السبت، 14 يونيو 2025

الامبراطور قسطنطين

 


الامبراطور قسطنطين[1]
 
الإمبراطور قسطنطين الأول، المعروف باسم قسطنطين العظيم، حكم الإمبراطورية الرومانية من سنة 306م لحد 337م. قبلها، كان الإمبراطور دقلديانوس (284-305م) شايف إن الإمبراطورية كبيرة جدًا على إن شخص واحد يحكمها بكفاءة، فقرر يقسمها لنصفين ويديرها بنظام اسمه "التتراركية tetrachy" أو حكم الأربعة. دقلديانوس كان بيحكم الشرق من نيقوميديا كـ"أوغسطس"، ومعاه غاليريوس كـ"قيصر"، بينما الغرب كان بيحكمه ماكسيميان وقسطنطيوس كلوروس، اللي هو والد قسطنطين.

قسطنطين، ابن قسطنطيوس، دخل في صراعات كتير ضد المنافسين على العرش، لحد ما قدر يهزمهم كلهم ويوحد الإمبراطورية تاني. وبعد ما نجح في السيطرة، قرر ينقل العاصمة من روما القديمة ويبني عاصمة جديدة في الشرق، اللي بعد كده سُمِّيت باسمه: القسطنطينية.

بدايات حياة قسطنطين

المصادر بتختلف في تحديد سنة ميلاد قسطنطين (جايوس فلافيوس فاليريوس قسطنطينوس Gaius Flavis Valerius Constantinus)، لكن الأرجح إنه اتولد في نايسوس اللي هي في صربيا حالياً، ما بين سنة 272م و285م. والده ماكنش مجرد قائد عسكري، لكنه كان قيصر الغرب، وده خلا قسطنطين يعيش طفولته وشبابه في البلاط الإمبراطوري، لحد ما بقى ضابط كبير في جيش الإمبراطور دقلديانوس.

من وهو صغير، اللي حواليه كانوا شايفينه شخص مليان طاقة ونشاط بلا حدود. اتعلم تحت إشراف الإمبراطور إن دور الحاكم مش بس حماية الإمبراطورية من أي تهديد خارجي، لكن كمان إنه ينشئ مجتمع عادل ومنظم—مبدأ طبقه فعلاً لما مسك الحكم بنفسه.

في مايو سنة 305م، تنازل الإمبراطوران دقلديانوس وماكسيميان عن العرش، فانتقل الحكم في الشرق لجاليريوس ومعاه مكسيمينوس دايا كـ"قيصر"، وفي الغرب لقسطنطيوس ومعاه فلافيوس فاليريوس سيرفيوس كـ"قيصر". المشكلة إن التعيينات دي ماعجبتش ناس كتير، خصوصًا ماكسينتيوس ابن ماكسيميان، وقسطنطين، لأن كل واحد فيهم كان شايف إنه الأحق بلقب "قيصر".

الإحساس بالخيانة ده ماكنش مجرد غضب مؤقت، لكنه كان بداية لسلسلة من الصراعات الطويلة على حكم الإمبراطورية كلها. وبعد تنازل دقلديانوس، حاول جاليريوس يرضي قسطنطين وسمح له يرجع للغرب سنة 306م عشان يخدم تحت قيادة والده. وقبل ما والده يموت بسبب **لوكيميا- سرطان الدم** (وده سبب لقبه "الشاحب") في يوليو 306م بمدينة يورك، قسطنطين شارك في حملات عسكرية مع والده في بريطانيا ضد البيكتس. في الحملة دي، قدر يكسب لقب **"بريتانكوس ماكسيموس"** للمرة التانية.[2]

بعد وفاة والده، استمر قسطنطين في بناء سمعته كقائد سريع وحاسم، وفي سنة 307م شن هجومًا على **الفرنجة**. في المعركة دي، أظهر قسوته لما رمى **اتنين من ملوك الفرنجة** للوحوش في المدرج بمدينة **ترير**، لكن في نفس الوقت كان عنده جانب متسامح، زي لما أمر بإرجاع أملاك الكنيسة اللي كانت مصادرة قبل كده.

بالتدريج، كسب احترام الجيش وأثبت لجنوده، حتى الكبار والأكثر خبرة، إنهم يقدروا يعتمدوا عليه كقائد قوي وحكيم.

بعد وفاة قسطنطيوس والانتصارات اللي حققها في بريطانيا، الناس كانت متوقعة إن قسطنطين يكون الإمبراطور الجديد للغرب، لكن اللي حصل إن **سيفيروس** (القيصر وصديق جاليريوس المقرب) هو اللي اتعين في المنصب، رغم إن فيه كلام إن قسطنطيوس قبل وفاته كان سمّى ابنه "أوغسطس". بغض النظر عن القرار الرسمي، جيش قسطنطين أعلنوه **أوغسطس** بنفسهم، لكن **جاليريوس رفض يعترف بيه** وقرر يعين نفسه قيصر بدلًا منه.

في نفس الوقت، ماكسينتيوس، اللي كان أصلاً مستبعد سنة 305م، تجاهل جاليريوس وقسطنطين وأعلن نفسه أوغسطس في أكتوبر 307م، ومع دعم شعب روما والحرس الإمبراطوري، سيطر على صقلية، كورسيكا، سردينيا، وأجزاء من شمال إفريقيا. بعد فترة، بقى فيه ستة أشخاص بيطالبوا بحكم الغرب!

بسبب علاقته القوية بجاليريوس، سيفيروس ماكنش محل ثقة عند لا قسطنطين ولا ماكسينتيوس، فقرروا يتحدوا ضده بمساعدة ماكسيميان (الإمبراطور السابق)، وتحالفوا مع بعض لمواجهته. لكن سوء حظ سيفيروس إنه كان مكلف بوقف ماكسينتيوس، فجيشه خانه وتركه بعدما ماكسينتيوس رشاهم بالفلوس! فاضطر يهرب لمدينة رافينا، لكن تم القبض عليه وقتله خارج روما.

وفاته دفعت جاليريوس يحاول يغزو الغرب بجيش، لكنه فشل. وبعدها، في سنة 308م، تشكّلت تتراركية جديدة بنصيحة دقلديانوس، وتم تعيين ليسينيوس (ضابط إيليري وصديق جاليريوس) كأوغسطس جديد، بينما احتفظ قسطنطين بمكانه كقيصر. ولزيادة الفوضى، ماكسيميان، اللي كان مستقر في بلاط قسطنطين كمستشار، خرج من التقاعد سنة 310م وأعلن نفسه أوغسطس، وادعى إن قسطنطين مات!

لكن الحقيقة إن قسطنطين كان مشغول بيحارب الفرنجة assistance،[3] ولما عرف بأمر ماكسيميان، طارده لحد مارسيليا، لكن أهل المدينة رفضوا مساعدته، فاضطر ينتحر ويشنق نفسه بعد ما فقد الأمل.

في الوقت ده، كان حكم ماكسينتيوس في روما بدأ ينهار. شعبيته تراجعت بسبب الضرائب الثقيلة اللي فرضها على أهل المدينة عشان يبني كنيسة جديدة وتمثال ضخم لنفسه. استهتاره بالشعب تسبب في سلسلة من الثورات، انتهت بمذبحة راح ضحيتها آلاف الرومان.

قسطنطين كان بيراقب كل ده بهدوء، مستني الفرصة المناسبة، ولما شاف إن الإمبراطورية في الغرب بدأت تنهار من نفسها، جمع جيش قوامه 40 ألف جندي، وعبر جبال الألب، وبدأ غزو إيطاليا.

قسطنطين يصبح إمبراطورًا

بسبب قلة الدعم اللي عنده في روما، ماكسينتيوس خرج لمواجهة قسطنطين في معركة حاسمة عند جسر ميلفيان سنة 312م. في الليلة اللي سبقت المعركة، قسطنطين شاف صليب من نور في السماء، وتحته كانت مكتوبة عبارة باللاتينية: *In Hoc Signo Vinces*، اللي معناها "بهذا الرمز انتصر". 

في نفس الليلة، شاف حلم ظهر له فيه المسيح، وقال له إنه لازم يحمل رمز الصليب في المعركة. تاني يوم، استبدل الرايات القديمة برايات جديدة تحمل الرمز المسيحي. 

رغم إنه كان جيشه أقل عددًا، قدر قسطنطين ينتصر بسهولة على ماكسينتيوس، اللي حاول يهرب راجعًا لروما، لكنه سقط في النهر وغرق قبل ما يوصل، وتم العثور على جثته اليوم التالي وسط آلاف القتلى. 

إيمان قسطنطين بالمسيحية كان نقطة تحول تاريخية، حيث أصبح لأول مرة فيه ارتباط واضح بين الكنيسة والدولة. بعدها، استلم السيطرة الكاملة على الغرب، وأول حاجة عملها بعد دخوله روما كانت إصدار مرسوم ميلان، اللي كان بمثابة إعلان التسامح الديني لكل الأديان، وشارك في توقيعه لاحقًا ليسينيوس. 

أما في الشرق، فكان جاليريوس هو الإمبراطور ومعاه مكسيمينوس دايا كقيصر. لكن جاليريوس مات بسبب السرطان، وبعد موته، مكسيمينوس وليسينيوس بدأوا الصراع للسيطرة على الشرق، واتفقوا في البداية على تقسيم المنطقة بينهم، فحصل ليسينيوس على البلقان، بينما مكسيمينوس سيطر على آسيا الصغرى والمقاطعات الشرقية. 

لكن الاتفاق ده ماستمرش، وسنة 313م تقابلوا في سهل "تراقيا" في معركة قوية. زي ما عمل قسطنطين في جسر ميلفيان، ليسينيوس حارب تحت راية الصليب، لكن مش بسبب إيمانه، بل فقط لكسب دعم المسيحيين، لأنه كان بيواجه مكسيمينوس اللي وعد بالقضاء على المسيحيين تمامًا! 

رغم قلة عدد جيش ليسينيوس، إلا إنه انتصر، وبعدها انتحر مكسيمينوس، فاستولى ليسينيوس بالكامل على الشرق. 

وبعد ما ثبت حكمه، أعدم أبناء جاليريوس وسيفيروس، وكمان عائلة مكسيمينوس وحتى ابنة دقلديانوس، عشان يضمن إنه مفيش حد ينافسه على العرش!

كان فيه هدنة غير مستقرة بين ليسينيوس وقسطنطين، وده جزئيًا بسبب زواج ليسينيوس من كونستانتيا، أخت قسطنطين غير الشقيقة. في أول مواجهة بينهم في أكتوبر 316م، قسطنطين انتصر عليه في معركة سيبالا، وبعدها حصلت معركة تانية جنب هادريانوبوليس، اللي انتهت بتنازل ليسينيوس عن أراضٍ في البلقان لصالح قسطنطين.

لكن خلال السنوات اللي بعد كده، ليسینيوس بدأ يغير موقفه تجاه المسيحيين، وبدأ في إعدام بعضهم وتدمير عدد من الكنائس، وده خلّى قسطنطين يجهز جيشه من جديد لمواجهته، وانتهت المعركة التانية عند هادريانوبوليس بانتصار قسطنطين مرة أخرى، لكن ليسينيوس قدر يهرب من أرض المعركة باتجاه مضيق البوسفور.

في سبتمبر 324م، حصلت المعركة الحاسمة عند كريسوبوليس، ودي كانت النهاية لليسینيوس، اللي استسلم لقسطنطين. حاول يطلب العفو ويعيش حياته كمواطن عادي، وبالفعل قسطنطين وافق مبدئيًا، لكنه رجع في كلامه بعد فترة، وأمر بإعدام ليسينيوس سنة 325م، وحتى ابنه اللي كان عمره تسع سنين اتقتل.

بانتصار قسطنطين، اتوحدت الإمبراطورية الرومانية بالكامل من جديد.

قسطنطين والمسيحية 

خلال سنوات حروبه في الغرب، كان دايمًا بيظهر تسامح ديني مع الوثنيين والمسيحيين معًا، وكان بيقول إنه بقى مسيحي من سنة 312م. والدته هيلينا كانت مسيحية متدينة، وبعد ما أصبح إمبراطور، بعتها في رحلة حج للأراضي المقدسة، وهناك بنت كنيسة المهد في بيت لحم. رغم إنه كان بيعبد إله الشمس في شبابه، وبعض المصادر بتقول إنه مات قبل ما يتعمد، إلا إنه كان بيظهر بشكل واضح إنه مسيحي ملتزم. بعض المؤرخين بينسبوا له إنه جعل المسيحية الدين الرسمي للإمبراطورية، رغم إن فيه مؤرخين تانيين بينسبوا الفضل للإمبراطور ثيودوسيوس، خصوصًا إن عملاته كانت عليها رموز وثنية زي سول إنفيكتوس والمريخ. لكنه في نفس الوقت فرض قيود على بعض الطقوس الوثنية، زي منع الذبائح الوثنية، مصادرة كنوز المعابد، إلغاء مسابقات المصارعة، منع الصلب، وتشريع قوانين ضد الفساد الأخلاقي والبغاء الطقسي. 
في سنة 325م، دعا قسطنطين رجال الدين من كل أنحاء الإمبراطورية لحضور مجمع نيقية، وطلب منهم توحيد الصفوف. المجمع انتهى بإدانة تعاليم أريوس وخرج منه قانون الإيمان النيقاوي، اللي حدّد تعريف المسيحية بشكل رسمي. 

بعدها بسنة، في 326م، تعرض قسطنطين لاختبار صعب في إيمانه، لما أمر بإعدام ابنه كريسبوس من زوجته الأولى مينرفينا بعد اتهامه ظلمًا بالزنا. حسب بعض المصادر، زوجته الثانية فاوستا كانت السبب في الاتهامات، لأنها كانت بتحب كريسبوس لكنه رفضها، فقررت تتهمه زورًا. ولما اتضح إنه بريء، فاوستا انتحرت، وقسطنطين ندم على اللي حصل باقي حياته.
 



[2] لقب Britannicus Maximus كان يُمنح للإمبراطور الروماني الذي حقق انتصارات كبيرة في بريطانيا. كلمة Britannicus تعني "منتصر في بريطانيا"، بينما Maximus تعني "الأعظم"، مما يجعل المعنى الكامل هو "أعظم المنتصرين في بريطانيا". هذا اللقب كان يُستخدم لتكريم القادة الذين قادوا حملات ناجحة ضد القبائل البريطانية

[3] الفرنجة كانوا مجموعة قبائل جرمانية غربية شكلت تحالفًا قويًا في العصور القديمة. ظهروا لأول مرة في التاريخ حوالي 260م عندما غزوا مناطق الإمبراطورية الرومانية عبر نهر الراين.

كان التحالف مكوّنًا من عدة قبائل، منها الساليون، السيكامبريون، التشامافيون، التشاتيون، البروكتريون، واليوسيبيتس. استقروا في شمال بلاد الغال (اللي هي فرنسا حاليًا وأجزاء من غرب ألمانيا)، وأسسوا إمارة شبه مستقلة هناك. لاحقًا، أصبحوا القوة المسيطرة في المنطقة، وأدى ذلك إلى ظهور السلالة الميروفنجية في القرن الخامس الميلادي، اللي كانت بداية لتأسيس مملكة الفرنجة، اللي تطورت لاحقًا إلى الإمبراطورية الكارولنجية تحت حكم شارلمان.

اسم فرنسا الحديثة مأخوذ من هذه القبائل، لأنهم كانوا القوة الأساسية اللي شكلت هويتها السياسية والتاريخية.


الخميس، 12 يونيو 2025

مجمع نيقية الاول (3)- قوانين مجمع نيقية

 



قوانين مجمع نيقية الأول:
 
1.    إذا كان أحد المرضى قد خضع لعملية جراحية على يد الأطباء أو تعرض للخصي على يد البرابرة، فليظل ضمن الإكليروس. أما إذا كان أحد الأصحاء قد خصى نفسه، فإذا كان منضمًا للإكليروس فليتم إيقافه، ولا يجوز ترقية مثل هذا الشخص مستقبلاً. ومع ذلك، فإن من تعرض للخصي بغير إرادته—سواء على يد البرابرة أو أسيادهم—وكان مستحقًا، يجوز قبوله ضمن الإكليروس.


2.    نظرًا لتكرار الانتهاكات للقوانين الكنسية، حيث تم قبول رجال قادمون حديثًا من الوثنية إلى الإيمان بعد فترة قصيرة من التعليم المسيحي، وتعميدهم فورًا بل وترقيتهم إلى درجة الأسقفية أو الكهنوت، فقد تقرر أنه لا يجوز حدوث ذلك مستقبلاً. فالموعوظ يحتاج إلى فترة اختبار بعد المعمودية، كما هو واضح من كلمات الرسول: "ليس حديث الإيمان، لئلا يتضخم ويسقط في الدينونة وفخ إبليس." وإذا تم اكتشاف خطية أخلاقية بعد فترة من الزمن وثبتت بشهادة اثنين أو ثلاثة شهود، فإنه يتم إيقاف الشخص عن الخدمة الكهنوتية. ومن يخالف هذه القوانين يكون معرضًا لفقدان رتبته الكهنوتية.


3.    يحظر المجمع منعًا باتًا على الأساقفة أو الكهنة أو الشمامسة أو أي فرد من الإكليروس أن يحتفظ بامرأة للسكن معه، إلا إذا كانت أمه أو أخته أو عمته أو أي امرأة ليست محل شك.


4.    من الأفضل أن يتم تعيين الأسقف من قِبل جميع أساقفة الإقليم، ولكن إذا كان ذلك صعبًا بسبب الحاجة الملحة أو بعد المسافة، فليجتمع على الأقل ثلاثة أساقفة لإتمام السيامة، بشرط أن يكون للأساقفة الغائبين حق التصويت بالمراسلة والموافقة الكتابية. لكن يبقى للمطران حق التصديق النهائي على الإجراءات داخل كل إقليم.


5.    بالنسبة لمن تم حرمانهم كنسيًا—سواء من الإكليروس أو العلمانيين—يجب احترام العقوبة المفروضة عليهم وفقًا للقوانين الكنسية، ولا يجوز لأسقف أن يقبل شخصًا تم طرده من قبل أسقف آخر. ومع ذلك، ينبغي التحقيق للتأكد مما إذا كان الشخص قد تعرض للحرمان بسبب نزاعات أو تعسف الأسقف. لذا يُوصَى بعقد مجامع إقليمية مرتين سنويًا، قبل الصوم الكبير وبعد موسم الخريف، ليجتمع جميع الأساقفة ويقرروا ما إذا كان الحرمان مستحقًا أو ينبغي تخفيفه.


6.    يُحافَظ على العادات القديمة الخاصة بمصر وليبيا والبنتابوليس، حيث يبقى للأسقف السكندري السلطة الكنسية على هذه المناطق، كما هو الحال بالنسبة لأسقف روما. وكذلك في أنطاكية وبقية الأقاليم تُحفظ امتيازات الكنائس. ويقرر المجمع أنه إذا تم تعيين أسقف بدون موافقة المطران، فلا يُعتَبر أسقفًا شرعيًا. أما إذا اعترض اثنان أو ثلاثة بدافع منافسة شخصية على تعيين تم بأغلبية الأصوات ووفقًا للقانون الكنسي، فيجب أن يُؤخذ برأي الأغلبية.


7.    يُحترم التقليد القديم الذي يمنح أسقف إيليا التكريم اللائق، ويُسمَح له بالاحتفاظ بامتيازاته، مع حفظ كرامة المطرانية.


8.    أما بالنسبة لمن يُدعون "الطاهرين" الذين انضموا علنًا للكنيسة الكاثوليكية الرسولية، فقد قرر المجمع أنهم يمكن أن يظلوا ضمن الإكليروس بعد وضع اليد عليهم، بشرط أن يقدموا تعهدًا كتابيًا بقبول قرارات الكنيسة، بما في ذلك الشركة مع الذين تزوجوا ثانية، ومع الذين ارتدوا في زمن الاضطهاد وخضعوا لفترة توبة محددة. وإذا وجد الإكليروس في قرى أو مدن من أفراد هذه الفئة فقط، فليظلوا في رتبتهم الكهنوتية، ولكن في المدن التي تضم أسقفًا كاثوليكيًا، يجب أن يكون للأسقف الكاثوليكي مكانته، بينما يُمنَح الأسقف السابق لقب كاهن إلا إذا رأى الأسقف أنه يستحق الاحتفاظ بلقب الأسقف.


9.    إذا رُسِم أحد الكهنة دون فحص، ثم تبين بعد التحقيق اعترافه بخطايا جسيمة، وتم وضع اليد عليه رغم ذلك ضد القانون، فلا يجوز قبوله ضمن الإكليروس لأن الكنيسة لا تعترف إلا بمن هم بلا عيب.


10.   أما من نال السيامة عن جهل من قبل رعاته أو بتواطؤ منهم، فهذا لا يُبطِل القوانين الكنسية، فإذا ثبت الأمر يُعزل الشخص من منصبه.


11.  من انتهكوا القوانين دون حاجة، كما حدث تحت اضطهاد ليسينيوس، فلا يستحقون الرحمة، ولكن المجمع قرر معاملتهم برأفة. فمن تاب منهم يقضي ثلاث سنوات بين السامعين، ثم سبع سنوات في وضع الساجدين، وأخيرًا سنتين في المشاركة في الصلاة مع الشعب دون الاشتراك في الذبيحة.


12.  الذين ارتدّوا عن الإيمان بعد التخلي عن الجندية، ثم عادوا إليها ودفعوا رشاوى لاستعادة رتبهم العسكرية، يقضون ثلاث سنوات سامعين، ثم عشر سنوات ساجدين، مع ضرورة فحص توبتهم للتأكد من صدقها قبل السماح لهم بالمشاركة في الصلاة.


13.  يُحتفظ بالقانون القديم القاضي بعدم حرمان المغادرين للحياة من آخر زاد لهم، أي الشركة المقدسة. أما إذا استرد أحد صحته بعد مناولته، فليشارك فقط في الصلاة دون الذبيحة حتى يُكمِل مدة التوبة التي حددها المجمع.


14.  بالنسبة للموعوظين الذين سقطوا، يجب أن يقضوا ثلاث سنوات في رتبة السامعين فقط، ثم يُسمَح لهم بعدها بالمشاركة في الصلاة مع بقية الموعوظين.


15. نظرًا للاضطرابات التي تسببها انتقالات رجال الإكليروس بين المدن، فقد قرر المجمع منع ذلك تمامًا. فبعد هذا القرار، أي شخص يحاول فعل ذلك يُلغى تعيينه ويُعاد إلى الكنيسة التي رسم فيها.


16.  أي كاهن أو شماس أو فرد من الإكليروس يغادر كنيسته دون سبب، لا يجوز استقباله في كنيسة أخرى، بل يجب إعادته إلى أبرشيته أو حرمانه إذا رفض. أما إذا قام أسقف بسيامة شخص من إكليروس كنيسة أخرى دون موافقة أسقفه الأصلي، تكون السيامة لاغية.


17.  نظرًا لأن بعض المندرجين ضمن الإكليروس قد انجرفوا وراء الطمع والجشع، متناسين النص المقدس "الذي لا يُعطي فضته بالربا"، وبدأوا في فرض الفوائد على القروض بمقدار واحد في المئة شهريًا، فقد قرر هذا المجمع المقدس والعظيم أنه إذا ثبت أن أحدًا بعد هذا القرار يتلقى فوائد عن طريق عقد أو يتاجر بها بأي وسيلة أخرى أو يفرض نسبة ثابتة من الفائدة أو يُدبر أي حيلة أخرى بهدف الربح غير الشريف، فإنه يُعزل من الإكليروس ويُشطب اسمه من سجلاته.


18.   لقد تبيّن لهذا المجمع المقدس والعظيم أنه في بعض المدن والمواضع، صار الشمامسة يقدمون المناولة للكهنة، رغم أن الشريعة الكنسية والعرف لا يسمحان بذلك، إذ لا يجوز لمن ليس له سلطان على التقديس أن يُعطي جسد المسيح لمن له هذا السلطان. كما أصبح معروفًا أن بعض الشمامسة صاروا يتناولون الإفخارستيا قبل الأساقفة، وهذه الممارسات يجب أن تُمنع تمامًا. على الشمامسة أن يحفظوا مكانتهم، مدركين أنهم خدام الأسقف وتابعون للكهنة. وعليهم أن يتناولوا الإفخارستيا بحسب ترتيبهم بعد الكهنة من يد الأسقف أو الكاهن، كما لا يجوز أن يُسمح لهم بالجلوس بين الكهنة، لأن ذلك يخالف النظام الكنسي والرتب. ومن يرفض الامتثال لهذه الأوامر يُوقف عن خدمته الشماسية.


19.   بالنسبة إلى البوليانيين السابقين الذين يلجؤون إلى الكنيسة الكاثوليكية، فقد قرر المجمع أنهم يجب أن يُعاد تعميدهم بلا قيد أو شرط. أما من كانوا سابقًا في رتب الإكليروس، فإن ثبت أنهم بلا لوم ولا عيب، فليُعمدوا ويُساموا من قِبل أسقف الكنيسة الكاثوليكية، وإن ظهر بعد الفحص أنهم غير لائقين، فليُعزلوا. ينطبق هذا أيضًا على الشماسات وجميع من دُوّنت أسماؤهم في قوائم الإكليروس. ونؤكد هنا أن الشماسات اللواتي منحهن هذا اللقب لم يكن يتم وضع اليد عليهن، ولذلك فإنهن يُحسبن بالكامل ضمن صفوف العلمانيين.


20.  نظرًا لأن البعض يُصلّون وهم جاثون يوم الأحد وخلال فترة عيد العنصرة، فقد قرر هذا المجمع المقدس والعظيم أنه، من أجل الحفاظ على نفس الممارسات في جميع الأبرشيات، ينبغي أن يقدم الجميع صلواتهم واقفين أمام الرب.


مجمع نيقية الأول (2)

 



مجمع نيقية الأول:[1]
 
في سنة ٣٢٥ ميلادية، دعا الإمبراطور قسطنطين كل أساقفة الكنيسة للاجتماع في نيقية لتحديد العقيدة المسيحية بشكل رسمي. الهدف كان توحيد الكنيسة اللي كانت بتتعرض لانقسامات متزايدة، من خلال وضع مجموعة من المعتقدات اللي القادة يتفقوا عليها ويلتزموا بها.
الاجتماع ده، المعروف باسم مجمع نيقية الأول، انعقد بشكل خاص علشان يناقش قضية الأريوسية اللي بتقول إن الله خلق المسيح، وإن المسيح مش أزلي أو واحد مع الله. لأول مرة، قادة الكنيسة من كل مكان اجتمعوا علشان يعلنوا بشكل رسمي مين هو المسيح في علاقته بالله.

الأريوسية كانت بتنتشر بسرعة، حتى بين بعض قادة الكنيسة، واللي كانوا ضدها شايفين إن الخلاص نفسه كان على المحك—لو المسيحيين فهموا المسيح غلط، هل كانوا فعلاً بيؤمنوا به؟

الإمبراطور ليسينيوس (اللي كان بيحكم لحد سنة ٣٢٤ ميلادية) كان شايف إن الخلاف ده بلا معنى. لكن بحلول سنة ٣٢٥، بقى الجدال حول طبيعة المسيح بيهدد بتقسيم الكنيسة—وبالتالي تقسيم الإمبراطورية الرومانية اللي كانت لسه متجهة ناحية المسيحية.

قسطنطين نفسه مكنش مهتم بالنتائج اللاهوتية، المهم عنده كان إنهاء الانقسام، علشان كده دعا لانعقاد أول مجمع مسكوني—اجتماع كبير لقادة الكنيسة العالمية.

فيه ناس بتقول إن مجمع نيقية الأول اخترع مفهوم الثالوث المقدس، وإن البيان اللي خرج عنه مكنش بيعكس الإيمان الحقيقي للكنيسة في الوقت ده. صحيح إن كل الأساقفة كانوا مدعوين، لكن عدد قليل منهم حضر بالفعل (تقليديًا ٣١٨)، فإزاي القرارات اللي اتخذها المجمع كانت بتمثل الكنيسة كلها، خاصةً في فترة كان فيها انقسامات كبيرة؟ وكمان، بما إن الأساقفة كان لازم يمضوا على قانون الإيمان أو يتعرضوا للحرمان، هل كانوا فعلاً مقتنعين بيه، ولا كانوا بس بيحاولوا يحافظوا على منصبهم؟

مش بس كده، الكنيسة فضلت تناقش قرارات المجمع وحتى غيرت بعضها في القرون اللي بعده.
مجمع نيقية الأول كان ليه دور محوري في الكنيسة الأولى، وتأثيره المباشر على العقيدة المسيحية بيستمر لحد النهارده. المجمع خرج بـ قانون الإيمان النيقاوي، اللي لسه كنائس كتيرة حول العالم بتستخدمه كتصريح رسمي لإيمانها.
لكن إيه اللي تم الاتفاق عليه في المجمع؟ وإزاي اتخذت القرارات دي؟

ليه المجمع كان ضروري؟

الإمبراطور قسطنطين دعا للمجمع علشان يحسم الجدل حول الأريوسية، لكنها كانت مجرد جزء من انقسامات أعمق بدأت قبلها بسنين. الكنيسة كانت في صراع طويل حوالين طبيعة المسيح وعلاقته بالله، والمجمع كان فرصة كبيرة لوضع حد للجدل ده.
القصة أكبر من الأريوسية.

هل يسوع والله شخص واحد، ولا اثنين؟

قبل ظهور الأريوسية بحوالي قرن، الكنيسة تعاملت مع بدعة تانية متعلقة بهوية المسيح: السابيليانية. نسبةً لـ سابيليوس، الكاهن اللي كان بيدعمها، العقيدة دي كانت بتقول إن المسيح إلهي، لكنه مجرد تجلي لله مش كيان منفصل. الآب، الابن، والروح القدس كانوا ثلاثة أوجه لنفس الإله.
مافيش كتابات لسابيليوس وصلت لنا، وكل اللي نعرفه عن تعاليمه جاي من منتقديه اللي صنفوه على إنه مبتدع. في نفس الفترة، الكنيسة كانت بتواجه مشكلة مشابهة مع المودالية—وهي فكرة بتشبه السابيليانية لكنها بتؤكد إن الأقانيم مجرد أشكال مختلفة لنفس الكيان.
كمان ناس كتير بتستخدم تشبيهات علشان تشرح مفهوم الثالوث، زي الماء، البخار، والتلج—ثلاث أشكال مختلفة لنفس المادة. لكن لو ما وضحتش إنك بتتكلم عن ثلاث كيانات منفصلة، يبقى ده مودالية. الآب، الابن، والروح القدس مش مجرد أشكال مختلفة لنفس الإله، هم أشخاص متميزين لكن واحد في الجوهر.

لو عمرك حاولت تفهم اللي بيقوله الكتاب المقدس عن الثالوث أو شرحت لحد المفهوم ده، فأنت عارف إنه ممكن يكون مربك حتى النهارده.

بحلول القرن الرابع، كانت الكنيسة بشكل عام اتفقت إن العقائد دي بتسبب لبس في طبيعة المسيح وبتحدد علاقته بالله بشكل خاطئ.
لكن بعدها ظهر كاهن اسمه أريوس على الساحة.

"كان فيه وقت ماكنش الابن موجود"

في أوائل القرن الرابع، قام الأسقف بطرس السكندري بحرمان أريوس بسبب علاقته بأسقف اسمه ميليتيوس، واللي ممكن يكون هو اللي رسمه كاهن. (العلاقة دي هترجع تاني لاحقًا.) لكن خليفة بطرس، أخيلاس، أعاد أريوس للكنيسة، وبعد سنتين بس من حرمانه، بقى قائد ديني في أقدم كنيسة في الإسكندرية.

المؤرخ الكنسي سقراط القسطنطيني بيحكي إن الجدل حول الأريوسية بدأ لما أريوس سمع إسكندر السكندري (اللي بقى أسقف الإسكندرية بعد أخيلاس) وهو بيلقي عظة عن وحدة الثالوث المقدس.

أريوس اعتقد إن العظة دي كانت بتوحي بأن يسوع والله الآب مجرد وجهين لنفس الكيان، وده كان إحياء لعقيدة السابيليانية. فاعترض وقال:

"لو كان الآب قد أنجب الابن، فالمولود كان ليه بداية للوجود، ومن هنا واضح إن كان فيه وقت ماكنش الابن موجود. وبالتالي، لازم يكون الابن تكوّن من العدم."

 

المجامع قبل مجمع نيقية

تعاليم أريوس انتشرت بسرعة وكسبت تأييد عدد كبير من قادة الكنيسة. إسكندر السكندري دعا لمجمعين منفصلين مع الكهنة علشان يناقشوا الأريوسية، لكنهم مقدروش يوصلوا لاتفاق، وفي نفس الوقت شهرة أريوس كانت بتزيد.

سنة ٣٢٠ ميلادية، وقبل مجمع نيقية الأول بخمس سنوات، إسكندر دعا لمجمع أكبر، وهو سينودس لكل كنيسة الإسكندرية والكنيسة المجاورة في ماريوتيس. ٨٠ من القادة الكنسيين—ومنهم أثناسيوس السكندري اللي بقى خليفة إسكندر بعد كده—وقّعوا وثيقة بتعتبر الأريوسية بدعة.

أريوس موقّفش هنا—بالعكس، راح ينشر تعاليمه في أماكن تانية، وفضل يجذب مؤيدين، لدرجة إنه كسب دعم اتنين من الأساقفة.

الأريوسية كانت كسرت وحدة الكنيسة، لكن دلوقتي الوضع بقى أخطر، وكانت الكنيسة على وشك الانقسام بالكامل.

سنة ٣٢١ ميلادية، إسكندر السكندري كان وصل لحالة من اليأس، فقرر إنه يجمع مجمع لكل الكنيسة الرومانية (مش مجمع نيقية). أكتر من ١٠٠ قائد كنسي حضروا الاجتماع، وأريوس قدم حجته، لكنه مكنش بيتراجع—بالعكس، ضاف فكرة جديدة وهي إن الابن مش من نفس جوهر الآب—وده تقريبًا معناه إنه بيقول إن المسيح مش إله.

كلامه صدم المجمع، وقرروا حرمانه من الكنيسة مرة تانية.
 
حدود تدخلات الامبراطور
 
أريوس بدأ ينشر تعاليمه في فلسطين، ولقى دعم من أساقفة كتير، لكنه فضل يواجه معارضة من ألكسندر ومن ناس غيره. المشكلة كبرت لدرجة إن الإمبراطور ليسينيوس الأول (الإمبراطور قبل قسطنطين) بعت رسالة لألكسندر وأريوس يطلب منهم يهّدوا الأمور ويحلّوا مشاكلهم.

لكن الموضوع ما مشيش زي ما كان متوقع.

وبعض الأريوسيين بدأوا يلجأوا للعنف علشان يدافعوا عن معتقداتهم.

ألكسندر بعت رسائل لكل الأساقفة عشان يوضح موقفه من الأريوسية ويبيّن أخطاءها. في نفس الوقت، يوسابيوس اللي من نيقوميديا (مش هو يوسابيوس اللي من قيصرية) عقد مجلس لوحده علشان يراجع قضية أريوس والقرارات اللي اتخذت ضده، وفي النهاية قرروا يرجّعوه للكنيسة تاني.

ألكسندر كتب بيان للإيمان وجمع عليه توقيع أكتر من 250 أسقف كنسي.

أما قسطنطين، اللي بقى الإمبراطور، فبعت رسالة جديدة لألكسندر وأريوس يطلب منهم يهدّوا الوضع ويتعايشوا.

فألكسندر قرر يدعو لمجمع جديد (مش هو مجمع نيقية)، واللي أيد البيان بتاعه وقرر إن أريوس يفضل مرفوض من الكنيسة. وكمان أعلنوا إن أتباع ميليتيوس (الراجل اللي بسبب دعمه أريوس اتطرد في الأول) مش جزء حقيقي من الكنيسة.

أريوس كان زعلان جدًا، فراح اشتكى لقسطنطين مباشرة.

فقسطنطين قرر يدعوه علشان يعرض وجهة نظره قدام الكنيسة كلها في مدينة نيقية.

وبعت الدعوات... وهنا بدأ أول مجمع نيقية.

مين كان في المجمع؟

الإمبراطور قسطنطين دعا كل أساقفة الكنيسة لحضور المجمع. من بين الـ 1800 أسقف المنتشرين في أنحاء روما، عدد قليل بس اللي قدر يسافر لنيقية، لكن ماحدش يعرف العدد بالضبط.

يوسابيوس من قيصرية، أثناسيوس من الإسكندرية، وإيوستاثيوس من أنطاكية حضروا المجمع، وكل واحد منهم سجّل عدد مختلف للأساقفة اللي كانوا موجودين. بعدين، المؤرخين الكنسيين استخدموا العدد اللي أثناسيوس ذكره—318—لأنه كان الأدق.

مش كل اللي حضروا المجمع كانوا أساقفة. قسطنطين سمح لكل أسقف إنه يجيب معاه كاهنين وثلاث شمامسة، فباستخدام عدد أثناسيوس، ممكن يكون العدد الإجمالي حوالي 1908 قائد كنسي، بالإضافة لقسطنطين واللي كانوا معاه.

أهم الشخصيات في مجمع نيقية الأول أكيد كان فيه مئات القادة المهمين في المجمع، لكن بعضهم كان ليه دور أكبر من غيره. دول أهم الأسماء:

ألكسندر من الإسكندرية: (المعروف كمان باسم القديس ألكسندر الأول) كان قائد المعارضة ضد الأريوسية. قبل المجمع، قضى سنين يحاول يثبت إن تعاليم أريوس هرطقية وبتضر الكنيسة. حتى إنه رسمياً حرمه، لكن قادة كنسيين تانين رجّعوه. الصراع بين ألكسندر وأريوس هو اللي أدى في النهاية لإنشاء المجمع.

أريوس: كان كاهن في الإسكندرية وتعاليمه عن المسيح هي اللي أدت لتكوين المجمع. كان بيقول إن المسيح مخلوق من الله، وبالتالي مش مساوٍ له. المجمع حكم إن تعاليمه هرطقية وخطيرة، ونفوه إلى إيليريا مع الاتنين اللي كانوا مؤيدين ليه. بعد المجمع، اتحرقت كل كتاباته، فإحنا عرفنا أفكاره بس من خلال اللي كتبوا عنه.

أثناسيوس من الإسكندرية: كان شماس ومساعد لألكسندر من الإسكندرية. بعد المجمع، بقى رئيس أساقفة الإسكندرية وقضى أغلب حياته في محاولة إنهاء الأريوسية بالكامل.

هوسيوس من قرطبة: (المعروف كمان باسم أوسيوس) كان أسقف مؤثر وداعم لمفهوم "هوموأوسيون"، اللي بيقول إن المسيح "واحد في الجوهر" و"من نفس الطبيعة" مع الله. فضّل يدعم أثناسيوس بعد المجمع لسنين، لكن في النهاية اتنفى بسبب موقفه. (بقرارات مجمع لاحق حكم ضد قادة مجمع نيقية).

يوسابيوس من قيصرية: المعروف باسم "أبو تاريخ الكنسي"، كان حاضر في المجمع وشاف إن الكنيسة كانت قاسية جدًا على أريوس. ورغم إنه ماكانش مؤيد لتعاليمه، كان قلقان من الانقسامات اللي بتحصل بين قادة الكنيسة. وفي النهاية، اتنفى لأنه كان متعاطف بزيادة مع قضية أريوس. وسجّل تفاصيل المجمع في كتابه حياة قسطنطين.

قسطنطين الكبير: (المعروف كمان باسم فلافيوس فاليريوس أوريليوس قسطنطينوس أوغسطس) كان أول إمبراطور روماني يعتنق المسيحية، وهو اللي دعا لعقد مجمع نيقية الأول. قسطنطين أشرف على المناقشات لكنه ما أدّاش صوته في التصويت.

أما البابا سيلفستر الأول: فكان غائب عن المجمع. ولأنه ماقدرش يحضر بنفسه، بعت اتنين ممثلين عنه. وبعد المجمع، أيّد القرار اللي اتخذوه فيه.

ما القرارات اللي تم اتخاذها في مجمع نيقية

مجمع نيقية الأول اجتمع لمدة تقريبًا شهر كامل، من 20 مايو لغاية 19 يونيو. كان الهدف الرئيسي هو حل الخلاف حوالين الأريوسية وتوحيد مفاهيم عن الثالوث. لكن بما إن كان فيه أكتر من 300 قائد كنسي بارز في المكان، المجمع ناقش موضوعات تانية برضه.

على مدار الشهر ده، المجمع وضع بيان للإيمان، غالبًا اعتمادًا على واحدة من الصيغ اللي كانت منتشرة وقتها زي قانون الإيمان الرسولي. الوثيقة دي بقت معروفة باسم قانون الإيمان النيقاوي، والإمبراطور قسطنطين قرر إن أي حد يرفض التوقيع عليها هيتنفي. (كان كل اللي يهمه إن الناس تتفق وتعيش بسلام).

الأريوسية اعتبرت هرطقة بعد ما ألكسندر وأريوس قدموا حججهم قدام الكنيسة، المجمع قدّم قانون الإيمان النيقاوي، وبكده حُسم مصير الأريوسية. القانون كان فيه عبارات مكتوبة مخصوص علشان ترفض الأريوسية وتؤكد على هوموأوسيون (الفهم الأرثوذكسي للثالوث).

اتنين من الأساقفة رفضوا التوقيع على القانون وتضامنوا مع أريوس. ولما أريوس اتنفى لإليريا، أخدوا نفس المصير.

علشان ينهي الأريوسية تمامًا، الإمبراطور قسطنطين أمر بحرق كل كتابات أريوس، ونقاده نفذوا الأمر بحماس. حتى إنه أمر إن أي حد يتم العثور على كتاباته عنده، يتم إعدامه!

"بالإضافة إلى ذلك، لو تم العثور على أي كتابات كتبها أريوس، لازم يتم تسليمها للنار، عشان مش بس يتم القضاء على شر تعاليمه، لكن كمان مايفضلش أي حاجة تخلّي حد يفتكر وجوده. وأنا بعلن أمر عام، إن أي شخص يتضح إنه خبّى أي كتابات لأريوس وماقدّمشها فورًا عشان تتحرق، جزاؤه هيكون الإعدام. بمجرد اكتشافه في الجريمة دي، يتم تقديمه للعقوبة القصوى."

إيه اللي حصل بعد المجمع؟

رغم إن كان فيه دعم من مئات الأساقفة وسلطة الإمبراطور قسطنطين، مجمع نيقية الأول ماقدرش يحل مشكلة الأريوسية نهائيًا.
كان فيه قادة في الكنيسة (حتى اللي حضروا المجمع) متعاطفين مع أريوس، والأريوسية فضلت تنتشر، لدرجة إن قسطنطين بدأ يتسامح معاهم (بشكل متناقض، بسبب رغبته في توحيد الكنيسة). وعلى فراش الموت، اتعمّد حتى على يد أسقف أريوسي—يوسابيوس من نيقوميديا.

لفترة طويلة، الكنيسة كانت رايحة جايّة بين الأريوسية والهوموأوسيين، يعني بين فكرة إن المسيح مخلوق وبين إنه واحد في الجوهر مع الله. الإمبراطور اللي جه بعد قسطنطين، ابنه قسطنطينوس الثاني، كان مؤيد للأريوسية. وبعض اللي حرّموا أريوس في الأول، اتنفوا هم نفسهم بعدين.

أريوس نفسه تمّت دعوته للرجوع للكنيسة، لكنه مات فجأة (وفي ظروف مش واضحة) وهو في طريقه لمقابلة ألكسندر من القسطنطينية.

الكنيسة عقدت مجالس كبيرة كتير في القرون اللي تبعت مجمع نيقية الأول، ومن ضمنها مجمع نيقية الثاني سنة 787، وكذا واحد منهم اضطر يؤكد تاني على قانون الإيمان النيقاوي.

التأثير المستمر لمجمع نيقية

لأول مرة في تاريخ الكنيسة، مجمع نيقية وضع عقيدة موحدة عن الآب والابن والروح القدس. وقانون الإيمان النيقاوي مازال مستخدم في كنائس العالم لحد النهارده.

في لحظة حساسة والكنيسة كانت فيها ضعيفة، مجمع نيقية ممكن يكون منع المسيحية من الانهيار الذاتي. ورغم إن الانقسام فضّل موجود لسنين طويلة، القرار الرسمي ده ساعد على بدء عملية التوافق والتصالح.

لكن للأسف، مجمع نيقية كمان خلق سابقة خطيرة، وهي استخدام سلطة الإمبراطور لفرض قرارات الكنيسة. بعض القادة الكنسيين اللي قسطنطين كان بيدعمهم، لقوا الأباطرة اللي جم بعده بينقلبوا ضدهم، ولسنين طويلة، المسيحيين دفعوا ثمن اتحاد الدولة والكنيسة.
 



[1] https://www.britannica.com/event/First-Council-of-Nicaea-325

by Ryan Nelson | Sep 14, 2018 | Article

مجمع نيقية الأول (1)

 


مجمع نيقية الأول:[1]

 
مجمع نيقية الأول كان أول مجمع مسكوني (يعني "مجمع عالمي"، لكن فعليًا كان مقتصر على الإمبراطورية الرومانية) للكنيسة المسيحية، واتعقد في مدينة نيقية سنة 325م. المجمع ده جمع كل أساقفة الكنيسة المسيحية علشان يناقشوا العقيدة، وطلعوا منه ببيان مهم جدًا، اللي بقى معروف بعد كده باسم قانون الإيمان النيقاوي. البيان ده كان هدفه يوضّح موضوع طبيعة المسيح، خصوصًا الخلاف حوالين هل المسيح له نفس جوهر الله الآب، ولا مجرد شبهه في الجوهر.

القديس ألكسندر أسقف الإسكندرية ومعاه أثناسيوس كانوا بيأكدوا إن المسيح من نفس جوهر الآب، بينما الكاهن المشهور أريوس كان شايف إنه مجرد شبيه له، مش من نفس الجوهر. المجمع في الآخر صوّت ضد رأي أريوس،[2] وده كان نقطة تحول كبيرة في تاريخ العقيدة المسيحية.

الإمبراطور قسطنطين الأول دعا لمجمع نيقية علشان يحل الخلافات اللاهوتية اللي كانت شغالة وقتها، وكمان يوحد الإمبراطورية بتاعته بشكل أكبر. الحدث ده كان مهم جدًا لأنه كان أول محاولة لجمع كل المسيحيين في مجلس واحد علشان يوصلوا لاتفاق موحد.[3]

كمان، لما قسطنطين دعا للمجمع وقعد على رأسه، ده كان مؤشر واضح على إنه بدأ يتحكم بشكل ما في شؤون الكنيسة. المجمع ده خرج منه قانون الإيمان النيقاوي اللي بقى نموذج لكل المجامع المسكونية اللي جات بعد كده، والهدف كان تحديد معتقدات موحدة لكل العالم المسيحي.
 
الهدف
 
مجمع نيقية الأول انعقد بأمر قسطنطين الأول بناءً على توصية من مجمع محلي كان بيرأسه هوسيوس أسقف قرطبة خلال فترة عيد الفصح سنة 325م. المجمع ده كان مكلف بالتحقيق في الأزمة اللي سبّبها الجدل الأريوسي في المناطق الناطقة باليونانية.[4]

معظم الأساقفة كانوا شايفين إن تعاليم أريوس كانت هرطقية وخطيرة على خلاص النفوس. وفي صيف 325م، اتجمّع أساقفة من كل الأقاليم في نيقية (اللي اسمها دلوقتي إزنيك في تركيا)، لأنها كانت مكان سهل الوصول ليه بالنسبة لأغلبهم، خصوصًا اللي جايين من آسيا الصغرى، سوريا، فلسطين، مصر، اليونان، وتراقيا.

حضر المجمع حوالي 250 لـ 318 أسقف من كل أنحاء الإمبراطورية، ما عدا بريطانيا. وده كان أول مجمع عام في تاريخ الكنيسة بعد مجمع أورشليم الرسولي،[5] اللي كان بيحدد الشروط اللي على أساسها الأمم يقدروا ينضموا للكنيسة.
 
 
الحضور
 
 
الإمبراطور قسطنطين الأول دعا حوالي 1800 أسقف من الكنيسة المسيحية، منهم حوالي 1000 في الشرق و800 في الغرب، لكن عدد أقل حضر فعليًا، ومحدش عارف الرقم بالضبط. أوسابيوس القيصري قال إن العدد كان 250،[6] بينما أثناسيوس الإسكندري ذكر 318،[7] وأوستاثيوس الأنطاكي قال إنه 270[8] (والتلاتة دول كانوا موجودين في المجمع). بعد كده، سقراط السكولاستيكي سجل أكتر من 300،[9] وإيفاجريوس[10] وهيلاريوس[11] والقديس جيروم[12] وروفينوس سجلوا 318.

الأساقفة اللي حضروا المجمع كان ليهم حرية التنقل والسفر من أماكنهم للمجمع، وكمان اتوفرت لهم الإقامة. الأساقفة دول ما جومش لوحدهم، كل واحد كان معاه كاهنين وثلاثة شمامسة، فالإجمالي كان فوق 1500 شخص. أوسابيوس وصف المشهد بأنه كان فيه عدد ضخم من الكهنة والشمامسة والمساعدين اللي جُم مع الأساقفة.

كان فيه أهمية خاصة للمجمع ده، لأنه اتعقد بعد انتهاء اضطهاد المسيحيين اللي كان حاصل، واللي انتهى رسميًا بـ مرسوم ميلانو في فبراير 313م اللي أصدره قسطنطين وليسينيوس.

أغلب الحضور كانوا من أساقفة الشرق، وأهمهم البطاركة الثلاثة: ألكسندر الإسكندري،[13] أوستاثيوس الأنطاكي، ومكاريوس الأورشليمي. وكان فيه مجموعة من الآباء اللي اتعرضوا للاضطهاد بسبب إيمانهم، زي بافنوتيوس الطيبي، بوتامون الهيراقلي، وبولس النيوقيصري، واللي حضروا المجمع وعلامات الاضطهاد كانت واضحة على وجوههم.

من الشخصيات البارزة اللي حضرت: أوسابيوس النيقوميذي، أوسابيوس القيصري، نيكولاس الميري، وأريستاكس الأرمني (ابن القديس غريغوريوس المنوّر)، ليونتيوس القيصري، يعقوب النيصيبيني (اللي كان ناسك في الأصل)، هيباتيوس الجراني، بروتوجينيس السارديقي، ميليتيوس السبستي، أخيليوس اللاريسي، أثناسيوس التسالي، وسبيريديون التريميثوسي، اللي كان راعي غنم رغم كونه أسقف.

كمان حضر يوحنا الأسقف الفارسي، ثيوفيلوس الأسقف القوطي، وستراتوفيلوس أسقف بيتينت في إيغريسي (اللي كانت على حدود روسيا وجورجيا، خارج الإمبراطورية الرومانية وقتها).

المقاطعات اللي كانت بتتكلم اللاتينية بعتت على الأقل خمسة ممثلين للمجمع: ماركوس الكلابري من إيطاليا، سيسيليان القرطاجي من شمال إفريقيا، هوسيوس القورطبي من إسبانيا، نيكاسيوس الديجوني من غاليا، ودمنوس الستريدوني من إقليم الدانوب. البابا سيلفستر الأول رفض الحضور بسبب ظروفه الصحية، لكنه بعت كاهنين يمثلوه.
 
أثناسيوس الإسكندري، اللي كان وقتها شماس شاب وصاحب الأسقف ألكسندر الإسكندري، كان واحد من المساعدين اللي حضروا المجمع. لاحقًا، قضى أغلب حياته في محاربة التعليم الأريوسي. كمان كان موجود ألكسندر القسطنطيني، اللي كان قسيس في الوقت ده، ومثل الأسقف العجوز بتاعه في المجمع.
 
أما أنصار أريوس فكان منهم: سكندوس الطلميثي،[14] ثيونوس المارماريكي،[15] زفيرياس، ودايثيس، وكلهم كانوا من ليبيا والخماسية. وكان فيه كمان أوسابيوس النيقوميذي،[16] أوسابيوس القيصري، بولينوس الصوري، أكسيوس الليدي، مينوفانتوس الأفسسي،[17] وثيؤجنيوس النيقاوي.[18]

الإمبراطور قسطنطين دخل المجمع وهو لابس أرجواني وذهب في مراسم افتتاحية، غالبًا كانت في أوائل يونيو، لكنه احترم الأساقفة وأجلسهم قبله. حضر كمراقب من غير تصويت، ونظم المجمع بأسلوب مجلس الشيوخ الروماني. أما هوسيوس القورطبي فكان هو اللي بيرأس المناقشات، وكان معاه الكاهنين الرومانيين اللي مثلوا البابا.
 
جدول الأعمال والإجراءات
 
المجمع ناقش عدة قضايا مهمة، منها:
·        الخلاف الأريوسي حول طبيعة المسيح.
·        تحديد موعد الاحتفال بعيد الفصح.
·        الانشقاق المليتي وتأثيره على الكنيسة.
·        العلاقة بين الآب والابن، هل هما واحد في الجوهر ولا في الهدف بس؟
·        معمودية الهراطقة وهل تُعتبر صحيحة ولا لأ.
·        وضع المسيحيين اللي تراجعوا عن إيمانهم بسبب اضطهاد ليسينيوس.

المجمع بدأ رسميًا يوم 20 مايو 325م داخل القصر الإمبراطوري، وبدأت الجلسات بمناقشات أولية عن الخلاف الأريوسي. في المناقشات دي، كان فيه شخصيات بارزة زي أريوس نفسه ومؤيديه، وكان فيه 22 أسقفًا داعمين لأفكاره بقيادة أوسابيوس النيقوميذي. لكن لما تم قراءة أجزاء معينة من كتابات أريوس، أغلب الحاضرين اعتبروها تجديف صريح.

أوسابيوس القيصري اقترح استخدام قانون الإيمان الخاص بأبرشيته في قيصرية بفلسطين كحل وسط، وأغلب الأساقفة وافقوا عليه. لفترة طويلة، كان يُعتقد إن قانون الإيمان النيقاوي مستند إلى الصيغة دي، لكن دلوقتي معظم العلماء شايفين إنه مستوحى من صيغة المعمودية في أورشليم، زي ما اقترح هانز ليتسمان.[19] احتمال تاني هو إنه كان مستند لـ قانون الإيمان الرسولي.

في النهاية، ومع استمرار المناقشات، الأساقفة الأرثوذكس قدروا يحصلوا على الموافقة على كل اقتراحاتهم. وبعد شهر كامل من الجلسات، أعلن المجمع يوم 19 يونيو عن الصيغة الأصلية لقانون الإيمان النيقاوي، واللي وافق عليه كل الأساقفة ما عدا اثنين من ليبيا كانوا مرتبطين بأريوس من البداية.[20] مفيش أي سجل تاريخي بيوضح إنهم اعترضوا بشكل رسمي، بصماتهم ببساطة ما كانتش موجودة في القانون.
 
الصراع الآريوسي
 
الخلاف الأريوسي كان نزاعًا لاهوتيًا بدأ في الإسكندرية بين أتباع أريوس (المعروفين بالأريوسيين) وأتباع القديس ألكسندر الإسكندري (اللي بقوا يُعرفوا بالهوموؤوسيين). ألكسندر وأتباعه كانوا بيؤمنوا إن الابن من نفس جوهر الآب وأزلي معاه، أما الأريوسيين فكانوا شايفين إن الابن مختلف، وإنه مجرد مخلوق، حتى لو كان أكمل المخلوقات. ظهر فريق ثالث (الهومويوسينيين) حاول يعمل حل وسط، وقالوا إن الآب والابن متشابهين في الجوهر لكن مش واحد.

الجدل كان بيدور حوالين الفرق بين مولود ومخلوق ووالد "مُنجَب". الأريوسيين كانوا بيشوفوا إن كل المصطلحات دي نفس المعنى، أما أتباع ألكسندر فكانوا بيرفضوا الفكرة دي. وكان فيه مشكلة في ترجمة بعض الكلمات اليونانية المستخدمة في المناقشات، زي الجوهر (ousia)، الأقنوم (hypostasis)، الطبيعة (physis)، الشخص (prosopon)، لأن معانيها كانت متأثرة بالفلسفة اليونانية، فكان فيه سوء فهم لحد ما تم توضيحها.

كمان كان فيه تحفظ عند كتير من الأساقفة على كلمة هوموؤوسيا لأنها كانت مرتبطة ببعض الهراطقة الغنوسيين اللي استخدموها في تعاليمهم، وكمان لأنها كانت مرفوضة في مجامع أنطاكية (264-268م).

الهوموؤوسيين كانوا شايفين إن تعليم أريوس بيكسر وحدة الألوهية، وبيخلّي الابن أقل من الآب، وده ضد الكتاب المقدس ("أنا والآب واحد"، يوحنا 10: 30). أما الأريوسيين، فكانوا بيؤمنوا إن الآب خلق الابن، فبالتالي الابن طالع من الآب لكنه أقل منه، لأن الآب أزلي لكن الابن مخلوق لاحقًا، فمش ممكن يكون أزلي زيه. وكانوا بيستشهدوا بآيات زي يوحنا 14: 28: "أبي أعظم مني". أما الهوموؤوسيين فردّوا عليهم وقالوا إن أبوة الآب أزلية، يعني هو كان دائمًا أبًا، فبالتالي الابن كان دائمًا موجود معاه.

المجمع قرر إن الآب والابن من نفس الجوهر وأزليين معًا، واستند في قراره على إن ده كان الإيمان التقليدي اللي استلمه المسيحيون من الرسل. وتم التعبير عن العقيدة دي في قانون الإيمان النيقاوي.
 
قانون الإيمان
 
يسوع المسيح اتوصف بأنه "إله من إله، نور من نور، إله حق من إله حق"، وده تأكيد لألوهيته. وقتها، لما كانت كل مصادر النور طبيعية، كان يُعتقد إن جوهر النور واحد مهما كان شكله.

المسيح اتقال عنه إنه "مولود وليس مخلوق"، وده بيأكد إنه أزلي مع الله الآب، وكمان بيربط ده بدوره في الخلق.

وأخيرًا، اتقال عنه إنه "من جوهر الآب"، وده كان رفض واضح للتعليم الأريوسي. بعض الناس بينسبوا مصطلح "مساوٍ في الجوهر" (Consubstantial) للإمبراطور قسطنطين، اللي ممكن يكون استخدم سلطته علشان يفرض الصيغة دي.

في قانون الإيمان النيقاوي، آخر جزء منه كان بس "وبالروح القدس"، والمجمع أنهى القانون عند النقطة دي. بعدها مباشرة، بدأ عرض قوانين المجمع.

بدل ما يكون فيه قانون معمودية مقبول عند كل الأطراف، زي ما اقترح أوسابيوس القيصري، المجمع أصدر قانون إيمان واضح وصريح في النقاط اللي كانت محل خلاف بين الهوموؤوسيين والأريوسيين، وكان غير متوافق تمامًا مع معتقدات الأريوسيين.

من زمان، قوانين الإيمان كانت بتُستخدم كوسيلة لتمييز المسيحيين، وكطريقة للتعريف والاندماج، خصوصًا وقت المعمودية. في روما، مثلًا، كان قانون الإيمان الرسولي مشهور جدًا، خصوصًا في الصوم الكبير وموسم عيد الفصح.

أما في مجمع نيقية، فتم تحديد قانون إيمان محدد يوضح عقيدة الكنيسة بوضوح، بحيث يضم اللي بيؤمنوا بيه، ويستبعد اللي بيرفضوه.

نص قانون الإيمان النيقاوي محفوظ في رسالة أوسابيوس لأهل أبرشيته، وفي كتابات أثناسيوس ومصادر تانية.

هوسيوس القورطبي، اللي كان من أشد المدافعين عن الهوموؤوسية، لعب دور كبير في تحقيق إجماع في المجمع. وقتها، كان مستشار الإمبراطور في كل شؤون الكنيسة. هوسيوس كان أول اسم في قائمة الأساقفة، وأثناسيوس نسب إليه صياغة القانون بنفسه. ومن أبرز القادة اللي دعموا فكرة وحدة الجوهر: أوستاثيوس الأنطاكي، ألكسندر الإسكندري، أثناسيوس، ومرقيانوس الأنقيري.

ورغم تعاطفه مع أريوس، أوسابيوس القيصري التزم بقرارات المجمع وقَبِل قانون الإيمان بالكامل. عدد الأساقفة اللي دعموا أريوس كان قليل جدًا، وبعد شهر من المناقشات، يوم 19 يونيو، ما بقاش غير اتنين بس: ثيونوس المارماريكي وسكندوس الطلميثي. أما ماريس الخلقيدوني، اللي كان في الأول مؤيد للأريوسية، فوافق في النهاية على قانون الإيمان بالكامل، وكمان أوسابيوس النيقوميذي وثيؤجنيوس النيقاوي وافقوا عليه.

الإمبراطور قسطنطين نفّذ كلامه، وقال إن أي حد يرفض التصديق على القانون هيتنفي. وبالفعل، أريوس، ثيونوس، وسكندوس تم نفيهم وكمان اتعرضوا للحرمان الكنسي. واتصدرت أوامر بمصادرة وحرق كتابات أريوس، لكن مفيش دليل تاريخي على إن ده حصل فعلًا.

ورغم كل ده، الجدل اللاهوتي ما انتهاش، وفضل مستمر في أماكن كتير بالإمبراطورية.
 
تأثير مجمع نيقية
 
مجمع نيقية كان ليه تأثير كبير على المدى الطويل، لأنه لأول مرة جمع ممثلين عن كتير من أساقفة الكنيسة علشان يتفقوا على بيان عقائدي موحّد. وكمان، لأول مرة، الإمبراطور نفسه شارك في المناقشات، وجمع الأساقفة تحت سلطته، واستخدم نفوذ الدولة علشان ينفّذ قرارات المجمع.

لكن على المدى القصير، المجمع ما حلّش كل المشاكل اللي اتعمل علشانها، وفضلت فترة من الصراعات والاضطرابات مستمرة. بعد قسطنطين، الإمبراطورية الشرقية اتولاها اتنين أباطرة أريوسيين: ابنه قسطنطين الثاني، وفالنس. فالنس فشل في حل المشاكل الكنسية، وفشل في مواجهته مع القديس باسيليوس بخصوص قانون الإيمان النيقاوي.

في نفس الوقت، القوى الوثنية في الإمبراطورية كانت بتحاول تحافظ على الوثنية، وأحيانًا كانت بتحاول ترجعها للمشهد السياسي. الأريوسيين والمليتيين استعادوا تقريبًا كل الحقوق اللي كانوا فقدوها، ففضلت الأريوسية تنتشر وتسبب انقسامات جوه الكنيسة طول باقي القرن الرابع.

تقريبًا بعد المجمع مباشرة، أوسابيوس النيقوميذي، اللي كان أسقف أريوسي وابن عم قسطنطين الأول، استخدم نفوذه في البلاط الإمبراطوري علشان يغيّر موقف قسطنطين لصالح الأريوسيين بدل الأساقفة النيقاويين الأرثوذكس. في 330م، تم عزل أوستاثيوس الأنطاكي ونفيه، وبعدها في 335م، تم عزل أثناسيوس الإسكندري عن طريق المجمع الأول في صور، وفي 336م تم عزل مرقيانوس الأنقيري.

أما أريوس نفسه، فحاول يرجع للكنيسة في القسطنطينية، لكنه توفي قبل ما يتم قبوله. بعد سنة، قسطنطين توفى، وبعدها مباشرة تم تعميده على يد الأسقف الأريوسي أوسابيوس النيقوميذي.
 

    Atiya, Aziz S. The Coptic Encyclopedia. New York: Macmillan Publishing Company, 1991. ISBN 002897025X.

    Carroll, Warren H. The Building of Christendom. Christendom Press, 2004 (original 1987). ISBN 0931888247

    Davis, S.J., Leo Donald, The First Seven Ecumenical Councils (325-787). 1983, ISBN 0814656161

    Kelly, J.N.D., "The Nicene Crisis." in Early Christian Doctrines. HarperOne, 1978, ISBN 006064334X

    Kelly, J.N.D., "The Creed of Nicea." in Early Christian Creeds, 3rd ed. Continuum, 2006 (original 1982). ISBN 0826492169.

    Kieckhefer, Richard. "Papacy." Dictionary of the Middle Ages. Charles Scribner's Sons. 1987. ISBN 0684182750

    Lietzmann, Hans. Zeitschrift fur die Neutestamentliche Wissenschaft und die Kunde der alteren Kirch. XXIV (1925), 193-202.

    Newman, John Henry, "The Ecumenical Council of Nicæa in the Reign of Constantine." from Arians of the Fourth Century. 1871.

    Rubenstein, Richard E., When Jesus Became God: The Epic Fight Over Christ's Divinity in the Last Days of Rome. Harcourt, 2003 (original 1999). ISBN 0151003688

    Rusch, William G. The Trinitarian Controversy. Sources of Christian Thought Series. Augsburg Fortress, 1980. ISBN 0800614100

    Tanner, S.J., Norman P., The Councils of the Church: A Short History. The Crossroad Publishing Company, 2001. ISBN 0824519043

    Theodoret, General Council of Nicæa Book 1 Chapter 6 of his Ecclesiastical History; The Epistle of the Emperor Constantine, concerning the matters transacted at the Council, addressed to those Bishops who were not present Book 1 Chapter 9 of his Ecclesiastical History, a 5th century source.



[2] Philip Schaff. Schaff's History of the Christian Church, Volume III, Nicene and Post-Nicene Christianity, § 120. The Council of Nicaea, 325: "Only two Egyptian bishops, Theonas and Secundus, persistently refused to sign, and were banished with Arius to Illyria. The books of Arius were burned and his followers branded as enemies of Christianity." Christian Classics Ethereal Library. Retrieved June 25, 2008.

[3] Richard Kieckhefer, (1989). "Papacy." Dictionary of the Middle Ages. (Charles Scribner's Sons. ISBN 0684182750)

[4] Warren H. Carroll. The Building of Christendom. (Christendom Press, (1987) 2004. ISBN 0931888247), 10

[5] Carroll, 11

[6] Eusebius of Caesaria, Life of Constantine (Book III) Chapter 9, Translated by Ernest Cushing Richardson. From Nicene and Post-Nicene Fathers, Second Series, Vol. 1, Edited by Philip Schaff. (Buffalo, NY: Christian Literature Publishing Co., 1890), Revised and edited for New Advent by Kevin Knight. Newadvent.org. accessdate 2006-05-08

[7] Afros Epistola Synodica 2.newadvent.org. Retrieved February 18, 2009.

[8] Theodoret H.E. 1.7

[9] Socrates Scholasticus. [Historia Ecclesiasticus Book 1 Chapter VIII.—Of the Synod which was held at Nicæa in Bithynia, and the Creed there put forth. Christian Classics Ethereal Library.

[10] H.E. 3.31

[11] Hilarius. Contra Constantium (Ad Constantium Augustum liber secundus)

[12] Chronicon

[13] Aziz S. Atiya. The Coptic Encyclopedia. (New York: Macmillan Publishing Company, 1991. ISBN 002897025X.)

[14] Philostorgius, in Photius, Epitome of the Ecclesiastical History of Philostorgius, book 1, chapter 9. tertullian.org.

[15] Philostorgius, in Photius, Epitome of the Ecclesiastical History of Philostorgius, book 1, chapter 9. tertullian.org.

[16] Philostorgius, in Photius, Epitome of the Ecclesiastical History of Philostorgius, book 1, chapter 9. tertullian.org.

[17] Philostorgius, in Photius, Epitome of the Ecclesiastical History of Philostorgius, book 1, chapter 9.

[18] Hans Lietzmann in Zeitschrift fur die Neutestamentliche Wissenschaft und die Kunde der alteren Kirch, XXIV (1925), 193-202.

[19] Hans Lietzmann in Zeitschrift fur die Neutestamentliche Wissenschaft und die Kunde der alteren Kirch, XXIV (1925), 193-202.

[20] Carroll, 12