذي يتمثل في الألم والموت وحجب الآب وجهه عن المسيح ليختبر المسيح حالة الترك التي يُعانيها البشر، وبهذا يصير بحق مجرباً في كل شئ مثلنا، ذاك الذي حمل في ذاته خطايانا علي الصليب ليُميتها بموته ويُقيمنا نحن بقيامته، فلم يكن يسوع يخشي الموت، لكنه حمل في ذاته ضعف البشرية الخاص بنا، تلك الطبيعة التي تخشي التجربة وترفض كأس الالم والموت والشعور بالترك –هذا الاحساس الذي نشعر به في التجربة وكأن الله قد تركنا- وهذا ايضاً ما جعل المسيح ينادي بصوت عظيم علي الصليب قائلاً: (إلهي إلهي لماذا تركتني). فنعم الكأس هُنا هي كأس الألم والتجربة والموت، لكن المسيح لا يخشي ان يذوق من هذه الكأس بل قال ذلك كونه حمل في ذاته طبيعتنا بكل مخاوفها وألامها لكي يُبيدها فيه ويُعطينا حياته وقوته بدلاً من ضعفنا، ذلك كما نقول في التسبحة: (أخذ الذي لنا واعطانا الذي له).
كما يقول ق. امبرسيوس: إني أعجب هنا بحنان الرب وعظمته، فلو لم تكن له مشاعري لنقصت إحساناته... سمح أن يتعب لضعفاتي! حمل حزني ليهبني سعادته! نزل حتى ألم الموت، ثم بدأ يرجعنا للحياة ثانية، وتألم لينتصر على الحزن. قيل عنه أنه رجل أوجاع ومختبر الحزن (إش 53: 3). لقد أراد أن يعلمنا، فقد سبق فعلمنا يوسف ألا نخاف السجن، وفي المسيح نتعلم كيف نغلب الموت... إنك تتألم يا رب لا بسبب جراحاتك، لا بسبب قوتك بل بسبب ضعفاتنا (إش 53: 4). نراك فريسة للألم، لكنك تتألم لأجلي، صرت ضعيفًا من أجل خطايانا (إش 53: 5). هذا الضعف ليس من طبعك لكنك أخذته لأجلي... ربما أيضًا حزن، لأنه منذ سقوط آدم كان خلاصنا الوحيد للخروج من هذا العالم هو بالضرورة "الموت"، ولما كان الله لم يخلق الموت ولا يشاء موت الخاطي مثلما يرجع وتحيا نفسه، يعز عليه أن يحتمل ما لم يخلقه[15].
ويقول ق. كيرلس السكندري: لقد صار كلمة الله إنساناً، ليس لأي سبب، لكن لكي يأخذ لنفسه كل ما لنا من ضعفاتنا حتي تتقوي الطبيعة البشرية ويُعطيها ثباتاً مثل طبيعته[16].
ويكتب ق.اثناسيوس: وحيث إن الرب صار إنسانًا فهذه الأمور تحدث وتقال كما من إنسان، لكي يُبطل أوجاع الجسد هذه، ويحرّر الجسد منها[17]. أن الألوهية لم تكن هى التي تخاف، بل هو خوفنا ذلك الذي نزعه المخلّص. لأنه كما أباد الموت بالموت، وبوسائل بشرية أبطل كل ما للإنسان (من ضعفات) هكذا أيضًا بهذا الذي ظهر وكأنه خوف، نزع خوفنا، وأعطى الناس أن لا يعودوا يخافون الموت فيما بعد[18].

اما عن السؤال، هل إرادة الإبن ليست هي ذاتها إرادة الآب، فيجيب ق. غريغوريوس النيزنزي قائلاً:
هذه الكلمات لا تعني أن له إرادة من ذاته بل أن ليس له إرادة من ذاته تعلو ضد إرادة الآب. وهذا يفسر معنى "ليس لأعمل مشيئتي" على أنه ما هو لي لا يختلف عما هو للآب ولكن يخص كلانا معًا فإن لنا مشيئة واحدة كما أن لنا ألوهية واحدة. وهناك عبارات كثيرة مماثلة، تحتوي على نفي مشترك، دون إثبات، على سبيل المثال "لأنه ليس بكيل يعطي الله الروح" (يو 3: 34)، فهو "لا يعطي" الروح "ولا يكيله"- فإن الله لا يقيس (يكيل) الله، ومثال آخر "لا لإثمي ولا لخطيتي" (مز 59: 3) فإن هذه الكلمات لا تعني أنه كان له إثم أو خطية- بل إنه لم يكن لديه أيا منهما. وكذلك "لا لأجل برنا" (دا 8: 9)، فإنه لم يكن لديهم بر. وهذا هو المعنى الواضح في باقي كلمات الأصحاح (يو 6: 48). إن الابن يخبرنا بمشيئة الآب: "لأن هذه هي مشيئة الذي أرسلني، أن كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير". هل هذه مشيئة الآب وليست مشيئة الابن؟ هل لا يرغب الابن أن يكرز به ويؤمن به الناس؟ من الذي يمكن أن يقول بمثل هذه الفكرة؟ بينما لدينا الآية "الكلام الذي تسمعونه ليس لي بل للآب الذي أرسلني" (يو 14: 24). فالكلام الذي يقوله الابن هو كلام الآب- هذا إثبات قوي لنفس الفكرة إذا آمنتم بوجهة النظر هذه من ناحية أن الابن ليس له مشيئة خاصة به ولذلك فقد نزل لا لينفذ مشيئته بل مشيئة الله التي يشترك فيها مع الآب، فإنكم تؤمنون برأي ديني سليم وصادق. وأعتقد أن كل من له حكم سليم على الأمور سيؤمن بهذا[19].

للمزيد يمكنك قراءة:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ


[1] Ad Martyr. 4


[2] ترجمة الاب تادرس يعقوب مالطي، الحب الالهي، ص 641.

[3] الكنوز في الثالوث القدوس، ترجمة د/ جورج عوض، إصدار المركز الارثوذكسي للدراسات الابائية، ص 361.

[4] ضد الاريوسيين 3: 54، اصدار المركز الارثوذكسي للدراسات الابائية، ص 100.


[5] St. Augustine: On the Gospel of St. John, tractate, 112: 3.

[6] Against Eunomius 2: 11.


[7] تفسير انجيل لوقا، إصدار المركز الارثوذكسي للدراسات الابائية، ص 716.

[8] ضد الاريوسيين، 3: 55 ص 100


[9] Of Christian Faith 2:5


[10] شرح الايمان المسيحي، إصدار المركز الارثوذكسي للدراسات الابائية، الكتاب الثاني فقرة 45. ص 102, 103.

[11] الحب الإلهي، مرجع سابق، ص 644.

[12] الحب الإلهي، مرجع سابق، ص 646.

[13] تفسير انجيل لوقا، إصدار المركز الارثوذكسي للدراسات الابائية، ص 715.

[14] المرجع السابق، ص 716.


[15] In Luc 22: 39-53.


[16] الكنوز في الثالوث القدوس، ترجمة د/ جورج عوض، إصدار المركز الارثوذكسي للدراسات الابائية، المقالة 24، ص 366.

[17] ضد الاريوسيين، مرجع سابق، 3: 56، ص 102.

[18] المرجع السابق، فقرة 57، ص 104.

[19] العظات اللاهوتية، المقالة الرابعة عن الإبن، عظة 30: 12.

ليست هناك تعليقات: