في نقطتين مهمين هنا بحسب دونالد هاجنر:
النقطة (أ): معنى كلمة
πορνεία (بورنيا)، اللي مترجِمة هنا بـ"الخيانة
الجنسية أو الزنا"، فيه صعوبة في تحديده بدقة.
النقطة (ب): المخطوطات D و ita و b و d و k حذفت الجملة: καὶ ὃς ἐὰν ἀπολελυμένην γαμήσῃ, μοιχᾶται، "ومن يتزوج مطلقة فإنه يزني"، وده ممكن يكون لأنهم اعتبروا الجملة دي زيادة عن الحاجة بعد الكلام اللي قبلها،[1] والمخطوطة B، ويمكن كمان sa، فيها ὁ … γαμήσας بدل ὃς ἐὰν … γαμήσῃ، والفرق ده مش بيغيّر المعنى، لكنه بيخلي فيه توازن نحوي مع اسم الفاعل اللي في أول جملة في الآية.[2]
في متى ١٩: ٦، لما
يسوع قال كلام قوي ضد الطلاق، الفرّيسيين رجعوا لكلام موسى في تثنية ٢٤: ١ اللي
بيقول إن الراجل لو هيطلّق مراته، لازم يديها "صك طلاق" (ἀποστάσιον، ودي كلمة فنية معناها وثيقة قانونية فيها
تنازل عن الحقوق)، قبل ما يخرجها من البيت (الطلاق وقتها كان حق للزوج بس،
قارن بمرقس ١٠: ٢٣). وده هو كلام موسى اللي مقصود بعبارة "قيل". ومن
الواضح إن تثنية ٢٤: ١ بيسمح بالطلاق، ويسوع بيرد على المشكلة دي في متى ١٩: ٨. في
التفسير المعاكس اللي يسوع قدّمه هنا، رفض الطلاق لأنه بيؤدي للزنا، أولًا
من جهة الزوجة المطلقة، وثانيًا من الراجل اللي يتجوزها بعد كده. الفكرة التانية
دي، إن الراجل يزني لما يتجوز مطلقة، كانت جديدة وقتها. لكن يسوع ما عرضش الأساس
اللاهوتي للرؤية دي هنا، زي ما عمل في متى ١٩: ٤–٦. في المقابلة دي، (زي مواجهة
الفرّيسيين في متى ١٩: ٣–١٢)، باين إن موسى سمح بالطلاق، لكن يسوع رفضه (راجع كمان
مرقس ١٠: ٩؛ ١كورنثوس ٧: ١٠).
بس في النقطة دي، متى
أضاف استثناء: "παρεκτὸς λόγου πορνείας" (إلا بسبب الزنا porneia)، واللي ظاهر كمان في متى ١٩:٩ بصيغة "μὴ ἐπὶ πορνείᾳ". الاستثناءات دي مفيش غير متى اللي
ذكرها. (فيه رأي بيقول إن متى هو اللي أضافها). فيه ناس حاولوا ينفوا إن
الجملة دي فيها استثناء، لكن ضد رأي Holzmeister اللي شايفها شاملة، باين إن كلمة παρεκτός في متى ٥: ٣٢ مش ممكن تتفهم كده، ولازم
تتغير كلمة μή في متى ١٩: ٩ لـ μηδ(έ) علشان تبقى معناها "ولا حتى".
وفيه اللي قال إن الجملة دي معناها "تجاوز"، لكن ده ممكن يمشي في متى
١٩: ٩، إنما مش طبيعي في استخدام كلمة παρεκτός في متى ٥: ٣٢.
المعنى الحقيقي للجملة
دي بيعتمد على معنى كلمة porneia، واللي
غالبًا بتشير لخطايا جنسية زي الفجور والزنا (راجع أعمال الرسل ١٥: ٢٠، ٢٩)، وكده
بيفسروها كتير من العلماء (زي Allen؛ Schweizer؛ Gundry؛ Carson؛ Luz وغيرهم).
ولو متى كان قصده بـ porneia الخطايا
الجنسية قبل الجواز أو العلاقات خارج الجواز، فمتى ٥: ٣٢ مش بيقدم رد معاكس لكلام
تثنية ٢٤: ١، لكن مجرد بيأكد نفس الفكرة، وده بيخلّي يسوع كأنه بيوافق مدرسة
شماي اللي فسّرت النص على أساس الخطايا الجنسية بس، ضد مدرسة هليل اللي
كانت بتسمح بالطلاق لأي سبب تافه تقريبًا (راجع المشناة Giṭ ٩: ١٠).
الفرّيسيين كانوا
مختلفين في تفسيرهم لعبارة "˓erwat dābār" اللي معناها الحرفي "عورة شيء" أو "نجاسة
ما" (السبعينية: "ἄσχημον πρᾶγμα"، يعني "شيء مُخزٍ") في تثنية ٢٤: ١. مدرسة
شماي كانت شايفة إنها بتشير لاكتشاف خطايا جنسية، قبل أو بعد الجواز. أما
مدرسة هليل فركّزت على عبارة "لم يجد فيها نعمة في عينيه" (راجع تثنية
٢٤: ٣، اللي فيها الراجل "كرهها"، ودي ممكن تكون معناها جنسيًا كمان،
راجع TDNT 6:591، الهامش
٧٥).[3]
فيه تفسير تاني لـ porneia بقى مشهور أكتر في السنين الأخيرة، خصوصًا
وسط العلماء الكاثوليك (زي Baltensweiler؛ Fitzmyer؛ Meier وغيرهم)، وبيقول إن الكلمة مش معناها خطية
جنسية، لكن معناها جواز غير شرعي، زي جواز بين أقارب من درجات ممنوعة حسب لاويين
١٨: ٦–١٨. وده تفسير ظهر كمان في ترجمة njb: "إلا
في حالة زواج غير قانوني" (نفس المعنى في متى ١٩: ٩). التفسير ده بيفسّر النص
بطريقة سهلة، وبيبعد عن مشاكل التفسير التاني. وبيقول إن متى كان بيكلم قرّاءه
من اليهود المسيحيين اللي كانوا قلقانين من دخول ناس كتير من الأمم للكنيسة، وكان
مهم بالنسبة لهم إن اللي اتجوزوا زي ما القانون الوثني بيسمح، لكن القانون الإلهي
بيرفض، لازم يتطلقوا.
لكن فيه أسباب تخلّي
التفسير الأول هو الأفضل (راجع Lövestam؛ Sigal؛ Bockmuehl)، خصوصًا إن Sigal بيقول إن الجواز الغير شرعي أساسًا مش بيعتبر
جواز حقيقي، فمش محتاج طلاق. وكمان كلمة porneia مش مستخدمة في السبعينية في لاويين ١٧–١٨. والأهم، هل كان متى
هيحط مادة أخلاقية مالهاش علاقة مباشرة بقارئيه من اليهود المسيحيين؟ وهل كانوا
هيقروا النص من غير ما يفكروا في علاقته بحياتهم، خصوصًا وهم فاكرين تثنية ٢٤: ١؟
هل فيه دليل إن جماعة متى كانت مهتمة فعلاً بحياة الأمم اللي دخلوا المسيحية؟
وبالنسبة للاعتراض
اللي بيقول إن متى لو كان يقصد الزنا، كان استخدم moicheia بدل porneia، فالمعروف إن porneia
كلمة واسعة ممكن تشير للزنا كمان.
ورغم إن استثناء متى
بيعكس مخاوف الجماعة اللي بيكتب لها، يسوع نفسه ما دخلش في الجدل الداخلي بتاع
الفرّيسيين. معيار البر في الملكوت بيتطلب الرجوع لمعايير عدن الأصلية. والموقف
بتاع يسوع في متى ١٩: ٦ (راجع مرقس ١٠: ١١، اللي مفيهوش استثناء) بيظهر إنه حازم
جدًا، لدرجة إن التلاميذ اتفاجئوا وبيسألوا مين يقدر يتحمّل المعيار العالي ده
(متى ١٩: ١٠–١١). وده هو الرد العكسي لكلام تثنية ٢٤:١.
الراجل اللي يطلّق
مراته بيخليها تزني، لإن الست في الثقافة دي كانت مش هتقدر تعيش لوحدها، إلا
لو لجأت للبغاء. فكان لازم تتجوز حد تاني، ووقتها تعتبر زانية. والراجل
اللي يتجوزها بيكون كمان بيزني، لأنه اتجوز واحدة لسه متربطة بجواز سابق. الفكرة
دي بتفترض إن رابطة الجواز مستمرة، وحتى الطلاق مش بيغير الواقع ده.[4]
في شريعة موسى، الطلاق
كان مسموح، وكان فيه تنظيم لحماية الست المطلقة من خلال وثيقة الطلاق. وبعد كده في
الإنجيل، يسوع بيعلّق على سبب التشريع ده (راجع متى ١٩: ٣–١٢). في النص الحالي،
يسوع بيقدم فكرة جديدة وصادمة إن حتى اللي اتطلقوا بشكل رسمي، لو اتجوزوا تاني،
ممكن يُعتبروا زناة. العهد القديم بيقبل الطلاق، لكنه ما اعتبرش الجواز التاني نوع
من الزنا. الطريقة الجديدة دي في الكلام مرتبطة مباشرة بمنع يسوع الكامل للطلاق.
الجواز كان المفروض يكون علاقة دايمة بين راجل وست، وعشان كده الطلاق مش مفروض
يكون خيار لتلاميذ الملكوت. زي ما هنشوف في متى ١٩: ٣–١٢، النموذج الأصلي للراجل
والست كان الجواز الدايم. الوجود الحالي للملكوت بيتطلب من التلاميذ يرجعوا للمبدأ
الأصلي ده. علشان كده، الطلاق لازم يُرفض. أخلاقيات الملكوت ما بتتراجعش قدام
مثالية المعيار ده (راجع متى ٥: ٤٨).
الغرض من استخدام كلمة
"زنا" في الجواز التاني هو بس التأكيد على إن الطلاق غلط. بعض المفسرين
استنتجوا إن الطلاق ممكن يكون مسموح للمسيحي، لكن الجواز التاني ممنوع لأنه بيعتبر
زنا. لكن لو الطلاق حصل من غير إمكانية للجواز التاني، يبقى في السياق ده مجرد
انفصال، مش طلاق كامل. موسى سمح بالطلاق والجواز التاني – ومن المهم نلاحظ إنه ما
وصفش اللي اتجوزوا تاني بأنهم زناة – وده بسبب قساوة قلوب الناس. ولو، زي ما هنشرح
في نص متى ١٩، أتباع يسوع ما اتخلصوش بالكامل من القساوة دي، فالطلاق
والجواز التاني هيستمر يحصل بينهم، زي ما كان بيحصل مع شعب الله في العهد القديم. إدراج
متى لعبارات الاستثناء، واللي بتعدل تعليم يسوع المطلق، بيعبّر عن الواقع ده في
كنيسة زمنه. ومع كل ده، مهم نضيف إن قبولنا لواقع ضعفنا المستمر ووجود
الغفران، ميعنيش إننا نقلل من التزامنا إننا نستمر نلاحق النموذج المثالي.[5]
[1] B.M. Metzger, A Textual Commentary on
the Greek New Testament. P.14
[2] Donald A. Hagner, *Word Biblical
Commentary: Matthew 1-13*, Word Biblical Commentary (Dallas: Word,
Incorporated, 2002, 122.
[3] G. Kittel and G. Friedrich, eds., tr.
G. W. Bromiley Theological Dictionary of the New Testament, 10 vols., ET (Grand
Rapids: Eerdmans, 1964–76
[4] Donald A. Hagner, *Word Biblical
Commentary: Matthew 1–13*, Word Biblical Commentary (Dallas: Word,
Incorporated, 2002). P. 123.
[5] Donald A. Hagner, *Word Biblical
Commentary: Matthew 1–13*, Word Biblical Commentary (Dallas: Word,
Incorporated, 2002). P. 124.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق