”هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأُقِيمُ لِدَاوُدَ غُصْنَ بِرّ، فَيَمْلِكُ مَلِكٌ وَيَنْجَحُ، وَيُجْرِي حَقًّا وَعَدْلًا فِي الأَرْضِ. 6 فِي أَيَّامِهِ يُخَلَّصُ يَهُوذَا، وَيَسْكُنُ إِسْرَائِيلُ آمِنًا، وَهذَا هُوَ اسْمُهُ الَّذِي يَدْعُونَهُ بِهِ: الرَّبُّ بِرُّنَا.” (ار5:23، 6).
وقد تكررت هذه النبوة مرة أُخرى في إرميا أيضًا:
فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَفِي ذلِكَ الزَّمَانِ أُنْبِتُ لِدَاوُدَ غُصْنَ الْبِرِّ، فَيُجْرِي عَدْلًا وَبِرًّا فِي الأَرْضِ. 16 فِي تِلْكَ الأَيَّامِ يَخْلُصُ يَهُوذَا، وَتَسْكُنُ أُورُشَلِيمُ آمِنَةً، وَهذَا مَا تَتَسَمَّى بِهِ: الرَّبُّ بِرُّنَا. (إر33: 15، 16)
في البداية يجب أن نلاحظ أن الترجمة العربية للعهد
القديم ترجمت في كل مرة ورد فيها اسم يهوه יְהוָ֥ה بكلمة:
الرب.. وهذه الترجمة تعد قاصرة عن توصيل معنى النص العبري الأصلي، ففي جميع النصوص
العبرانية القديمة نجد أن النص ورد يهوه صديق יהוה צדקנו والتي تعني
يهوه برنا أو يهوه الذي فيه تبريرنا، وهذا ما نجده في مخطوطة ليننجراد ومخطوطة
حلب:
Westminster Leningrad Codex
בְּיָמָיו֙ תִּוָּשַׁ֣ע יְהוּדָ֔ה וְיִשְׂרָאֵ֖ל יִשְׁכֹּ֣ן לָבֶ֑טַח וְזֶה־שְּׁמֹ֥ו אֲֽשֶׁר־יִקְרְאֹ֖ו יְהוָ֥ה ׀ צִדְקֵֽנוּ
Aleppo Codex
ו בימיו תושע יהודה וישראל ישכן לבטח וזה שמו אשר יקראו יהוה צדקנו
كيف قرأه وطبقه رسل العهد الجديد على المسيح؟
فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ (مت1: 21)
لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ (لو19: 10)
بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ (رو3: 22)
وَمِنْهُ أَنْتُمْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ، الَّذِي صَارَ لَنَا حِكْمَةً مِنَ اللهِ وَبِرًّا وَقَدَاسَةً وَفِدَاءً (1كو1: 30)
بَلِ الَّذِي بِإِيمَانِ الْمَسِيحِ، الْبِرُّ الَّذِي مِنَ اللهِ بِالإِيمَانِ (في3: 9)
تفسير مختصر للنص:
في ع٥، المسيا يدعى غصن (أو ابن) داود. في زكريا ٣: ٨ هو
«عبدي الغصن»، وفي زكريا ٦: ١٢ «الرجل... الغصن»، وفي إشعياء ٤: ٢ هو «غصن الرب».
هذه تقابل الأربعة أوجه للرب يسوع كما تقدِّمه الأناجيل: كالملك، الخادم، ابن
الأنسان، وابن الله.
»الرب برنا» أو“يهوه تسيدكينو”(ع٦) هو أحد سبعة أسماء
مركبة ليهوه؛ فسيكون الله معروفًا بأنه هو الذي أرجع شعبه إلى الأرض. الأسماء
الأخرى التي يظهر فيها اسم يهوه مركبًا (بحسب العبرية) هي: «يَهْوَهْ يِرْأَهْ»
(تك٢٢: ١٣، ١٤)، «الرب شافيك» “يهوه رافا” (خر١٥: ٢٦)، «يَهْوَهْ نِسِّي» “الرب
رايتي” (خر١٧: ٨-١٥)، «يَهْوَهَ شَلُومَ» “الرب سلام” (قض٦: ٢٤)، «الرب راعي»
“يهوه راعا” (مز٢٣: ١)، «يَهْوَهْ شَمَّهْ» “الرب هناك” (حز٤٨: ٣٥).[1]
تتناول هذه الآيات في المقام الأول المجيء الثاني
للمسيح، ولكن هناك جانبًا منها يتعلق بمجيئه الأول أيضًا. تتحدث الآية 5 عن الرجل
الذي سيكون ابنًا لداود، والذي سيملك كملك. إن ملكية المسيح لم تأت بعد، ولكن هذه
الآية تتحدث بوضوح عن المسيح باعتباره من نسل داود، وبالتالي تؤكد على إنسانيته.
ولكن في الآية 6، يُعطى هذا الرجل اسمًا ينطبق على الله وحده: "الرب
برنا". الترجمات الحديثة عمومًا تجعل هذا على أنه الرب. يهدف هذا إلى نقل
الأحرف الأربعة YHVH التي تُقرأ على أنها يهوه (بالعبرية יְהוָ֥ה القراءة من
اليمين إلى اليسار هي الحروف yod heh vav heh). في جميع
أنحاء العهد القديم، يُعطى الاسم الإلهي YHVH لله وحده، ولكن هنا يُعطى الرجل الوارد ذكره
في الآية 5 اسم الله بوضوح في الآية 6. وهذا يقدم لنا مرة أخرى مفهومًا واضحًا عن
المسيح باعتباره الله الإنسان.[2]
وهنا يؤكد الوحي الإلهي أن ابن داود الآتي،
غصن البر،
سيملك على الأبد وليس ملكا وقتياً،
وهذا ما أكده الملاك للعذراء: ” هذا يكون عظيما وابن
العلي يدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه. ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا
يكون لملكه نهاية ” (لو1 :32و33).
ولذا فاسمه الرب برنا.
(1) وكونه الرب ” يهوه = Yahweh ” فهو كامل في لاهوته؛
(2) و ” برنا ” لأنه بررنا من خطايانا لكونه البار فهو
الرب يهوه غير المحدود بلاهوته، والقدوس البار بناسوته: ” قدوس بلا شر ولا دنس قد
انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السموات ” (عب6 :27)، ” وعبدي البار بمعرفته يبرر
كثيرين وآثامهم هو يحملها ” (اش53 :11)، ” فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع
الله بربنا يسوع المسيح ” (رو5 :1)، ” بالمسيح يسوع الذي صار لنا حكمة من الله
وبرا وقداسة وفداء ” (1كو1 :30).
وقد وصف هنا بعبد الرب بسبب تجسده، ظهوره في الجسد،
اتخاذه صورة العبد، لكنه في حقيقته هو الرب، يهوه برنا:
”الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا للّه لكنه أخلى نفسه آخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس. وإذ وجد في الهيئة كانسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب. لذلك رفعه الله أيضاً وأعطاه اسما فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب” (في2 :6-11).
كيف قرأه الرابيون اليهود؟
إحدى الحجج التي قدمتها اليهودية الحاخامية لدحض هذا
التعليم هي الإشارة إلى أنه في جميع أنحاء الكتاب المقدس توجد أمثلة لأسماء تحتوي
على اسم الله. على سبيل المثال، الاسم ارميا يعني «يهوه سيثبت» او «يهوه سيلقي».
أو مرة أخرى، اسم إشعياء يعني "يهوه خلاص"، وهناك أسماء أخرى كثيرة
تحتوي على الاسم "يهوه". ومع ذلك، يجب أن ندرك أنه في أي من هذه الحالات
لم يتم العثور على جميع الأحرف الأربعة YHVH. عادةً ما يتم استخدام حرفين فقط، وأحيانًا
ثلاثة، ولكن لم يتم استخدام الأحرف الأربعة لاسم الله مطلقًا فيما يتعلق بالإنسان.
وعلى الرغم من ذلك، فإن إرميا 23: 5 يتحدث بوضوح عن رجل – وهو إنسان من نسل الملك
داود – وفي 23: 6 يُعطى اسمًا هو اسم خاص بالله وحده وبأحرف كاملة وبشكل واضح، فمن
الواضح أنه ليس اسم شخص بل وصف لعمل الله المبرر.
وهذا أمر لم يكن في الواقع محل خلاف بين الرابيين
القدماء، الذين كانوا يفسرون هذا دائمًا على أنه مقطع مسياني. ولم يحاول الحاخامات
القول بخلاف ذلك إلا مؤخرًا نسبيًا. ويمكن تقديم اقتباسات من الكتابات الرابينية
لإظهار ذلك:[3]
فقد فهم الغالبية العظمى من علماء اليهود مغزى هذه النبوّة
وطبقوها في مناسبات أخرى على المسيح؛ ففي مدراش تهليم عن المزامير في تفسير
(مزمور21: 1):
”الله يدعو الملك المسيا باسمه هو. لكن ما هو اسمه؟ الإجابة: الرب (يهوه) رجل الحرب” (خروج 15: 3).[4]
وفي مصدر يهودي آخر، إيكاراباتي (200- 500م) ” المراثي
في شرح التوراة واللفائف الخمس ” يقول في تعليق على (مراثي1: 16):
” ما هو اسم المسيا؟ يقول أبا بن كاهانا (200- 300م): اسمه يهوه كما نقرأ في إرميا 23: 6 ” وهذا هو اسمه الذي يدعونه به الرب (يهوه) “.[5]
فالمقصود هُنا هو المسيح، بحسب جون جيل[6]
فإن هذا ما قال به اليهود قديمًا وحديثًا.[7]
ورد في مدراش
على سفر الأمثال:
قال الحاخام هونا: "ثمانية أسماء أُعطيت للمسيح وهي: ينون، شيلوه، داود، مناحيم، يهوه...".[8]
وفي المدراش
على مراثي إرميا، يقول:
ما هو اسم المسيح؟ قال راف آفا بن كاهانا، "يهوه هو اسمه"، وقد اثبت رأيه باستشهاده بإرميا 23: 6.[9]
وجاء مثل ما
سبق أيضًا في التلمود البابلي على لسان رابي يوحنان.[10]
وورد في ميتزودات داود:
في أيامه أي في أيام المسيح، سيتم إنقاذ كل من يهوذا وإسرائيل، وسيعيشون في أرضهم بالتأكيد، وليس كما في الهيكل الثاني.[11] وهذا هو اسمه: للمسيح الذي سيدعى إسرائيل.[12]
وجاء في تفسير يهودي آخر:[13]
في أيامه - يقال أنه في أيام المسيح "سيخلص يهوذا"...
اسمه الذي سيُدعى به سيُدعى بعد ذلك "الرب برنا" لأنه برنا هو الرب، كما يقول "... يا إله بري..." (مز-تهليم 4: 2) بمعنى أن بري يأتي من الله - فكما هو موجود كذلك إسرائيل يتبرر ويخلص به.
تتكرر هذه النبوءة أكثر في 33: 15، مع بعض التغييرات. يقول "سأنبت لداود غرسة بر" لكنه لا يذكر "فيملك ملكًا وينجح". هناك مكتوب "في تلك الأيام يخلص يهوذا وتسكن أورشليم آمنة وصالحة". هذا هو الاسم الذي يدعوه به يهوه برنا.لأن هناك نوعين من الفداء. إذا جاء من خلال استحقاقنا "فسأسرع به"، إذا لم يكن من خلال استحقاقنا "في وقته".[14]
وكتب في منشات تشاي:
وهذا هو اسمه الذي يدعوه: يهوه؛ عزرا كتب في ريش بارشات يثرو כתב ן' עזרא בריש פרשת יתרו أنه باسم المسيح الله نحن أبرار، تمامًا كما دعا موسى إلى مذبح الله، وقال أن الاسم يلتصق بالكلمة التي سيقرؤونها واسم المسيح هو برنا.[15]
وقال رابي راداك:
وهذا هو اسمه الذي سيدعوه الله برنا. سيُدعى إسرائيل، ويُدعى المسيح بهذا الاسم: يهوه.[16]
كما دُعي السيد المسيح بالغصن للسببين التاليين:
أ. لأن الغصن مرتبط بالأصل، فمع أنه رب داود لكنه من
نسله، مرتبط به حسب الجسد.
ب. صار بالحقيقة إنسانًا ينمو كالغصن.
أُستخدم هذا اللقب "الغصن" في مجتمع قمران
ليشير إلى المسيا الملك.[17]
وقد أُدخل إلى الصلاة اليهودية التي تُدعىEsreh
Shemoneh (الثمانية عشر بركة):
[ليبرز غصن داود عبدك سريعًا، وليتمجد قرنه بخلاصك].[18]
[1]
William MacDonald and
Arthur Farstad, Believer's Bible Commentary: Old and New Testaments (Nashville:
Thomas Nelson, 1997, c1995). Je 23:1-8.
[2]
Arnold G. Fruchtenbaum, Messianic Christology: A Study of
Old Testament Prophecy Concerning the First Coming of the Messiah (Tustin, CA:
Ariel Ministries, 1998). 62.
[3]
Arnold G. Fruchtenbaum, Messianic Christology: A Study of
Old Testament Prophecy Concerning the First Coming of the Messiah (Tustin, CA:
Ariel Ministries, 1998). 62.
[4]
Lartsch, Bible Commentary: Jeremiah, 193; Midrash on Psalm
21:1; Arnold G. Fruchtenbaum, Messianic Christology: A Study of Old Testament
Prophecy Concerning the First Coming of the Messiah (Tustin, CA: Ariel
Ministries, 1998). 63.
[5]
Lartsch, Bible Commentary: Jeremiah, 193
[6]
Gills Exposition of the
Bible, Jeremiah 23: 6.
[7]
T. Bab. Bava Bathra, fol. 75. 2. Echa Rabbati, fol. 50. 1.
R. Saadiah Gaon in Daniel 7.13. R. Albo, Sepher Ikkarim, l. 2. c. 28.
Abarbinel, Mashmiah Jeshuah. fol. 35. 2. Caphtor fol. 87. 1. Yalkut Simeoni,
par. 2. fol. 75. 2. Kimchi in loc. & in Ezekiel 48.35. & Ben Melech in
loc.
[8]
In the Midrash on Proverbs 19:21 (c. 200–500 a.d.)
[9]
In the Midrash on Lamentations 1:16
[10]
Babba Bathra Tractate 75b
[11]
בימיו. בימי המשיח תוושע
גם יהודה גם ישראל ישכון בארצם לבטח לא כמו בבית שני שלא חזר כ״א יהודה:
Metzudat
David on Jeremiah 23:6:1
[12]
וזהו שמו. של המשיח אשר
יקראו אותו ישראל:
Metzudat
David on Jeremiah 23:6:2
[13]
Malbim on Jeremiah 23:6:1
[14]
see Isaiah 60:22 and gem. Sanhedrin 98a
[15]
Minchat Shai on Jeremiah 23:6:3
[16]
Radak on Jeremiah 23:6:1
[17]
Holladay, Jeremiah, vol. 1, p. 620; 4 Q Flor 1.11; Q Bless
1.3-4.
[18]
George F. Moore, Judaism in the First Centuries of the
Christian Era, The Age of Tannaim, Cambridge, Harvard University; 1950-59, 2:
325
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق