الثلاثاء، 29 أغسطس 2023

ما هو الغرض من الدفاعيات؟

 



هدف الدفاعيات هو التفاعل مع ثقافاتنا المُعاصرة، بدلاً من الهروب منها، أنها تهدف إلى تحويل المؤمنين إلى مُفكرين، والمُفكرين إلى مؤمنين. الدفاعيات تحترم ما تتميز به الكرازة المسيحية من فكر صلب وخيال ثري وعمق روحي، وتعلنه بطرق قادرة على الإندماج في ثقافتنا.[1]

لا يجب النظر إلى الدفاعيات باعتبارها رد فعل دفاعيًا عدائيًا تجاه العالم. فعلى العكس تمامًا، الدفاعيات هي محاولة جعل الإيمان المسيحي مقرؤًا ومفهومًا أمام العالم، هي حركة إزالة الحواجز التي تعوق العقل من تقّبل الإيمان المسيحي.

عادة ما يُساء فهم المؤمنين على أنهم مجموعة من الجهلة البسطاء الذي يعتقدون في الخرافة والمجهول، يأتي هُنا دور الدفاعيات في إزالة تلك المفاهيم الخاطئة عن المؤمنين، فالمسيحي مُطالب أن يتفهم إيمانه ويتعقله ويستخدم ذهنه ويطّلع على الكتابات عامة لا الدينية منها فقط، المسيحي على اعتناق ما يتنافى مع العقل والمنطق –وإن كان يُمكنه أن يؤمن بما يفوق العقل وليس ما يخالفه- فالإيمان المسيحي قابل للشرح والتوصيف بأدلة من المنطق والفلسفة وليس بعيدًا عنها.

وعليه، فالمؤمن يتحرك بدافع قلبي، أو لنقل بدافع حب تجاه الآخر وتجاه العالم، ليس معارضًا للآخر، بل موجهًا مُرشدًا محاولاً توضيح الأمور كما هي عليه، أو إزالة الأفكار الخاطئة عن ما يعتقده الآخر في الإيمان، وهو ليس منه.

الدفاعيات هي دفاع عن الحق بلطف واحترام، الدفاعيات لا تهدف إلى استعداء من هم خارج الكنيسة ولا إهانتهم، بل إلى فتح عيونهم على واقعية الإيمان المسيحي، وصدقه، وملاءمته لحياتهم واحتياجاتهم. لا يجب أن يحدث تعارض أو تناقض بين الرسالة المُعلنة ونبرة اللاهوتي الذي يعلنها، فلابد أن نكون جذّابين، لطفاء، كريمي الخُلق. [2]

فغالبًا ما تتعرض المعتقدات المسيحية إما لسوء فهم أو سوء تفسير. وهذا ما جعل الدفاعيات المسيحية أمرًا ذو ضرورة مُلحة منذ فجر المسيحية وحتى اليوم.[3]

يجب أن نفهم الدفاعيات على أنها ترس في آلة الإيمان الكبيرة، لا يمكن اعتبار هذا الترس وحده هو ما نستطيع من خلاله أن نخلص، ومن الصعب أيضًا أن نعتقد أنه غير ذي أهمية. فللدفاعيات مُهمة مُحددة وهي نشر الوعي برسوخ وعظمة الإيمان المسيحي، عملها هو إزالة العوائق التي تحجب نور الله عن البشرية. فالخلاص لا يتم بالدفاعيات، بل بالحقيقة العظمى المُختصة بالله والمسيح، تلك التي إحدى طرق الوصول إليها هي الدفاعيات.

يمكن تشبيه الدفاعيات بإزاحة الستار حتى يتمكن الناس من رؤية لمحة لما يختبئ وراءها، أو برفع ماسة مقابل النور فتتلألأ وجوهها وتبرق عند سقوط أشعة الشمس عليها. فالدفاعيات تهتم بتأسيس مداخل للإيمان، سواءً تخيلنا هذه المداخل فتح أبواب، أو إزاحة ستار، أو إضاءة مصباح حتى يرى الناس بمزيد من الوضوح، أو استخدام عدسة تضع الأشياء في البؤرة. والموضوعات الرئيسية في الدفاعيات هي تلك التي تتيح للناس رؤية الأشياء بوضوح، وربما للمرة الأولى، تساعدهم على اكتشاف الأفكار المُضللة، فيدركون فجأة سرّ ما يتمتع به الإيمان المسيحي من قدرة على الإقناع على المستوى الفكري وجاذبية على المستوى التخيلي.

فالدفاعيات تقوم بمد الجسور التي يعبر عليها الناس من العالم الذي يعرفونه إلى العالم الذي يودون اكتشافه، وتساعدهم في العثور على أبواب ربما لم يسمعوا بها من قبل، فيرَون عالماً يفوقُ كل تخيلاتهم ويدخلون فيه. والدفاعيات تفتح العيون وتفتح الأبواب بتأسيس مداخل للإيمان المسيحي.[4]

تُعتبر صورة الشمس والنافذة من أهم الصور التي استخدمها اللاهوتيون في العصور الوسطى لشرح ما تجريه نعمة الله من تغيير في النفس البشرية. وتُعَد كتابات "ألن الذي من لِيل"Alan of Lille  مثالاً جيدًا على هذا حيث يشَبه النفس البشرية بحجرة باردة مظلمة. ولكن عندما تُفتح النافذة على مصراعيها، يندفع نور الشمس إلى الحجرة فيشيع فيها النور والدفء. إلا أن فتح النافذة لا يدفئ الغرفة ولا ينيرها، ولكنه يزيل حاجزًا من أمام القوة التي يمكنها أن تفعل ذلك، فسبب التغيير الحقيقي هو الشمس. وكل ما نفعله نحن أننا نزيل الحاجز الذي يمنع نور الشمس وحرارتها من دخول الحجرة.

وهذه الصورة تساعدنا على إدراك هذه الفكرة اللاهوتية، وهي أننا لا نتسبب في تغيير الناس وقبولهم للإيمان. ويؤكد “ألن” أننا نحن الذين لا بد أن نفتح نافذة عقولنا على مصراعيها، فتتمكن نعمة الله من العمل في حياتنا، وهكذا ينحصر دورنا في إزالة العوائق من أمام نعمة الله، أما تجديد نفوسنا فهو مهمة هذه النعمة الإلهية. إلا أن الصورة مهمة في مجال الدفاعيات أيضًا، فهي تُذكرنا أن الله هو من يغير النفوس، وتؤكد في الوقت نفسه أننا قادرون على تيسير هذه العملية بالمساهمة في إزالة الحواجز والعوائق التي تقف أمام نعمة الله.[5]

فأفضل دفاع عن المسيحية هو شرحها. أي أنك إن أردت أن تدافع عن المسيحية أو تبرز جمالها، فأفضل السبل لذلك أن تبدأ بتعريف الناس بماهية المسيحية، لأن الكثيرين لديهم مفاهيم خاطئة عن المسيحية تعيق قبولهم للإيمان. ومن أروع الأمثلة على ذلك مثال يقدمه اللاهوتي العظيم القديس أغسطينوس الذي قبِل الإيمان بعد جولة طويلة في أراضي الفلسفة المجدبة.[6] كان أغسطينوس شابًا موهوبًا في الخطابة[7] من شمال أفريقيا، وقد صاحب المانويين، وهي طائفة كانت شديدة الانتقاد للمسيحية، هكذا استقى جُل معرفته بالمسيحية من نُقادها، لم تكن بالمعرفة الدقيقة. ورفض أغسطينوس المسيحية باعتبارها لا تستحق اهتمام شخص في ثقافته وذكائه.

وكان أغسطينوس طموحًا، فقرر أن يكون رجلاً ناجحًا في عاصمة الإمبراطورية، فغادر شمال أفريقيا متجهًا إلى روما. وبعد فترة وجيزة من وصوله، عُرِضَت عليه وظيفة خطيب عام في ميلانو، وهي المدينة الرئيسية في شمال إيطاليا. ونظرًا لإدراكه بأن هذه الوظيفة يمكن أن تمثل بداية لحياة مهنية ذات شأن في العمل المدني بالإمبراطورية، رحب أغسطينوس بالعرض. إلا أنه كان يعلم أيضًا أن تقدمه في المجال السياسي يعتمد على قدراته البلاغية. فمن يستطيع أن يساعده في تطوير هذه المهارات؟

اكتشف أغسطينوس بعد وصوله إلى ميلانو أن أمبروسيوس Ambrose أسقف المدينة المسيحي مشهور ببراعته في الخطابة، فقرر أن يكتشف بنفسه ما إذا كان يستحق هذه الشهرة. فكان كل يوم أحد يتسلل إلى الكاتدرائية الكبيرة في المدينة ويستمع لعظات الأسقف. وفي البداية لم يكن اهتمامه بالعظات سوى اهتمام الشخص المتخصص الذي ينظر للعظة باعتبارها خطبة فخمة. ولكن محتوى العظات بداً يستحوذ عليه تدريجيًا. فنجده يكتب:

"اعتدت أن أسمع عظاته متحمسًا، ولكني لم أكن مدفوعاً لذلك بالدافع الصحيح، بل كنتُ أريد أن أختبر مهارته في الخطابة لأرى ما إذا كانت طلاقته أفضل مما قيل لي عنه أم أدنى… ولكني لم أكن مهتمًا بما يقول، وكانت أذناي لا تتجه سوى نحو أسلوبه في الخطابة… إلا أنه كما دخلت الكلمات التي أمتعتني إلى عقلي، هكذا دخلت المادة التي لم أكن أعبأ بها في بادئ الأمر، حتى إني لم أتمكن من الفصل بينهما. فبينما كنت أفتح قلبي لفصاحته، دخل معها أيضًا الحق الذي كان يعلنه".[8]

وكما يتضح من رحلة أغسطينوس الطويلة إلى الإيمان، نجح أمبروسيوس (الذي أصبح أغسطينوس يعتبره واحدًا من أبطال اللاهوت) في إزالة عائق ضخم من طريق الإيمان. فقد أبطل مفعول الصورة المغلوطة التي روّجتها المانوية عن المسيحية. وبعد أن استمع أغسطينوس لأمبروسيوس بدأ يدرك أن المسيحية أكثر جاذبية وإقناعًا مما كان يظن بكثير. وهكذا أزيل عائق يقف أمام الإيمان. وبالرغم من أن أغسطينوس لم يؤمن بالمسيحية إلا بعد فترة، فقد كان لقاؤه مع أمبروز علامة بارزة على طريق البحث.[9]

فالدفاعيات المسيحية تعني بتوصيل فرح الإيمان المسيحي واتساقه وملاءمته للحياة من ناحية، وبالتعامل مع ما يواجهه الناس من شكوك ومخاوف وتساؤلات حول الإيمان من ناحية أخرى. وهذا ما نراه منذ زمن العهد الجديد حتى الآن.[10] والدفاعيات تؤكد وجود إجابات أمينة ومقنعة للأسئلة المخلصة التي يسألها الناس عن الإيمان. وهذه الأسئلة لابد أن تُحترم وتؤخذ على محمل الجد. والأهم من هذا، أنه يجب الإجابة عليها. والأهم من هذا وذاك أن الإجابات موجودة.

وتختلف الأسئلة التي تثار حول الإيمان من ثقافة إلى أخرى. فالكُتّاب المسيحيون الأوائل، على سبيل المثال، انشغلوا بكيفية مواجهة نقد الفلسفة الأفلاطونية لمعتقداتهم من ناحية، وبكيفية تصميم أسّاليب فعّالة لتوصيل إيمانهم وإبراز جماله للأفلاطونيين من ناحية أخرى. في حين أنه في بداية العصور الوسطى ركز الكثير من اللاهوتيين في أوروبا الغربية، ومن بينهم الفيلسوف العظيم توما الأكويني، على الأسئلة الدفاعية التي أثارها الكُتَّاب المسلمون.[11]

فالنقطة المهمة هُنا أن تفهم مستمعيك وتتعرف على شكوكهم وأسئلتهم. ولا يجب أن تنظر إلى هذه الأسئلة باعتبارها تهديدات مكروهة، بل رحِّب بها على اعتبار أنها يمكن أن تمثل مداخل للإيمان. فالسؤال يعني أن صاحبه مهتم وراغب في الاستماع. وقد يكون هدف السائل أن يسدد لك الضربة القاضية بسؤاله، ولكن حتى لو كان الأمر كذلك، فالسؤال يتيح لك فرصة ذهبية لتوصيل الإنجيل عليك أن تُقّدرها وتنتهزها، لأن هذا النوع من الأسئلة يمنحك الفرصة لتزيل الغموض عن بعض ألغاز الحياة العويصة، ومن هذه النقطة يمكنك أن تشرح الرؤية المسيحية للواقع وتبرز حُسنها. ففي دفاعك عن المسيحية، لا داعي لتكوين توجه دفاعي، وكأنك تدافع عن عقيدتك ضد هجوم يُشن ضدها. ولكن عليك أن تنظر لكل سؤال على أنه فرصة لإزالة سوء الفهم، وإظهار مصداقية الإيمان وجاذبيته، والحديث عن تأثيره على الحياة. ومن ثم، لابد من الترحيب بالأسئلة ولابد من تكوين إجابات جيدة وتقديمها للسائل. والإجابات متوفرة بالفعل، وليس علينا سوى أن نكتشفها ونطّوعها بما يتناسب مع مهاراتنا في الحديث ومع الجمهور الذي نتفاعل معه.

فالدفاعيات ليست مُشاجرة ولا عراكًا ثنائيًا، بين من هم في ضلال مُطلق ومن يمتلكون الحق المُطلق. فالدفاعيات ليست حرب بل هي مُحاججة، نُقدم من خلالها البراهين المنطقية والأخلاقية والتاريخية على حقيقة ما نؤمن به. وبينما نقوم بأداء هذه المُحاججة، فإننا نضع في أعمق أعماق أذهننا أننا لسنا "مُلاَّك الحقيقة المُطلقة"، فلا يُمكن تخيل مدى الفساد الذي ينحدر بمن يظنون أن لديهم تفويضًا إلهيًا. نحن نثق في إيماننا، لكن هذا لا يعني أن أفكارنا البشرية، وتفسيراتنا لهذا الإيمان، دائمًا صحيحة ودائمًا على صواب، فربما هُناك تفسيرات أُخرى لذات الإيمان، ولكنها تعالجه بشكل أفضل كثيرًا من قناعتنا الحالية.



[1] أليستر ماجراث، الدفاعيات المُجردة، ص 13.

[2] الدفاعيات المُجردة، 18.

[3] كما سنرى في الفصول القادمة المختصة بتاريخ علم اللاهوت الدفاعي.

[4] الدفاعيات المجردة، 127.

[5] المرجع السابق، 127، 128.

[6] Peter Brown, Augustine of Hippo (London: Faber & Faber, 1967).

[7] الخطابة: هي فن الإقناع وقد ظهرت في بدايات القرن الخامس قبل الميلاد في الكتاب الثاني من الإلياذة، والذي يتحدث عن الحملة الإغريقية المُتجهة نحو طروادة، فمصيرها كان يعتمد على قدرة الخطباء على إقناع الجنود بالبقاء في صفوف الحرب وحضهم على القتال بشجاعة. وقد استحدثت الحياة الديموقراطية في أثينا نوعين من الخطابة، وهما: 1- ويقوم بها رجل فصيح يُمثل الدولة بإقناع أعضاء المجلس على التصويتا لأجل مقترحاته. 2- الخطابة القضائية، وقد أسسها شخص يُدعى كوراكوس، وهي أشبه بما يفعله المحامون اليوم من دفاع أمام المحاكم العامة، وكانت تتكون من (مقدمة- موضوع- برهان- خاتمة). أحمد عتمان، الأدب الإغريقي تراثًا إنسانيًا وعالميًا، ص 497: 500.

[8] Augustine, Confessions V.xiii.23-xiv.25.

[9] الدفاعيات المجردة، 130 ، 131.

[10] For apologetic motifs in the New Testament, see Avery Dulles, A History of Apologetics (San Francisco: Ignatius Press, 2005), 1-25.

[11] الدفاعيات المجردة، 157.

ما هو اللاهوت الدفاعي؟

 


كلمة لاهوت "theology " مأخوذة عن الكلمة اليونانية "ϑεολογια" وهي كلمة مكونة من مقطعين "ϑεος" ومعناها "الله"، و"λογια" وتعني "علم". والمُصطلح ككل يعني العلم المُختص بالله، أو هو الحديث ومعرفة كل ما يختص بالله. يعرفه توما الإكويني على النحو التالي: "هو علم جامع بمعنى أنه يتكلم عن كل الأمور من وجهة نظر الله، فالله ذاته هو الموضوع، وهذه الأمور تشير إليه".[1] ويوضحه الأب إريثيئوس فلاخوس قائلاً: "اللاهوت بحسب ما ييفترض المصدر اليوناني للكلمة، معنيٌ بالله، ما هو الله، وكيق يصل الإنسان إلى الشركة معه".[2]

أما كلمة دفاع فهي مأخوذة عن الكلمة اليونانية πολογία- Apologya وتعني: دفاع باسلوب قانوني، أو الحديث بشكل دفاعي للرد على بعض الاتهامات، وخاصة الدفاع الشفوي كما جاءت في (2تي4: 16) "في احتجاجي الاول لم يحضر احد معي ". وتستخدم في المنهج الديني بمعنى الدفاع عن رسالة الإنجيل والإيمان، كما جاءت في (في1: 7) "كما يحق لي ان افتكر هذا من جهة جميعكم لاني حافظكم في قلبي في وثقي وفي المحاماة عن الانجيل وتثبيته انتم الذين جميعكم شركائي في النعمة".[3]

نجد أن كلمة دفاع أو πολογία جائت في كتاب العهد الجديد ثماني مرات، ترجمة في سبع منهم إلى كلمة دفاع، مُحاماة، احتجاج، إجابة كما في النصوص التالية:

" ايها الرجال الاخوة والآباء اسمعوا احتجاجي الآن لديكم". (أع22: 1).

" فاجبتهم ان ليس للرومانيين عادة ان يسلموا احدا للموت قبل ان‏ يكون المشكو عليه مواجهة مع المشتكين فيحصل على فرصة للاحتجاج عن الشكوى" (أع25: 16).

" هذا هو احتجاجي عند الذين يفحصونني" (1كو9: 3).

" حافظكم في قلبي في وثقي وفي المحاماة عن الانجيل" (في1: 7).

" اني موضوع لحماية الانجيل" (في1: 17).

 " في احتجاجي الاول لم يحضر احد" (2تي4: 16).

" مستعدين دائما لمجاوبة كل من يسألكم- always being prepared to make a defense to anyone" (1بط3: 15).

وترجمة إلى مرة واحدة إظهار أو إيضاح الأمر to make clear  كما في:

" في كل شيء اظهرتم انفسكم انكم ابرياء في هذا الامر- but also what eagerness to clear yourselves " (2كو7: 11).

فعلم اللاهوت الدفاعي هو العلم المُختص بالحديث عن الله بشكل دفاعي أو بطريقة منطقية بهدف إزاحة العوائق التي تقف أمام العقل البشري حتى يستطيع أن يتّقبل الإيمان. هي صراع من أجل كسب عقول الرجال والنساء، الذين لم يسمع أحد منهم تقديم عقلاني للمسيحية أبدًا طوال حياتهم.[4]



[1] الخلاصة اللاهوتية 7: 1.

[2] الفكر الكنسي الأرثوذكسي، ص 218.

[3] Timothy Friberg, Barbara Friberg and Neva F. Miller, vol. 4, Analytical Lexicon of the Greek New Testament, Baker's Greek New Testament library (Grand Rapids, Mich.: Baker Books, 2000), 69.

[4] ديانة القوة، إعداد. مايكل سكوت هورتون، ترجمة إدوارد وديع (القاهرة: دار الثقافة، 2008)، ص 54.

ليه بنثق في نصوص الكتاب المقدس؟ (2- ترجمات الكتاب المقدس)

 


ترجمات العهد القديم

ترجم نص العهد القديم في القرون الأولى إلى العديد من اللغات، خاصة اليونانية، مثل:

الفاتيكانية التي ترجع لسنة 325م، السينائية لـ350م، والسكندرية التي ترجع لـ 450م، وهما للترجمة السبعينية اليونانية:

وقد وجد ضمن لفائف قمران في كهف 4  مخطوطات للترجمة السبعينية أيضًا تحتوى على أسفار الخروج واللاويين والعدد وترجع لسنة 100 ق م. أي بعد الترجمة بحوالي 150 سنة فقط، واكتشفت أيضًا مخطوطة يونانية للأنبياء الصغار في منطقة وادي خبرا.

وهناك أيضًا ترجمات أخرى للغات القديمة، مثل:

 مخطوطة للبشيتا السريانية مؤرخة بسنة 464 م بالمتحف البريطاني، ومخطوطة للسريو هيكسابلا ترجع للقرن الثامن. وهناك مخطوطة على ورق البردي للترجمة القبطية باللهجة الصعيدية ترجع إلى سنة 300م بالمتحف البريطاني، وهناك قصاصات ترجع للقرن الرابع والخامس باللغة القبطية باللهجتين الأخميمية والفيومية، إلى جانب مخطوطة باللغة العربية ترجع للقرن الثامن. وتمتلئ مكتبة الفاتيكان بالمخطوطات القديمة للترجمة اللاتينية خاصة الفولجاتا.

ترجمات العهد الجديد

يتمتع العهد الجديد بالعديد من الترجمات التى تمت فى عصور قديمة جداً، الى عدة لغات. وهناك من الترجمات أكثر من ترجمة تمت الى لغة واحدة. فلدينا ترجمتين الى اللغة اللاتينية وهما: اللاتينية القديمة Itala والفلجاتا Vulgate، ولدينا خمس ترجمات سيريانية للعهد الجديد هم: السيريانية القديمة، البسيطة Peshitta، الفيليكسونية، الهيراقلية والفلسطينية.[1] ولدينا كذلك أكثر من ترجمة للغة القبطية هم: الصعيدية، البحيرية والأخميمية. ويوجد عدة ترجمات اخرى للغات اخرى مثل: الأرمينية، الجورجية، الإثيوبية، القوطية، العربية، الفارسية، السلافية والفرنكشية Frankish [2]. عدد الترجمات الضخم هذا جعل بروس ميتزجر يقول:

"حتى لو لم يكن لدينا اليوم مخطوطات يونانية فإننا بتجميع المعلومات من هذه الترجمات من تواريخ قديمة نسبياً، يُمكننا ان نعيد إنتاج محتويات العهد الجديد حقاً"[3]!

الترجمات السريانية

1- الدياطسرون (ومعناه:”من خلال الأربعة”) في منتصف القرن الثاني الميلادي، رجل اسمه تاتيانTatian كقصة واحدة متصلة تجمع بين مواد مأخوذة من الأناجيل الأربعة.

2-مخطوطتين للأناجيل: إحداهما مخطوطة من القرن الخامس قام بنشرها “وليم كورتون” في 1858م وتعرف باسم مخطوطة “كورتون السريانية” ويرمز لها بالرمز Syr c والثانية هي مخطوطة من القرن الرابع كتبت فوق كتابة سابقة تم محوها اكتشفت في دير سانت كاترين على جبل سيناء في 1892م وتعرف باسم مخطوطة “سيناء السريانية” ويرمز لها بالرمز Syr s.

3-الترجمة البشيطة أو البسيطة Peshita: في أواخر القرن الرابع تمت ترجمة جديدة للعهد الجديد إلى اللغة السريانية. ولم تشمل هذه الترجمة رسالة بطرس الرسول الثانية وكذلك رسالتي يوحنا الثانية الثالثة ورسالة يهوذا وسفر الرؤيا. ويرمز لهذه الترجمة بالرمز Syr p.

الترجمات اللاتينية

(أ) الترجمة اللاتينية القديمة إيتالا Itala: يقول أوغسطينوس من أنه في الأيام الأولى من العصر المسيحي، حاول كل من لديه مخطوطة يونانية، وعلى دراية باللغتين اليونانية واللاتينية، أن يترجم الأسفار المقدسة إلى اللاتينية. وما بهذه الترجمات من ألفاظ دارجة وتعبيرات بسيطة، يؤيد النظرية القائلة بأنها قد ظهرت أصلًا بين عامة الشعب. ويرجع تاريخ هذه المخطوطات إلى مابين القرن الرابع والقرن الثالث عشر، مما يدل على أن الترجمة اللاتينية القديمةOL ظلت مستخدمة زمنًا طويلًا بعد أن حلت “الفولجاتا” محلها رسميًا.

(ب) ترجمة جيروم أو الفولجاتا: في عام 382 م.، قام البابا “داماسوس” Damasus بتكليف “جيروم” بإن يعكف على تنقيح الترجمة اللاتينية لتكون مطابقة لليونانية. ومن خلال عامين استطاع جيروم أن ينتهي من مراجعة الأناجيل الأربعة، وقد أعيد تنقيحها عدة مرات على مدى القرون، وقد وصلنا نحو ثمانية آلاف مخطوطة من الفولجاتا اللاتينية، وهو ضعف عدد المخطوطات اليونانية، مما يرجح أن الفولجاتا كانت أكثر الكتب القديمة شيوعًا.

الترجمات القبطية

(أ) الترجمة القبطية الصعيدية: بدأت ترجمة أجزاء من العهد الجديد إلى اللهجة الصعيدية التي كانت مستخدمة في منطقة طيبة وما وراءها في أوائل القرن الثالث، ولم يمض قرن من الزمان حتى كان كل العهد الجديد قد ترجم إلى اللهجة الصعيدية. والمخطوطات التي وصلتنا والتي ترجع إلى القرن الرابع والقرن السادس تحتفظ لنا بالعهد الجديد كله تقريبًا مترجمًا إلى هذه اللهجة.

(ب) الترجمة القبطية البحيرية: وقد وصلنا ما يزيد عن مائة مخطوطة للعهد الجديد باللهجة البحيرية، ولكن أقدمها يعود تاريخ كتابتها إلى القرن الثاني عشر.

(ج) ترجمة لهجات مصر الوسطى: قد وصلتنا مخطوطات لإنجيل يوحنا باللهجة الفيومية واللهجات الاخميمية. كما توجد مخطوطات بالاخميمية تحتوي على أجزاء من الأناجيل والرسائل الجامعة ترجع إلى القرن الرابع والقرن الخامس.

ترجمات أُخرى

 وهناك أيضًا الكثير من الترجمات الأُخرى التي تمت ما بين القرون من الرابع إلى السادس، مثل القوطية والجورجية والأرمينية والأثيوبية.. وغيرها.



[1] هناك من يضم دياترسون تاتيان للترجمات السيريانية.

[2] لغة فى غرب - وسط أوروبا

[3] القضية للمسيح (تحقيق صحفى شخصى للشهادة عن يسوع) , تأليف لى ستروبل , ترجمة الأستاذ سعد مقارى , إصدار مكتبة دار الكلمة LOGOS , الطبعة الاولى: القاهرة 2007 , الفصل الثالث , ص 75