الجمعة، 1 سبتمبر 2023

مقالات مبسطة في العلاقة بين العلم والدين (4) - الصراع مع جاليليو!

 


بدأنا في المرة اللي فاتت نتكلم عن بدايات نشأة الصراع بين العلم والدين، وإزاي علم الفلك كان المحور الأول في الصدام دا، وناقشنا بدايته الأولى من عصر الفلاسفة اليونانيين، وفي مطلع العصور الوسطى في أوروبا.. وهنكمل مع بعض في البوست دا، وهنتكلم عن الصراع الملحمي بين جاليليو والكنيسة، وعن الأسباب اللي دعت لاهوتيي القرون الوُسطى لمعارضة علم الفلك الحديث..

اتولد جاليليو جاليلي Galileo Galilei في بيزا في إيطاليا، وكان أستاذ في جامعة بيزا، وخلال مُحاضراته أعلن أكتر من مرة عن إيمانه بنظرية كوبرنيكوس اللي اتكلمنا عنها في البوست اللي فات.

وفي سنة 1609صنع تليسكوب خاص بيه، وعدِّل فيه كتير وحسن من أداءه، لحد ما قدر يخليه يقرب الأجسام ألف مرة ضعف حجمها الطبيعي، ودا كان إنجاز تكنولوجي كبير في عصره مكِّنه من رؤية نجوم ومجرات أُخرى خارج مجرتنا اللي بنسكن فيها، زي مجرة Milky Way، وقدر يشوف إن القمر مش مُجرد سطح أملس مُضيء، لكنه زاخر بجبال وأودية وتضاريس جُغرافية مُختلفة.

المُهم إن محكمة التفتيش (واحدة من المحاكم اللي ظهرت واضمحَّلِت في فترة العصور الوسطى، وكان هدفها الأساسي مُحاربة السحرة والهراطقة وكل الخارجين عن الدين)، أصدرت قرارها ضده بالهرطقة والتمرد على إيمان الكنيسة والعصيان، وعرضت عليه الغُفران مُقابل تأدية قسم يلعن فيه نظرية كوبرنيكوس ويتخلى فيه عن كل آراؤه، ويتلو المزامير لمدة ثلاث سنوات. ووقع على الحكم دا سبعة كرادلة، ورفض البابا إنه يوقع عليه.

اتنفذ عليه الحكم وبعد ثلاث سنين من السجن أمر البابا إنه يعيش في قصر الدوق الأكبر في ترنيتا مونتي وتُحدد إقامته هناك، بعدها بأسبوع اتنقل لمكان أكثر راحة، في قصر تلميذه السابق رئيس الأساقفة أسكانيو بتشولوميني Ascanio Piccolomini في سيِّينّا.

أمَّا عن إن الكنيسة أعدمته، أو إنه بعد المُحاكمة خبط برجله على الأرض وقال: "ولكنها تدور"، كل دا أساطير ملهاش أي أساس من الصحة..
وبعد حوالي 200 سنة من وفاته، سنة 1835، انتصر العلم، وحذفت الكنيسة أسماء كتبه من قائمة الكتب المحظورة..

- إيه هي الأسباب اللي أدت باللاهوتيين إنهم يدخلوا في صراع مع العلم؟

1- نصوص الكتاب المُقدس:

مكانش في استطاعة البروتستانتية الصاعدة في الوقت دا إنها تنصر العلم، وكان موقفها هو هو موقف الكنيسة الكاثوليكية، لإن تعاليمهم تأسست على كتاب مُقدس معصوم حرفيًا وعلميًا، وزي ما قلنا في البوست اللي فات إن دا كلام ملوش أي قيمة وبيجر المسيحية لأمور كتير هي بعيده تمامًا عن هدفها الأساسي، وهو الاتحاد بالله.
فبنلاقي مارتن لوثر رفض اكتشافات كوبرنيكوس الفلكية لإن التوراة ذكرت إن يشوع بن نون أمر الشمس توقف، مش الأرض، وبيقول في كتابه (حديث المائدة)، وهو واحد من أهم الكتب اللي بتوضح فكره اللاهوتي: "إن الناس يستمعون إلى مُنَجِم مُحدث حاول التدليل على أن الأرض تدور، لا السموات ولا القبة الزرقاء، ولا الشمس ولا القمر... فهذا الأحمق يريد أن يقلب نظام الفلك كله رأساً على عقب. ولكن الكتاب المقدس ينبئنا بأن يشوع أمر الشمس لا الأرض أن تقف" (Table Talk, 69)
واحدة من النصوص الكتابية اللي على أساسها رفض لاهوتيو العصور الوُسطى علم الفلك الجديد، بيعرضها كالفن لما بيقول: "أيضاً تثبتت المسكونة، لا تتزعزع" (مز93) "فمن يجرؤ على ترجيح شهادة كوبرنيق على شهادة الروح القدس؟" (ورد النص في كتاب راسل: Russell, History of Western Philosophy, 528.).
والغريب إن النظرة دي للكتاب المُقدس، بإنه معصوم علميًا، لسه سائدة في عصرنا حتى الآن، وهي نظرة غريبة حتى عن مفهوم الوحي في المسيحية، اللي من خلاله بيوحي الله بفكرة للإنسان، والإنسان بيصيغها بإسلوبه وبثقافته وبطريقة مفهومه لقُرَّاءه المُعاصرين ليه، مش بمعلومات علمية هتيجي بعديه بآلاف السنين، ومفيش أي معنى من وجودها في النص الكتابي! اللي هو في الأصل رسالة روحية مش رسالة ماجستير! دا غير إن كل المعلومات العلمية المُعاصرة، كان لها شكل بدائي عند الفلاسفة اليونان، لكن اللي ساد في الساحة هو نظرة أرسطو في الطبيعة وفلك بطليموس (ممكن ترجع للبوست اللي فات لمعلومات أكتر في النقطة دي).

2- التعليم بإن كل الأشياء خُلِقت للبشر:

كانت النظرية القديمة عن مركزية الأرض معقولة جدًا بالنسبة للاهوت اللي بيأسس إن كل شيء خُلِق من أجل الإنسان، وإن الإنسان هو مركز الكون كله، عايش في الأرض اللي هي مركز الفضاء، وكل الكواكب والنجوم بتدور حواليها. فإيه معنى كلمة "السما" إن كان فوق وتحت فقدوا معانيهم لإن الأرض كروية؟! وعلشان كدا نلاقي في واحدة من خطابات جيمس وولف لعالم الفلك المُعارض لكوبرنيكوس تيكو براهي، بيقول فيها: " ما من هجوم على المسيحية أشد خطراً من القول بضخامة السماوات وعمقها اللانهائيين".

وبدا أن كل شيء جميل في المسيحية، بـ"يتصاعد دخاناً" (زي ما قال جوته فيما بعد) تحت لمسة علم الفلك الحديث.

وفي الحقيقة النقطة دي غريبة جدًا، برغم إنها واحدة من النقط اللي حارب لأجلها لاهوتيو العصور الوُسطى بشراسة علم الفلك الجديد، لكنها في مُنتهى السخافة، لإن الإنسان مركز الكون لإنه كائن خُلِق علشان يرعى الكون ويسود عليه كإله، طبعًا بمعنى السيادة الإلهية اللي بتعني الأبوة والرعاية، مش السيادة بالمفهوم البشري اللي بتحتم وجود عبد نسود عليه ونمتص خيره. فالله خلق الإنسان علشان يستمتع بالكون، ويرعاه ويحفظه (يفلحها ويحفظها)، ويكون رأس كل الخليقة، زي ما المسيح صار رأس طبيعنا البشرية، سيد بخدمته في العالم وحفظه ليه وتمتعه بجماله.. حتى لو انحرف المفهوم دا عند كتير من البشر.. واللي جايز العصور الوُسطى لسيادة نظامي الملكية والإقطاع فيها، فمقدرش اللاهوتيين وقتها، أو مُعظمهم، يوصلوا للمفهوم دا..

مقالات مبسطة في العلاقة بين العلم والدين (3) - نشأة وتطور الصراع بين العلم واللاهوت!

 


اتكلمنا في المقالات اللي فاتت عن الإيمان المسيحي والعقل، وإلى أي مدى الإيمان المسيحي مُتعقِل، وإلى أي مدى مُمكن يبتعد الإيمان عن العقل المحض علشان يشمل باقي الجوانب الإنسانية الأُخرى زي الحس والوجدان والمشاعر..

المرة دي هنبص بنظرة سريعة على نشأة الصراع بين العلم والدين، وإيه الأسباب اللي أدت للصراع دا في القرون الوسطى.

زمان كانت الفلسفة بتشمل النظرة للعالم المادي والروحي على السواء، بتجمع بين التفكير في الآلهة، والإنسان، والعالم المادي. فكان العلم جزء منها ومش مُتغرِب عنها، ولا عن الدين لإن الكل بيُنظر ليه نظرة ميتافيزيقية أو نظرة غير مادية بتبحث في ما وراء العالم والمادة. وكان في مجموعة من فلاسفة الشك ظهروا بعد أرسطو، واللي كانوا أقرب للوجودية المُعاصرة، لإنهم توقفوا عند المادة والعالم والشقاء الإنسان وعدمية الحياة.. لكن مش دي النظرة السائدة عامة.

وفضل الحال على ما هو عليه لحد نهايات القرن الـ 15 تقريبًا سنة 1475 مع بداية ظهور اكتشافات كوبرنيكوس القس الكاثوليكي اللي بدأ يؤسس لكروية الأرض وعدم مركزيتها. ومن هنا بدأت الحرب بين العلم والدين، أو هي كانت حرب بين المذهب الأرسطوطالي في شرح الطبيعة، والمنهجية العلمية اللي ظهرت عن طريق البحث المُباشر بالمناظير اللي قربت الرؤية للعالم علشان يقدر يدون مُلاحظات أفضل عن الفضاء. النظرة دي اللي نتج عنها كتابين موسوعيين بيوصفوا الفترة دي بالـ"الحرب"، وهما:

"The History of the Conflict Between Religion and Science" الصادر عام 1875 لمؤلفه جون داربر John w. Darper، وهو أول رئيس للجميعة الأمريكية لعلوم الكيمياء.

وبعده بعشرين سنة، في 1895، صدر كتاب "A History of the Warfare of Science with Theology in Christendom" لأول رئيس لجامعة كورنيل، أندرو وايت Andrew D. White

ويكفي اسمي الكتابين علشان نقدر نتصوَّر مدى العلاقة المُعقدة والمتوترة اللي كانت بين العلم والعلماء من جهة، ومش هنقول الدين، لكن علماء الدين أو لاهوتيي العصور الوسطى من جهة تانية.

وكان الفرسان التلاتة للمعركة دي هما: كوبرنيكوس- كبلر- جاليليو.. جه من بعدهم إسحق نيوتن وأينشتاين، لكن الأمور كانت أفضل كتير في وقتهم. وعلشان كدا هنركز حديثنا عن التلاته الأولين فقط. واللي سبق ظهورهم نظرة للعالم على إنه أرض المعركة بين الله والشيطان، وإن أي حدث طبيعي بيحصل، مطر رعد برق، وأي حتى مرض أو وباء بيصيب البشرية، هو لازم وحتمًا إما تأديب وإشارة إلهية أو حرب شيطانية، واتملت كتب التاريخ في الوقت دا بالأساطير والمُعجزات.. وتقريبًا دا اللي بنشوفه في أيامنا دي من انتشار كتب المُعجزات بشكل خرافي، من تعلق المسيحيين بالأسطورة عن تمسكهم بالواقع، من رؤيتهم للمطر والرعد كأنه غضب الله على الشر والضيقات، وبعض الكارزماتيين البروتستانت اللي بيحاربوا حتى أفلام الكارتون!

1- كوبرنيكوس: اتولد سنة 1473 في مدينة تورن بروسيا الغربية، درس الرياضيات في جامعة بولونيا، وكان من مُعلميه في الجامعة أستاذ اسمه دومينيكو دي نوفارا، ودا كان بينتقد نظرية بطليموس (فيلسوف سكندري وضع منهج فلكي مُعقد عن ثبات ومركزية الأرض، وفضل منهجه مُستخدم طوال فترة القرون الوسطى في جامعات أوروبا، وارتبط كمان بتفاسير الكتاب المُقدس). واترسم كوبرنيكوس كاهن في كاتدرائية فراونبورج ببولندا، وكرَّس مُعظم وقته للبحث العلمي.
وتلخصت نظريته زي ما وردت في كتابه تعليقات مُختصرة (Commentariolus in Rosen, Three Copernican Treatises, 58.) كالتالي:

أ‌- مفيش مركز واحد لكل الكواكب السماوية.
ب‌- الأرض مش مركز الكون.
ج- كل الكرات (الكواكب) تدور حول الشمس، فالشمس هي مركز الكون.
د- حركة السماء والسحب مش سببها تحرك السماء، إنما تحرك الأرض اللي بتلف دورة كاملة كل يوم.

وكوبرنيكوس مش أول شخص في التاريخ قال بالنظرية دي، إنما سبقه فلاسفة يونانيين كتير، منهم فيلولاوس الفيثاغورثي Philolaus the Pythagorean اللي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد، وقال إن الأرض والكواكب بتدور حول نار مركزية غير مرئية اسمها "هستيا". ومن بعده جه هيكيتاس السيراكيوزي Hicetas of Syracuse اللي اتكلم عنه الفيلسوف والأديب اللاتيني الشهير شيشرون، وقال بنفس الأمر، ومن بعدهم أريستارخوس الساموسي Aristarchus of Samos (310-230 ق. م.) واللي قال إن الأرض بتدور حول الشمس، لكنه اتُهِم بالضلال والكُفر وتراجع عن نظريته، وفي القرن التاني قبل الميلاد، أعاد إحياء الفكرة سلوقس البابلي Seleucus of Babylonia وكانت نظريته هتسود، لولا مجئ بطليموس السكندري اللي وضع منهج فلكي مُعقد ومحدش قدر ينازعه أو يجادله حتى العصور الوسطى، وبداية عصر العلم.
وجود الفلاسفة القدام وتعليقاتهم دي بتنفي تمامًا أي وجود لأي إعجاز علمي من أي نوع بيدّعيه أي كتاب قديم، لا الكتاب المُقدس بيحوي إعجاز علمي، ولا أي نص آخر، لإن الأمور اللي تناولها الكتاب المُقدس، وغيره من الكتابات الدينية، هي تعاليم مُرتبطة بعصرها، ومكانش في أي كشف جديد جه بيه علشان ندعي وجود إعجاز أو توافق مع العلم، لإن النص الديني وليد عصره، وغير معصوم غير فيما يخص رسالته الدينية الجوهرية فقط، مش في الصور اللي استخدمها لإيصال الرسالة دي..

2- كبلر: تاني أهم العُلماء اللي واجهوا زمن الصراع بين العلم والدين، اتولد في قرية فيل في شتوتجارت بألمانيا، اتتلمذ كبلر على إيد عالم فلك شهير ومُعارض شرس لنظرية كوبرنيكوس، اسمه "تيكو براهي"، تيكو براهي توسم في كبلر العلم وأحبه، وعلشان كدا ترك له بعد ما مات كل الأدوات والأبحاث الخاصة بيه، واللي بدأ كبلر يشتغل عليها ويطورها. أهم عمل قدمه كبلر لعلم الفلك إنه أكتشف "القطع الناقص" أو الشكل البيضاوي للمدارات الفضائية، فبدل ما المدارات الفضائية كانوا بيعتقدوا إنها دائرية، اكتشف كبلر أنها بيضاوية الشكل، والشمس مش في المركز، لكنها في واحد من طرفي القطع الناقص دا. ودا دعَّم نظرية كوبرنيكوس في أكبر نقاط ضعفها، وساعد نيوتين اللي جه بعده بسنين في وضع قوانين أدق عن الجاذبية.

مقالات مبسطة في العلاقة بين العلم والدين (2) - الإيمان والعقل!

 


في المقال الأول اتكلمنا عن أهمية ودور العقل في الإيمان المسيحي. لكن، المرة دي عاوزين نوضح نقطة مُهمة، إن الإيمان المسيحي مش إيمان عقلاني بحت، بمعنى إنه الإيمان مش شبيه بالبحث العلمي المُجرد، الإيمان جزء أصيل من الطبيعة البشرية، ومن المُستحيل نزعه من الخبرات الإنسانية واختزاله في العقل فقط.


C. S. Lewis وهو واحد من الأدباء المسيحيين واللي كان له فلسفة ورؤية في شرح الإيمان المسيحي بمنهجية عصرية مُناسبة للإنسان الحاضر. وهو كان مُلحد وآمن بالمسيحية، بيكتب عن اختباره ده وبيقول إن إنجذابه للإيمان كان سببه إن الإنجيل (البشارة أو الإيمان المسيحي) بيقدم معنى، مش علشان بيقدم مُجرد افتراضات صح: "إن العقل هو الأداة الطبيعية للحق، ولكن الخيال هو أداة المعنى" (Rehabilitations and Other Essays (London: Oxford University Press, 1939), 158.).

فالجاذبية والقيمة الحقيقية للإيمان المسيحي، بتتمثل عند بعض الناس في إنه بيقدم نوعية عبادة راقية، أو قدرته على التلامس مع المشاعر والمفاهيم الإنسانية، أو النتائج الأخلاقية اللي بتصدر عنه، وفي أمور تانيه كتير أعمق من مُجرد الافتراضات الصحيحة اللي بيقدمها، لإن الإيمان مش مُجرد معرفة، دا بيحمل بُعد علائقي وجودي للخروج من ذاتك ووضع الثقة في آخر. ودا اللي بيوضحه C. S. Lewis في غير موضع، وبيقول: "إنك لا تواجه حجة تطالبك بأن توافق عليها، بل شخصًا يطالبك بأن تثق فيه" (“On Obstinancy in Belief,” C. S. Essay Collection).

ويل ديورانت (وهو لا أدري) بيأكد على الأمر دا في كتابه المُترجم باسم (مباهج الفلسفة)، إن المعرفة البشرية مهما كانت بتخضع للخبرة والتطور، فالمعرفة اللي بتكون عندنا واحنا أطفال، بتتغير تمامًا في سن المُراهقة عنها في منتصف العمر: "إن المعرفة، التي تنتج من خبرات الحياة، واللقاء مع الحقيقة، لهو أمر مُختلف تمامًا، وبعيد كل البعد عن تلك الدائرة الضيقة من التفكير، التي سبق ووضعت نظامًا أنيقًا في كل شئ" (الجزء الأول، ص34). فالإيمان – على العكس من العلم – بيقدم النوع دا من التفاعل مع الخبرات البشرية، وبيتطور معانا مع الوقت، وبالتأمل، والشك، والدهشة، وأحيانًا حتى الصمت. بعكس العلوم الرياضية اللي بيُفترض أنها صادقة مُباشرة بغض النظر عن الحس البشري.

ففي الواقع، الإنسان بيحتاج للحس والعقل، فالحس هو معيار الحقيقة، والعقل هو مُكتشفها. فالإنسان في احتياج للجمال والقبح والفلسفة والحكمة والأخلاق والفن، بجانب العلم، علشان يكون إنسان حقيقي كامل، عنده شعور ووجدان، مش مُجرد آلة رقمية. الحس والشعور اللي بنشعر عن طريقه بجمال الموسيقى ونتذوق آلحانها، من غير ما نقدر عقليًا نوصفها بتعبيرات نظامية مفهومة وصريحة.