إن الروح القدس هو المتكلّم في الناموس
والأنبياء كما هو مكتوب في بدء سفر الخليقة في البدء خلق الله ذات السماء وذات
الأرض وكانت الأرض خالية خاوية وكانت الظلمة غاشية وجه الغمر وروح الله يرف على
وجه المياه (انظر تك1:1ـ2).
ومكتوب أيضًا
في السفر الأول وكلّم الله نوحًا قائلاً: " إن روحي لا يحل في هؤلاء القوم"
(انظر تك3:6)، ومكتوب أيضًا في السفر الأول إن فرعون قال لعبيده لأجل
يوسف بن يعقوب إسرائيل: " هل نجد مثل هذا رجلاً فيه روح الله" (انظر تك38:41)، ومكتوب في السفر الثاني: "وكلّم الرب موسى وقال
له أعلم أني انتخبت بصلئيل بن أورى بن حور من سبط يهوذا وأسبغت عليه روح الله
وملأته من الحكمة والعلم في كل عمل ليعمل الصناعات في عمل آنية الذهب والفضة
والنحاس وفي نقش الحجارة التي في القبة ونظمها وكمالها ونجارة الخشب ليعمل كل
الأعمال التي أمرتك لصنع القبة" (انظر خر31: 2ـ5) ومكتوب في السفر الرابع: " وكلّم الله موسى
وقال له اجمع سبعين شيخًا من شيوخ بني إسرائيل الذين تعرف أنهم رؤساء الشعب فقدمهم
إلى قبة الشهادة وهناك أقدّمك وأفيض عليهم
من الروح الذي عليك" يعنى روح النبوة لأنه روح واحد فاعل في الكل ـ " فيحملون معك ثقل هذا الشعب...
وجمع موسى
سبعين شيخًا من شيوخ بني إسرائيل وأقامهم أمام الله, ونظر الله وكلّمه من الغمام
ثم أفاض من الروح الذي عليه وجعل على السبعين شيخًا. فلما حلّ عليهم الروح تنبأوا
وتأخر منهم اثنان في المحلة, اسم أحدهما ألداد واسم الآخر ميداد لم يأتيا إلى
القبة وتنبآَ في المحلة, فجاء الخبر إلى موسى أن ألداد وميداد يتنبآن فى المحلة.
فقال يشوع ابن نون خادم موسى بنقاوة لموسى يا سيدي اقمعهما فقال له موسى هل تغار
أنت لى ليت الله جعل شعبه كله أنبياء، لأن الله قد أفاض روحه عليهما فتنبآ"(انظر عد16:11و17و24-29).
ومكتوب أيضًا في آخر السفر الخامس بعد
موت موسى أن يشوع بن نون امتلأ من روح الحكمة من أجل أن موسى جعل عليه اليد فأطاعه
بنو إسرائيل وفعلوا كما أوصى الله موسى (انظر تث9:34).
ومكتوب أن
صموئيل النبي كان عليه روح الله ودبر الشعب جيدًا وكان الله معه وحافظًا للشعب كل
أيام حياة صموئيل. ولما مسح صموئيل النبي شاول بن قيس ملكًا قال له هذه علامة أن
الله يكمّل لك ذلك, هوذا تذهب في الطريق فتلقى جماعة أنبياء يتنبأون ويحلّ عليك
الروح وتتنبأ معهم. ولما ذهب وجد كما قال له وحلّ عليه الروح القدس وتنبأ معهم (انظر 1صم5:10ـ10) لأن هذا الروح الواحد الفعّال في النبوة والمُلك
والكهنوت.
وأيضًا مكتوب لما مَسَحَ صموئيل داود بن
يسى ملكًا ووضع عليه اليد وصلى عليه حلّ عليه الروح القدس فتنبأ (انظر 1صم13:16)، وبدأ يقول المزامير من ذلك اليوم، وأن روح الله انتُزع
من شاول الملك عندما خالف كلمة الله ولم يعمل بها (انظر 1صم14:16)، ولأجل هذا الروح كان داود يتضرع إلى الله عندما أخطأ
أن يجدّده فيه بالتوبة لئلا يناله ما أصاب شاول الذي تقدمه. فتاب بقوة ورجع رجعة
فاضلة وكان يتضرع قائلاً: " قلبًا طاهرًا أخلق فيّ يا الله وروحًا
مستقيمًا جدده في أحشائي, لا تطرحني من يديك ولا تنزع عني روح قدسك, أعطني بهجة
خلاصك وبروحك القادر ثبتني" (انظر مز10:51). وقال: " روحك الصالح يهديني إلى سبل
الاستقامة" (انظر مز10:143), وقال من أجل الروح أيضًا: " فتحت فمي واستنشقت
روحًا لأني أحببت وصاياك" (انظر مز131:119).
وإشعياء يقول " منذ بدأت لم
أتكلّم في خفية... بل أرسلني وروحه" (انظر إش16:48) وقال: " ويحلّ عليه روح الرب روح الحكمة
والفهم, روح المشورة والقوة, روح المعرفة ومخافة الرب" (انظر إش2:11) وقال: " روح الرب علىَّ من أجل هذا مسحنى وأرسلني" (انظر إش1:61). وقال " هذا عهدي معهم يقول الرب روحي الذي هو عليك وكلامي الذي
وضعته في فمك" (انظر إش21:59), وقال أيضًا في إشعياء عن اليهود " إنهم
أغاظوني وأغضبوا روحي القدوس".
وحزقيال يقول:" وأخذني الرب
بالروح إلى وادي مملوء عظامًا... وقال لي تنبأ يا ابن آدم وقل لها أيتها العظام
اليابسة اسمعي كلمة الرب" (حز1:37و4).
وقال حزقيال أيضًا: " فحل علىّ
روح الله وقال قل هكذا يقول الرب" وقال أيضًا " وحملنى إلى أرض
الكلدانيين في السبي في الرؤيا بروح الله" (انظر حز24:11), وقال أيضًا " أنضح عليكم ماء نقيًا وأجعل لكم
قلبًا جديدًا فأعطيكم روحًا جديدًا وأمنحكم روحي" (انظر حز36: 26,25).
ويقول الرب
في دانيال: " مكتوب لأجل سوسنة أن الله نبه روحًا قدوسًا في فتى يدعى
دانيال" (انظر دا45:13), ودانيال النبي يقول لنبوخذ نصر ملك بابل إن حكماء بابل
ليس فيهم روح الله, ولذلك لا يعرفون الغيب ولا يقدرون أن يقصوا الرؤيا التي رأيت
أيها الملك" (انظر دا2: 28,27).
وأيضًا
مكتوب " إن الروح القدس الذي كان على إيليا تضاعف دفعتين على إليشع تلميذه"
(انظر 2مل9:2), وكيف يفسر ذلك وإيليا إلى اليوم أكبر من إليشع؟! فاعلم
إذًا أن الكتاب لم يقل شيئًا باطلاً وإنما تضاعف الروح في فعل الآيات وذلك أن
إيليا صنع سبع آيات مشهورة, وصنع إليشع أربع عشرة آية معلومة!! لقد أقام إيليا
بصلاته ميتًا واحدًا وأقام إليشع اثنين. إلا أن فعل الآيات ليس كما يشاء النبي بل
كما يشاء الروح الفاعل فيه.
وقال ميخا
النبي " لكنني أنا ملآن قوة روح الرب" (انظر مى8:3).
وقال حجي
النبي " من أجل أني معكم يقول الرب ضابط الكل وروحي حال في وسطكم"
(انظر حج5:2).
وقال الله
في زكريا " اقبلوا كلامي وشرائعي وكل ما أوحيت إلى عبيدي الأنبياء بروحي"
(انظر زك12:7).
وقد أردت أن
أتكلّم عن فعل الروح القدس, كما ورد في الأنبياء لكن خشيت من التطويل, هذا الروح
الذي منه تُعطى كل المواهب الفاضلة كما يقول بطرس الرسول" لأنه لم تأت
نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلّم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس"
(2بط21:1).
الروح القدس لبولس البوشي. ميمر عيد العنصرة . ص 11 : 15
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق