السبت، 10 يونيو 2023

تاريخ محاولات الوحدة والتقارب بين الكنيسة القبطية والكنيسة الكاثوليكية

 



1- منذ مجمع خلقيدونية وانفصلت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية (ومعها الأحباش والسريان وغيرهم) عن باقي كنائس العالم، وبغض النظر عن أبعاد هذا المجمع وأسبابه فإننا سنتحدث معًا عن تاريخ مساعي الوحدة بين الكنيستين من وقت خلقيدونيا في القرن الخامس وحتى يومنا هذا..

# مع العلم أن مفهوم الوحدة نفسه لا يعني بالضرورة الوحدة الكاملة في نفس الألحان والطقوس والكلمات المستخدمة في الصلوات الليتورجية، ولا يعني الخضوع لبابا روما.. بل فقط يعني رفع الحرومات ووحدة الإيمان..

2- بدأت مساعي الوحدة بشكل رسمي مع مجمع فلورنينا فلورنسا 1438-1445، والذي كان الهدف منه التواصل مع الكنائس الشرقية (البيزنطيين والأقباط)، وكان في عهد بابا روما اوجينيوس الرابع، وبابا الأقباط يوحنا الحادي عشر، وحينها أرسل البابا يوحنا وفدًا عن الكنيسة القبطية إلى روما برئاسة القمص أندراوس، والتي تمت الوحدة بالفعل على يدهم وأعلنها البابا أوجينيوس سنة 1442م في كنيسة السيدة العذراء مريم بفلورنسا.
إلا أن هذه الوحدة لم تتم على أرض الواقع لأسباب كثيرة منها الكنسي ومنها السياسي..

3- وفي القرن السادس عشر (1561 تقريبًا)، وأثناء المجمع التريدنتيني وصل وفد من الكنيسة القبطية، ومن الوفد كان الراهب إبرام السرياني، ويحملون رسالة إلى البابا تعبر عن رغبة رؤسائهما ورغبة الشعب كله في الإتحاد. فأرسل البابا بيوس الرابع وفدًا للتفاوض مع البطريرك القبطي لتحقيق الاتحاد، ودعا البطريرك إلى الاشتراك في المجمع التريدنتيني سنة 1561 م.، وكاد الاتفاق على الإتحاد أن يتحقق إلاَّ أن البطريرك توفى فجأة!

4- وفي العام 1584 م سعى البابا البابا غريغوريوس الثالث عشر مفاوضات الوحدة الكنسية مع بطريرك الكنيسة القبطية الأنبا يؤانس الرابع عشر البابا 96 (المُلَّقب بالمنفلوطي).. وأرسل وفدًا إلى البطريرك القبطي، وبدأت مباحثات مع البطريرك ومعاونيه من أساقفة وكهنة ووجهاء الشعب، وأخذت المفاوضات تسير سيرًا حسنًا أدى إلى أن عقد البطريرك بتاريخ 1 فبراير سنة 1584م في دار قنصل فرنسا حينذاك " بولس مرياني " مجمعًا عامًا ترأسه هو بنفسه وحضره أربعة أساقفة ووكلاؤهم ولفيف من الكهنة ووجهاء الشعب، وأدَّى البحث مع وفد البابا إلى اتفاق عام على وضع صيغة رسمية لإعلان الإتحاد.. ولكن، بعد أسبوع تم رفض هذا الاتحاد.. وتمت مراسلات مرة أخرى وفد كنيسة روما للسعي نحو الموافقة مرة أخرى، وقد وعدهم البطرك القبطي بالنظر في الأمر.. لكن وافته المنية فجأة!

5- وفي سنة 1590م كتب البابا سكستس الخامس بابا روما إلى البطريرك غبريال الثامن بابا الأقباط، يدعوه إلى الإتحاد. ولم يحدث شيء غير بعض الحوارات حول الموضوع، ومن بعد البابا سكستس جاء البابا اكلمنضس الثامن وواصل محاولات البابا سكستس الخامس لدى البطريرك جبرائيل الثامن، فكتب البطريرك إقرار الإتحاد بالكنيسة الكاثوليكية، وكتب هذا الإقرار في يناير سنة 1597م بالإصالة عن نفسه وبالنيابة عن الإكليروس والشعب القبطي، ووقَّعه بإمضائه وخاتمه، ووقَّعه أيضًا من الأساقفة. أسقف الفيوم والبهنسة وأسقف إسنا وعدد كبير من القمامصة والكهنة والشعب.
ولما وصل وفد الأقباط إلى روما دُرِست المسألة جيدًا، وأُعدَّت وثيقة الإتحاد، وكتب البابا اكليمنضس الثاني إلى البطريرك غبريال الثامن، وأعلن كذلك قبوله في إنشاء مدرسة قبطية في روما، وخُصّص دير القديس اسطفانوس داخل أسوار الفاتيكان ليكون قصرًا لهذه المدرسة وهبة دائمة للأقباط.
لكن بعد وفاة البابا اكليمندس خلفه الأنبا مرقس الخامس عام 1603 م وتوقف العمل بوثيقة الاتحاد هذه.

6- بعد هذه الفترة تمت بعض المفاوضات التي لم تثمر إلى شيء.. حتى زمن قداسة البابا شنودة الثالث، والذي حدثت فيه عدة أحداث، منها زيارة البابا يوحنا بولس الثاني إلى مصر.
عند وصول سيارة بابا الفاتيكان بدأ شمامسة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في أداء الألحان القبطية ، ولأول مرة يذكر اسم بابا روما في الصلوات القبطية داخل الكنيسة الأرثوذكسية.. أُستقبل بابا الفاتيكان بلحني "إب اوروا" إي يا ملك السلام وأيضًا "إفلوجيمينوس" أي مبارك الآتي باسم الرب.

ومن الكلمة التي ألقاها قداسة البابا شنودة في هذه الزيارة:
"أن لنا علاقات كثيرة في القرون الأولى للمسيحية بين كنيسة الإسكندرية وكنيسة رومه. وقد عادت الصلة بعد زيارتي لقداسة البابا بولس السادس في الفاتيكان سنة 1973م وقد وقعنا معًا إعلانًا مشتركًا A common declaration وكوَّنا لجنة مشتركة لأجل الحوار اللاهوتي.. إننا سعداء أن نرحب بقداستكم، ليس فقط الكنيسة القبطية بل كل المصريين، ونشكركم على كلمة التحية التي قلتها في المطار لأجل كنيستنا.. ونرجو أن تتقدم بتعضيدكم كل الجهود لأجل الوحدة المسيحية لأن الرب الإله قال في إنجيل يوحنا الإصحاح العاشر أنه يريد أن تكون كنيسته "رعية واحدة لراع واحد " وفي تأملاته مع الآب في يوحنا الإصحاح 17 إنه يريد أن يكون تلاميذه أو المؤمنين به " أن يكونوا واحدًا كما أننا نحن واحد "".

* والاتفاقية التي يتحدث عنها قداسة البابا شنودة هنا هي الاتفاقية الكريستولوجية المقترحة والتى تمت الموافقة عليها بواسطة المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية وتم التوقيع عليها فى لقاء 12 فبراير 1998 فى دير الأنبا بيشوى بمصر.

في الكومنتات في ربط لبعض الأحداث دي مع الاختلافات بين الكنيستين..

من هو ملكي صادق؟



 أَنَّ مَلْكِي صَادَقَ هذَا، مَلِكَ سَالِيمَ، كَاهِنَ اللهِ الْعَلِيِّ، الَّذِي اسْتَقْبَلَ إِبْرَاهِيمَ رَاجِعًا مِنْ كَسْرَةِ الْمُلُوكِ وَبَارَكَهُ،

2 الَّذِي قَسَمَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عُشْرًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. الْمُتَرْجَمَ أَوَّلًا «مَلِكَ الْبِرِّ» ثُمَّ أَيْضًا «مَلِكَ سَالِيمَ» أَيْ «مَلِكَ السَّلاَمِ»
3 بِلاَ أَبٍ، بِلاَ أُمٍّ، بِلاَ نَسَبٍ. لاَ بَدَاءَةَ أَيَّامٍ لَهُ وَلاَ نِهَايَةَ حَيَاةٍ. بَلْ هُوَ مُشَبَّهٌ بِابْنِ اللهِ. هذَا يَبْقَى كَاهِنًا إِلَى الأَبَدِ.
عب 7: 1- 3
النص هنا بيتكلم عن ظهور ملكي صادق المفاجيء للأحداث وخروجه المفاجيء، أو بمعنى آخر إنه بيتكلم عن ان مفيش ذكر لنسبه في الكتاب المقدس، ومفيش ذكر لبداية ولا نهاية حياته، وعلشان كدا مترجم النسخة السريانية من العهد الجديد كتبها:
"الذي لم يكتب أبوه وأمه في الأنساب" ؛ أو لا يوجد حساب أنساب له.
بالرغم من ان عادة الانبياء العبرانيين كتابة اسماء الشخصيات الهامة والنسل اللي جم منه.. فازاي شخص بالاهمية دي ميتكتبش عنه اي تفاصيل؟!
واهميته طبعا بترجع لإنه بارك إبراهيم وقبل منه العشور..
ودا كان مقصود من الوحي علشان يكون ملكي صادق رمز للمسيح أمام اليهود، ودا اللي بالفعل عمله كاتب العبرانيين هنا، انه مثله بالمسيح ككاهن وكملك ومنه البركة..
كمان كاتب العبرانيين يهودي متأصل في تعاليم العهد القديم والرابيين اليهود وتفسيرهم ليه، واليهود كانوا بيشيروا للمسيا انه سيكون بلا اب، ودا بيقول بيه مثلا رابي موشى هادرشان
R. Moses Hadarsan apud Galatin. l. 3. c. 17. & l. 8. c. 2.
والفكرة دي اللي الكاتب بيأصل لها هنا..
لكن ملكي صادق نفسه كان إنسان عادي جدا، وواضح ان كلمة ملكي اشارة للملك، وصادق لقب بيطلق على الملوك في الوقت دا، زي فرعون مصر كدا، كل ملك في مصر لقبه فرعون.. ودا بيوضح من يشوع 10: 3 (أدوني صادق)..
دا غير ان التقليد اليهودي سواء المذكور في ترجوم أونكيلوس أو رابي ليفي بن جرشوم في تعليقه على التكوين أو في مصادر اخرى في نهاية البوست بيذكر نسب ملكي صادق بالكامل وبيرجعه لسام بن نوح..
الخلاصة:
1- ملكي صادق راجل عادي جدا مش ظهور الهي ولا اله ولا ملاك
2- ملكي صادق كان كاهن وملك ودي حاجة طبيعية لغالبية الملوك وقتها ان الملك يكون كاهن.
3- كاتب العبرانيين بيربط الفكرة اليهودية عن المسيا انه يكون بلا اب بملكي صادق اللي الكتاب مذكرش نسبه بشكل واضح.. مش انه فعلا ملكي صادق بلا اب، لكن لان الكتاب صمت من جهة نسبه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*المصادر اليهودية اللي ذكرت نسب ملكي صادق:
Targum in Jon. & Jerus. Jarchi, Baal Hatturim, Levi ben Gersom & Abendana in Gen. xiv. 18. Bemidbar Rabba, sect. 4. fol. 182. 4. Pirke Eliezer, c. 8. Juchasin, fol. 135. 2. Tzeror Hammor, fol. 16. 2. Shalshelet Hakabala, fol. 1. 2. Peritzol. Itinera Mundi, p. 17.

الجمعة، 5 مايو 2023

الصوم الكبير تاريخيًا..



 الصوم الكبير تاريخيًا..


١- في أول ٣٠٠ سنة من تاريخ المسيحية كان الصوم في يوم الجمعة العظيمة أو يضاف إليه السبت التالي له (سبت النور) ودا بناء على اللي قاله يوسابيوس القيصري على لسان ايرينيئوس (تاريخ الكنيسة ٥: ٢٤).

٢- اقدم اشارة للصوم الاربعيني المقدس هي للعلامة أوريجانوس (يعني في القرون التلاته الاولى بردو بس دي الاشارة الوحيدة) في تفسيره للاويين (١٠: ٢).. حتى ان علماء الليتورجيا بيعتبروها اضافة من روفينوس اللي ترجم كتاباته في القرن الخامس!

٣- في القرن الرابع بدأ صوم أسبوع البصخة أو اسبوع الفصح (اللي هو أسبوع الالام دلوقتي) يبقى هو فترة الصوم الكبير خاصة في كنيسة اورشليم. في الوقت دا كان في صيام الاربعين فعلا بس الدراسات الليتورجية بتضعه خارج عيد القيامة، بمعنى انه مكانش في موقعه الحالي، كان بعد عيد الغطاس تقريبا.

٤- مع نهايات النصف الاول من القرن الرابع، في وقت البابا اثناسيوس الرسولي، كانت فترة الصوم اصبحت ٤١ يوم، وهما ٣٥ يوم + ٦ ايام البصخة اللي قلنا عليهم من شوية..

٥- في نفس الوقت كانت كنيسة روما بتصومه ٣ اسابيع، وكنايس منطقة فلسطين ٦ اسابيع، و ٧ اسابيع في القسطنطينية.

٦- في القرن الخامس وتحديدا بعد خلقيدونية كانت كنايس الشرق كلها تقريبا بتصوم الصوم الكبير ٧ أسابيع، اللي هي الأربعين المقدسة بجانب اسبوع البصخة..

٧- في الكنيسة القبطية زاد أسبوع ثامن للصوم، وهو المعروف بأسبوع هرقل أو أسبوع الاستعداد.. وقصة هرقل دي لها مؤيدين ومعارضين حاليًا..

لكن تاريخيًّا:

* فالوثائق المؤيدة للقصة:
- القطمارس
- ابن كبر في كتابه مصباح الظلمة في ايضاح الخدمة
- سعيد ابن البطريق في كتابه نظم الجوهر
- ساويرس ابن المقفع في كتابه الدر الثمين في ايضاح الدين.
- ابن العسال في المجموع الصفوي
- الانبا ايسذوروس في الخريدة النفيسة (بس دا مرجع حديث اخد عن اللي قبله).

* طب اللي بيعارضوا الرأي دا؟

لا مفيش مصادر ولا حاجة هي تكهنات منطقية كدا بيعتمدوا عليها اللي هو اصل هرقل كان خلقيدوني، اصل سعيد ابن البطريق ملكاني، اصل القصة دخلت مؤخرا مش قادرين نتحقق من صحتها.. كلام من هذا القبيل..

بيضيفوا للادلة دي شهادة السائحة ايجيريا ان كنيسة اورشليم كانت بتصوم ٨ اسابيع، بس ابونا اثناسيوس المقاري بيقول انه واضح ان كلامها غير دقيق لان نصوص كيرلس الاورشليمي وذهبي الفم وسقراط وسوزمين بتنفي الرأي دا.. والمراجع بتاعت كلامهم دا في الصورة..

طب يعني في الاخر انا اعمل ايه؟

* الكنيسة المسيح اودع فيها سلطانه بإن اللي تحله يتحل واللي تربطه يتربط، بمعنى أصح اللي الكنيسة تقوله احنا كأرثوذكس نعمله ونقول آمين، لإن للكنيسة مجتمعة سلطان إلهي.. فطالما الكنيسة قالت الصوم ٨ أسابيع يبقى ٨ أسابيع، وأي دراسات للاصول التاريخية متنفيش رأي الكنيسة ولا تعدل عليه..

(اعتمدت بشكل أساسي على كتاب: صوم نينوى والصوم المقدس الكبير، للاب اثناسيوس المقاري)..