الثالوث القدوس عند آباء القرن الثاني[1]
الآباء الأوائل اللي
فكروا في عقيدة الثالوث كانوا بيركزوا أكتر على العلاقة بين الأقنوم الأول
والتاني. يوستينوس الشهيد وإكليمنضس السكندري Justin Martyr † 163 وClement of Alexandria † حوالي 220، اللي نشاطهم الأدبي كان ما بين سنة 150 و250، كانوا
بيمثلوا الفكر اليوناني للثالوث في القرن التاني. أما إيرينيئوس Irenaeus († حوالي 202)، و وهيبوليتوس Hippolytus †
235، وترتليان Tertullian († حوالي 220)، فكانوا بيمثلوا الفكر
اللاتيني للثالوث في نفس الفترة.
لو بصينا في كتابات
الآباء دول، هنلاقي إنهم كانوا متمسكين بمرتكزين أساسيين من عقيدة الثالوث: أولًا،
وحدة الجوهر بين الآب والابن، وثانيًا، التمايز بين الأشخاص.[2]
يوستينوس الشهيد
يوستينوس الشهيد Justin
Martyr بيأكد إن الشخص اللي اتكلم مع
موسى من وسط النار في العليقة كان الـLogos أو الابن،
مش الآب. الكائن ده، اللي سمّى نفسه وقتها الكائن الأزلي I AM، هو اللي بيقول إنه تجسّد بعدين في يسوع
المسيح. وفي مناظرته مع اليهودي Trypho، بيشرح وجهة
نظره بحماس شديد:
"وقال ملاك الله لموسى من وسط نار العليقة، وقال: أنا هو الكائن، إله إبراهيم، إله إسحاق، وإله يعقوب، إله آبائكم، انزل لمصر وطلع شعبي من هناك... الكلام ده اتقال علشان يوضح إن ابن الله والرسول هو يسوع المسيح، اللي هو الـLogos الأزلي الحقيقي؛ اللي ظهر أحيانًا في شكل نار، وأحيانًا على هيئة ملاك، وفي الأيام الأخيرة اتجسّد وصار إنسان بإرادة الله علشان يخلّص البشر، وكان راضي يتحمل اللي عمله فيه الشياطين عن طريق اليهود المغيّبين؛ واللي بالرغم إن عندهم النص ده في كتابات موسى: ‘وتكلم ملاك الرب مع موسى من وسط نار العليقة، وقال: أنا هو الكائن، الأزلي، إله إبراهيم، إله إسحاق، وإله يعقوب؛’ رغم كده، بيقولوا إن اللي اتكلم هو الله الآب وخالق كل شيء.
وعلشان الخطأ ده، الروح النبوي وجّه لهم اللوم: ‘إسرائيل ما عرفنيش، وشعبي ما فهمنيش؛’ وزي ما قلت، المسيح نفسه لامهم على نفس الحاجة لما كان وسطهم: ‘ما حدش عرف الآب غير الابن، ولا الابن غير الآب واللي الابن يعلن له.’
فاليهود، لأنهم قالوا إن اللي كلم موسى هو الآب الكوني، لما كان في الحقيقة الابن هو اللي كلمه، واللي اتسمّى ملاك ورسول (عب1: 3)، اتحسب عليهم اللوم من الروح النبوي، ومن المسيح نفسه، إنهم ما عرفوش لا الآب ولا الابن؛ لأن اللي بيقول إن الابن هو الآب، يبقى مش فاهم إن الآب له ابن، والابن ده اللي هو الـLogos، والبكر من الله، هو نفسه إله (καὶ θεὸς ὑπαρχει).
وهو اللي كان بيظهر قبل كده لموسى وباقي الأنبياء، أحيانًا كنار، وأحيانًا في شكل ملاك؛ لكن دلوقتي، تحت حكمكم، زي ما قلت، اتولد من عذراء، بإرادة الآب، علشان يخلّص اللي بيؤمنوا بيه."[3]
يوستينوس الشهيد بيقول
إن الله في البداية، قبل كل الخليقة (πρὸ παντῶν τῶν κτισμάτων)، وَلَد من نفسه قوة عقلانية معينة (γεγέννηκε δύναμιν
τινὰ ἐξ ἑαυτοῦ λογικὴν)، واللي
الروح القدس بيسميها مرة مجد الرب، ومرة الابن، ومرة الحكمة. وفي موضع تاني، بيقول
إن القوة العقلانية دا اتولد من الآب بقوته وإرادته، لكن من غير أي فصل أو انقسام
في جوهر الآب.
من الكلام ده، يوستينوس
بيعلم بعقيدة نيقية عن الولادة الأزلية، واللي بتختلف عن الخلق.[4]
لأنه لما بيقول إن الله الآب وَلَد الابن من نفسه (ἐξ ἑαυτοῦ)، فهو بيأكد إن كيان الابن الداخلي هو نفس
كيان الآب. ولو الآب كان خلق الابن من العدم، كانت طبيعة الابن هتبقى مش ἐξ ἑαυτοῦ، لكن جوهر جديد وثانوي تمامًا. الصياغة دي
ما اتطبقتش أبدًا من يوستينوس أو أي من الآباء على فعل الخلق.
فكرة يوستينوس عن
الولادة الأزلية، زي فكرة أثناسيوس، بتتناقض تمامًا مع فكرة الخلق. الحاجة اللي
بتتولد أزليًا ما ينفعش تكون مخلوقة، لأنها ἐκ θεοῦ ἑαυτοῦ—يعني من جوهر الله نفسه. والحاجة اللي
بتتخلق من العدم، في لحظة زمنية معينة، ما ينفعش تكون ولادة أزلية، لأنها جوهر
جديد اتكوّن من لا شيء.
أما القول إن الـLogos اتولد من الآب "بإرادته"، فده
موجود أحيانًا في كتابات بعض اللاهوتيين بعد نيقية، وبيسمح بتفسير يتماشى مع عقيدة
ألوهية الأقنوم التاني. وده لأن الجملة متفسّرة بإن الولادة دي بتحصل من غير
"أي فصل أو انقسام في جوهر الآب." يعني لازم تكون فعل داخلي في الجوهر
الإلهي؛ بس إرادي، بمعنى إنه مش مفروض عليه من الخارج. الولادة دي بتحصل بالطبيعة
والإرادة معًا، والاتنين بيبقوا واحد في الذات الإلهية.
يوستينوس الشهيد
بيتكلم عن شخصية الـLogos المتميّزة،
وبيقول:
"القوة العقلانية دي مش زي ضوء الشمس، يعني اختلافها مش مجرد اختلاف في الاسم بس عن الآب، لكنها فعليًا كيان متميز حسابيًا (οὐκ ὡς τὸ ἡλίου φῶς ὀνόματι μόνον ἀριθμεῖται, ἀλλὰ καὶ ἀριθμῷ ἕτερόν τὶ ἐστὶ)."[5]
في الجملة دي، يوستينوس
بيأكد إن الأقنوم التاني مش مجرد شعاع طالع من الجوهر الإلهي زي شعاع الشمس، لكن
هو كيان متميّز، ἕτερόν τὶ، يعني ليه
وجود خاص، مش مجرد طاقة أو انبعاث.
وبالنسبة لأزلية وجود
الـLogos، يوستينوس بيقول:
"ابن الآب، اللي فعلاً يُسمّى ابنه، الكلمة، كان معاه، واتولد منه قبل الخليقة (πρὸ τῶν ποιημάτων)، لأنه هو اللي في البداية خلق ونظّم كل الأمور." وفي مقطع تاني بيضيف: "الكائن ده، اللي اتولد فعلًا من الآب، وخرج منه، كان موجود قبل كل الخليقة (πρὸ παντῶν ποιημάτων) مع الآب، وكان بيتكلم معاه."[6]
ويوستينوس كمان بيطلق
على الـLogos لقب "الله" أكتر من
مرة. في الفصل 63 من "الدفاع الأول"، بيقول إن "الكلمة هو البكر من
الله، وهو الله" (καὶ θεὸς ὑπαρχει). وفي مناظرته مع Trypho، بيتكلم عن
يشوع، وبيقول إنه وزّع على شعب إسرائيل ميراث مؤقت مش أبدي، "لأنه ماكانش
المسيح اللي هو الله، وابن الله" (ἅτε οὐ Χριστὸς ὁ θεὸς ὤν, οὐδὲ υἱος θεοῦ).[7]
يوستينوس بيظهر
اعترافه بالثالوث في الاقتباسات دي. وهو بيدافع عن المسيحيين ضد تهمة الإلحاد،
بيقول:
"إحنا بنعبد خالق الكون ده... وكمان، اتعلمنا إن اللي علّمنا الأمور دي، واللي علشانها اتولد (γεννηθέντα)، اللي هو يسوع المسيح، اللي اتصلب في عهد بيلاطس البنطي، والي اليهودية وقت القيصر تيبريوس، هو ابن الإله الحقيقي؛ وإحنا بنعتبره في المرتبة التانية (χώρᾳ). وإننا بنكرّم الروح النبوي بعقلانية في المرتبة التالتة (τάξει)، (هنوضّح ده لاحقًا)."[8]
وبيكمل يوستينوس
ويقول:
"إحنا بنبارك خالق الكل، من خلال ابنه يسوع المسيح، ومن خلال الروح القدس... وإحنا فعلًا غير مؤمنين بالآلهة المزعومة دي، لكن مؤمنين بالله الحق، الآب بتاع البر والاعتدال وكل الفضائل، واللي مفيهوش شر. وإحنا بنعبده ونسجد له، ومعاه ابنه اللي خرج منه، وعلّمنا عن الأمور دي، وكمان عن جيوش الملائكة الصالحين اللي بيتبعوه واتشبهوا بيه؛ و[إحنا بنعبد ونسجد] للروح النبوي؛ بنكرّمهم بعقل ومنطق."
وبيذكر كمان إن
المعمودية كانت بتتم في الكنيسة "باسم الله الآب ورب الكل، ومخلصنا يسوع
المسيح، والروح القدس."[9]
كليمنضس السكندري
كليمنضس السكندري
بيأكد وحدة الجوهر بين الآب والـLogos بشكل صريح
جدًا. وهو بيتكلم عن الآب والابن، بيقول: "الاتنين واحد، يعني الله" (ἕν γὰρ ἄμφω,
ὁ θεὸς). ولما بيتكلم عن الابن،
بيوصفه إنه:
"الكلمة الإلهي اللي ظاهر بوضوح إنه الله الحقيقي (οντῶς θεὸς)، واللي مساوي (ἐξισώθεις) لرب الكون، لأنه كان ابنه، وكان كلمة الله... فيه كائن واحد غير مولود، اللي هو الله، المتسلط على الكل (παντοκράτωρ)؛ وفيه كائن واحد هو البكر، اللي من خلاله اتعمل كل شيء."[10]
الاقتباسات دي من
كليمنضس السكندري بتوضح بوضوح وجود الثلاثية في الذات الإلهية:
- "فيه أب واحد للكون؛ وفيه كمان كلمة واحدة للكون؛ وفيه روح قدس واحد، موجود في كل مكان."
- "كن رؤوفًا على أولادك، يا مُعلّم، أيها الآب، مركبة إسرائيل، الابن والآب الاتنين واحد، يا رب" (υἵε καὶ πατὴρ, ἕν ἄμφω, κύριε).
- "خلّينا نشكر الآب والابن الوحيدين، الابن والآب، مُعلمنا وسيدنا، مع الروح القدس، إله واحد في كل شيء، اللي فيه كل شيء، واللي من خلاله وحده كل شيء... له المجد الآن وإلى الأبد، آمين."[11]
الآباء الأوائل من
اليونانيين اللي آمنوا وكتبوا عن الثالوث، وكمان بعض اللاتينين في وقت مبكر،
استخدموا صور وتشبيهات مأخوذة من الطبيعة الخارجية ومن عقل الإنسان علشان يوضّحوا
— لكن مش يشرحوا شرح تفصيلي — الوجود الشخصي للـLogos وعلاقته بالآب.
كانوا بيأكدوا إن
الابن ما اتخلقش كجوهر جديد من لا شيء، لكن اتولد من جوهر أبدي، وعلشان يقرّبوا
الفكرة للعقل، استخدموا صور كتير. قالوا إن "الكلمة" عند الإنسان بتخرج
وبتنبثق من النفس، من غير ما النفس تفقد حاجة من جوهرها. وبنفس الطريقة، ولادة
الابن أو الـLogos — اللي هو كان الاسم الشائع
ليه — مخلتش الجوهر الإلهي يقل أو يتغيّر، فضل كما هو.
زي ما الشعاع بيخرج من
جوهر الشمس، من غير ما ينقص من نور الشمس نفسها؛ بنفس الطريقة "العقل"
أو "الحكمة" الإلهية بتُظهر وتوصّل جوهر الله المطلق، من غير ما ينقص
منه أي شيء.
واضح إن التشبيهات
المجازية دي ما كانتش كافية علشان تشرح عقيدة الثالوث بشكل كامل. هي كانت بتنفع
لجزء واحد من العقيدة، اللي هو وحدة الجوهر. يعني بتوضح إزاي ولادة الابن مأثّرتش
على وحدة الطبيعة الإلهية، لكنها مبتشرحش بشكل دقيق فكرة الـhypostasis أو التمييز الشخصي.
يعني مثلًا، الكلمة
اللي بيقولها الإنسان ما بتنقصش من نفسه، بس الكلمة دي ما عندهاش وجود مستقل زي
النفس. وكمان، الشعاع اللي بيطلع من الشمس مش مركز مضيء زي الكرة الشمسية نفسها.
علشان كده، التشبيهات دي ما بتوصلش المعنى الكامل للتمييز الشخصي؛ لأن التمييز ده،
رغم إنه مختلف عن الجوهر الإلهي، لكنه موجود فعليًا وبيمتلك كل صفات الجوهر.
وبرغم ده، طالما ما
كانش فيه شك في شخصية الآب والابن المستقلة، كان طبيعي وآمن استخدام التشبيهات دي
علشان يبعدوا الفكرة إن ولادة الأقنوم التاني معناها فصل أو تقسيم في الجوهر
الواحد الأزلي للإله.[12]
وكمان، الصور المجازية
دي مهدت الطريق لظهور التعبيرات الفكرية والمصطلحات التقنية عن عقيدة الثالوث. هي
عبّرت — على قد ما تسمح الصور دي — عن إن الابن من حيث الجوهر هو مساوي للآب، لكن
في ناحية تانية هو مختلف عنه. والاتنين دول هم جوهر عقيدة الثالوث.
ترتليان
لما بدأ علم الثالوث
يتطور، تحت ضغط تعاليم الهرطقات زي مؤلمي الآب والآريوسية Patripassianism والـArianism، ظهرت مفاهيم فلسفية دقيقة عن "الجوهر"
و"الأقنوم"، واتعبّرت عنها بصياغة تقنية وعبارات جدلية دقيقة؛ وفي
الظروف دي، الصور المجازية بتاعة يوستينوس وترتليان فتحت المجال لعبارات تحليلية
ومحسوبة بعناية زي اللي موجودة في قانون الإيمان النيقاوي والإثناسي.
المواقف اللاهوتية لترتليان
في موضوع الثالوث ظهرت كرد فعل مباشر لنظرية مؤلمو الآب الـPatripassianism، وكانت بترد بالأخص على البدعة دي. الخصوم
كانوا بيأكدوا على وحدة الجوهر وألوهية المسيح، فمكانش فيه ضرورة لترتليان يناقش الجوانب
دي. هو ركّز أكتر على إثبات الشخصية المتميزة للابن والروح، وده خلاه يساهم فعليًا
في بناء عقيدة الثالوث بشكل علمي.
من أول الكنيسة، لما
أكدت إن الجوهر واحد بين الآب والابن، كانت بتنكر إن الابن مخلوق. جماعة الـPatripassians وافقوا على كده، لكن على حساب التمييز بين
الأشخاص. ترتليان فهم الفكرتين سوا، وقال إن الآب والابن واحد من جهة، واتنين من
جهة تانية.
وبيظهر مدى تأكيده على
وحدة الجوهر والتمييز الشخصي في الاقتباسات دي من كتاباته. استخدم أمثلة زي النهر
اللي عمره ما اتفصل عن مصدره، والشعاع اللي عمره ما اتفصل عن الشمس، علشان يوضّح
وحدة الطبيعة الإلهية، وبعد كده بدأ يشرح التمييز بين الأشخاص بالشكل ده:
"وعلشان كده، وبناءً على الأمثلة دي، بأكد إن فيه اتنين: الله وكلمته، الآب وابنه. لأن الجذر والجذع هما حاجتين، لكن متصلين؛ والينبوع والجريان هما مظهرين مختلفين species،[13] لكن غير مفصولين؛ والشمس والشعاع هما شكلين (formae)، لكن مرتبطين ببعض. كل حاجة بتخرج من حاجة تانية (prodit ex aliquo) تعتبر شيء تاني بالنسبة للحاجة اللي خرجت منها؛ بس ده مش معناها إنها منفصلة عنها. ولما يكون فيه شيء تاني، يبقى فيه اتنين؛ ولما يكون فيه شيء ثالث، يبقى فيه تلاتة. لأن الثالث هو الروح، من الله والابن؛ زي ما الثمرة من الجذع تعتبر ثالثة بعد الجذر، والقناة (rivus) من النهر تعتبر ثالثة بعد الينبوع، والشرارة (apex) من الشعاع تعتبر ثالثة بعد الشمس. ومع كده، مفيش حاجة بقت غريبة عن المصدر اللي جاية منه صفاتها.
وبنفس الطريقة، الثالوث (trinitas) اللي بينزل (decurrens) من الآب، من خلال تدرج متواصل ومترابط، ما بيخلّش بوحدة السلطة الإلهية، وبيحافظ على حالة التدبير الإلهي (monarchiae nihil obstrepit, et οἰκονομίας statum protegit)... أنا بقول إن الآب هو واحد، والابن واحد، والروح واحد. ومع كده، الابن مش مختلف عن الآب في الجوهر، لكن في التصنيف؛ مش مختلف بسبب الانقسام، لكن بسبب التمايز؛ لأن الآب والابن مش شخص واحد، لكن فيه اختلاف خاص في طريقة معينة بينهم modulo".[14]
ترتليان بيشرح موضوع
وحدة الجوهر بوضوح شديد، وبيقول إن جماعة الـMonarchians أو الـPatripassians فاكرين إن عدد وترتيب أقانيم الثالوث معناهم
تقسيم للوحدة؛ لكن الحقيقة إن الوحدة لما تطلّع الثالوث من نفسها، ما بتتدمّرش، بل
بتُدار من خلاله (quando
unitas, ex semet ipsa derivans trinitatem, non destruatur ab illa, sed
administretur).
وبيكمل ترتليان:
"أنا اللي بقول إن الابن مش جاي من مصدر غريب (aliunde)، لكن من جوهر الآب — ابن ما بيعملش حاجة من غير إرادة الآب، واستلم كل القوة من الآب — إزاي ممكن أكون بأهدّ الملكوت الإلهي؟ بالعكس، أنا بأحافظ عليه في الابن، اللي استلمه من الآب... وبهذا الشكل، الواحد هو الكل، لأن الكل هم واحد؛ بوحدة الجوهر.
ومع كده، بيُحفظ سر التدبير (οἰκονομίας)، اللي بيقسّم الوحدة إلى ثالوث، وبيحط الثلاثة أشخاص في ترتيبهم: الآب، والابن، والروح القدس — تلاتة، بس مش من حيث الوضع (statu)، لكن من حيث الترتيب (gradu)؛ مش من حيث الجوهر، لكن من حيث الشكل؛ مش من حيث القوة، لكن من حيث المظهر؛ ومع ذلك كلهم من جوهر واحد، ووضع واحد (status)، وقوة واحدة."[15]
ترتليان سبق وقدّم
حُجّة للاعتراف بوجود ثلاث أقانيم في طبيعة واحدة، واللي هنلاقيها بعدين عند أثناسيوس[16]
وغيره من آباء مجمع نيقية. الحُجّة دي بتقول إن أزلية الأقنوم الأول مرتبطة بأزلية
الأقنوم التاني، والعكس صحيح. يعني لو فيه وقت ماكانش فيه أقنوم تاني، يبقى فيه
وقت ماكانش فيه أقنوم أول. الأول والتاني لازم يكونوا مترابطين مع بعض. الآب
والابن ملهمش وجود إلا في حالة وجودهم سوا وفي علاقة متبادلة؛ ونفس الحُجّة اللي
ترفض أزلية الابن، بتكون كمان بترفض أزلية الآب.
وترتليان بيقول:
"من الضروري إن يكون الله الآب فيه الله الابن، علشان هو نفسه يكون الله الآب؛ وإن يكون الله الابن فيه الله الآب، علشان هو نفسه يكون الله الابن. ومع كده، في فرق بين إن الواحد يكون فيه، وإن الواحد يكون هو نفسه" aliud est autem habere, aliud esse.[17]
دورنر،[18] وهو بيلخص رأيه بخصوص التثليث عند ترتليان، بيقول إن ترتليان علّم
بشكل واضح بوجود "ثالوث جوهري essential trinity"، وده حاجة مهمة جدًا في تاريخ التثليث، وكان ليه تأثير كبير
على تطور العقيدة دي بعد كده. [19]
إيرينيئوس
إيرينيوس، جزئيًا بسبب
طبيعته العملية اللي خلتُه يميل للأفكار التقليدية، وجزئيًا بسبب رفضه القوي
لتأملات الغنوصيين، كان ميّال لقبول عقيدة الثالوث القدوس باعتبارها إعلان خالص.
هو أكد على الوجود الأزلي للـ Logos؛ واعتبره يهوه الخاص بالعهد
القديم، وده بيتفق فيه مع ترتليان[20]
ويوستينوس؛ ونسب له الألوهية باعتبارها من جوهره؛ وقدّمه ككائن يُعبَد. وهو كمان
علّم بشكل واضح بعقيدة وجود ثلاث أقانيم في الذات الإلهية. والمقتطفات الجاية من
عمله الكبير، اللي كَتَبه دفاعًا عن النظام المسيحي، ضد النظريات الهرطوقية اللي
كانت موجودة في وقته، هتعرض الطابع العام لتعليم إيرينيوس بخصوص الثالوث القدوس.
إيرينيوس بيقدّم حُجّة
عن الوجود الأزلي للابن بالشكل ده:
"بعد ما وضّحنا إن الكلمة اللي كان موجود في البداية مع الله، واللي كل الأشياء اتخلقت بيه، واللي كان دايمًا حاضر للبشر، أصبح في الأيام الأخيرة دي إنسان قابل للآلام، ... كده الاعتراض اترد على الناس اللي بيقولوا: 'لو المسيح اتولد في الوقت ده، يبقى قبل كده ماكنش موجود.' لأننا وضّحنا إنه بما إنه دايمًا كان موجود مع الآب، فهو ما ابتداش في الوقت ده يكون ابن الله... علشان كده، في البداية، الله خلق آدم، مش علشان كان محتاج الإنسان، لكن علشان يكون عنده حد يقدر يمنحه الخيرات. لأن مش بس قبل آدم، لكن قبل كل الخليقة (ante omnem conditionem)، الكلمة كان بيُمجّد الآب، وكان قائم فيه (manens)؛ وكان هو نفسه ممجّد من الآب، زي ما هو قال: 'أيها الآب، مَجِّدني بالمجد اللي كان لي معك قبل ما العالم يكون.' ... اليهود انصرفوا عن الله، لأنهم ما قبلوش كلمته، وافتكروا إنهم يقدروا يعرفوا الآب لوحده من غير كلمته، اللي هو ابنه؛ من غير ما يعرفوا الله اللي كان بيتكلم بشكل ظاهر (figura) مع إبراهيم، وكمان مع موسى، لما قال: 'أنا شفت ضيق شعبي اللي في مصر، ونزلت علشان أخلّصهم.'"
وبعد ما علّق على إن
ربنا ما بيحتاجش لا بشر ولا ملايكة كوسيط علشان يخلق، إيرينيوس وضّح إن السبب هو
إن ربنا عنده كوسيط خاص بيه، "نسله (progenies)، وصورته (figuratio)، يعني: الابن والروح القدس، الكلمة والحكمة؛ واللي كل الملايكة
بيخدموهم وبيخضعوا ليهم.[21]
التعليم عن التثليث في
الذات الإلهية بيظهر عند إيرينيوس في العبارات دي:
"بس لو ماقدرناش نلاقي حلول لكل حاجة مطلوبة في الكتب المقدسة، ماينفعش ندور على إله تاني غير الله. لأن ده قمة الكفر. لكن المفروض نسلّم الحاجات دي لله اللي خلقنا، وادانا معرفة دقيقة، لأن الكتب المقدسة كاملة، بما إنها نُطِقَت (dictae) بكلمة الله، وبروحه... في اسم المسيح، اللي بيعطي المسحة، واللي بيأخذ المسحة، والمسحة نفسها. الآب هو اللي بيمسح، لكن الابن هو اللي بيتمسح، في الروح، اللي هو المسحة؛ زي ما الكلمة (Sermo) بتقول على لسان إشعياء: 'روح الله عليّ، لأنه مسحني'... الإنسان هو مزيج بين الروح والجسد، متكوّن على شبه الله، ومشكَّل بإيديه، يعني بالابن، وبالروح القدس، اللي هو كمان قال لهم: 'نعمل الإنسان.'... فيه إله واحد، الآب، في الكل، ومن خلال الكل، وفيه كلمة واحد، وابن واحد، وروح واحد، وخلاص واحد لكل اللي بيؤمنوا بيه."[22]
إيرينيوس بيشهد على
عبادة الكنيسة للمسيح، وضد التعليم البابوي بخصوص عبادة القديسين، في المقطع ده،
واللي يعتبر واحد من كتير في كتاباته:
"الكنيسة ما بتعملش حاجة عن طريق استدعاء الملائكة أو التعاويذ، ... لكنها بتوجه صلواتها بشكل نقي وصريح للرب اللي خلق كل شيء، وبتنادي باسم الرب يسوع المسيح، وبتصنع معجزات لفايدة البشر، مش علشان تغويهم" [زي ما بيعمل الغنوصيين].[23]
ترتليان وإيرينيوس
بيختلفوا عن يوستينوس، في إنهم بيستخدموا كلمة "الابن" بشكل أكتر في
النقاش، وده بيخلّي فيه عنصر شخصي أكتر في العقيدة. ولما بيميزوا، زي ما بيعملوا
غالبًا، الشخص التاني في الذات الإلهية باسم "الابن" بدل "الـ Logos"، فهما كده مهّدوا للطريقة اللي ظهرت بيها التفرقة بين
الأقانيم أو الشخصيات في الطبيعة الإلهية، واللي شفناها في فترة الجدل اللاهوتي.
لأن مصطلحات زي Logos والعقل (Reason) والحكمة (Wisdom)، مع إنها بتلفت النظر للأزلية والجوهريّة للتمييز التاني في
الذات الإلهية، إلا إنها مش بتظهر بشكل قوي مفهوم الشخصية الواعية زي كلمة
"الابن". وعلشان كده، هنلاقي فرق كبير بين كتابات يوستينوس الشهيد عن
التثليث في نص القرن التاني، وبين كتابات فترة نيقية، والفرق ده بيظهر في قلّة
استخدام مصطلح Logos، وكثرة استخدام مصطلح "الابن"
علشان يعبّروا عن الأقنوم التاني.[24]
هيبوليتوس الروماني
هيبوليتوس، تلميذ إيرينيوس، علّم بشكل واضح عقيدة التثليث، وبيجادل لصالح العقيدة الكاثوليكية الخاصة بالتمييز الداخلي، في مواجهة المودالية بتاعة نويتوس. بعد ما أكد إن المسيح هو الكلمة اللي كل شيء اتخلق بيه، واستشهد ببداية إنجيل يوحنا لإثبات ده، بيكمل ويقول:
"إحنا بنشوف الكلمة متجسد فيه؛ وبنفهم الآب عن طريقه؛ وبنؤمن بالابن؛ وبنعبد الروح القدس."[25]
بعد كده بيواجه حجة
جماعة نويتيان، اللي اتهموا الأرثوذكس إنهم بيؤمنوا بإلهين، لأنهم كانوا بيقولوا
إن الآب هو الله، والابن هو الله، فردّ عليهم:
"أنا مش هقول إلهين، لكن إله واحد، وشخصين (أقنومين). لأن الآب واحد؛ لكن فيه شخصين، لأن فيه كمان الابن، والشخص التالت هو الروح القدس... كلمة الله، المسيح، بعدما قام من الموت، قال لتلاميذه: ‘اذهبوا وعلّموا كل الأمم، وعمّدوهم باسم الآب، والابن، والروح القدس’، وده بيورّي إن اللي بيغفل واحد من التلاتة دول، ما بيمجّدش الله بالكامل. لأن من خلال التثليث، الآب بيتمجّد. الآب أراد، الابن نفّذ، الروح القدس أظهر. كل الكتب المقدسة بتعلن ده."
هيبوليتوس كمان أكد
ألوهية الابن، وميّز بعناية بين التولُّد من الجوهر الإلهي، وبين الخلق من لا شيء:
"الكلمة لوحده هو الله، من عند الله نفسه. علشان كده هو الله؛ لأنه جوهر الله. لكن العالم من لا شيء؛ وعلشان كده هو مش الله. العالم قابل للزوال، كمان، لما اللي خلقه يريد ده"[26] — ὁ Λόγος μόνος ἐξ αὐτοῦ• διὸ καὶ θεὸς, οὐσία ὑπάρχων θεοῦ. Ὁ δὲ κόσμος ἐξ οὐδενός • διὸ οὐ θεός.
إحنا بنختم الاستعراض
ده للإيمان بالثالوث القدوس عند الآباء الكبار قبل مجمع نيقية، بالملاحظات اللي
ذكرها ووترلاند، واللي ماينفعش يتشكك فيها، واللي بتثبت بشكل قاطع إنهم كانوا
بيؤمنوا بنفس عقيدة الثالوث اللي علّم بيها اللاهوتيين في فترة نيقية وما بعدها.
1. الآباء قبل مجمع نيقية استخدموا كلمة "الله" بالمعنى الدقيق اللي بيشير للجوهر الإلهي، وطبقوها على الابن بنفس المعنى ده.
2. هم اعترفوا إن فيه جوهر واحد فقط هو الإلهي بالمعنى الحقيقي، ورفضوا تمامًا فكرة وجود آلهة أقل أو ثانوية.
3. هم قصروا العبادة على الإله الواحد الحقيقي، ومع ذلك عبدوا الابن.
4. نسبوا للابن الأزلية، والقدرة الكاملة، وانه غير مخلوق، واعتبروه الخالق والحافظ للكون.
5. لو كان الآباء قبل نيقية بيعتقدوا إن الابن مختلف عن الآب في الجوهر، أو في الأزلية، أو في القدرة، أو في كونه غير مخلوق، كانوا أكيد هيفرّقوا بين الاتنين وقت الجدل مع سابيليوس؛ لأن ده كان هيثبت بما لا يدع مجال للشك إن الابن والآب مش أقنوم واحد. لكنهم ما عملوش كده.[27]
[1] William G. T. Shedd, A History of
Christian Doctrine, Vol. 1 (Eugene, OR: Wipf and Stock Publishers, 1999). 246.
[2] النص في يوحنا 10:30 بيعلن عن
وحدة الجوهر مع تمايز الأشخاص: ἐγὼ καὶ ὁ πατὴρ ἕν (مش ἔις ἐσμεν)؛ يعني: "أنا والآب واحد في الجوهر، مش
شخص واحد."
[3] JUSTIN MARTYR: Apologia
I. 63 Ed. Cong. St. Mauri. Par. 1742. شوف كمان BURTON’S Testimonies of
Ante-Nicene Fathers، الصفحات 38 و39، علشان قائمة بالمقاطع اللي
اتكلم فيها الآباء الأوائل عن نفس الفكرة إن المسيح هو يهوه المذكور في العهد
القديم.
[4] JUSTIN MARTYR: Dialogus cum Tryphone,
61, 128 (Ed. Cong. St. Mauri, Par. 1742.
[5] JUSTIN MARTYR: Dialogus cum Tryphone,
128, 129 (Ed. Cong. St. Mauri, Par. 1742.
[6] JUSTIN MARTYR: Apologia, I. 31;
Dialogus cum Tryphone, 129 (Ed. Cong. St. Mauri, Par. 1742.
[7] Dialogus cum Tryphone, 113 (Ed. Cong.
St. Mauri, Par. 1742.
[8] Apologia I. 13 (Ed. Cong. St. Mauri,
Par. 1742.
[9] Apologia I. 67, 6, 61 (Ed. Cong. St.
Mauri, Par. 1742.
[10] CLEMENS ALEXANDRINUS: Paedagogus, III.
12; Cohortatio ad Gentes, p. 68; Stromata, Lib. VI. (Ed. Potter.
[11] CLEMENS ALEXANDRINUS: Paedagogus, I.
6; Paedagogus, sub fine. For other extracts to the same effect from Clement,
see BULL: Defensio Fidei Nicaenae, II. 6; WATERLAND: Second Defence, Query II.
[12] WATERLAND Second
Defence, Query VIII. علّق على استخدام التشبيهات دي من المفكرين الأوائل في الثالوث
وقال:
"التشبيهات زي الينبوع والجريان، الجذر والفرع، الجسد والروح،
النور من النور، النار من النار، والحاجات اللي زيهم، كانت بالأخص بتوضّح فكرة
الجوهر الواحد (consubstantiality)؛ لكن التشبيهات اللي فيها العقل والفكر، أو النور والضياء (ἀπαύγασμα)، كانت أكتر مناسبة
لبيان الأزلية المشتركة (co-eternity)، بعيد عن فكرة وحدة الجوهر.
لأن الفكر مش شيء جوهري فعلي. وأنا مش متأكد إذا كان الضياء (ἀπαύγασμα) اتفهم إنه جوهري من
قبل الآباء القدماء، لكن اللي مؤكد إنهم أحيانًا اعتبروه مجرد طاقة أو صفة
(يوستينوس، يوسابيوس، الدمشقي). فبقول إن الأزلية المشتركة كانت أوضح لما اتوضّحت
بالتشبيهات دي، مش فكرة وحدة الجوهر."
[13] القارئ يلاحظ إزاي ترتليان
كان بيجاهد في استخدام مصطلحات من اللاتينية البونيقية البسيطة علشان يعبّر عن
مفاهيم الثالوث اللي كانت ماليه ذهنه. الكلمات لو خدت كل واحدة لوحدها، ما تكفيش،
زيها زي أي مصطلح تاني؛ لكن الترابط العام في تفكيره بيبيّن بوضوح إنه، زي
المفكرين في مجمع نيقية، كان بيحاول يمسك في رؤية واحدة وهي فكرة وحدة الجوهر مع
تمييز الأشخاص.
[14] تيرتليانوس. Adversus Praxean، الفصول 8 و9 و13 — مصطلح "التصنيف"
اللي استخدمه تيرتليانوس في الجوهر، هو نفسه اللي استخدمه مجمع نيقية تحت اسم
"المساواة" أو "الاشتراك" في الجوهر.
[15] TERTULLIANUS: Adversus Praxean, Cap.
3, 4, 2.
[16] ATHANASIUS: Nicaenae Fidei Defensio,
Cap. iii.
[17] TERTULLIANUS: Adversus Praxean, Cap.
10.
[18] DORNER: Person Christi, I. 641.
Dorner, however, is mistaken in this last remark. Tertullian’s language is,
“tres autem, non statu, sed gradu, nec substantia, sed forma, nec potestate,
sed specie, unius autem substantiae, et unius status, et unius potestatis, quia
unus deus est.” Adv. Praxean, Cap. 2.
[20] IRENAEUS: Adversus Haereses, III. vi.
1 (Ed. Harvey). “In eversione Sodomitarum scriptura ait ‘Et pluit Dominus super
Sodomam et Gomorrham ignem et sulfur a Domino de coelo.’ Filium enim hic
significat, qui et Abrahae collocutus sit, a Patre accepisse potestatem
judicandi Sodomitas propter iniquitatem eorum.” TERTULLIAN: De
Praescriptionibus, c. 13. “Id Verbum Filius ejus appellatum, in nomine Dei,
varie visum patriarchis, in prophetis semper auditum, postremo delatum ex
spiritu Patris Dei et virtute in virginem Mariam, etc.”—See other extracts from
the Primitive Fathers, to the same effect, in the Oxford Library of the
Fathers, TERTULLIAN’S Works, I. 447.
[21] IRENAEUS: Adversus Haereses (Ed.
Harvey), III. xix. 1; IV. xxv. 1; IV. xiv.—Compare also Adv. Haer. IV. xxxiv.
7; II. xxxvii. 3; II. xlvii. 2; and Index, sub voce Logos.
[22] IRENAEUS: Adversus Haereses (Ed.
Harvey), III. xli. 1; III. xix. 3; IV. xi. 5.—Compare also, Adv. Haer. IV.
xxxiv. 1, 5, 6, 12; IV. xliii. 2; V. i. 2; and Index, sub voce Trinity.
[23] IRENAEUS: Adversus Haereses (Ed.
Harvey), II. xlix, 3.
[24] Dorner: Person Christi, I. 600.
[25] HIPPOLYTUS: In Noet. c. 12.
[26] WORDSWORTH: Hippolytus, pp. 175, 176,
287.
[27] WATERLAND: First Defence, Query XXV.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق