الأحد، 6 يوليو 2025

المفهوم المسيحي للتأله

 



التألُّه كهدف الحياة المسيحيّة


إنّ غاية الحياة المسيحيّة وفقًا لللاهوت الأرثوذكسيّ هيَ التألُّه، أو التمسحُن، أي أن نصير مُسحاء على مثال المسيح،[1] فالمسيح لم يكن مثلنا الأعلى والأسمى من الجانب الأخلاقي والأدبي فقط، بل هو الكمال المطلوب أن يكون عليه كلّ إنسان، الإنسان المتحد اتحاد حقيقي بالله، ليس فقط متعبدًا لله، أو مجاهدًا في سبيل اقتناء جائزة من العلي، بل أن نصير هيكلًا لله،[2] ويكون الله بذاته ساكنًا في داخلنا، مستريحًا فينا.[3] فغاية الخلاص في المفهوم الأرثوذكسيّ له معنى إيجابيّ أهم بكثير من معناه السلبيّ، أي أن نتحد بالله، هذا هو مسعى كلّ اللاهوت والخلاص.

فالخلاص لا يعني غفران الخطايا فقط، بل يعني أيضًا وبدرجة أكبر التجديد وإعادة إصلاح صورة الله فينا، ورفع البشريّة الساقطة بواسطة السيد المسيح إلى حياة الله ذاتها. المسيح يغفر لنا ويحرّرنا من الخطيئة والموت حتّى يمكننا أن نتقدّم نحو تحقيق الإمكانية التي فينا، وهيَ أن نصير مثل الله في المسيح وأن نشترك في حياته. السيد المسيح جاء ليخلّصنا من الخطيئة لكي نشارك في حياة الله. وبكلمات أخرى، نحن خلصنا من نتاج الخطيئة لهدف التألُّه.

فلفظةالتألُّه- Theosis قد حدّدها الآباء لشرح الهدف النهائيّ من الخلق والخلاص والحياة الأبديّة. يكفي أنّ نقتبس أقوال القديس أثناسيوس:

فهو أصبح إنسانًا حتّى يؤلِّهنا في ذاته (إلى أدلفيوس 4)، لقد تأنس حتّى نتألُّه نحن (تجسد الكلمة 54).

هكذا يلخَّص القديس أثناسيوس فكرة القديس إيرينيئوس الشهيرة: هو بمحبّته العظيمة صار مثلنا حتّى يرفعنا إلى ما هو عليه.[4]

إنَّ التألُّه -أي الاتحاد بالله- هو تاج الحياة الروحيّة وهو الهدف النهائيّ للروحانيّة الأرثوذكسيّة، والغاية القصوى للمصير البشريّ. يقول القديس غريغوريوس النزينزيّ:

لنصير آلهة بسبّبه هو، حيث إنّه صار إنسانًا بسببنا نحن.[5] ويقول القديس أثناسيوس الرسوليّ: كلمة الله صار إنسانًا لكي يؤلهنا نحن.[6]

 

لا يتحوَّل الإنسان إلى إله حين يتألَّه


جوهر طبيعة الإنسان لا يتغيّر في التألُّه، ولا يتحوَّل من مخلوق إلى خالق، بل يكون وجود الإنسان معتمدًا على النعمة الإلهيّة التي يهبها له الروح القدس، فتتغيَّر ميول الإنسان ورغباته وأفكاره تصير كلّها تحت تأثير الروح القدس، ويرفع الروح القدس روح الإنسان ويقدّسها تمامًا ويملأها بالنور الإلهيّ، ويحدث اتحادًا حقيقيًّا بالحبّ بين النفس والله، يسميه بعض الآباء ملء الاتحاد. أو الاتحاد الكامل. وربّما يكون هذا الاتحاد هو ما قصده الرسول بولس عندما قال: وتعرفوا محبّة المسيح الفائقة المعرفة لكي تمتلئوا إلى كلّ ملء الله (أف19:3).

فالإنسان يبقى دائمًا هو هو، أي أنّه كائن مخلوق. لكنه في يسوع المسيح، الكلمة المتأنِّس، وعده الله وأعطاه المشاركة الفعليّة في ما هو إلهيّ، أي في الحياة الأبديّة غير الفاسدة. إنّ الميزة الرئيسيّة للتألُّه، عند آباء الكنيسة، هيَ الخلود واللافساد، إذ لله وحده الخلود (1تي6: 16). لكن الإنسان يَقبَل الآن في اتحادًا صميمًا بالله بواسطة المسيح وبقوة الروح القدس. الإنسان لا يقدر أن يصير إلهًا، لكنَّ الآباء كانوا يفكرِّون على المستوى الشخصيّ ويرجعون إلى سرّ الاتحاد الشخصيّ. التألُّه مواجهة شخصيّة، إنّه هذا الاتصال الحميم للإنسان بالله الذي يخترق فيه الحضور الإلهيّ كلّ الوجود الإنسانيّ.

لا يمكن أن ننكر أنّ لغة التألُّه تبدو جريئة جدًّا لمسامع المؤمنين المعاصرين خصوصًا في الكنيسة الأرثوذكسيّة الشرقيّة، أي الكنيسة المتحدثة باللغة العربيّة والمتأثرة بثقافة العرب، حتّى ليجدها البعض كما لو أنّها بدعة، لكن هذا لا ينفي أصالتها في الفكر المسيحيّ، ولن يجعلنا نتوقَّف عن سبر غور حقيقتها. فالتألُّه ليس حالة ذوبان في الإلوهيّة تلك الفكرة الصوفيّة الشهيرة التي بدأت عند أفلوطين، حيث عند الاشتراك في الواحد فإنّ الشراكة تذيب كلّ الفروق، لكن المسيحيّة تحافظ على آخرية الله وتمايزه، ومع ذلك، لنا الحق أن نردّد من وراء القديس بولس: فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ (غل2: 20).

كما لم يقُل أحد أنّ الإنسان يصير إلهًا فيُعبد، بل كما صرنا أبناءً بسبب الكلمة وَ أَمَّا كلّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أنّ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ (يو 1: 12)، هكذا أيضًا ننال سُلطان من الآب بالكلمة في الرُّوح القُدُس بهذا السُلطان دُعينا آلهة لأن كلمة الله قد صار إلينا إذ تجسَّد في طبيعتنا، وهو نفسه ألَّهنا في ذاته[7]، كما عبَّر القدّيس غريغوريوس النيزنزي بمثال رائع:

النجوم التي تُضئ في الليل تختفي بالشمس، لدرجة أنّك لا تعرف بوجودهم في ضوء النهار. مشعل صغير يُحضر بجوار لهب عظيم لن يتبدّد ولن يُرى ولن يُميَّز، لكنَّه لهب عظيم واحد، الأعظم يُغطّي بضوءه على الكلّ.[8]

المشاركة في الإلوهة لا تعني أن نصير من جوهر الله، بل أن نشترك بالنعمة في صفة عدم الفساد التي صارت إلينا بحسب تجسُّد الابن الوحيد. واتسع استخدام تعبير التألُّه بعد ظهور الآريوسيّة التي علَّمت بأنّ الكلمة هو ابن وإله بالنعمة، لذا استخدم القدّيس أثناسيوس تعبير التألُّه، واستخدمه لتوضيح أنّ الذي ألَّهنا نحن بالنعمة لابد أن يكون ابنًا وإلهًا بالطبيعة،[9] وربط تعبير التألُّه -بحسب النعمة- بعدم الفساد:

لإنّ كلمة الله صار إنسانًا لكي يؤلهنا (θεοποιηθῶμεν) نحن، وأظهر نفسـه في جسد لكي نحصل على معرفة الآب غير المنظور، واحتمل إهانة البشر لكي نرث نحن عدم الموت (ἀφθαρσίαν عدم الفساد).[10]

ربّما نجد تشابهًا قويًّا بين أخر اقتباسات، حيث ربط كلّ منهم معرفة الآب بالشركة والتألُّه! والسبب أنَّه لا معرفة بلا شركة ولا شركة بلا تأنُّس للإله الحقيقيّ وتألُّه للطبيعة البشريّة.

ويظلّ تعبير اقتناء عدم الفساد (ἀφθαρσίας) يتكرّر في كتابات الآباء، وبحسب ما قدَّمه القدّيس أثناسيوس من شرح في كتاب تجسُّد الكلمة[11]، فالإنسان فانٍ بطبيعته لأنّه مخلوق، أما الكيان الإلهيّ فهو عديم الفساد، والتألُّه هو أن يشترك المخلوق الفاسد مع عديم الفساد فيُبتلع الفساد من عدم الفساد. فقد الإنسان هذه الهبة الإلهيّة (عدم الفساد) بالسقوط حين أكل من شجرة معرفة الخير والشر كاسرًا الوصيَّة، وبتجسُّد الكلمة الإلهيّ في نفس طبيعتنا التي خضعت للفساد (شابهنا في كلّ شيء ما خلا الخطيَّة وحدها) قتل فسادنا بعدم فساده، واشترك فينا لنشترك فيه وننال عدم الفساد ونصير إلهيّين.

يقول القدّيس إيرينيئوس:

نحن ننال قدرًا من روحه، ليدفعنا للكمال ويعدّنا إلى عدم الفساد، لنصير شيئًا فشيئًا مؤهلين أن نحمل الله.[12] ونفس التَّعبير عند القدّيس يوستين الشَّهيد: نؤمن أنّ الله سيُقيمنا بمسيحه، جاعلًا إيانا غير فاسدين، ثابتين وخالدين.[13]

بمعنى أنّ الوحيد عديم الفساد هو الله وحده، وجميع الكائنات المخلوقة القائمة بالمشاركة قابلة للسقوط وللدخول تحت سطوة الفساد، وكما أنّ وجود أي كائن هو بالأساس مُعتمد على اللوغوس،[14] هكذا أيضًا عدم فساد أي كائن لابد أن يكون بالمُشاركة مع الوحيد عديم الفساد، لهذا كان طَرْد آدم من جنَّة عدن إشاره لفُقدان الشركة ودخول الموت والفساد إلى طبيعته. وكما دُعيَّ دخول الفساد لآدم بأنَّه سقوط هكذا يُدعى سُكنى الكلمة بالروح فيه تألُّهًا! وهذه الحالة هيَ حالة الأبديَّة، إذ لا فساد ولا موت بعد، بل مات الموت بالموت حينما كسر الرّب يسوع مصاريعه وأبوابه بتجسُّده وصلبه وقبره وفي اليوم الثَّالث قيامته من بين الأموات، حين صعد إلى السماء وسبى سبيًا.

يكتب العلَّامة أوريجانوس:

يجب أن يلبس هذا الفاسد عدم الفساد، والمائت يلبس عدم الموت. عندها يتحقّق المكتوب أنّ الموت يُبتلع من الغلبة، أين انتصارك يا موت، قد إبتُلعت قوَّتك.[15]

فليس التألُّه أنّ يمتلك الإنسان طبيعة الله فعلًا فيصير كالأقنوم، وليس أنّ تتحد طبيعته أقنوميًّا مع اللوجوس كما المسيح لكن أنّ يصير عن طريقة النعمة التي يعطيها الروح القدس إلهًا أي يمتلك كلّ ما هو للحياة والتقوى بحد تعبير القديس بطرس، فما للحياة سيعطيه الأبديّة وما للتقوى سيمنعه من السقوط في الفساد. فرؤية الله في الحياة الأبديّة هيَ مثال حي للشركة في طبيعته، وهنا يقول القديس مقاريوس الكبير في عظته 49 في هذا الموضوع مفرِّقًا بين النفس البشريّة والله هكذا:

هو الله وهيَ ليست إلهًا، هو الرّب وهيَ صنعة يديه، هو الخالق وهيَ المخلوقة، هو الصانع وهيَ المادة، ولا يوجد شيء مشترك قط بينه وبين طبيعتها.[16] 

ويعَتبِر القديس أثناسيوس أنّ تألُّه الإنسان، أي اتحاده بالله، عملية تتمّ على مستوى الفرد، وليست عملية صوريّة تمّت لحساب المجموع البشريّ، فكما يتقدَّس كلّ إنسان بالروح القدس ليصير عضوًا حيًّا قائمًا بذاته في الجسد الكلّيّ، كذلك عملية التألُّه أي الاتحاد هيَ عملية فرديّة تتمّ بالاتحاد بالابن والآب. لذلك يضعها أثناسيوس بصورتها الواضحة في صيغة الجمع بقوله: نحن أبناء وآلهة، ولم يقل: صرت ابنًا وإلهًا. ولكن من هذا التقديس الفرديّ والتألُّه أي الاتحاد الفرديّ بالله تتمّ الوحدة الكلّيّة الشاملة = ليصير الكلّ إلى واحد. ويؤكِّد أنّ تألُّهنا أي اتحادنا ووحدتنا مع الآب والابن بواسطة الروح القدس شيء آخر تمامًا ويختلف كلّيّة عن اتحاد الآب والابن:

وليس كما أنّ الابن في الآب هكذا نصير نحن في الآب، لأن الابن لا يأخذ مجرَّد شركة في الروح القدس (كما نأخذ نحن) حتّى يصير في الآب، بل ولا يُقال أصلًا أنّ الابن يأخذ الروح القدس، بل إنه هو الذي يعطيه، ولا يُقال أنّ الروح القدس يوحِّد الكلمة في الآب أصلًا بل أنّ الروح القدس يأخذ من الكلمة «يأخذ مما لي ويخبركم». فالابن في الآب مثل كلمته الخاصة ومثل شعاعه، أمَّا نحن فبدون الروح القدس نصير مفترقين وغرباء عن الله!! ولكن بشركتنا في الروح القدس نلتحم باللاهوت، لذلك فوجودنا في الآب ليس هو منَّا - بتاتًا - ولكنه من الروح القدس الذي فينا والذي يسكن داخلنا، الذي باعترافنا الحسن والحق نحتفظ به فينا، كما يقول يوحنا: «مَن اعترف أنّ يسوع هو ابن الله، فالله يثبت فيه وهو في الله» (1يو 15:4).

... إذن، فالروح القدس الذي هو في الله - الذي لا نستطيع أنّ نراه نحن في أنفسنا - وكما أنّنا نحن أبناء وآلهة بسبب الكلمة[17] الذي فينا، لذلك نحن سنصير في الابن وفي الآب، وسنُحسب أنّنا صرنا واحدًا في الابن وفي الآب، لأن الروح القدس فينا، الذي هو في الكلمة وفي الآب.[18] 

وقد سبقه في شرح ذات الأمر القديس إيرينيئوس أسقف ليون الذي كتب:

إنّه لهذه الغاية صار كلمة الله إنسانًا، وابن الله صار ابنًا للإنسان، حتّى يمكن للإنسان باتحاده بالكلمة وقبوله التبني أن يصير ابنًا لله. إذ لم تكن هناك أي وسيلة أخرى يمكننا بها أنّ نحقّق عدم الفساد والخلود. إذ كيف يمكننا أنّ نضم لعدم الفساد والخلود ما لم يصر الخلود وعدم الفساد على ما نحن عليه أولًا، حتّى يمكن للفاسد أنّ يُبتلع من عدم الفساد، والمائت من الخلود، حتّى يمكننا الحصول على تبني الأبناء؟[19]

يشرح آباء الكنيسة ويوضِّحون ويحذِّرون بما لا يَدَع مجالًا للشك أو التشكيك أنّ الشركة في الطبيعة الإلهيّة أو الثيئوسيس (التألُّه) أي النعمة التي سيبلغها الإنسان من خلال التجسُّد واتحاده بالمسيح لن يُحوِّله في جوهره إلى جوهر اللاهوت بل سيظل الإنسان إنسانًا بشريًّا؛ ولكن إنسانًا مؤلَّهًا، تمامًا كما أنّ الله حينما تأنَّس لم يتحوَّل جوهره إلى جوهر الناسوت، بل سُمِّيَّ إلهًا متأنِّسًا. وهذا المعنى يُعبَّر عنه بكلمة واحدة في علم اللاهوت وفي الطقس: بغير استحالة، حيث يقول لحن أومونوجينيس: بغير استحالةٍ تأنَّستَ.


التألُّه لا يعني انفصال الإنسان عن الخليقة


وثمة نقطة أخرى ترتبط بهذه ولها نفس أهميتها. الاتحاد الصوفي بين الله والإنسان هو اتحاد حقيقيّ، لكنه اتحاد لا يندمج فيه الخالق والمخلوق في كائن واحد. وعلى عكس الديانات الشرقيّة القديمة التي تعلِّم بأنّ الإنسان تمتصه الإلوهة، فإنّ اللاهوت الصوفيّ الأرثوذكسيّ شدّد دائمًا على أنّ الإنسان، لا يفقد كيانه الشخصيّ مطلقًا مهما كان وثيق الصلة بالله. والإنسان، حين يتألَّه، يظلّ متمايزًا (وليس منفصلًا) عن الله. وسرّ الثالوث هو سرّ الوحدة في التعدّد، وأولئك الذين يعبِّرون في أنفسهم عن الثالوث، لا يضحّون بخصائصهم الشخصيّة. وكذلك لا يبتعد الإنسان (المتأله) عن كيانه البشريّ: (نظل من الخليقة مع كوننا أصبحنا آلهة بالنعمة، كما ظلّ المسيح إلهًا عندما أصبح إنسانًا بالتجسُّد.[20] فالإنسان لا يصبح إلهًا بالطبيعة بل (إلهًا مخلوق)، إلهًا بالنعمة.

وكون الإنسان يتألُّه لا يعني أنه لم يعد يعاني الخطيئة. بل على العكس، التألُّه يفترض دائمًا التوبة المستمرة. فالقديس، مهما كان متقدمًا في سلم القداسة، لا يتخلّى عن استعمال كلمات صلاة يسوع: (يا يسوع ابن الله ارحمني أنا الخاطئ). وكان الأب سلوان من رهبان جبل آثوس يقول: (احفظ فكرك في الجحيم ولا تيأس أبدًا) {راجع: الراهب سلوان والحرب اللامنظورة، منشورات النور}. كذلك ردّد قديسون أرثوذكسيّون آخرون: (كلّهم سيخلصون، أنا وحدي سأهلك). ويولي المؤلفون الروحيّون الشرقيّون اهتمامًا كبيرًا لـ (عطية الدموع) {راجع: سر عطية الدموع في الشرق المسيحيّ، منشورات النور}. فاللاهوت الصوفي الأرثوذكسيّ لاهوت مجد وتجلٍ، كما هو لاهوت توبة.

ويجب التأكيد على أنّه ليس من شيء سحري أو خارق للعادة في السبل التي ينبغي أن نسلكها من أجل أنّ نتألَّه. وإذا سأل سائل: (كيف لي أن أصبح إلهًا؟)، سيكون الجواب بسيطًا جدًّا: (يجب أن تذهب إلى الكنيسة، أن تواظب على الأسرار بصورة منتظمة، أنّ تصلّي (بالروح والحق)، أنّ تطالع الأناجيل وأن تعمل بالوصايا). ويجب أنّ نتذكر دائمًا أن (نعمل بالوصايا). فالأرثوذكسيّة، تمامًا كما المسيحيّة الغربيّة، ترفض بحزم كلّ نوع من أنواع التصوُّف الذي يسعى إلى التملُّص من القوانين الأخلاقيّة.



[1] غلا4: 19.

[2] يخبرنا إنجيل يوحنا عن جسد الرّب الذي هو مثال الهيكل (يو2: 21)، ثمّ يخبرنا القديس بولس، أنّنا على مثال المسيح، أجسادنا هياكل لله (1كو3: 16؛ 6: 19؛ 2كو6: 16؛ أف2: 21).

[3] حز37: 5، 6، 14؛ مت10: 20؛ يو14: 17؛ رو8: 9- 11؛ 1كو3: 16؛ 1كو6: 19؛ 2كو13: 5؛ 1يو4: 4.

[4] تجسَّد لنتألّه نحن، كلمات كثيرًا ما اجترّها وكرّرها آباء الكنيسة الواحد تلو الآخر، فنجد إيرينيئوس يذكرها (Adversus Haereses 10, 5–9 (PG 37, 465))، ثمّ الرسوليّ أثناسيوس يكتبها (De Incarnatione 54 (PG 25, 192B; Contra Arianos I.9, I.38, I.39, I.42 (PG 26, 29B, 92B, 92C, 93A, 100A))، ثمّ غريغوريوس النيصي في عظته اللاهوتيّة الأشهر (Gregory of Nyssa, Oratio Catechetica Magna 25 (PG 45, 65D)). ويعتقد العالم الآبائي برستيج أنّ الآباء كانوا يقصدون أنّ التجسُّد وضع إمكانيّة داخل طبيعتنا البشريّة، كما لو كان هُناك تحوُّلًا أنطولوجيًّا داخل الإنسانيّة، وضع فيها إمكانيّة أن تتحد بالله اتحاد حقيقيّ (G.L. Prestige, God in Patristic Thought (London: SPCK, 1969), p. 74).

[5] Oration, I: 5.

2تجسد الكلمة، فصل3: 54.

[7]القدّيس أثناسيوس الرسوليّ: ”هو (الكلمة) قد صار إنسانًا لكيّ يؤلّهنا في ذاته“. (الرسالة ٦٠ إلى أدلفيوس ٣ و٤) أقوال مضيئة لآباء الكنيسة صـ 60.

[8] Gregory of Nazianzus: Letter 101.

[9] سوف نشرح هذا الأمر تفصيليًّا في الفصل الثالث.

[10]Ατςγρνηνθρπησεν, να μες θεοποιηθμεν· κα ατς φανρωσεν αυτν δι σματος, να μες το ορτου Πατρς ννοιαν λβωμεν· κα ατς πμεινε τν παρ' νθρπων βριν, να μες φθαρσαν κληρονομσωμεν.(PG, De incarnatione verbi p.33)

[11]تجَسُّد الكلمة 5: 1-2.

[12] Irenaeus against heresies 5.8.1 (ECF 1.1.7.1.5.9), ANF. Volume I p.533.

[13] Dialogue with Trypho chap. 46, (ECF 1.1.6.3.0.46.), ANF. Volume I p.217.

[14]كل الكائنات لها كيان بالشركة ما عدا الله وحده فهو كائن بذاته.

[15] First Principles 2.3.2

[16] St. Macarius of Egypt. Hom. 49 c.4 P.G. xxxiv, c. 816.

[17] يوضِّحها القديس كيرلس أكثر بقوله: ”إنّنا أبناء وآلهة بالنعمة“، في شرحه لهذه الآية من إنجيل القديس يوحنا.

[18]Discourse, III 24,25.

[19] Against Heretics, Book 3, Chapter 19: 1.

[20] فلاديمير لوسكي، مدخل إلى اللاهوت الصوفي للكنيسة الشرقية، ص87.


ليست هناك تعليقات: