أَيُّهَا الرَّبُّ الْعَارِفُ قُلُوبَ الْجَمِيعِ. (أع1: 24)،
أَنْتَ عَرَفْتَ جُلُوسِي وَقِيَامِي. فَهِمْتَ
فِكْرِي مِنْ بَعِيدٍ. 3مَسْلَكِي وَمَرْبَضِي ذَرَّيْتَ وَكُلَّ طُرُقِي
عَرَفْتَ. (مز139: 2- 3).
فَلا تَسْمَعْ لِكَلامِ ذَلِكَ النَّبِيِّ أَوِ الحَالِمِ ذَلِكَ الحُلمَ لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ يَمْتَحِنُكُمْ لِيَعْلمَ هَل تُحِبُّونَ الرَّبَّ إِلهَكُمْ مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَنْفُسِكُمْ. (تث13: 3)،
وَتَتَذَكَّرُ كُل الطَّرِيقِ التِي فِيهَا سَارَ بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ هَذِهِ الأَرْبَعِينَ سَنَةً فِي القَفْرِ لِيُذِلكَ وَيُجَرِّبَكَ لِيَعْرِفَ مَا فِي قَلبِكَ أَتَحْفَظُ وَصَايَاهُ أَمْ لا؟ (تث8: 2)،
فَقَالَ: «لاَ تَمُدَّ يَدَكَ إِلَى الْغُلاَمِ
وَلاَ تَفْعَلْ بِهِ شَيْئاً لأَنِّي الْآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ
فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي». (تك 22: 12).
فهل الله يعرف قلوب الرجال ام
يحتاج ان يجربهم ليعرف؟
لا توجد آية واحدة في الكتاب
المقدس تنفي علم الله بكل شيء. ولكن هناك نصوص كتابية يبتغي الكاتب الموحي إليه أن
يوصل شيئاً خاص بالله من خلالها، فلعجز اللغة البشرية في التعبير عن الله فهو
يستخدم تعبيرات بشرية ويُنسبها إلي الله، مثل: يتذكر ويعلم ويفتكر وقلب الله وحزن
وغضب …. وما إلي ذلك. والمُراد من تلك النصوص لا أن تُفيدنا بأن لله جسم بل أن
تُعطينا فكرة عن عمل إلهي مُحدد كان يُحتم إستخدام هذه الصيغ التي لا تنطبق مع
الطبيعة الإلهية -وكل طفل صغير يُمكنه ملاحظة ذلك- لكي يصير هدف ورسالة النص
مفهومةٌ من العامة.
فالله كان يعلم ما في قلب إبراهيم وما في قلب بني إسرائيل،
بل وجميع قلوب البشر والمُستقبل حاضر أمامه، إذ ليس الله خاضعاً لزمن. لكن هذه
النصوص كُتِبت من أجلنا لا من أجل الله، كما يقول ق. بولس خاصة عن تجربة إبراهيم: لِذَلِكَ أَيْضاً حُسِبَ لَهُ بِرّاً. 23وَلَكِنْ لَمْ يُكْتَبْ مِنْ
أَجْلِهِ وَحْدَهُ أَنَّهُ حُسِبَ لَهُ 24بَلْ مِنْ أَجْلِنَا نَحْنُ
أَيْضاً الَّذِينَ سَيُحْسَبُ لَنَا الَّذِينَ نُؤْمِنُ بِمَنْ أَقَامَ يَسُوعَ
رَبَّنَا مِنَ الأَمْوَاتِ. (رو4: 22- 24)، فالله يُريد هُنا أن يُعطينا مثالاً في
إيمان إبراهيم وفي عدم إيمان بني إسرائيل لكي نعرف نحن ما هي نتيجة كلا الطريقين.
وللإيضاح نقول مثلاً إن أستاذ
الكيمياء، يشرح حقيقة علمية لتلاميذه يقول لهم: دعوني أمزج هذا الحامض بهذه المادة
لنرى ماذا تكون النتيجة، وهو يعرف مقدماً نتيجة المزج المزمع عمله. هكذا الحال
عندما يرسل الله التجارب إلى الإنسان، فهو يقصد بها امتحاناً ليس هو نفسه في حاجة
إليه. ولكنه يقصد خير الإنسان نفسه وتبرير طرق معاملاته للناس[1].
ولنضرب مثلاً آخر للتوضيح فنقول إن
مدرِّساً للرياضيات يقول لتلاميذه: دعونا نجد الجذر التربيعي للرقم 49، وبعد أن
يبرهنه يقول الآن علمنا أنه 7. لقد كان المدرِّس يعلم الجذر التربيعي للرقم 49،
ولكنه أراد لتلاميذه أن يدركوا هذا بالبرهنة والإثبات[2].
ويُعلق أغسطينوس قائلاً: على كل الأحوال لا يمكن أن يفهم
القول... بأي معنى سوى هذا، إنَّكم بواسطته تُعرفون، ويكون ذلك شهادة لكم عن
تقدُّمكم في محبَّته[3]. هذا
يعني أنَّه يجعلنا أنَّنا نحن نعرف[4].
أنَّها تعني أنَّه يجعلنا "نعلم". مرة أخرى في العبارة: "قم يا
رب" (مز 3: 7) تعني اجعلنا أن نقوم، هكذا عندما يُقال أن الابن لا يعلم هذا
اليوم، ليس لأنَّه يجهله، وإنَّما لا يجعل الذين لا يعرفونه بعد يعرفوه ولا يظهره
لهم[5].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق