الثلاثاء، 5 سبتمبر 2023

ليه بنثق في نصوص الكتاب المقدس؟ (8- كيف تمت تسمية الأناجيل الأربعة؟)



مبدئيًّا، فإنّ إيرمان ليس محقًّا تمامًا حين يدّعي أنّه إذا كان ”تلميذ يدعى متّى بالحقّ كتب كتابًا عن أقوال يسوع وأفعاله“،[1] لما كان الكاتب سيدرج اسمه في العنوان. في الواقع هناك نموذجًا واحدًا معتادًا عليه في إعطاء العناوين للكتب في العالم القديم، وهو بوضع اسم الكاتب أولًا ثمّ يتبعه وصف مختصر عن محتوى الكتاب.[2] مثلًا, عنوان كتاب فيلافيوس يوسيفوس: ”تاريخ الحروب اليهوديّة“, كان كالآتي: ”فلافيوس يوسيفوس, تحقيقات تاريخيّة للصراعات اليهوديّة“، ودفاعه عن التراث اليهوديّ يبدأ بوصفه: ”فلافيوس يوسيفوس وما يتعلّق بالعصور القديمة لليهود“. وعلى نفس الشاكلة نجد في كتابات مؤلفين قدماء آخرين بما فيهم هيرودتس, بولينوس, وبلوتارخ.

لهذا، فإنّه نوعًا من المبالغة في الادّعاء – كما يفعل إيرمان – بأنّه ”في الواقع نعلم أنّ النصوص الأصليّة للأناجيل لم تحمل أسماء مؤلفيها عليها“.[3]

الحقيقة هيَ أنّنا لا نعلم بالتاكيد إن كانت هذه الكتب أو لم تكن تحمل أسماء المؤلفين. فقديمًا عندما توضع العناوين على الكتب كانت بشكل علامات تُحاك على حافات الوثائق. وبعد قرون هذه العلامات قد تكون ضاعت أو تآكلت مع مرور الوقت.[4] مع هذا، فمن المحتمل أنّ الكتابات الأولى للأناجيل في العهد الجديد لم تكن تحمل أسماء مؤلفيها ضمنهم. ربما كان هُناك مختصر مفيد – كما يطلق إيرمان بدقة – على مخطوطات من العهد الجديد تنسب إلى أسماء مختلفة للأناجيل.

مثلًا في إحدى برديّات القرن الثاني المسماة ”64 P“ وفي اثنين من المخطوطات للقرن الخامس المسماة مخطوطة ”بيزا“ ومخطوطة ”واشنطون“, اسم العنوان للإنجيل الأوّل في العهد الجديد هو ”الانجيل بحسب متّى“. وفي وقت مبكر من القرون الوسطى تمادوا في وضع العنوان بالشكل الآتي: ”الإنجيل المقدّس بحسب متّى“، أو ”بداية إلهيّة للإنجيل حسب متّى“. بينما اثنين من المخطوطات للقرن الرابع الميلاديّ – المخطوطة ”السينائيّة“ والمخطوطة ”الفاتيكانيّة“ – تبدأ كلّ منهما بالعنوان البسيط ”حسب متّى“. لاتقتصر الاختلافات من هذا النوع على الإنجيل بحسب متّى حصريًّا![5] ونفس الصيغة أيضًا نجدها في المخطوطات للأناجيل الثلاثة الأُخرى في العهد الجديد أيضًا.

إذًا، لماذا توجد اختلافات كثيرة في أسماء الأناجيل؟ لكي نفهم لماذا, تخيل معي للحظات:[6] افترض أنّك مسيحيّ في روما في نهاية القرن الأوّل أثناء حكم الامبراطور دوميتيان. تخيل أنّه -ولمدة عدة سنوات- قرأ شعب كنيستك القصص عن يسوع من مخطوطات برديّة التي في يومنا هذا يعرفها الناس باسم الإنجيل بحسب مرقس.

الآن افترض بأنّ هُناك شخصًا موثوقًا به من شعب كنيستك عاد من سفره للعمل من أفسّس، وبحوزته قصة أُخرى مختلفة عن حياة يسوع, التي تبدأ بهذه الكلمات: ”في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله“ (يوحنّا 1: 1). فجأة شعب كنيستك سيحتاج إلى طريقة ليميّز بين إنجيل مُعيّن وآخر. بعد كلّ هذا وفيما أنت تستمع إلى الراعي وهو يعلن بأنّ رسالة اليوم هيَ من: ”ذلك الإنجيل الأوحد الذي يبدأ بالكلمات: ’في البدء كان الكلمة‘، وينتهي بأنّ التلاميذ أمسكوا مائة وثلاثة وخمسون سمكة“. حقيقة سيكون أمر ممل بعد عدة أسابيع. ألا تكون مستعدًا لسماع عنوان أقصر أو اسم أسهل, مثل ”بحسب يوحنّا“؟

 

إلقاء نظرة ثانية إلى تسمية الأناجيل

 

ربّما بسبب سيناريو من هذا النوع انتهى الإنجيل بهذه العنواين أو الأسماء، ومنذ أن كانت هذه العناوين تنسب إلى الأناجيل في أوقات وأماكن مختلفة، ظهرت اختلافات وتطوُّرات في تسميات الأناجيل من مكان إلى آخر.

هل هذا يعني أنّ إيرمان محقّ حينما يدّعي أنّ الأسماء المنسوبة للأناجيل لا علاقة لها بالمؤلفين الأصليّين؟ هل هيَ حقيقة أنّ في القرن الثاني حين لاحظ المسيحيّين أنّ هذه الأناجيل تحتاج إلى توثيق رسوليّ، فنسبوا هذه الكتب إلى الرسل... والمرافقين القريبيين من الرسل؟[7]

إذا كان هذا هو ما يدور في خلدك في هذه اللحظات، الرجاء أن تعطي لنفسك نظرة ثانية على العناوين المختلفة التي أدرجتها سابقًا للإنجيل بحسب متّى. إنّه لأمر سهل أن نُلاحظ كيف أنّ كلّ واحد مختلف. مع هذا في هذه المرة انظر بتدقيق أو باهتمام ماذا يبقى على حاله في كلّ عنوان أو اسم.

ماذا لاحظت عندما نظرت إلى العناوين؟

رغمًا عن الاختلافات المتنوعة، كلّ عنوان ينسب إلى هذا الإنجيل يُعّرِفْ بأنّ متّى هو المصدر. وهذا يحصل ليس فقط مع إنجيل متّى بل مع باقي الأناجيل في العهد الجديد. مع أنّ العناوين تختلف من مكان إلى آخر، إلَّا إنّ عناوين المخطوطات للإنجيل بحسب مرقس تُعرِّفنا بأنّ مرقس هو كاتبه، وبنفس الطريقة مخطوطات الإنجيل بحسب لوقا والإنجيل بحسب يوحنّا.

ببساطة، إنّ الذي يتغيَّر في مخطوطة الإنجيل الواحدة عن الأُخرى هو الشكل الدقيق للعنوان أو اسم المؤلف. مع ذلك، فإنّ تحديد هوية المؤلف لم تختلف في أي جزء أو مخطوطة للعهد الجديد التي عنوانها أو اسم مؤلفها سليم. ولا تقتصر هذه الوحدة في أسماء المؤلفين لمنطقة واحدة من الامبراطورية الرومانيّة، مثال لهذه الوحدة نجده في أجزاء من مخطوطات الامبراطورية القديمة للغرب امتدادًا لشمال إفريقيّا ومصر وآسيا الصغرى.[8]

لماذا هذا الكم الهائل من التناسق يُعدُّ هامًّا جدًّا؟

فكر الآن للحظات بهذه الطريقة: ماذا لو أنّ مؤلف هذا الكتاب الذي هو في يديك الآن لم يضع الناشر اسمه كمؤلف له في أي مكان من الكتاب؟ تخيل ذلك، ولكي نميّز هذا الكتاب من الكتب المماثلة الأُخرى، فإنّ القاريء لهذا الكتاب يأتي باحتمالات للمؤلف. كم هيَ الفرص التي تظن أنّ كلّ مجموعة من القُرَّاء ستعزو أو تنسب هذا الكتاب لنفس المؤلف الواحد؟

بعض القُرَّاء يتوقعون أنّ الكاتب هو عالم أو لاهوتيّ الذي كتب عن الأخطاء التاريخيّة في شفرة دافينشي، لكن، تلك المجموعات ستغطي دزينات أو عشر أفراد من الناس، بما في ذلك ليس (تيموثي بول جونز) أنا المؤلف فقط، بل إيرمان نفسه! إذا أراد أحد أن يُثبت مصداقية هذا الكتاب أو يجعله يبدو ذا ثقة وسلطة، فذلك الشخص قد يدّعي أنّ الكاتب هو بيلي جراهام أو البابا كمؤلف ليعطي أهمّيّة وسلطة موثوقة للكتاب، لكن من غير المستبعد أن تُنسب إليهم. ولكن على الأكثر فقط بعض الناس المقربين من عائلتي سيحذرون أنّني أنا تيموثي بول جونز كتبت هذا الكتاب. (بالمناسبة، كتابة هذه الفقرة ليست لتحسين سمعتي أو ايجاد احترام لنفسي).

اضف إلى ذلك حقيقة أُخرى وهي أنّه في وقت الامبراطوريّة الرومانيّة لم يكن تليفونات أو إيميلات للتواصل السريع، وأنّ خدمة البريد في ذلك الوقت كانت تأخذ أشهرًا لتعبر رسالة في امتداد الامبراطوريّة. بالإضافة إلى ذلك، فإنّه في القرون الأوّل والثاني، لم يكن هناك سلطة مركزيّة معترف بها في الأوساط المسيحيّة لتفرض على الشعب المسيحيّ لكي ينسب اسم معين على كلّ إنجيل، كما لم يوجد مدير تنفيذيّ، لم توجد هيئة طائفيّة، لم يوجد مؤتمر عالميّ مسيحيّ.[9]

ونظرًا لهذه العوامل، ماذا كان سيحدث إذا مجتمعات مسيحيّة أُخرى في القرن الثاني قامت وبكلّ بساطة بوضع أسماء الرسل على كلّ إنجيل لكي تعطي أهمّيّة موثقة لهذه الكتب المجهولة أسماء مؤلفيها كما يوحي إيرمان؟ (تذكَّر أنّ في القرن الثاني الميلاديّ كان الإنجيل منتشرًا في الامبراطوريّة الرومانيّة أبعد بكثير من اليهوديّة وروما).[10]

على الأرجح أنّ كلّ كنيسة قد ربطت أو نسبت اسم مؤلف مختلف لكلّ إنجيل. الكنائس في آسيا الصُغرى قد تكون نسبت الإنجيل إلى القديس أندراوس، مثلًا، بينما الكنائس في اليهوديّة قد نسبت نفس الإنجيل إلى تدّاوس أو يعقوب أو يهوذا.

ولكن ماذا سيكون الاحتمال لو أنّ كلّ مجموعة مسيحيّة في الإمبراطورية الرومانيّة توصلّت إلى أنّ مرقس هو مؤلف الإنجيل القصير أو كلّ واحد اسمه متّى مؤلف الإنجيل الذي يبدأ بالأنساب؟ وما هيَ الاحتمالات إذا كانت كلّ كنيسة في الامبراطورية الرومانيّة تختار لوقا كمؤلف أو كاتب الإنجيل الذي يحمل الآن اسمه أو يختاروا يوحنّا مؤلف للإنجيل الأخير في العهد الجديد؟ في المصطلحات الرياضيّة، الجواب سيكون قريب من الصفر. في النواحي العلميّة الجواب أنّ هذا لن يحدث يا بني.

 

ماذا أتى مع الأناجيل؟

 

كيف إذًا، هل من الممكن أنّ أسماء المؤلفين هكذا تتفق في المخطوطات القديمة من الأناجيل في العهد الجديد؟

ضع أمامك هذا السيناريو: لنفترض أنّه حين استلمت كلّ جماعة نسخة من الإنجيل، استلمت الجماعة أيضًا تقليدًا شفويًّا عن أصول ذلك الإنجيل. وماذا لو أنّ كلّ الكنائس استلمت -وبدورها أرسلت- التقليد الشفويّ أيضًا عن الأناجيل؟ نتيجة لهذا، حينما أصبحت ضرورة لتنسيب الأسماء أو المؤلفين على الأناجيل المحفوظة في مكان خاص بالأسفار المقدّسة في كلّ كنيسة يسمى صندوق الكتب أو الأسفار، كلّ جماعة نسبت اسم نفس المؤلف على كلّ إنجيل. حتمًا، اختلف الشكل الدقيق للعنوان، ولكن أسماء المؤلفين بقيّت معروفة.

لماذا؟

لإنّ كلّ جماعة قد سبق واستلمت التقليد الشفويّ الثابت عن مصدر كلّ إنجيل.

كما اتضح أنّ هُناك أدلة تاريخيّة على أنّ هذا ما حدث بالضبط. مثلًا، بابياس هيرابوليس -قائد كنيسة في المنطقة الجغرافيّة المعروفة اليوم بتركيا، مولود في نفس وقت الذي فيه كتبت الأناجيل وزميل للبنات الأربع لفيلبس-[11] حافظ على التقليد لإنجيل مرقس ومتّى:

لن أتردّد في وضع تفسيراتي جنبًا إلى جنب مع ما تعلّمته وتذكرته جيّدًا من الشيوخ، مؤكدًا الحقيقة نيابة عنهم... الشيخ قال هذا: مرقس الذي أصبح مرافقًا لبطرس كمترجم، كتب بكلّ دقة كلّ ما تذكَّره جيّدًا -وإن لم يكن في شكل مُنظّم- من أقوال وأعمال الرّب. لإنّ مرقس لم يسمع الرّب ولم يتّبعه أيضًا، لكن (كما قلت سابقًا) لقد اتّبع بطرس، الذي كان يعطي تعاليمه بشكل قصص أو حكايات قصيرة، وبالتالي لم تأتي أقوال الرّب بالترتيب: إذًا مرقس لم يفقد معنى الكلام حينما كتب بهذا الشكل، كما جاء من ذاكرته. لإنّه كان عنده غرض واحد، وهو ألَّا يحذف شيئًا مما سمعه لكي لا يُقدّم شهادة مزيفة في هذه الأشياء... متّى، وضع الأقوال باللهجة العبريّة وبترتيب مُنظّم وفسّر كلّ قول لأنّه كان قادرًا على ذلك.[12]

فقط بضعة أجزاء باقية اليوم مما كتب بابياس. وبالتالي من المكن أنّ بابياس دوَّن أو كتب التقليد عن الأناجيل الأُخرى أيضًا، ولكن هذه الكتابات قد فُقِدَت. على أيّة حال، الذي بقيَّ محفوظ من كتابة بابياس يُظهِرَ أنّ الروايات الشفويّة من أصول الأناجيل كانت موجودة في السنوات الأخيرة من القرن الأوّل الميلاديّ، ويمكن قبل ذلك أيضًا.[13]

بعد عقدين من الزمن، أي تقريبًا عشرين سنة لموت بابياس في منتصف القرن الثاني، كان هُناك قائدًا لكنيسة اسمه إيرينيئوس قدّم تقريرًا مماثلًا للتقليد الذي تضمّن ليس فقط أناجيل متّى ومرقس، بل لوقا ويوحنّا أيضًا. كتب من منطقة جغرافيّة في الامبراطورية الرومانيّة التي تدعى اليوم فرنسا، هذا ماقاله إيرينيئوس عن الأناجيل:

متّى كتب إنجيله لليهود بلغتهم،[14] بينما بطرس وبولس كانا يبشران بالإنجيل في روما ويبنيان الكنائس هُناك.

بعد موتهم، مرقس -الذي هو تابع لبطرس والمترجم له- أوصل لنا ما نادى به بطرس بشكل مكتوب.

لوقا، مرافق بولس، كتب في إنجيله بتعاليم بولس. ختامًا، يوحنّا -من أتباع الرّب، الذي أتكأ على صدره- كتب الإنجيل بينما كان عائشًا في أفسّس في آسيا الصغرى.[15]

من أين استلم إيرينيئوس هذه المعلومات؟ من معلمه بوليكاربوس، الذي استلمها من شهود عيان للرّب يسوع.[16]

إذًا، بابياس وإيرينيئوس -اثنان من قادة الكنيسة الأولى، المسافة بينهما تُقدَّر بمئات الأميال وفارق زمني عشرات السنين بينهم- كتبوا تقريبًا بتطابق عن إنجيلين في العهد الجديد.[17]

وهناك كلّ مايدعو إلى الاعتقاد بأنّ التقاليد تتفق بشان الإنجيلين الآخرين التي كانت متداولة في نفس الوقت.

ماهو أكثر من ذلك، أنّ لاهوتي أو عالم في العهد الجديد اسمه كلاوس يرغان ثورنتون أظهر أنّ التقاليد الموجودة عند إيرينيئوس لا تدل فقط على صحتها أو أصالتها، بل أيضًا أنّها متشابهة جدًّا للملاحظات الموجودة عن الكُتَّاب أو المؤلفين التي تمّ الاحتفاظ بها في كاتالوجات المكتبات القديمة.[18]

هذا التشابه قد يوحي بأنّ حتّى بعض الجماعات المسيحيّة حافظت على معلومات أو ملاحظات مختصرة أو إشارات عن كلّ مخطوطة في الأماكن التي كانوا يحافظون على الأسفار والمخطوطات في كنائسهم (book – chests).

 

إذًا، هل إيرمان محقّ حين يدّعي بأنّ كنائس القرن الثاني، وبكلّ بساطة، تنسب مؤلفي الأناجيل الأربعة غير المعروفة أسمائهم إلى شخصيّات مسيحيّة ارتأت بأنّها موثوقة أو معتمدة؟ إذا كان هذا هو الأسلوب الذي به يتمّ تسمية مؤلفي الأناجيل في العهد الجديد، ربّما سنجد عشرات المؤلفين المختلفة أسمائهم لهذه الأناجيل. غير أنّ هذا الأسلوب لم نجده في أيٍّ من المخطوطات القديمة. المؤلفين المرتبطة أسمائهم بالأناجيل في العهد الجديد بقيّت بصورة ثابتة بنفس الشكل في نسخة بعد الأُخرى من المخطوطات. لماذا؟ لإنّ، حينما استلمت الكنيسة الأناجيل المكتوبة، استلموا أيضًا أكثر من مجرد وثائق. لقد تلقوا أيضًا قصصًا -شفويّة تاريخيّة من أوّل قرن ميلاديّ- عن أصول الأناجيل. نبعت هذه التقاليد من القراءات الأولى للأناجيل وشقّت لنفسها الطريق إلى كلّ ركن من أركان الامبراطوريّة الرومانيّة. من وجهة نظري، لا يمكن تفسير أي شيء أقل لفتًا للنظر وبصورة معقولة عن أسماء المؤلفين في مخطوطات الإنجيل. 


عن كتاب: سوء اقتباس الحقيقة، لتيموثي بول جونز، ترجمة أمجد بشارة، 2018

[1] Ibid., p. 42.

[2] Martin Hengel, Studies in the Gospel of Mark (Eugene, Ore.: Wipf and Stock, 2003), p. 65.

[3] jApP, p. 42.

[4] A. R. Millard, Reading and Writing in the Time of Jesus (New York: New York University Press, 2000), p. 24; Mary Helene Pages, Ancient Greek and Roman Libraries, M.A. thesis, Catholic University of America, 1963, p. 135.

[5] See Hengel, Studies, 66, as well as the critical apparatus for the titles of the four Gospels in Novum Testamentum Graece.

[6] Hengel, Studies, pp. 81-82.

[7] LC, p. 235.

[8] Hengel, Studies, p. 66.

[9] إنّ الجدل حول عيد القيامة يُظهر بأجلى بيان أنّه لم يكن قط أي اتفاق أو وجود لسلطة عُليا في القرن الثاني. اثنان من أساقفة روما أنشيتوس وفيكتورتريد في أوقات مُختلفة من القرن الثاني كانت لهما محاولات لتوحيد عيد الفصح بين المسيحيّين, ومع ذلك ظلّ النصف الشرقيّ من الإمبراطوريّة الرومانيّة, ولا سيّما آسيا الصُغرى, يحتفل به في موعد مختلف عن الكنائس التي في روما. وظلّ الحال هكذا حتّى القرن الرابع, كما هو واضح من أعمال مجمع نيقية. للمزيد عن هذا الخلاف, انظر:

Raniero Cantalamessa et al., Easter in the Early Church: An Anthology of Jewish and Early Christian Texts (Collegeville, Minn.: liturgical Press, 1993), pp. 34-37; Eusebius Ecclesiastical History 5. 23-28; Francis A. Sullivan, From Apostles to Bishops: The Development of the Episcopacy in the Early Church (Mahwah, N.j.: Paulist Press, 2001), pp. 140-53.

[10] ثلاث برديّات من القرن الثاني، هم: P46، P52، P90 يبدو أنهم نُسِخوا في منطقتين أو ربما ثلاث مناطق داخل مصر: (الفيوم- Fayum، وبوسيرس- Busiris، وأوكسيرنشوس- Oxyrhynchus). إنّه إنجاز لمخطوطات العهد الجديد أن تنتشر إلى هذه الدرجة في وسط مصر على بعد ألف ميل من روما، وأكثر من خمسمئة ميل عن أورشليم، مع بدايات ووسط القرن الثاني، وقد كان الإنجيل قد وصل إلى مُعظم، إن لم يكن كلّ، المراكز السكانيّة في الإمبراطوريّة الرومانيّة مع حلول ذلك الوقت.

[11] انظر: أع21: 1- 9. حيث، وبحسب يوسابيوس، أنّ بابياس قد أورد بعد الروايات عن الرسل (Eusebius Ecclesiastical History 3.39).

[12] Quoted in Eusebius Ecclesiastical History 3.39.

[13]  كما يُشير ريتشارد باخوم، أنّ بابياس على الأرجح قد كتب حواليّ 110 م، بينما الوقت الذي يصفه لا يتعدّى الـ 80م (Jesus and the Eyewitnesses: The Gospels as Eyewitness Testimony [Grand Rapids, Mich.: Eerdmans, 2006]. p. 14).

[14] كلّ مخطوطة معروفة من الإنجيل بحسب متّى مكتوبة باللغة اليونانيّة. غير أنّ بابياس وإيرينيئوس قالوا إنّ متّى كتب إنجيله بالعبريّة. نتيجة لهذا، كثير من الباحثين أو علماء اللاهوت يظنون أنّ متّى كتب أساسًا عن تعاليم يسوع في الآراميّة، وهيَ لغة قريبة جدًّا من العبريّة. لاحقًا، واحد -محتمل أن يكون متّى أو واحد مشترك مع متّى- مزج هذه التعاليم مع إنجيل مرقس ليكون الإنجيل بحسب متّى كما نعرفه نحن، هذا المزج بين ذاكرة متّى وإنجيل مرقس حين تمّت ترجمة إنجيل متّى، ربّما لم يُنظر إليه على أنّه خلق لعمل جديد كلّيًّا. ربما نُظِر إليه كتوسُّع في الترجمة. للمزيد عن فهم المؤلفين القدماء للـ”ترجمة”، انظر:

George Kennedy, “Classical and Christian Source Criticism, in The Relationships Among the Gospels, ed. W 0. Walker (San Antonio: Trinity University Press, 1978), p. 144.

ويُجادل جورج هاورد George Howard بأنّ النسخة العبرانيّة القديمة من إنجيل متّى ربّما نجدها في كتابات عالم عبرانيّ يُدعى شيم توف بن إسحق Shem Tov Ben Isaac, مؤلف كتاب: “fourteenth-century refutation of the Christian Gospels”, انظر:

George Howard, Hebrew Gospel of Matthew (Macon, Ga.: Mercer University Press, 1995), as well as R. F. Sheddinger, “The Textual Relationship Between p45 and Shem Tovs Hebrew Matthew, New Testament Studies 43. (1997); 58- 71.

 في اللغة اليونانيّة. هذه الممارسات لم يكن قد سُمِع عنها في القرن الأوّل: فلافيوس يوسيفوس كتب تاريخًا عن الحرب بين الرومان واليهود، واحد باللغة الآراميّة والآخر باللغة اليونانيّة. كما أنّ إنجيل متّى باللغة الآراميّة لم يتداول به بشكل واسع، ولهذا لم يبقى محفوظًا.  كتاب طوبيا -وُجِد في الكتاب المقدّس لكنائس الكاثوليك والأرثوذكس الشرقيّين- على الرغم من أنّه لسنوات عديدة تداول به في اللغة اليونانيّة فقط. لكن مؤخرًا، وُجِدَت مقاطع مختلفة بالعبريّة والآراميّة لهذا الكتاب ضمن مخطوطات الأسفارالمكتشفة في البحر الميت.

A. Fitzmyer, “4Qpap Tobit' ar, in Qumran Cave 4: VIII Parabib1ical Texts 2 (Oxford: Clarendon Press, 1995), pp. 1-76.

[15] Eusebius Ecclesiastical History 5.8.

[16] Eusebius Ecclesiastical History 5.20.

من أجل دفاع عن سلطة إيرينيئوس المُستمدة من جلوسه عند أقدام بوليكاربوس، انظر:

Bauckham, Jesus and the Eyewitnesses, pp. 95-296.

[17] Martin Hengel, The Four Gospels and the One Gospel of Jesus Christ, trans. john Bowden (Harrisburg, Penn.: Trinity Press, 2000), p. 36.

[18] Claus-jurgen Thornton, Der Zeuge des Zeugen: Lukas als Historiker der Paulusreisen [The Witness of the Witness: Luke as Historian of Paul's Travels). ed. Martin Hengel, Wissenschaftliche Untersuchungen zum Neuen Testament 56 (Tubingen: Mohr [Siebeck), I991), pp. 10-82.

جدول زمني لأهم أحداث العهد الجديد

 


-         28 30: تقريبًا أوقات خدمة يسوع الأرضيّة تبداْ في السنة الخامسة عشر لحكم طيباريوس قيصر (لوقا 3: 1).

-         33: بولس يرى يسوع في طريقه إلى دمشق (أعمال الرسل 9).

-         33 35: بولس يعيش في العربيّة (غلاطية 1: 17).

-         35 47: بولس يسافر إلى دمشق، أورشليم وطرسوس (أعمال الرسل 9 12).

-         47 49: بولس يذهب إلى آسيا الصُغرى في رحلته التبشيريّة الأولى. في سنة 49 ميلاديّة كُلُودِيُوسَ قَيْصَرَ يطرد كلّ اليهود خارج روما -حسب المؤرخ الرومانيّ سيوتونيوس- في كتابه حياة كلوديوس فصل 25، عن طرد اليهود من روما بسبب بعض المشاغب التي حدثت تحت قيادة خريستوس،لعلّه يشير إلى يسوع المسيح (أعمال الرسل 13 15).

-         49 53: بولس يصعد إلى رحلته التبشيريّة الثانية، مؤسّسًا كنيسة في كورنثوس تقريبًا سنة 50 ميلاديّة (أعمال الرسل 16 18).

-         53 57: بولس يسافر إلى أفسّس في رحلته التبشيريّة الثالثة (أعمال الرسل 18 21)، خلال هذه المرة، كلاوديوس قيصر يموت واليهود يعودون إلى روما.

-         57 62: بولس يُسجَن في أورشليم، يقضي سنتين في الرعاية الرومانيّة قبل أن يمثُل أمام قيصر، ثمّ ينتظر سنتين ليسمع دعواه قيصر نيرون (أعمال الرسل 21 28).

-         62 66: بولس قد يكون أُطلِق سراحه بعد الدعوى، يُحتمل أنّه سافر غرب إيطاليا. عابرًا في روما، قد يكون أُلقيَّ القبض عليه وأُعدِمَ -مع سمعان بطرس- في إثر حريق روما.

-         66 70: بعد سنوات من عداء الولاة الرومانيّين لثورة اليهود. يتراكم تمرُّد اليهود ليسبب تدمير الهيكل اليهوديّ في سنة 70 ميلاديّة.

ليه بنثق في نصوص الكتاب المقدس؟ (7- تعليق إيرمان بأن هناك 400 ألف خطأ في مخطوطات العهد الجديد!) [2]

 



لنلق نظرة إلى دزينتين أو نحو ذلك من الأماكن الرئيسيّة حيث لا تتفق مخطوطات العهد الجديد. مع بعض الاستثناءات الممكنة، لا يوجد مكان حيث الناسخ بكلّ بساطة أساء في الاستماع أو أساء في قراءة نصّ ما. هذه هيَ النصوص التي لسبب أو لآخر، واحد أو أكثر من النُسَّاخ القُدماء قام بتغييرها. لذا، خذ لنفسك ترجمة مُعيّنة للكتاب المقدّس تحتوي على ملاحظات عن اختلافات النصوص، وانظر بحرص إلى الاحتمالات. قيّم كلّ احتمال بحرص، وقرّر لنفسك فيما إذا كانت الاختلافات حقًّا جدًّا مهمة في نهاية الأمر.


الحالة التي فيها نُسَّاخ غيورين

كثير من التغييرات الملحوظة في وثائق العهد الجديد نبعت من نُسَّاخ زادت عندهم الغيرة أو الحماسة التي من خلالها شعروا بأنّه من الضروريّ أن يوضّحوا مفاهيمًا إيمانيّة سبق تعليمها في النصوص. مثال على ذلك، تقريبًا في كلّ مخطوطات العهد الجديد، متّى 1: 16 تُقرأ بهذا الشكل: وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يُوسُفَ رَجُلَ مَرْيَمَ الَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ. ولكن في نقطة ما، أراد النُسَّاخ أن يؤكدوا للقُرَّاء ليفهموا بأنّ يسوع مولود من عذراء، فغيَّر النُسَّاخ هذا العدّد، ليكون: وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يُوسُفَ لمن كانت مخطوبة العذراء مَرْيَمَ الَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ.

مع أنّ تصرُّف النُسَّاخ لم يكن بالضرورة جدير بالثناء، فإنّ هذا التغيير لا يؤثِّر على أحد ليفهم النصّ. إنّ بقيّة هذا الأصحاح يؤكّد بأن مريم كانت عذراء حين حبلت بيسوع (متّى 1: 18 25)، إذًا، النُسَّاخ ببساطة أكدوا على حقيقة كانت موجودة بكلّ وضوح في النص.

وتجد أمثلة أُخرى من هذا النوع في تغيير النصوص: في متّى 17: 12 13 أعاد الناسخ صياغة بضع كلمات ليؤكّد للقارئ أنّ يسوع وليس يوحنّا المعمدان هو المدعو بـابن الإنسان.

في لوقا 2: 33 حذف أحد النُسَّاخ الكلمات: أبوه his father لكي يؤكّد للقارئ بأنّ يوسف كان الأب الشرعيّ ليسوع وليس الأب البيولوجيّ. هذا التاْكيد هو بالفعل واضح في مقاطع أُخرى من هذا الإنجيل (لوقا 1: 26 38 و2: 5).

مثالًا آخر من هذه التغييرات وُجِد في الرسالة الأولى إلى تيموثاوس 3: 16 ناسخ لهذا النصّ غير كلمة الذي who إلى كلمة الله God. التغيير الذي قد يكون بسبب خطأ الناسخ، بما أنّه خطّ أو شرطة متناهية في الصغر يميّز الكلمة المختصرة (الله) بالشرطة في اللغة اليونانيّة التي تمّ ترجمتها إلى كلمة (الذي) بدون شرطة.[1] من الممكن أيضًا، بالرغم من أنّ الناسخ أراد أن يؤكّد لاهوت يسوع المسيح. وقد جاء هذا التغيير في وقت أنّ الرسائل المنسوبة إلى الرسول بولس التي وصفت يسوع كائن، بمعنى ما، إلهيّ (فيلبي 2: 6 وكولوسي 1: 15) تمّ تعميم الرسائل بالفعل كمجموعة كاملة لبضعة قرون على الأقل. كما كانت هذه الحقيقة موجودة بالفعل في نصوص النُسَّاخ. مرة أُخرى نرى ناسخ آخر أكثر من متحمس يُسلّط الضوء على نصوص أخرى سبق وتمّ تعلّيمها أو تدريسها.

تجد عبارتين أخريتين من هذا النوع في أعمال الرسل 8: 37، وهذه هيَ النقطة بالضبط. إذا قرأت كتاب أعمال الرسل ككلّ، أنّه واضح في كلّ حالة معموديّة شخص ما كان أيضًا يُسلِّم حياته أو حياتها بالإيمان بيسوع المسيح (انظر: أعمال الرسل 2: 38 41 و8: 12 و9: 17 20 و16: 14 15 و30 33 و18: 8). لكن، في معظم الطبعات القديمة ومعظم الطبعات الموثوق فيها عن أعمال الرسل 8 أنّ الإيمان الشخصيّ -للخصي الحبشيّ- ليس واضح بشكل خاص. هنا ترى كيف أنّ النصّ الأصليّ للقاء فيلبس مع الخصي الحبشيّ ينتهي:

فَهتف الْخَصِيُّ:«هُوَذَا مَاءٌ. مَاذَا يَمْنَعُ أنّ أَعْتَمِدَ؟ فَأَمَرَ أنّ تَقِفَ الْمَرْكَبَةُ، فَنَزَلاَ كِلاَهُمَا إلى الْمَاءِ، فِيلُبُّسُ وَالْخَصِيُّ، فَعَمَّدَهُ.

وعند هذه النقطة، يبدو أنّ أحد النُسَّاخ خاف من أن يدفع هذا النصّ أحد الأشخاص ليظن بأنّ الخصي اعتمد من دون أن يؤمن بيسوع. لهذا، الناسخ أضاف الجملة ليصير العدّد في أعمال 8: 37 كالآتي:

فَقَالَ فِيلُبُّسُ:«إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ مِنْ كلّ قَلْبِكَ يَجُوزُ». فَأَجَابَ وَقَالَ:«أَنَا أُومِنُ أنّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ ابْنُ الله.[2]

لقد أُعيد كتابة النصّ بجمالية للتأكيد، لكن ليس هذا ما بدا لنا في المخطوطات الأقدم والأكثر أصالة لسفر الأعمال. مرة أُخرى، يصنع الناسخ إيضاحًا في نصّ معيّن من خلال المفهوم العام للكتاب ككلّ.

من الممكن أنّ نفس النوع من التغيير ظهر في يوحنّا 1: 18 اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ.

قد يكون هذا العدد دعى يسوع بأنّه الابن الوحيد أو قد تكون قراءة النصّ الإله الأوحد.[3] إنّ شهادة المخطوطات لهاتين القرائتين هما، بحسب رأيي، منقسمة بالتساوي. هُنا هو الأكثر أهمّيّة، بالرغم من أنّ: كلتا القرائتين تؤكدان الحقائق الواضحة المُعبَّر عنها خلال إنجيل يوحنّا.

لدعم الإله الأوحد بالقرينة في يوحنّا 20: 28 رَبِّي وَإِلهِي بلا أي لبس بل بكلّ وضوح يحدّد يسوع أنّه الإله، وأنّ الأعداد في بداية إنجيل يوحنّا أيضًا توضّح لاهوت يسوع منفردًا.[4]

ولدعم اَلابْنُ الْوَحِيدُ لها قرينة أو كلمات تشبهها في يوحنّا 3: 16 لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حتّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، سبق وأُشير إلى أنّ يسوع ابن الله الوحيد أو الابن الأوحد. كلتا القرائتين من يوحنّا 1: 18 تناسب السياق الأوسع من البشارة اليوحنّاويّة. على الرغم من الاختلافات الحقيقيّة الموجودة بين المخطوطات، لا يوجد أي إمكانية تناقض إنجيل يوحنّا، أو الباقي من العهد الجديد، وإنّ الاختلافات لا تدعو إلى التشكيك في أي جانب من الجوانب الحاسمة للإيمان المسيحيّ. إذا حدث وأنّ بعض النُسَّاخ غيروا الابن الوحيد إلى ابن الله الوحيد، فإنّ النُسَّاخ ببساطة أوضحوا حقيقة كانت موجودة في إنجيل يوحنّا ككلّ.

هُنا مثالًا آخر وجد في عبرانيين 2: 9، هل مات يسوع منفصلًا عن الله (choris theou) أم بنعمة الله (charity theou)؟ بارت إيرمان يعتقد بأنّ كاتب العبرانيين الأصليّ كتب مفصولًا عن الله (choris theou). أدلة المخطوطات لهذه الكلمات ضعيفة، ولكن لا يوجد أكثر من احتمال واحد لقراءة النص. ومع هذا، كلتا العبارتين تناسب السياق الأوسع لرسالة العبرانيين. وفقًا لعبرانيين 13: 11 13 يسوع مات مستبعدًا من الشركة مع شعب الله. في ضوء هذا النصّ -كذلك في مرقس 15: 34 وَفِي السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلًا:«إِلُوِي، إِلُوِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟» اَلَّذِي تَفْسِيرُهُ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ الذي كان متداولًا بين الكنائس في وقت كتابة الرسالة إلى العبرانيين- سيكون من المنطقي أن نقول إنّ يسوع مات منفصلًا أو معزولًا عن الشركة مع الله الآب (بعيدًا عن الله). وفي نفس الوقت وفقًا لعبرانيين 13: 9 إنّه بنعمة الله يقدر الناس أن يتحمّلوا الاضطهاد. لذا، أبرز قراءة هيَ -بنعمة الله- أيضًا منطقيّة. لا يوجد في أي من الاحتمالين ما يُعارض ما جاء في الرسالة إلى العبرانيين أو العهد الجديد ككلّ.[5]


حالة تبديل نصّ كتابيّ بنصّ كتابيّ آخر

في بعض الأحيان قام النُسَّاخ بدمج نصّ من الكتاب المقدّس بنصّ كتابيّ شهير آخر. وهُنا مثال بسيط من بعض النُسَّاخ اللذين كانوا ينسخون النصوص المُستخدمة بشكل واسع في العبادة المسيحيّة: في وقت معيّن من أواخر القرن الأوّل وبداية القرن الثاني، بعض المسيحيّين -محتمل في سوريا- أضافوا هذا المقطع المقتبس من أخبار الأيام الأوّل 29: 11 لَكَ يَا رَبُّ الْعَظَمَةُ وَالْجَبَرُوتُ وَالْجَلاَلُ وَالْبَهَاءُ وَالْمَجْدُ، لأَنَّ لَكَ كلّ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ. لَكَ يَا رَبُّ الْمُلْكُ، وَقَدِ ارْتَفَعْتَ رَأْسًا عَلَى الْجَمِيعِ. في تلاوة الصلاة الربانيّة لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إلى الأَبَدِ. آمِينَ”.

تباعًا، هذه الإضافة أصبحت مألوفة جدًّا بحيث قد أضافها النُسَّاخ إلى نهاية متّى 6: 13 حينما كانوا ينسخون إنجيله. وعليه، فإنّ نُسَّاخ آخرين لاحقًا، مدّدوا صيغة الصلاة الربانيّة الموجودة في لوقا 11 لتناسب الصيغة الموجودة في إنجيل متّى. بمعنى أنّ نصًّا من الكتاب المقدّس أُضيف إلى نصٍّ آخر من الكتاب المقدّس.

على نفس الشاكلة في إنجيل يوحنّا 19 اقتبس المؤلف من مزمور 22: 18 كنبوة عن الجنود اللذين ألقوا قرعة على ملابس يسوع: يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ. كما ذُكِرت في انجيل يوحنّا 19: 24 اقْتَسَمُوا ثِيَابِي بَيْنَهُمْ وَعَلَى لِبَاسِي أَلْقَوْا قُرْعَةً.

هذا الاقتباس في أخر الأمر وُجَد لنفسه طريقًا في وصف متّى لصلب المسيح متّى 27: 35: وَلَمَّا صَلَبُوهُ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ: «اقْتَسَمُوا ثِيَابِي بَيْنَهُمْ وَعَلَى لِبَاسِي أَلْقَوْا قُرْعَةً. مرة أُخرى الناسخ استعمل نصًّا من الكتاب المقدّس ليمد نصًّا آخر. هل هذا الأمر مصدر إزعاج بالنسبة للناقد النصيّ وعلماء الكتاب المقدّس؟ بعض الشيء. لكن، هل هذه التغييرات هامّة جدًّا لتحرِّف بعض المفاهيم في الإيمان المسيحيّ؟ لا.

في وصف لوقا 3: 22 عن معمودية يسوع، في بعض المخطوطات القديمة استبدلت الكلمات المألوفة من السماء وُجِدَت في أناجيل أُخرى -بِكَ سُرّرتُ- بهذا الاقتباس من مزمور 2: 7 أنا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ. يصوِّر إيرمان قضية الاقتباس من المزامير وكأنّها تمثِّل الكلمات الأصليّة للإنجيل.[6]

لا أجد قضية إيرمان في هذه النقطة مثيرة.[7] مع هذا، فحتّى لو إنّ الاقتباس من المزامير كان الكلام الأصليّ، فإنّ الكلمات المتغيّرة والأصليّة تؤكّد الحقائق الظاهرة عن يسوع المسيح خلال العهد الجديد (انظر: متّى 3: 17 ومرقس 1: 11 وأعمال الرسل 13: 33 وعبرانيين 1: 5 و5: 5).

في متّى 27، مثال آخر من هذا النوع من التغيير يظهر في متّى 27: 34 بعض المخطوطات القديمة فيها: أَعْطَوْهُ خَلًا مَمْزُوجًا بِمَرَارَةٍ لِيَشْرَبَ. في محل آخر: اعطوه خمرًا ليشرب .

إيرمان يصوِّر هذا التغيير وكأنّه محاولة لتجنب التضارب بين النصوص ومتّى 26: 29 حيث يسوع يقول: وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي مِنَ الآن لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ هَذَا إلى ذَلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ مَعَكُمْ جَدِيدًا فِي مَلَكُوتِ أَبِي. مع أنّه ممكن أن يكون هذا السيناريو غير محتمل. وغير كلّ ذلك، فإنّه في القرن الأوّل الخل والخمر كلاهما نتاج الفاكهة التي هيَ من الكرمة”.[8] (حينما وعد يسوع بأنّه لن يشرب نتاج فاكهة الكرمة ثانية حتّى يكمل في ملكوت الله، كان على الأغلب يُثير انتباه الرسل إلى الوليمة التي يؤمن بها اليهود التي هيَ علامة على بداية مُلك المسيَّا).[9] لماذا إذًا، أحد النُسَّاخ غيَّر النصّ؟ على الأغلب لأنّ الناسخ تذكّر مقطع من المزامير الذي يقرأ فيه: مزمور 69: 21 وَفِي عَطَشِي يَسْقُونَنِي خَلًا”.

بما أنّ النُسَّاخ كثيرًا ما استنسخوا الأناجيل الأربعة من العهد الجديد بالتوالي، فليس من المفاجئ أنّ النُسَّاخ أحيانًا غيّروا كلمات أحد الأناجيل ليُناسب البقيّة. مثلًا، بعض المخطوطات لمرقس 6: 3 فيها ابن النجار في محل النجار. بالرغم من أنّ محاولات إيرمان كانت للصق نوايا أُخرى إلى بعض النُسَّاخ التعساء، أكثر الاحتمالات هو أنّ الناسخ بكلّ بساطة تبنّى مرقس 6: 3 أَلَيْسَ هَذَا هُوَ النَّجَّارَ؟ ليتفق بالتوازي مع المقطع في متّى 13: 55 أَلَيْسَ هَذَا ابْنَ النَّجَّارِ؟.

هذا التغيير سبّب بعض الإرباك بين اللاهوتيّين المسيحيّين الأوائل، بما فيهم أوريجينوس السكندريّ.[10] لكن، مرة أُخرى، هذه التعديلات اكتُشِفَت بسهولة، ولا أعلم أي طائفة مذهبها في الإيمان المسيحيّ يعتمد على فيما إذا كان يسوع نجارًا أم ابن نجار، خصوصًا في حضارة كانت العادة فيها إجمالًا أنّ الأبناء يأخذون نفس حِرفة آبائهم.


حالة النُسَّاخ اللذين يعرفون أكثر من اللازم

في حالات أُخرى، شَعَر النُسَّاخ بأنّ النصوص الكتابيّة لم توفِّر كلّ المعلومات التي يحتاجها القُرَّاء. لذا، فإنّ النُسَّاخ أكملوا النصّ ليس من الكتاب المقدّس بل من معرفتهم الخاصة. مثلًا، كثير من المخطوطات الحديثة نسبيًّا أضافت بعض العبارات حول يوحنّا 5: 3 -4 لتوضِّح لماذا كثير من المرضى جسديَّا كانوا مجتمعين حول بركة بيت حسدا:

كانوا ينتظرون تحرُّك الماء، لأنّ ملاكًا من الرّب ينزل في وقت معيّن إلى البركة ويحرّك الماء، وكلّ من نزل أولًا بعد تحريك المياه يُشفى من مرضه.

معظم المخطوطات اليونانيّة القديمة لم تحتوي على هذه الكلمات، بالرغم من أنّ الإضافة ربّما كانت تحفظ اعتقادًا واسع الانتشار عن هذه البركة بيت حسدا. وإلَّا فإنّ كلمات الرجل المُقعد المذكور في يوحنّا 5: 7 لا تعني أي شيء: أَجَابَهُ الْمَرِيضُ:«يَا سَيِّدُ، لَيْسَ لِي إِنْسَانٌ يُلْقِينِي فِي الْبِرْكَةِ مَتَى تَحَرَّكَ الْمَاءُ. بَلْ بَيْنَمَا أنا آتٍ، يَنْزِلُ قُدَّامِي آخَرُ. في مرحلة ما -رُبّما في منطقة بعيدة عن أورشليم، حيث هذه الأُمة الغريبة لم تكن عاداتها واسعة الانتشار- أحد النُسَّاخ الواسع الاطلاع شعر بأنّ القُرَّاء يحتاجون إلى توضيح لهذه العادة.

على نفس الشاكلة، ناسخ لإنجيل مرقس يبدو أنّه لاحظ بأنّ الاقتباس النبويّ في بداية البشارة حسب مرقس لم تاْتِ فقط من إشعياء 40: 3 ولكن أيضًا من ملاخي 3: 1، فألقى فيها أيضًا جزءًا من عبارة مقتبسة من خروج 23: 20. إيرمان صوَّر هذا كأنّه خطأ في إنجيل مرقس. لكن نبوة إشعياء هيَ البارزة بين هذه الاقتباسات، وكانت هذه ممارسة شائعة في الاستشهاد بالمصدر الأبرز بين الاقتباسات المُشتركة.[11] مع هذا، في وقت لاحق رأى ناسخ أنّ هُناك مشكلة كامنة، كما يفعل إيرمان. ونتيجة لهذا، غيَّر هذا الناسخ الكلمات الافتتاحيّة لإنجيل مرقس 1: 2 من: على حَسَبِ ما هو مَكْتوبٌ في إشَعيْا النَّبي. إلى: كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَنْبِيَاءِ.

وهناك إضافات أُخرى من النُسَّاخ من هذا النوع تتضمّن تقاليد لم تكن جزءًا من الوثيقة الأصليّة، ولكن كانت تمثِّل روايات حقيقيّة لما حدث. مثلًا، في بعض المخطوطات من إنجيل لوقا، فإنّ النصّ (23: 34) غير موجود. علمًا بأنّ الحذف لا يدعو إلى التشكك في أي جانب من جوانب الإيمان المسيحيّ، هذه كلمات يسوع من على الصليب -«يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ»- كان لها تأثير عميق على كثير من الناس. إيرمان يُجادل بأنّ هذا العدّد كان موجودًا أصلًا في إنجيل لوقا ولكن المسيحيّين اللذين هم ضد اليهود حذفوها. مع أنّه يجب أن يعترف، حيث إنّ المخطوطات الأولى وأفضلها لم تتضمن هذه الفقرة بالذات. لكن من المُرجَّح أنّ ناسخًا آخر في وقت لاحق أضاف هذا العدّد إلى البشارة بحسب لوقا.

وحينما تصل إلى لوقا 23: 34 -بجانب عدة إضافات أُخرى في الأناجيل- يظهر بأنّ النُسَّاخ دمجوا تقليدًا معروفًا كان متداولًا سابقًا بين الكنائس لمدة بضع عشرات من السنين. هذه التقاليد كانت معتمدة أو موثوقة، لكن لم تكن مكتوبة في المخطوطات الأصليّة للإنجيل. شخصيًّا، أشك بأنّ يسوع قال على الصليب: يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ. هذه الكلمات ببساطة لم تكن موجودة في الطبعة الأولى من إنجيل لوقا.

مثالين آخرين نجدهما في موضع آخر من نفس الإنجيل، في لوقا 22: 43 44 وأيضًا لوقا 24: 12. ففي لوقا 22: 43 44 بعض النصوص اللاحقة وصفت ملاكًا أتى ليقويّ يسوع كالمسيَّا الُمتألم الذي عرق جبينه صار كقطرات دم.[12] أمَّا في لوقا24: 12 بعض المخطوطات أضافت رواية مختصرة عن سمعان بطرس واختباره عند القبر الفارغ، ذاك الذي يبدو أنّه مأخوذ من التقليد نفسه كما في يوحنّا 21: 3 10. هل هذه الرواية من تقاليد موثوقة؟ ربّما. هل هيَ جزء من إنجيل لوقا الأصليّ؟ ربّما لا.

هناك الكثير من أمثلة هذه الأنواع في الإضافات إلى العهد الجديد. وإحدى أهمّ هذه الروايات هيَ المرأة التي أُمسِكت بالزنا (يوحنّا 7: 53 8: 11) قصة محزنة وعميقة، للتأكد، ولكن ليست جزءًا أصيلًا من إنجيل يوحنّا. إنّها محذوفة تمامًا من المخطوطات الأولى مثل برديات القرن الثالث البردية P 66 وP 75، أيضًا في المخطوطة السينائيّة والفاتيكانيّة. وحتّى عندما تظهر هذه القصة في المخطوطات القديمة، فإنّ موقعها متغيِّر. في بعض الأحيان تراها بعد يوحنّا 7: 36، وأحيانًا أُخرى تجدها في نهاية إنجيل يوحنّا. مرة ظهرت في البشارة حسب لوقا، ويبدو -من كتابات شخص مسيحيّ اسمه يوسابيوس القيصريّ في القرن الرابع- بأنّ القصة ظهرت في إنجيل مفقود اسمه إنجيل العبرانيين.[13]

ربّما يكون مرقس 16: 9 20 مثالًا آخر. إنّ أقدم المخطوطات لإنجيل مرقس تنتهي بهذه العبارة المحرجة: فَخَرَجْنَ سَرِيعًا وَهَرَبْنَ مِنَ الْقَبْرِ لأَنَّ الرِّعْدَةَ وَالْحَيْرَةَ أَخَذَتَاهُنَّ. وَلَمْ يَقُلْنَ لأَحَدٍ شَيْئًا لأَنَّهُنَّ كُنَّ خَائِفَاتٍ. فيما يبدو أنّ هذا التوقف المفاجيء ضايق أكثر من كاتب أو ناسخ واحد.[14] لهذه النهاية أُضيفت بعض النصوص كتذييل بليغ من مخطوطات القرون السابع والثامن والتاسع الميلاديّ:[15]

كلّ الذي قيل لهم، أخبَروه بإيجاز إلى بطرس والذين حوله. بعد هذه الأشياء بعث يسوع من خلالهم من مشرق البلاد إلى مغاربها رسالة الخلاص المقدّسة الخالدة في كلّ العصور.

مخطوطات أُخرى أضافت الأعداد التي نعرفها من مرقس 16: 9 20. مرة أُخرى هذه الأعداد محتمل أنّها لم تكن موجودة في إنجيل مرقس الأصليّ، ولكنها تُعبِّر عن تقليد أصيل لقيامة يسوع. في الوقت الذي يؤخذ هذا في الاعتبار، تصير واضحة -بحسب كلمات بروس ميتزجر- بإنّ العهد الجديد يحتوي، ليس فقط أربعة، بل خمسة روايات إنجيليّة عن الأحداث اللاحقة لقيامة المسيح.[16]

الأعداد المُضافة إلى مرقس 16 تبدو لأوّل وهلة أنّها تتضمن بعض التعاليم الغريبة: يَحْمِلُونَ حَيَّاتٍ، وأنّ شَرِبُوا شَيْئًا مُمِيتًا لاَ يَضُرُّهُمْ. النصّ يعلن (مرقس 16: 18)، إلَّا إذا فاتني أن أحزر، فهذه الوعود لم يكن المقصود منها دعوة إلهيّة لالتهام السموم أو التلاعب بالأفاعي الجرسيّة. بل كان في نيتهم إيضاح المعنى ببعض الاصطلاحات الخلَّابة لتبيان كيف أنّ الله قادر على حماية شعبه من أي عدو.

ما هو الأكثر غرابة، كلا الوعدان أيضًا موجودان في مقاطع كتابيّة أُخرى. شاهد عن الحماية من الأفاعي موجود في إنجيل (لوقا 10: 19 قارن مع إشعياء 11: 8)، وأنّ الوعد في الحماية من السمّ صدى لما جاء في مزمور 69: 21 و29 وَيَجْعَلُونَ فِي طَعَامِي عَلْقَمًا... أَمَّا أنا فَمِسْكِينٌ وَكَئِيبٌ. خَلاَصُكَ يَا اللهُ فَلْيُرَفِّعْنِي. مرة أُخرى لا شيء من الإضافات يغيّر أو يحرّف الإيمان المسيحيّ أو يؤثر على أيٍّ من ممارساته الأساسيّة.


عن كتاب: سوء اقتباس الحقيقة، لتيموثي بول جونز، ترجمة: أمجد بشارة، 2018

[1] أغلب القراءات النقدّية الحديثة للنص، تقرأه “الذي–ὅς ظهر في الجسد”، بدلًا من: “الله-θεός ظهر في الجسد”. وهذا لا يُغير من معنى النصّ نهائيًا، فقد كان هذا تعبيرًا سرائريًا- μυστήριον عن الشخص (يسوع) الذي أعطى العالم المعرفة عن الله غير المُدرك، أو لنقل هو تعبير عن الله المُمجد، والذي لا يُمكن معرفته في مجده. فعدم نطق الاسم “الله”، كان تعبيرًا عن هذا الإجلال السرائري للإله، حتّى في المفهوم اليهوديّ القديم (Philip Schaff، The Creeds of Christendom، With a History and Critical Notes، Volume II: The Greek and Latin Creeds، With Translations (New York: Harper & Brothers، 1890)، 7.). (م)

[2] ورد هذا النصّ بهذه الصياغة في المخطوطات:

P45، 74 א A B C 33 614 vg syp،h co

وربّما كان المقصود منه هو تأكيد الأهمّيّة العُظمى لاعتراف الإيمان في الكنيسة الأولى. (م)

[3] الاختلاف الضئيل في الكلمات اليونانيّة بين “μονογενὴς θεός” مونجينيس ثيوس (الإله الوحيد)، وبين “ὁ μονογενὴς υἱός “ مونيجينيس هيوس (الابن الوحيد). كما يظهر لنا هُنا فهو حرف واحد. يُقرأ النصّ في المخطوطات التقليديّة والأحدث عمريًّا “الابن الوحيد”، بينما في المخطوطات القدم لنصّ إنجيل يوحنّا مثل (P75) تأتي الكلمة “الإله الوحيد”. (م)

[4] هذه الإشارة الواضحة ليسوع كإله تعارض حجّة إيرمان بأنّه: “نادرًا، وربّما أبدًا لم تُنسب الإلوهيّة ليسوع في العهد الجديد” (MJ، p. 11 3، emphasis added). وبرغم أنّه يُمكن المُجادلة في نسبة الإلوهيّة ليسوع في العهد الجديد، لكنّه من غير العادل تمامًا أن نقول إنّه لم تنسب له الإلوهيّة أبدًا.

[5] هذه النظرة قديمة، تصل إلى القرن الثالث، لاهوتيّ مسيحيّ من القرن الثالث وهو أوريجينوس قد اكتشف قراءتين لنصّ (عب2: 9)، لكنّه لم يهتمّ بالمُفاضلة بينهما، فقد وجد قيمة روحيّة في كليهما.

 (Bruce Metzger and Bart Ehrman، The Text of the New Testament: Its Transmission، Corruption، and Restoration [New York: Oxford University Press، 2005)، p. 200).

[6] MJ، pp. 159-61; OC، pp. 61-73.

[7] انظر إلى المزيد من هذه الأدلة في كتاب:

Philip Comfort، Encountering the Manuscripts: An Introduction to New Testament Paleography and Textual Criticism (Nashville: Broadman & Holman، 2005)، p. 332.

[8] من المُمكن أن يكون الخلّ هو خمر مُخفّف، فإنّ شرب النبيذ المُختمر كان عادة عند العائلات الفقيرة، كما أنّه يُعطى للجنود الرومان لتبقى حاوسهم يقظة، انظر:

Andrew Dalby، Food in the Ancient World [London: Routledge، 2003) pp. 270، 343; cf. Leon Morris، The Gospel According to john [Grand Rapids، Mich: Eerdmans، 1971)، p. 814.

[9] Craig S. Keener، A Commentary on the Gospel of Matthew (Grand Rapids، Mich.: Eerdmans، 1990). pp. 402، 632.

[10] Origen of Alexandria Contra Celsum 6.36.

[11] R. T. France، The Gospel of Mark: A Commentary on the Greek Text (Grand Rapids، Mich.: Eerdmans، 2002)، p. 63.

يُرجّح بن وزرنجتون الثالث (Ben Witherington III) بأنّ مجموعة النصوص هذه قد تجيء من دمج النصّ ما بعد إنجيل ماركيون.

The Gospel of Mark: A Socio-Rhetorical Commentary [Grand Rapids، Mich.: Eerdmans، 2001). p. 7.

[12] انظر (OC، pp. 187-92)، حيث وضع إيرمان حُجة بأنّ الكلمات قد اُضيفت لتُعارض الخريستولوجيّ الدوسيتيّ. الأمر المُهمّ أنّ هذا النصّ يتفق مع محتوى إنجيل لوقا بالكامل، الذي يُظهر الإنسانيّة الكاملة ليسوع.

[13] Metzger and Ehrman، Text of the New Testament، pp. 319-20; Eusebius Ecclesiastical History. 3. 39.

[14]  يُضيف كلايتون كروي N. Clayton Croy مُلاحظة جيّدة ورأي منطقيّ، وهو أنّه برغم احتمال عدم وجود النصوص (16: 9- 20) بإنجيل مرقس الأصليّ، فإنّ النهاية المُطولة تتوافق مع البداية المطوُّلة للإنجيل في المخطوطات الأصليّة. انظر:

. The Mutilation of Mark's Gospel (Nashville: Abingdon، 2003).

[15] Metzger and Ehrman، Text of the New Testament، p. 323.

[16] Ibid.، p. 327.