الأحد، 3 سبتمبر 2023

الوحدة المسيحية (العلاقة بين الآقباط والكاثوليك)

 


كما أن الخبز المكسور، كان مرة مبعثرًا على التلال، وقد جُمِع ليصير (خبزًا) واحدًا، كذلك اجمع كنيستك من أقاصي الأرض، في ملكوتك.

 (الديداخي اي تعليم الرسل . للراهب اثناسيوس المقاري . ص 175).


وبكلمات مُماثلة يتحدث القديس كبريانوس في عمله الأشهر (وحدة الكنيسة)، ويقول:

"فمن هو ذاك الشرير و عديم الايمان؟ من هذا الذي اصابه جنون الانقسام والخلاف حتى يظن أن وحدة الله يمكن أن تنقسم؟ أو حتى لديه الجرأة ليمزقها؟ إنها قميص الرب كنيسة المسيح" (وحدة الكنيسة. ترجمة الراهب مرقريوس الأنبا بيشوي. ص 10)


ويقول القديس باسليوس الكبير:

"لا توجد أخبار تدعو للسعادة لأي مسيحي مثل أخبار السلام، و لا شيء يُفرِح الله أكثر من هذا. يكافئك الله على مجهوداتك الشاقة الدقيقة التي فعلتها في هذا العمل الرائع لصنع السلام. تذكر يا صديقي العزيز أننا لا نكف عن الصلاة، حتى نرى اليوم الذي نكون فيه جميعًا واحدًا غير مُنقسمين في الفكر وفي المجمع الواحد. حقًا سنكون أناس غرباء عن الله إذا كُنَّا نفرح في الانشقاقات والانقسامات التي تُهدِد الكنيسة، وإذا لم نعتبره إنجازًا عظيمًا ـن نرى أطراف المسيح المشتتة تتجمع مرة أُخرى". (Cf. Letter , 156,1)

 

"لأَنَّكُمْ بَعْدُ جَسَدِيُّونَ. فَإِنَّهُ إِذْ فِيكُمْ حَسَدٌ وَخِصَامٌ وَانْشِقَاقٌ أَلَسْتُمْ جَسَدِيِّينَ وَتَسْلُكُونَ بِحَسَبِ الْبَشَرِ؟" 1) كو 3 : 3 )

 

وهكذا رأى أثناسيوس العظيم إن المسيح مات بالصليب حتى لا ينقسم جسده، الذي هو الكنيسة، فيكتب:

"لهذا لم يمت (المسيح) ميتة يوحنا بقطع رأسه وفصلها عن جسده، ولا مات ميتة إشعياء بنشر جسده وفصله إلى نصفين، وذلك لكي يحفظ جسده سليماً غير منقسم حتى أثناء موته، حتى لا تكون فرصة للذين يريدون تقسيم الكنيسة وتجزئتها". (تجسُّد الكلمة 4:24)

 

هل الكاثوليك هراطقة؟


إن الكنيسة الأرثوذكسية لا تدين الطوائف الأُخرى، رغم أننا نؤمن ونُدرك كأرثوذكس أن الأرثوذكسية هي الطريق المُستقيم لحياة الإيمان التي للتقوى، إلاَّ أننا، وبكل اعتراف ببشريتنا المحدودة الضعيفة، التي لم يُعطى لها أن تدين أحدًا، لا نحكم في بقية البشر والطوائف التي تجد طرقًا أُخرى كي تصل بها إلى الله، ولا سيَّما هؤلاء الذين يشتركون معنا في التسلسل الرسولي، والتقليد الشريف الواحد.

وقد بدأ الشرق والغرب باكتشاف بعضهما البعض، وبمقدور أحدهما أن يأخذ الكثير من الآخر. لقد كان الانشقاق بالنسبة لهذا الطرف وذاك مآساة كبيرة وسببًا من أسباب الفقر، أمَّا اليوم فإن التقارب الحاصل بينهما أصبح مصدرًا لإغناء الطرفين. (انظر: كاليستوس وير، الكنيسة الأرثوذكسية إيمان وعبادة)

 

إن مُشكلة إعادة معمودية الهراطقة، التي يثيرها هؤلاء الآن، على اعتبار أن الكاثوليك، تلك الكنيسة التي تُشاركنا التسلسل الرسولي، والتقليد الشريف، وترعى فوق المليار ونصف المليار مسيحي، هي هرطوقية بحسب رؤيتهم التي لا دليل عليها، والتي هي محض عبث وإدانة مُتعجرفة لا أكثر، لكن لنسر معهم في هذا الطريق إلى نهايته، ماذا كانت تفعل الكنيسة الأولى مع معمودية أنصاف الآريوسيين؟

 

كان البابا ديونسيوس السكندري، وهو أحد العلامات اللاهوتية في كنيسة الإسكندرية، لا يُعيد معمودية من تعمّد باسم الثالوث القدوس، حتى وإن كانت معموديته من كاهن هرطوقي، بل كان يكتفي فقط بوضع اليد عليهم. (انظر خطابه الأول إلى زيستوس رئيس أساقفة روما).

 

وكانت أمامه تلك الحالة الشهيرة التي جاء فيها إليه أحد العائدين من الهرطقات، وقد تمت معموديته بشكل مُخالف للعادة التي عند المسيحيين المؤمنين بالثالوث القدوس، وكان يبكي بحرقة حتى ينال منه المعمودية، لكن البابا ديونسيوس السكندري رفض أن يُعيد معموديته (انظر: الرسالة زيستوس الثاني [الرسالة الخامسة في المعمودية]).

 

نفس الأمر كرره القديس أثناسيوس الرسولي مع أنصاف الآريوسيين، حين نجده يكتب عن من تجمعوا حول باسليوس أسقف أنقرة من أنصاف الآريوسيين، ويقول:

"أمَّا الذين يقبلون كل مقررات مجمع نيقية ويتشكَّكون فقط في عبارة “الهوموؤوسيون” فلا ينبغي أن يعامَلوا معاملة الأعداء، ولا نقصد هنا أن نهاجمهم بوصفهم مصابين بالآريوسية، ولا نحن نعتبرهم مقاومي تقليد الآباء، ولكن نناقش الأمر معهم كإخوة مع إخوة لأنهم يقصدون ما نقصده نحن، وليس النزاع بيننا إلاَّ حول اللفظ فقط ... ومن أمثال هؤلاء باسيليوس الذي كتب من أنقرة بخصوص الإيمان". (في المجامع 41 N.P.N.F. 472)

وقد قَبِل توبة 59 أسقفًا من أنصاف الآريوسيين دون أن يُعيد معموديتهم!

 

بعد الإنشقاق في إجتماع عُقد بحضور يعقوب البردعي (والذي كُنا ولا زلنا نُسمى باسمه فيُقال عنا نحن اللا-خلقيدونيون يعاقبة) ووثيؤدور أسقف العرب لمناقشة شرعية السيامات التي تمنحها الكنيسة الخلقيدونية، فهل يقبلوا هؤلاء الذين سيموا في درجات كهنوتية في الكنيسة الخلقيدونية وأرادو الانضمام للكنيسة اللا-خلقيدونية دون إعادة سيامتهم أم سيامتهم باطلة ويجب إعادتها؟

وتقرر عن هذا الاجتماع الهام أن أولئك الذين في درجات كهنوتية في الجانب الخلقيدوني وأرادوا أن ينضموا للكيان غير الخلقيدوني، فإنهم يحتاجون فقط إلى الشفاء وليس إلى الرسامة مرة ثانية.

(راجع: الأب ف. سي. صموئيل، مجمع خلقيدونية - إعادة فحص، ترجمة: عماد موريس إسكندر (القاهرة: دار باناريون، 2009م)، ص ص 290-292).


لإنه إذا أُعيدت رسامتهم أُعيدت معموديتهم، ولا يُمكن إعادة معموديتهم إذ اعتبروها صحيحة..


وقد أقتبس هذا القرار وأيده القديس ساويرس الأنطاكي في رسالته إلى إليشع الكاهن والأرشمندريت.

(راجع: رسائل القديس ساويرس الأنطاكي، ترجمة: الراهب جرجس الأنطوني (القاهرة: مدرسة الإسكندرية، 2016م)، ص ص 159-167).

 

نفس الأمر نجده في مخطوط قبطي يرجع تاريخه لبداية القرن التاسع عشر الميلادي وتحديدًا عام 1570 حسب التقويم القبطي الموافق عام 1808 حسب التقويم الميلادي.

المخطوط يتحدث عن "ترتيب الطايفة القبطية إن أراد الانتقال مِن أي الطوايف النصرانية إلى الطايفة اليعقوبية" فالمخطوط يشرح ما الواجب فعله إذا أراد أحد المنضمين للكنائس الأخرى أن ينضم إلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

في بداية المخطوط نقرأ: "المعلوم أن أصول طوايف النصرانية مشتركين في الاعتقاد وهم الملكية [الخلقيدونيون] والنسطورية واليعقوبية [اللاَّ-خلقيدونيون] في عشرة أصول مِن الإيمان مِن جملة ذلك الاعتراف بالمعمودية الواحدة. فإذا اتفق أن يرجع أحد مِن الطوايف الملتين أو توابعهم عن مذهبه بقصد الدخول إلى مذهب اليعاقبة فيستقر على معموديته مِن بعد جحوده بالجوهرين والقنومين والمشيئتين في حقيقة السيد المسيح له المجد."

Youhanna Nessim Youssef, “The acceptance of the non-Jacobites to the Coptic denomination”, Collectanea Christiana Orientalia, 2006; 3: 321

 

الحوارات بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنائس الخلقيدونية:

 

في عام 1858م في عهد البابا كيرلس الرابع أبى الإصلاح، وكان ذا اهتمام شديد بوحدة الكنائس الأرثوذكسية. عقد البابا كيرلس عدة لقاءات مع بطريرك الإسكندرية للروم الأرثوذكس ( البطريرك كاللينيكوس) وقد قرر كل من البطريركين أن جوهر الإيمان بكنيستهما واحد وأن الخلاف لفظي فقط, فكانت هناك علاقة حب قوية بين البطريركين حتى أن بطريرك الروم الأرثوذكس للإسكندرية عندما كان يسافر إلى أثينا كان يعهد للبابا كيرلس القبطي الأرثوذكسي بإدارة كنائس الروم الأرثوذكس في مصر.

(سرابيون (الأنبا) : مجلة الكرازة ، ديسمبر 1994 ، ص6 ، فبراير 1995 صـ 8).

 

مساعي الوحدة مع الكاثوليك في عهد قداسة البابا شنودة الثالث:

 

-         إنجاز المشروع الموحد للأحوال الشخصية فى مصر، الذى اشترك فى وضعه ممثلو جميع الكنائس فى مصر.

-         دعوة رؤساء الكنائس المصرية ومديرى الجمعيات المسيحية لمؤتمر بدير الأنبا بيشوى عام 1988م، للعمل المشترك فى مجال التنمية والخدمات الاجتماعية (مجلة الكرمة : العدد الأول القاهرة سبتمبر 1989 صـ 59).

-         انجاز الاتفاقية الرعوية مع بطريركية الإسكندرية للروم الأرثوذكس بخصوص قبول معمودية الكنيستين وكذلك الاتفاق حول الزواج المشترك.


أولاً: لقاء بين البابا السكندرى والبابا الرومانى


فى الفترة من 4-10 مايو عام1973م، حيث التقى بقداسة البابا الراحل بولس السادس بابا روما، كان هذا هو أول لقاء تاريخى منذ أكثر من خمسة عشر قرناً بمناسبة مرور 16 قرناً على نياحة القديس العظيم البابا أثناسيوس الإسكندرى (الرسولى). كما يعتبر هذا اللقاء استعادة لتاريخ قديم حينما تقابل البابا أثناسيوس الرسولى مع البابا يوليوس الأول بابا روما عام 341 م خلال منفاة ( البابا أثناسيوس ) إلى الغرب. 


وجاء نص بيان الاتفاقية بينهما كالتالي:


للتغلب على العقبات التى تقف عائقا فى سبيل تعاون حقيقى بيننا فى خدمة ربنا يسوع المسيح الذى أعطانا خدمة المصالحة لنصالح العالم فيه (كورنثوس الثانية 5 : 18-20) وطبقاً لتقاليدنا الرسولية المسلمة لكنيستينا والمحفوظة فيهما، ووفقاً للمجامع المسكونية الثلاثة الأولى, نقر أن لنا إيماناً واحداً بإله واحد (ثم يستمر البيان في سرد العقائد الأساسية في الإيمان المسيحي، ولا سيَّما الخريستولوجي، ويستكمل..)

ونحن نكرم العذراء مريم أم النور الحقيقى ونعترف أنها دائمة البتولية، وأنها والدة الإله، وأنها تشفع فينا، وأنها بصفتها والدة الإله (ثيؤتوكوس) تفوق فى كرامتها كرامة جميع الطغمات الملائكية.

ونحن نعترف بكل اتضاع أن كنائسنا غير قادرة على أن تشهد للحياة الجديدة فى المسيح بصورة أكمل بسبب الانقسامات القائمة بينها، والتى تحمل وراءها تاريخاً مثقلاً بالصعوبات لعدة قرون مضت. والواقع أنه منذ عام 451م لميلاد المسيح قد نشبت خلافات لاهوتية امتدت واتسعت شقتها بفعل عوامل غير لاهوتية. هذه الخلافات لا يمكن تجاهلها. وعلى الرغم من تلك الخلافات، فنحن نعيد اكتشاف أنفسنا فنجد أن بين كنيستينا تراثاً مشتركاً ونحن نسعى بعزم وثقة فى الرب أن نحقق كمال تلك الوحدة وتمامها، هذه الوحدة التى هى عطية من الرب.

(مجلة صديق الكاهن: اللقاء بين الكنيستين القبطية والكاثوليكية ، المعهد الإكليريكى للأقباط الكاثوليك، المعادى القاهرة العدد الرابع 1974 صـ 223 ، 226؛ أيضاً : غريغوريوس إبراهيم (المطران) ، ميشيل أزرق (الأستاذ) : حوار فيينا المداولات الخمس لمؤسسة برو، أورنيتا مع الكنائس الأرثوذكسية الشرقية القديمة، دير الرها ، حلب / سوريا 1991 صـ 159،161).

 

سنة 1975، عُقِدَ الاجتماع الأول للجنة الدولية المُشتركة بين الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية فى القاهرة فى الفترة من 27-31 أكتوبر عام 1975 م، وكان الموضوع الرئيسى للقاء هو "رؤيتنا ومفهومنا للوحدة التى نسعى لتحقيقها"


وقد أكد البيان أيضاً على أن اللجنة المشتركة فى اجتماعها الأول فى مارس عام 1974 م خطت خطوة مهمة فى التعبير عن مفهوم واحد للمسيح بصفته هو الله المتجسد، حتى يُمكننا أن نعتبر أن المشكلة الخاصة بطبيعة المسيح قد حُلَت تقريباً من وجهة النظر اللاهوتية.


(بطريركية الأقباط الكاثوليك: خطوات هامة نحو تحقيق الوحدة المسيحية ، بيان هام للجنة المشتركة من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية، مجلة الصلاح ، كوبرى القبة ، القاهرة العددان (10،9) 1975 صـ 210)

 

سنة 1988 عُقدت اتفاقية رسمية بين الكنيستين في دير القديس الأنبا بيشوي، والاتفاقية تحوى صيغة مشتركة تعبر عن الإيمان الواحد والمشترك فيما يختص بطبيعة السيد المسيح Christology. وقد اعتمدت الصيغة على ما تم فى المشاورات اللاهوتية غير الرسمية التى نظمتها مؤسسة بروأورينتا عام 1971 م.

(سرابيون (الأنبا) : الحوار مع الكاثوليك ، مرجع سابق صـ 8).

 

نحن نرفض بكل تأكيد التهاون في الإيمان القبطي الأرثوذكسي، لكننا في ذات الوقت، نسعد كأعضاء في جسد المسيح بأي خطوات نحو الوحدة، وكما رأينا، فهكذا تعامل حامي الإيمان الحقيقي مع "الهراطقة"، حيث كان همَّه الأول هو وحدة الكنيسة، لا المعارك الجدالية التي لا طائل من ورائها. وهذه هي وصيته:


"لا تتعاركوا بخصوص كلمات لا فائدة لها ولا تتخاصموا بخصوص العبارات المشار إليها، بل اتفقوا في مشاعر التقوى ... واعتبروا فوق كل شيء قيمة ذلك السلام الذي في حدود صحة الإيمان، لعل الله يتراءف علينا ويوحِّد ما قد انقسم فلا يكون بعد سوى رعية واحدة لراعٍ واحد الذي هو ربنا يسوع المسيح نفسه". (الطومس إلى أنطاكية 8 N.P.N.F. 485)

من أسباب الصراع الخريستولوجي

 


اللي راجع وثائق الصراع الخريستولوجيّ والدراسات اللي اتعملت عليه خاصّة في كتب زي:
Christology After Chalcedon: Severus of Antioch and Sergius the Monophysite.

وهو دراسة وعرض للرسايل المتبادلة بين ساويرس الأنطاكي وأوطاخي اسمه سرجيوس، والدراسة والترجمة لإيان تورانس.

وكتاب:
Christ in Eastern Christian Thought.

لمؤلفه جون ميندورف، وهو أب أرثوذكسي كان واحد من المتحدثين الرسميّين للروم الأرثوذكس في الحوارات المسكونيّة.

والكتاب هو عرض للفكر الأرثوذكسي الشرقيّ عن المسيح (من وجهة نظر خلقيدونيّة طبعًا، واللي مع صفحات الكتاب بتجد إنّها مش مختلفة لدرجة الصراع مع وجهات النظر الأخرى "غير الخلقيدونيّة، اللاتينيّة القديمة").

المهم بقراءة الدراسات دي والرجوع للوثائق المجمعيّة الخاصّة بخلقيدونيّة نفسه والمراسلات اللي تبعته (بيتم ترجمة عمل كبير عنها حاليًّا) بنجد إن الأساس في الصراع دايمًا مرتبط بمفهوم كل عائلة من عائلات الكنيسة القديمة عن الخلاص، وحرصها الشديد على المحافظة على المفهوم الخلاصي، ما قدمه المسيح للبشرية، دون مساس أو تغيير..

طبعًا الكتاب التاني لجون ميندورف وضح الصورة دي أكتر لإن موضوعه أوسع من كتاب إيان تورانس اللي ركز على المفهوم غير الخلقيدوني فقط..

فبقراية رسالة (طومس) البابا ليو، (ومفهوم الخريستولجي عند ترتليان من قبله)، هنجد إن اللاتين بلاهوتهم الخريستولوجي الخاص دايمًا بيركزوا على طبيعتين، مش علشان يظهروا الدور الإنسإلهي للمسيح (زي الأرثوذكس)، بقدر ما بيحاولوا يركزوا على إن المسيح وحده، بطبيعته المتفردة، داس المعصرة وغلب الموت والخطية وقام منتصر، التركيز هنا على عمل الخلاص كعمل منفرد للكلمة اللي أخد جسد بشري، قام بيه بنفسه لحسابنا في الجسد.. عشان كدا لازم نقول طبيعتين..

بعكس السكندريين اللي فكرهم الخلاصي قايم على التأله، والتأله عشان يحصل لازم نركز على كلمات اتحاد الله بالإنسان في المسيح، والطبيعة الواحدة لله الكلمة المتجسد بعد الاتحاد، وإن العذراء بالتبعية والدة الإله لإنها ولدت الطبيعة الواحدة من طبيعتين بعد الاتحاد.. المسيح جه بشكل أساسي عشان يؤلهنا فيه، وعشان كل المعطيات دي فحتى كلمة اتحاد أقنومي مكانتش كافية أبدًا بالنسبة لهم.. مكانش كافي لهم غير كلمة طبيعة واحدة اللي بتؤكد على مفهومهم الكيرلسي خاصة عن التجسد لأجل تأله البشرية في المسيح..

وكان الكلمة الله ام وكان الكلمة إلهًا؟

 


"وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ."

“καὶ θεὸς ἦν ὁ λόγος.”
هل يعني هذا النص أنّ الكلمة كان الله أم أنّ الكلمة كان إله؟
اللي دفع البعض إنهم يعتقدوا إن الترجمة هنا لازم تكون إلهًا بدلًا من الله إن كلمة ثيوس θεοσ جت بدون أداة تعريف.. وبيستخدم الحجة دي بالأكتر شهود يهوه للتقليل من لاهوت المسيح..
لكن، في أنواع من تعريف الأسماء في اللغة اليونانيّة، مش دايمًا التعريف لازم بجي حرف سابق للكلمة، إنما أحيانًا للتفرقة بين أكتر من اسم فاعل ورد في نفس الجملة، فبيكون أحيانًا الاسمين فاعل فبيسبق كل اسم فيهم أداة تعريف، وأحيانًا بيرد نوعين من الفاعل، الفاعل Nominative والفاعل المتمِّم أو Predicate Nominatives..
ونوع آخر من الكلمات المعرفة بدون أداة تعريف في اللغة اليونانيّة هو التفرقة بين المبتدأ والخبر، وهي دي الحالة اللي قدامنا، فال"كلمة" هنا مبتدأ عشان كدا معاه أداة تعريف، بينما كلمة: "الله" خبر، وعشان كدا جت بدون أداة تعريف للتفرقة بينها وبين الفاعل..
ودا لإن الكلمات في اللغة اليونانية مش بيكون لها ترتيب محدّد، يعني ممكن تتكتب الجملة دي كدا:
كان الكلمة الله
كان الله الكلمة
الله كان الكلمة
وكلهم في اليوناني يعتبروا صح، لكن ترجمتهم وفهمهم بيكون بناء على العلامات والنهايات وأدوات التعريف اللي بتلحق بكل كلمة.. في حالتنا هنا حرف ال ό اللي هو أداة التعريف..
مش غريبة حتى على لغتنا العربية إن كلمة تكون معرفة بدون أداة تعريف، فعندنا مثلًا المعرف بالإضافة، زي:
كتاب بيشوي
ملزمة الدكتور
الكلمات: كتاب (معرف باضافته لاسم علم)، وملزمة (معرف بإضافته لمعرف ب ال) الكلمات هنا مش نكرة رغم عدم وجود أداة تعريف، لكنها معرفة بالاضافة..
فهنا جت كلمة "الله- θεοσ" بدون أداة تعريف عشان يتضح للقاريء "اليوناني" إن الله هنا خبر، والكلمة هو المبتدأ.. مع إنه وضع الكلمة λόγος في نهاية الجملة للتشديد عليها، لإظهارها وسط النص، والتأكيد على إنه محور رسالته وذات الكلمة اللي بيتكلم عنه من البداية..