الأربعاء، 30 أغسطس 2023

هل في معمودية المسيح المذكورة في مت3: 16- 17 عند الظهور الالهي، هل هذا يعني ان الاب والابن والروح القدس هم ثلاثة اشخاص منفصلين؟

 


طبيعة الله هي طبيعة واحدة بسيطة، وبسيطة تعني انها غير مركبة من اجزاء، فالاقانيم ليسوا اجزاء في الله وكأن الإبن هو جزء من الله والاب هو جزء اخر وهكذا.. هذا فهم مشوه عن طبيعة الله الثالوث. ويكتب ق. اثناسيوس الرسولي: الثالوث المبارك لا يتجزأ ، وهو واحد في ذاته، لأنه حينما ذ ُكر الآب ذُكر الإبن الكلمة والروح القدس الذي في الإبن، وإذا ذُكر الإبن فان الآب في الإبن، والروح القدس ليس خارج الكلمة لأن الآب نعمة واحدة تتم بالإبن في الروح القدس، وهناك طبيعة إلهية واحدة[1].

فالله غير مكون من اجزاء وغير قابل للتجزئة وكل اقنوم هو كل ما هو الله منذ الازل لان فيه ومعه الاقنومين الآخرين في احتواء متبادل بغير انفصال.

وهذا ظهر جلياً هُنا في حدث المعمودية إذ ان الإبن المُتجسد أظهر انه غير مُنفصل عن الآب والروح القدس إذ هم متواجدون معه كما هم معه وفيه دائماً، ولذلك يكتب ق. امبرسيوس: نحن نقول إله واحد ونعترف بالآب والإبن. لقد كُتِبَ (احبب الرب إلهك ولا تعبد سواه. تث 10 : 20) اما يسوع فقد رفض انه منفرد بنفسه إذ قال (لا اكون وحدي لان الآب معي. يو16: 32). ليس هو وحده الآن لإن الآب يشهد انه حاضر معه. الروح القدس حاضر (ايضاً). لان الثالوث غير منفصل[2] .

والظهور في هيئات جسدية حيث الابن متجسد ومتحد بجسد المسيح والروح القدس ظاهر في هيئة حمامة والله الآب ظاهر كصوت من السماء، هذا لا يحد طبيعة الله الغير محدودة والموجودة في كل مكان، ولكنه مجرد اعلان حتي يستطيع ان يستوعبه ويتفهمه البشر، ولا يعني ان الله في طبيعته هو هكذا حمامة وجسد انسان وصوت، فهذا تصور طفولي عن طبيعة الله كما هو في ذاته وجوهرة وليس ما يظهره ويعلنه لنا.

فالثالوث القدوس ليس له هيئة جسمية ولذلك فهو بعيد تماماً عن ان يكون محدود بمكان او منفصل مكانياً، هذا لان طبيعة الله روحية وفوق المكان والزمان فلا يُمكن ان تُمسك بالمكان او الزمان ولا ان يكون هذا عامل إنفصال بين اقانيم اللاهوت الذين هم كل ما هو الله الواحد منذ الازل، ويكتب ق. اغسطينوس:
هنا يظهر لنا الثالوث بصوره مميزة, الآب في الصوت, الابن في الإنسان، الروح القدس في الحمامة. انه امر واضح جلي لأي إنسان يُريد ان يراه. فينقل الينا الاعتراف بالثالوث بحيث لا يترك اي مجال للشك او التردد ...
نحن نؤمن ان الآب والإبن والروح القدس ثالوث لا ينفصل, إله واحد لا ينفصل, و ليس هوثلاثة الهه. لكن هناك إله واحد علي نحو لا يكون فيه الإبن هو الآب ولا الآب هو الإبن ولا الروح القدس هو الآب او الإبن. هذه الالوهية التي لا توصف حاضرة في كل مكان مجددة كل شئ, فهي تخلق وتعيد الخلق وترسل وتعيد الي الحياة, وتحكم وتُخلص. هذا هو الثالوث الفائق الوصف وغير المنفصل[3] .



[1] الرسائل إلى سرابيون 1 : 14

[2] التفسير القديم للكتاب المقدس، ترجمة الاب ميشال نجم، انجيل لوقا، ص 126

[3] PL 38 , 3 55 . NPNF . I 6 , 259

ليست هناك تعليقات: