لا يحتوي الكتاب المقدس على أي تسميات للسنوات، مثل عام
2008 م. لماذا؟ لأن نظام حساب السنوات المستخدم اليوم لم يتطور حتى عام 500 م، ثمّ
لم ينتشر إلَّا بعد مائة عام من ذلك. كان الشخص الذي طوَّر نظام الميلاد هو
ديونيسيوس إكسيجوس Dionysius Exiguus (470-544)،
لكن، لماذا شعر بضرورة إنشاء نظام الميلاد لاحقًا؟
في حين أنّ الكتاب المقدس لا يحتوي على نظام لحساب
السنوات، إلَّا أنّه يستخدم طريقة قديمة لتتبع السنوات. تُعرف هذه الطريقة باسم
"النظام الملكي" وتستند إلى الإشارة إلى حدث خلال حكم الحاكم. على سبيل
المثال: "حدث كذا وكذا في السنة الخامسة من حكم الملك (فلان)". مثال
رائع على ذلك في لوقا 3: 1-2؛ في هذه المقاطع، يحاول لوقا أن يخبرنا متّى
"جاءت كلمة الله إلى يوحنا [المعمدان] ابن زكريا في البرية". يصف لوقا
هذا الحدث في عهد كثير من الناس:
"وَفِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ عَشْرَةَ مِنْ
سَلْطَنَةِ طِيبَارِيُوسَ قَيْصَرَ، إِذْ كَانَ بِيلاَطُسُ الْبُنْطِيُّ وَالِيًا
عَلَى الْيَهُودِيَّةِ، وَهِيرُودُسُ رَئِيسَ رُبْعٍ عَلَى الْجَلِيلِ،
وَفِيلُبُّسُ أَخُوهُ رَئِيسَ رُبْعٍ عَلَى إِيطُورِيَّةَ وَكُورَةِ
تَرَاخُونِيتِسَ، وَلِيسَانِيُوسُ رَئِيسَ رُبْعٍ عَلَى الأَبِلِيَّةِ، 2 فِي
أَيَّامِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ حَنَّانَ وَقَيَافَا، كَانَتْ كَلِمَةُ اللهِ عَلَى
يُوحَنَّا بْنِ زَكَرِيَّا فِي الْبَرِّيَّةِ".
لوقا
محدد للغاية لأنّه يؤرِّخ لدعوة يوحنا في عهد سبعة أشخاص مختلفين. كان هذا النظام
يعمل بشكل جيّد طالما كان الناس يعرفون متى حكم الحكام، ولكن مع مرور الوقت وبدأ
الناس في نسيان هؤلاء الحكام، نسوا أيضًا تواريخ حكمهم.
الآن
إلى ديونيسيوس. كان ديونيسيوس راهبًا ساعد في تتبع يوم الاحتفال بعيد الفصح. (وهو
أمر صعب عندما لا يكون لديك تقويم منتظم.) في جميع حساباته، قرر التغيير من النظام
الملكي إلى نظام حساب السنوات بناءً على ميلاد يسوع. وهكذا بدأ ديونيسيوس تقويمه
بـ Anno Domini
("في عام الرب").
بدأ
لأوَّل مرة في استخدام هذا النظام في عام 525 م. (هذا يعني أنك لن تجد أبدًا أي
تواريخ باستخدام النظام الميلاديّ قبل عام 525. بعبارة أخرى، لم يدرك الأشخاص
الذين يعيشون في عام 524 أنهم يعيشون في ذلك العام.)
كان
نظام ديونيسيوس نظريًّا في ذلك الوقت ولم يكن له جاذبية واسعة. ولكن في أوائل
القرن الثامن، كتب رجل يُدعى "بيدي Venerable Bede"
كتاب تاريخ استخدم فيه نظام ديونيسيوس، وسرعان ما أصبح نظام التأريخ هذا مقبولاً
على نطاق واسع.
الآن،
فيما يتعلق بيسوع: قرَّر ديونيسيوس أن يبدأ التقويم بتسمية ميلاد يسوع "السنة
1". ولكن مع تطوُّر علم الآثار في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، بدأ
العلماء في تحديد تاريخ الأشخاص والأحداث في الماضي البعيد بدقة أكبر. وخلصوا إلى
أنّ الملك هيرودس الكبير توفيَّ في عام 4 قبل الميلاد. لذلك، بما أنّ هيرودس كان
على قيد الحياة عندما وُلِد يسوع، فقد دفع هذا تاريخ ميلاد يسوع إلى 4 قبل الميلاد
على الأقل (أو ربّما قبل ذلك ببضعة أعوام). لذلك يقول العلماء أن يسوع ولد في عام
4 قبل الميلاد (ويقول البعض 5 أو 6 أو حتّى 7 قبل الميلاد) لأنّ ديونيسيوس أخطأ في
ذلك بأربع سنوات على الأقل. وهذا ليس بالأمر السيئ، بالنظر إلى أنه ابتكر النظام
في العصور المظلمة.
وبسبب
السنوات الكبيسة، فقد تمّ تأسيس طريقة لتتبع السنوات، ولكن أصبح من الضروري إجراء
بعض التعديلات على طول السنة. التقويم الذي استخدمه ديونيسيوس يُعرف بالتقويم
اليولياني ويتكوَّن من ثلاث سنوات من 365 يومًا، ثم سنة واحدة من 366 يومًا، والتي
نعرفها بالسنة الكبيسة.
المشكلة:
يفترض التقويم اليولياني أنّ كل عام يتكوَّن من 365.25 يومًا، لكنه في الواقع
يتكون من 365.2425 يومًا، أي أقصر قليلًا. لذا إذا أضفت يومًا كل أربع سنوات، فهذا
لن يكون دقيقًا تمامًا.
بحلول
القرن السادس عشر، أصبح من الواضح أن هُناك أيامًا كثيرة قد أضيفت. لذلك، قرر
البابا جريجوري الثالث عشر Pope Gregory XIII
أن اليوم التالي لـ 4 أكتوبر 1582 سيكون 15 أكتوبر 1582. وللتأكد
من عدم حدوث هذا الخطأ مرة أخرى، قاموا بتعديل قاعدة السنة الكبيسة. لم يعد يُضاف
يوم إضافي تلقائيًا إلى كل عام رابع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق